أصبح يخيم على المشهد السوري صور الأطفال النحلى والمرضى بالهزال بسبب المجاعة المروعة والمأساة التي تعاني منها سوريا في هذه الفترة. كما أن سوء التغذية والأمراض المرتبطة به، هي ليست حكرا على المناطق المحاصرة فقط، بل شملت أيضا المناطق الزراعية. والأسوأ من ذلك فإن حلب، ثاني أكبر مدينة، المحاصرة منذ أسبوعين، مهددة بانتشار المجاعة فيها على نحو متزايد.
وقد نشرت الجمعية الطبية الأميركية السورية، مؤخراً تقريراً سجلت فيه حوالي 40 حالة من حالات سوء التغذية الحاد. وتقدر وكالات إنسانية أن هناك، في الأشهر الأخيرة، مئات من الوفيات التي يمكن تجنبها. وفضلا عن ذلك، فإن الضحايا الرئيسيين هم من الأطفال المحرومين من نظام غذائي متنوع، بما في ذلك، الرضع.
وفي حديثه للصحيفة، قال طبيب الأطفال آني سبارو، التابع للجمعية الطبية الأميركية السورية، أن “الأكثر غرابة هو أن هذه الظاهرة ليست حكرا فقط على المناطق المحاصرة؛ وإنما تنتشر في فترة الصيف التي من المفترض أن تكون فيها أسعار الخضر والغلال منخفضة”.
ويضيف سبارو: “يجب علينا أن لا ننسى أن حالات واضحة من سوء التغذية الكارثية، وخاصة التي تدوم فترة طويلة، تهدد نمو الجهاز العصبي. كما أن هؤلاء الأطفال المتضررين معرضين إلى عدم تطور ذكائهم”.
كما تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من السوريين يعانون من نقص في البروتين. وحسب الدكتور سبارو فإن “هذا النقص هو نتيجة لافتقار وجبات الأطفال في سوريا إلى منتجات اللحوم، وفضلا عن ذلك فإن الخضروات تغيب تقريبا عن نظامهم الغذائي”.
ويواصل الطبيب حديثه للصحيفة قائلا إنه “بالكاد يتمكن السوريون من الحصول على الحليب. وبالإضافة إلى ذلك، يعاني حتى الأطفال الرضع من هذه المشكلة، لأنه إذا كانت الأم تشكو من سوء التغذية فلا يمكنها إرضاع الأطفال حديثي الولادة”.
وأخيرا، يؤكد الطبيب للصحيفة أن “مياه الشرب في حالة سيئة، تسبب أمراضا تضر بالقدرة على امتصاص العناصر الغذائية”.
كما أن سلسلة من الصور التي إلتقطتها الجمعية الطبية الأميركية السورية، تظهر الأطفال السوريين بأجسام نحيفة، وأعرض أخرى لمرض نقص البروتين المعروف بإسم “الكواشيوركور”.
هذه الصور تذكرنا بالجحيم الذي عاشته البلدة السورية مضايا، تحت الحصار، الأمر الذي تسبب في ما لا يقل عن 32 حالة وفاة بسبب سوء التغذية الحادة. كما أن المحاصرين في هذه البلدة كانوا يأكلون الكلاب وأوراق التوت من أجل البقاء على قيد الحياة.
كما يأسف الطبيب لتوفر العلاج المعروف باسم جرعة الأغذية العلاجية، وهو مزيج لمعالجة سوء التغذية الحاد، في مخازن اليونيسيف؛ وعدم قدرة المنظمة على التدخل إلا بعد أخذ الإذن من دمشق.
وعلى الرغم من وعود الجهاديين بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، إلا أن الواقع يثبت خلاف ذلك؛ الأمر الذي يجعل الوضع مهدد بالتدهور وعلى نحو متزايد. وفي هذا الإطار، يقدر نشطاء محليون أن حوالي 90 ألف قاصر هم محاصرون في المناطق الشرقية لمدينة حلب، بعد أن قطعت القوات الموالية للأسد الطريق الوحيدة التي تأتيهم منها الإمدادات.
وداخل حلب المحاصرة، عرفت الأسعار إرتفاعا حادا؛ حيث بلغت أسعار السكر الآن 18 يورو للكيلوغرام الواحد، بينما بلغ ثمن الكيلوغرام من الأرز، حوالي 13 يورو. كما يقدر نشطاء أن مخزونات الغذاء والدواء كافية لتغطية حاجيات السكان لمدة ستة أشهر فقط. ومن الأحداث التي تزيد الوضع سوءا، تأتي الغارات الجوية المكثفة التي استهدفت أربعة مستشفيات في حلب في نهاية هذا الأسبوع.
وفي اتصال هاتفي مع الصحيفة، يقول الدكتور حاتم، مدير مستشفى الأطفال الوحيد الذي بقي في المدينة إنه “أصبح مجبرا على العمل، مع أربعة أطباع فقط، في قبو تحت الأرض تبلغ مساحته 135 متر مربع. ليس هذا هو أفضل مكان لرعاية الأطفال، ولكنه فقط الأكثر أمانا”. كما أكد الدكتور أنه في كثير من الأحيان يضطر إلى التحول إلى عين المكان لمداواة الأطفال.
الكاتب: لويس ميكيل أورتادو
المصدر: الموندو الإسبانية