في خطوة مفاجئة، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيشه ببدء إنسحاب “الجزء الرئيسي” من قواته في سوريا اعتبارًا من يوم الثلاثاء.
وقال بوتين في تصريحه أن “التدخل الروسي في سوريا حقق جل أهدافه بدرجة كبيرة”.
وتأتي هذه التطورات وسط محادثات سلام جديدة تنطلق في جنيف بهدف حل النزاع السوري الذي دخل عامه الخامس. وتعتبر روسيا الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد فيما أكد مكتب الأسد في بيان له أن قد وافق على هذه الخطوة، مشيرًا كذلك في البيان إلى أن الانسحاب هذا جاء متوافقًا مع التطورات الميدانية الأخيرة.
وكانت روسيا قد بدأت حملتها من الغارات الجوية على سوريا في سبتمبر الماضي، حيث ساهمت في ترجيح كفة الميزان لصالح الحكومة السورية وسمح لها باستعادة الكثير من الأراضي التي سيطرت عليها قوات المعارضة.
وقال بوتين في لقاء له في الكرملين :”اعتبر أن المهمة التي حددتها وزارة الدفاع والقوات المسلحة قد تم إنجازها بشكل عام، ولذا طلبت من وزارة الدفاع بدء انسحاب الجزء الرئيسي من القوة العسكرية الروسية التي انتشرت في الأراضي السورية ابتداءً من يوم الغد”.
تحليل من جوناثان ماركوس ، مراسل بي بي سي الدبلوماسي
بوتين يقول بكل ثقة أن “المهمة تحققت” في سوريا. وكان واضحًا بما فيه الكفاية ليقول أن القاعدة الجوية والقاعدة البحرية ستبقى هناك لذلك فهذا ليس انسحاب عسكري كامل من سوريا.
وبالتزامن مع محادثات السلام السورية، فإن هذا التصريح في هذا الوقت إشارة أخرى على مهارة السيد بوتين في اتقان الظهور الدبلوماسي.
روسيا تملك ما يصل إلى 30 طائرة مقاتلة في سوريا، بالإضافة إلى مجموعات صغيرة من المقاتلين تعمل على حمايتهم عدا عن عدد غير محدد حتى اللحظة من المستشارين الروس والقوات الخاصة البرية والتي تعمل مع الجيش السوري على الأرض.
حقق التدخل الروسي بالفعل أهدافه الرئيسية والمتمثلة في تعزيز موقف الأسد عبر تمكين قواته من استعادة السيطرة على مناطق رئيسية واستراتيجية في سوريا بالإضافة إلى التأكيد على أن الأسد لا يزال عاملًأ أساسيًأ في أي تسوية سورية مستقبلية.
وقال السيد بوتين في تصريحه أن القاعدة الجوية الروسية في حميحيم – محافظة اللاذقية – بالإضافة إلى القاعدة البحرية المتواجدة على شواطئ طرطوس سوف تستمر في عملها كالمعتاد، مشيرًا إلى أن كلا القاعدتين يجب أن تبقيا محميتين ” من البر والبحر والجو”.
فصائل المعارضة السورية رحبت بحذر بالإعلان الروسي. وقال سالم المسلط- المتحدث باسم لجنة المفاوضات العليا عن فصائل المعارضة السورية :” إن كان هناك جدية في تنفيذ الانسحاب الروسي، فإن هذا سيعطي محادثات السلام دفعة إيجابية جيدة”.
الولايات المتحدة أظهرت رد فعل حذر حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش آرنست :” سننتظر لنرى بالضبط ما هي نوايا روسيا “.
– ماذا حققت روسيا في سوريا (بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الروسية عن وزير الدفاع الروسي سيرخي شويجو)
- قامت الطائرات الروسية في سوريا بأكثر من 9000 طلعة جوية.
- دمرت روسيا 209 مرفق مخصصة لإنتاج ونقل النفط.
- سهلت مهمة قوات النظام باستعادة السيطرة على أكثر من 400 تجمع.
- ساهمت في استعادة قوات النظام لسيطرتها على أكثر من 10 آلاف كم مربع في دمشق وحدها.
وفي سياق منفصل، قال مسؤولون أمريكيون فيما نقلته وكالة رويترز عنهم أن واشنطن لم تتلق أي تحذير مسبق بخصوص بيان السيد بوتين.
بوتين قال في أكتوبر من العام الماضي أن روسيا تهدف من تدخلها في سوريا إلى “استقرار السلطة الشرعية ” و ” تهيئة الظروف الملائمة لتسوية سياسية”.
وتصر روسيا منذ فترة طويلة أن حملة القصف التي تنفذها تستهدف فقط الجماعات الإرهابية ولكن الدول الغربية اشتكت من أن الغارات استهدفت المعارضين السياسيين للأسد في سوريا.
دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى سوريا، وصف في الوقت نفسه أن محادثات السلام الأخيرة هي “لحظة الحقيقة”.
مضيفًا أنه لا يملك خطة بديلة في حال فشل المفاوضات هذه سوى العودة إلى الحرب.
ووافقت أطراف الصراع في سوريا على اتفاق وقف الأعمال العدائية بدءً من أواخر الشهر الماضي، ولكن وردت بعض التقارير التي تؤكد انتهاك الجميع لهذه الهدنة. وفي أحدث جولة من القتال، أفادت وكالة الأنباء الحكومية السورية أنها تمكنت من تحقيق تقدم على حساب داعش في مناطق سيطرتها بالقرب من الموقع التراثي العالمي ” تدمر”.