الآراء والمصطلحات الواردة في هذه الترجمة لا تعبر بالضرورة عن رأي وتوجهات مركز إدراك للدراسات والاستشارات
هيدويغ كوجيبرز Hedwig Kuijpers كاتبة صحفية من بروكسل(بلجيكا)، تركز في كتاباتها على القضية الكردية وإيران والوضع في سوريا، أمضت 5 سنوات في منطقة الشرق الأوسط، تتقن الألمانية والهولندية بالإضافة إلى الإنجليزية الفرنسية والكردية والفارسية والتركية. تم نشر أعمالها باللغتين الهولندية والإنجليزية، ومن مناصري حقوق الإنسان الكردي.
هذه المقالة مترجمة، من هنا يمكنكم الاطلاع على المقال الأصلي
مشروع “روج آفا” ( مناطق الإدارة الذاتية التي يشرف عليها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، في شرق سوريا) في شمال شرق سوريا الذي نال استحسانًا كبيرًا في الغرب، اكتسب معظم شعبيته لأنه حارب ضد داعش وبسبب أيديولجية “الكونفدرالية الديمقراطية”، التي تروج لشكل من أشكال “الحكم الشعبي” من قبل السكان المحليين على الأرض، الذي ينتظم بهيئة “كوميونات” في الأحياء، ثم “مجالس المدينة” ، وصولاً إلى “الكانتونات”.
هذا النوع من المجالس الإدارية المنتخبة شعبياً، والذي يسمح للمجتمعات المحلية بممارسة سيطرة مستقلة على مناطقها، مع الارتباط بالمجتمعات الأخرى عبر شبكة من المجالس الكونفدرالية، بدا واعداً للكثيرين الذين يتابعون التطورات في الشرق الأوسط.
وسيكون بالفعل تطورًا مثيرًا للاهتمام، لو لم تكن المنطقة محكومة بسلطة الظل التي تملك الكلمة الفصل في اتخاذ القرارات من خلف وخارج الكيانات الحاكمة المحلية المذكورة أعلاه.
يتكون هيكل “سلطة الظل” من كوادر حزب العمال الكردستاني “الكامنة في الظل” والتي تقوض سلطة تلك الكيانات الحاكمة المحلية، وتبطل القرارات التي لا تحقق أهدافها.
من الدلالات المهمة على هيكل “سلطة الظل” هذا وجود أعضاء كبار من حزب العمال الكردستاني (ومنظمة PJAK) في شمال شرق سوريا.
( منظمة PJAK: حزب الحياة الحرة الكردستاني: ويعرف اختصارًا (PJAK) وهي امتداد لحزب العمال الكردستاني في إيران حركةٌ مسلحةٌ ذات توجه قومي تسعى لحكم ذاتي لكردستان إيران)
في الصور أعلاه، يمكنك رؤية أمير كريمي، وهو عضو تنسيق سابق في حزب الحياة الحرة الكردستاني -وهو مدرس تاريخ في جامعة كوباني من مهاباد في إيران-، كان أمير كريمي ناشطاً كقائد لحزب الحياة الحرة الكردستاني لسنوات، وأدار المجموعة من قنديل والسويد. وفي قنديل، كان أمير يتعامل بالاسم الحركي “مزديك”.
انتقل كريمي إلى كوباني قبل نصف عقد، وشارك في إنشاء جامعة كوباني، وبقي يعمل خلف الكواليس، حيث يدرّس “تاريخ كردستان” تحت لقبه الأخير “مالك”.
“روجافا” كمشروع لحزب العمال الكردستاني بإدارة مهندسي الحزب
يبدو أن العديد من مؤيدي مشروع “روج آفا” ينسون بسهولة كيف بدأ هذا المشروع بالفعل.
لقد تم وضع أسس مشروع “روج آفا” في عام 2002، عندما أسس حزب العمال الكردستاني منظمة “اتحاد مجتمعات كردستان” (KCK) ونقل من خلالها عمله المسلح إلى البلدان التي يوجد فيها أقليات كردية خارج تركيا، وكان هذا محور عمل حزب العمال الكردستاني على مدار العقود الأربعة الماضية.
تم إنشاء فرع KCK في سوريا بقيادة نور الدين صوفي وأطلق عليه اسم “KCK-Rojava”.
في عام 2003 تأسس حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) كجزء من هذه الخطة. وحدث الشيء نفسه في إيران. عندما تأسست “KCK-Rojhilat”، وتلاها الجناح السياسي Kodar والجناح المسلح PJAK ، والذي ساعد أمير كريمي في تأسيسه.
وعندما بدأ الصراع في سوريا عام 2011، تم تأسيس وحدات حماية الشعب كجناح عسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، وخلال المرحلة الأولى من التعبئة الجماعية لوحدات حماية الشعب، كانت غالبية هذه الميليشيات من مقاتلي حزب العمال الكردستاني المدربين الذين دخلوا سوريا عبر التهريب.
ولفترة طويلة، ظل المواطن التركي صبري أوك -مفوض حزب العمال الكردستاني- مسؤولاً عن مشروع “روج آفا”. حتى غادر سوريا في عام 2020 ، بعد أن ضغطت الولايات المتحدة على قيادة حزب العمال الكردستاني لمغادرته.
