يدفع النظام السوري مدعوماً بانتصاراته الميدانية نحو إيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية هناك، بحيث يحافظ الأسد على منصبه في السلطة. وتأتي هذه الخطوة وفق مراقبين كتحدٍ لجدول الأعمال الروسي، حليف النظام الحيوي.
ومن المنتظر أن تبدأ خطة من قبل النظام تتكشف مع الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم أمس الأربعاء(13- نيسان\ ابريل). حيث سيتوجه ممثلي الأسد في اليوم التالي ( الخميس 14-نيسان\ابريل) نحو جنيف من أجل الدفع بحل للصراع يرضي طموحات وشروط الأسد.
و على الرغم من الخلافات الحالية بين النظام وحليفه الروسي، إلا أن الحلفاء أقرا في بيان مشترك يوم الأحد اتجاههما نحو تصعيد شن حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على حلب أكبر المدن السورية.
وتحتل هذه الحملة أهمية كبيرة، ففي حال فشلها فإن هذا يعني أن التدخل العسكري الروسي في سوريا لم يؤتِ كامل ثماره المطلوبة.
ويشير فيودور لوكيانوف، رئيس الهيئة الاستشارية في الكرملين:” حاولت روسيا – عبر سحب بعض قواتها العسكرية من سوريا -أن تمارس نفوذها على الرئيس السوري بشار الأسد عبر دفعه نحو إجراء مفاوضات جادة لإنهاء الصراع في سوريا.
وأضاف:” كان الانسحاب الروسي طريقة لإظهار مدى ضعف الأسد أمام نفسه، هذه إشارة تفيد الأسد في أن روسيا لن تتخلى عنه، لكنها لن تسمح له في أن يستخدمها لتحقيق نجاحه الخاص، فهذا ليس من عمل الروس”.
ويعتبر الحل السياسي الذي يطرحه الأسد – ويتضمن بقاءه- معارضاً لتوجهات المعارضة أو طموحاتها كما أنه يتناقض مع خارطة الطريق لإنهاء الحرب السورية والتي كان مجلس الامن التابع للأمم المتحدة قد أقرها في ديسمبر الماضي وبدعم روسي أيضاً.
ويدعو قرار الأمم المتحدة إلى تشكيل حكومة انتقالية من شأنها أن تقود إلى إصلاح سياسي شامل للنظام الحالي في سوريا، خاصة وأن النظام الحالي يشمل تركيز كل السلطات في يد الأسد والأجهزة الأمنية والاستخبارات التي تحيط به.
من جهته، رفض الأسد ونظامه خطة الأمم المتحدة تلك، وعارضوا بشكل علني فكرة تشكيل أي حكومة انتقالية.
وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قد قال في مقابلة تلفزيونة مع قناة الميادين الأسبوع الماضي أن النظام مستعد لسماع آراء ووجهات نظر حلفائه لكنه في النهاية سيفعل ما يراه ما يراه مناسباً.
وأضاف مقداد:” حين نتشاور مع أصدقائنا حول هذه المسائل، هناك خطوط حمراء لا يمكن لأحد أن يتجاوزها” مشيراً إلى قضية تنحي الأسد وغيرها.
وأشار بول سالم، نائب رئيس لشؤون السياسة والأبحاث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن إلى أن روسيا عالقة مع نظام الأسد في الوقت الراهن مضيفاً أن روسيا تخشى من قيام أحد بعزل الأسد، ما يؤدي إلى انهيار الأسد. إلا أنه في الوقت نفسه أشار إلى احتمال استياء الروس بشكل أكبر من الآن في حال استمرار ارتهانهم بالأسد ما يدفع الأسد إلى تقديم تنازلات كبيرة في تلك الحالة.
ووفق هذا التفكير، فإن الأسد يفرض على روسيا التعامل معه كما لو أنه بوابة الروس للتدخل في سوريا سواء بشكل سياسي أو عسكري.
من جهتهم، يبرز الإيرانيون مصالح مختلفة ومتباينة عن حلفائهم الروس، وقد يكونون عامل حسم لصالح الأسد. حيث أشار باول سالم إلى أن “بقاء النظام السوري الحالي مسألة وجودية بالنسبة لإيران”.
فمنذ بداية الصراع، أنفقت إيران المليارات من الدولارات وحشدت آلاف الميليشيات من العراق ولبنان وغيرها لدعم الأسد. ويبدو أنها تسير نحو تعميق مشاركتها في الحرب هناك عبر إنزال المزيد من القوات الخاصة، وفعلياً لا يكاد يمر يوم دون أن تشهد إيران جنازات لمقاتلين قضوا في سوريا.
بالإضافة إلى الضغط على روسيا وإيران، يسعى النظام للعب مع الغرب أيضاً، إذا يأمل النظام في أن يزداد قلق الغرب بشأن قضية اللاجئين وخطر وقوع هجمات إرهابية في بروكسل وباريس ما يؤدي في النهاية إلى قبول الأسد كشريك وحيد قابل لتطبيق الخطط الغربية. يذكر ان مجموعة من المشرعين الفرنسيين، معظمهم من اليمين المتطرف، زارو دمشق الشهر الماضي حيث اجتمعوا مع الأسد ويبدو أن الأمر مرتبط بضغوطات الأسد هذه.