تظهر السعودية منذ عام 2016 رغبة بتخفيض اعتمادها على الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما بعد إظهار واشنطن نيتها في إعادة نشر قواتها حول العالم والذي يشمل سحب جزء منها من منطقة الشرق الأوسط، وقد اظهرت الحرب الروسية على اوكرانيا أن الولايات المتحدة الامريكية لن تقف بشكل حازم إلى جانب حلفائها في حال تعرضهم لأي تهديدات خارجية، مما فرض على السعودية تنويع شركائها الاستراتيجيين على كافة المستويات بما يضمن لها حماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية والأمنية، ولهذا السبب عملت على تعزيز علاقاتها مع الصين وتطبيع علاقتها مع تركيا ومع العديد من دول العالم. وقد تشكل الصين، الدولة الكبرى الصاعدة، إحدى خيارات تنويع السعودية لشركاتها، فالصين هي ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أكبر شريك اقتصادي للسعودية. كما حققت بكين في السنوات الأخيرة نقلة نوعية في الصناعات العسكرية، ومن الممكن الاعتماد عليها في مجال الأسلحة الدفاعية وغيرها من التقنيات.
ومن الواجب إيضاحه في بداية هذه الورقة أنه لا يمكن الحديث، في هذا الوقت وعلى المدى المتوسط، عن تحول اعتماد السعودية ليكون على الصين بدلاً عن الولايات المتحدة الأمريكية.
نسلط الضوء في هذه الورقة على مساعي المملكة العربية السعودية لتعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الصين، في وقت يشهد فيه العالم تحركات وتجاذبات من المحتمل أن ينتج عنها تغيّر جزئي في شكل النظام الدولي لصالح الدول الكبرى والإقليمية.