وبحسب ما ورد في تقرير لمجموعة الأزمات: “طالما بقيت وحدات حماية الشعب مرتبطة بحزب العمال الكردستاني من خلال” كوادرها الحزبية “، وطالما ظل الأخير في صراع عنيف مع الدولة التركية، فمن غير المرجح أن ينتهي القتال في شمال سوريا”، “اليوم، تبدو المجموعة مدركة لمواطن ضعفها المتأصلة وأكثر ميلًا لاقتراح الترتيبات التي يمكن أن تحقق الاستقرار في المنطقة”
صرح مظلوم عبدي – وهو عضو بارز في حزب العمال الكردستاني منذ فترة طويلة ومن أصل سوري -: “لدينا اليوم أكثر من مائتي ألف سوري مسجلين في مؤسساتنا المدنية والعسكرية، وليس هناك حاجة حقيقية للدعم الكردي الإقليمي [أعضاء غير سوريين من حزب العمال الكردستاني]. لم نلتزم بجدول زمني لانسحابهم الكامل ولكن العملية بدأت بالفعل وستستمر “.
وبالفعل، خلال الأشهر الماضية، اختفت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية من غير السوريين، وهو ما يمكن أن يدل على انخفاض في الكوادر العسكرية غير السورية، أو ببساطة لقد بدأ هؤلاء باتباع سياسات جديدة تتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لإرضاء الولايات المتحدة وسحب مبررات تركيا للقيام بتحرك عسكري جديد للأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
ما مدى عمق “حكومة الظل” هذه؟
إن الانخفاض في الكوادر العسكرية غير السورية هو ظاهرة خادعة إلى حد كبير، حيث أن أنشطة كوادر حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا بعد سبع سنوات من حكم التنظيم تمتد إلى ما هو أبعد من الأنشطة العسكرية.
يستخدم حزب العمال الكردستاني مصطلحات معينة للتعبير عن أنشطته: “المجال القانوني” و “المجال غير القانوني”. يتضمن “المجال غير القانوني” الأنشطة المسلحة، أما “المجال القانوني” فيتضمن أنشطة تنظيمية، غالبًا ما تمارس بين المدنيين، وتُظهر بعض الأبحاث المعتمدة على المصادر المفتوحة أن عدد كوادر حزب العمال الكردستاني العاملة في “المجال القانوني” لم يتناقص على الإطلاق.
كمثال على مدى عمق هيكل “سلطة الظل” في شمال شرق سوريا حقًا، يمكن إلقاء نظرة فاحصة على البنية الدعائية الرئيسية للمشروع، على قناة Ronahi TV، وهي واحدة من عدة قنوات تلفزيونية تديرها المنظمة، مخصصة للجمهور في شمال شرق سوريا، تبث هذه القناة أخبار المنظمة و إيديولوجيتها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ويديرها إلى حد كبير أعضاء كبار في حزب العمال الكردستاني.
أحد هؤلاء الأعضاء البارزين هو نصح يوسفي، المعروف باسمه الحركي “أيهان”، من مريوان، إيران. اعتقلت السلطات الإيرانية يوسفي في عام 2007 في جبال كردستان الإيرانية وقضى خمس سنوات في أنشطة مسلحة وعضوية حزب الحياة الحرة الكردستاني، ثم عاد إلى التنظيم بعد إطلاق سراحه في 2014.
بين عامي 2014 و 2017 يمكننا أن نراه يجري مقابلات مع العديد من كبار قادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل لصالح قناة Sterk TV. وبعد عام 2017، تم تعيينه لقيادة قسم الجرافيك والمونتاج في قناة Ronahi TV في قامشلو. ويقوم أسبوعياً بنشر صور شخصية على حسابه على Facebook.
ينضم إلى اليوسفي في هذه المهمة “أمير أحمدي”، وهو مذيع أخبار إيراني كردي. كان أحمدي عضوًا في حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) قبل تعيينه للعمل في استوديو Ronahi TV في قامشلو.
شخص آخر مثير للاهتمام ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي في قامشلو هو “كافيه سقزي”، من بلدة سقز الكردية بإيران. يقود كافيه حاليًا “مؤسسة الشهداء” في قامشلو، وهي لجنة تقدم مساعدات مالية لأسر الشهداء وتوفر للمقاتلين الذين قتلوا أثناء القتال جنازة مناسبة. علماً أن العديد من العائلات في إيران حاولت بشكل قانوني مقاضاة كافيه سقزي لتورطه في تجنيد القصر في حزب الحياة الحرة الكردستاني.
هؤلاء الأكراد الإيرانيون الأربعة الناشطون حاليًا في شمال شرق سوريا لا يشكلون سوى غيض من فيض. ويمكن لأي شخص يهتم بما يكفي أن يجد أعضاء حزب العمال الكردستاني الإيرانيين والعراقيين والأتراك الآخرين الذين لا يزالون نشطين في روج آفا. ومع ذلك، فإن الشخصيات الأربعة التي قدمتها توضح هيكل “سلطة الظل” الذي يتمتع بسلطة اتخاذ القرار النهائية في شمال شرق سوريا.
ويتمركز كبار أعضاء حزب العمال الكردستاني في كل بلدة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، حيث يقوضون عملية صنع القرار من قبل السكان المحليين الذين تم انتخابهم، ويقومون باتخاذ القرارات كما يحلو لهم، من أجل حماية أهداف حزب العمال الكردستاني على الأرض. ولا ينشطون عسكرياً فحسب، ولكنهم متجذرون بعمق في تشكيلات ” روج آفا” المجتمعية المختلفة.