مثل شهر أيار/مايو 2025 مرحلة تثبيت الحكومة الانتقالية الجديدة لأركانها، وزيادة في وتيرة الانفتاح الدبلوماسي، وتصاعدًا في الهجمات الإسرائيلية التي بلغت محيط العاصمة، واستمرارًا لملف السويداء المعقد.
فيما يلي إحاطة تفصيلية بالتطورات التي رُصدت خلال شهر أيار/مايو 2025:
أولاً: التطورات العسكرية والأمنية
شهد هذا الشهر تصاعدًا في الاعتداءات الإسرائيلية، وتواصلًا للعمليات الأمنية الداخلية ضد فلول النظام السابق، واستمرار التوترات في الجنوب والشمال الشرقي.
1. التصعيد الإسرائيلي والتحذيرات الدولية:
• قصف القصر الرئاسي: شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق، فجر الثاني من أيار/مايو 2025. وقد أدانت الأمم المتحدة الغارة واعتبرتها انتهاكاً لسيادة سوريا.
• استهداف مواقع عسكرية: استهدفت الغارات الإسرائيلية مواقع عسكرية في دمشق وريفها.
• رسالة إسرائيلية واضحة: صدر بيان مشترك عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس قالا فيه إن الغارة تحمل رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل لن تسمح بأي تهديد للدروز، وذلك في أعقاب أحداث السويداء والاشتباكات التي اندلعت بين قوات الأمن السورية وجماعات مسلحة درزية.
• تحركات في الجنوب: تصاعدت الهجمات الإسرائيلية في القنيطرة، وسُجّلت حوادث توغل على الحدود الجنوبية والغربية.
• إدانة دولية: تلقت دمشق إدانات واسعة للاعتداءات الإسرائيلية من الأطراف العربية والدولية، بما في ذلك واشنطن، وباريس، والجامعة العربية.
2. ملاحقة فلول النظام السابق وتنظيم داعش:
• ملاحقة فلول النظام: كثفت الدولة عملياتها في ملاحقة فلول النظام البائد والفصائل الخارجة عن القانون.
◦ تم القبض على الضابط السابق منذر كرم المرتبط بملفات انتهاكات.
◦ أُوقف مازن حمود، مصطفى رمضان، وعفيف إدريس، وهم من أبرز شخصيات الميليشيات السابقة.
◦ قُتل قصي العلي خلال مواجهة مع دورية أمنية، وقُتل نادر خضور -المتهم بأنه من فلول النظام- في تلكلخ، إضافة إلى مقتل أدهم رجوب، أحد قادة الدفاع الوطني، في ظروف غامضة.
◦ اعتقال كامل محمد شريف العباس، أحد منفذي مجزرة التضامن.
• ضبط مستودعات الأسلحة والمخدرات: ضُبطت مستودعات أسلحة في ريف دمشق وحمص واللاذقية.
◦ في حي الوعر بحمص، أُوقف تاجر مخدرات وضُبطت كميات من الكبتاغون والحشيش والعملات المزورة.
◦ اكتشفت قوات الأمن مصنعًا للأسلحة في القصير ومستودعات صواريخ مضادة للدروع.
◦ في تدمر، ضبطت قوى الأمن صواريخ موجهة معدّة للتهريب.
• مكافحة خلايا داعش: شهدت البلاد موجة من العمليات الأمنية المركّزة ضد خلايا تنظيم داعش، لا سيما في دمشق، حمص، ودير الزور.
◦ في إدلب، نُفذ هجوم استهدف عنصرًا من وزارة الدفاع قرب خان شيخون، تبعه عملية أمنية في معرة حرمة أسفرت عن مقتل أحد أفراد الخلية التابعة لداعش وإصابة آخر.
◦ اشتباك مباشر بين قوى الأمن المحلي وخلايا تابعة لتنظيم داعش في إدلب.
3. التوترات في السويداء ودرعا:
• السويداء: شهدت المحافظة تصعيدًا أمنيًا خطيرًا، حيث تضمنت التهديدات اشتباكات، وقصف بقذائف هاون على قرية كناكر، وضربة من طائرة مسيرة على مزرعة غرب السويداء أوقعت 4 قتلى.
◦ وقع اقتتال عشائري في حي المقوس خلّف 3 قتلى، رغم تدخل لجنة النزاعات.
◦ انسحب الأمن العام من المحافظة باتفاق غير معلن، وحلّت مكانه وحدات شرطية محلية مع إعادة تفعيل أقسام الشرطة والأمن الجنائي والمرور.
◦ طالب “المجلس العسكري في السويداء” بفرض منطقة آمنة تحت إشراف قوات دولية محايدة، معلناً رفضه دخول قوى الأمن العام.
◦ أعلن المتحدث باسم حركة “رجال الكرامة” أن مسألة تسليم السلاح في السويداء “تخص وزارة الدفاع، ولم يُبت بها بعد من قبل الجميع”.
◦ نشرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز بنود اتفاق توافق عليه مشايخ العقل وممثلو الفصائل، يتضمن تفعيل قوى الأمن الداخلي من أبناء السويداء حصراً، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، وتأمين طريق دمشق – السويداء.
• درعا: استمرت في مواجهة الفوضى الأمنية وعمليات الاغتيال.
◦ تمكنت قوى الأمن من إحباط نشاطات مجموعات سطو مسلح بين خربة غزالة وصيدا.
◦ صعّدت القوى الأمنية من حملات المداهمة في مناطق مثل معربا، جاسم، إبطع، والشيخ مسكين.
4. الجبهة الشرقية والشمالية:
• دير الزور والرقة: استمرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في تنفيذ حملات أمنية واعتقالات في مناطق سيطرتها.
• اشتباكات وتوترات: شهدت محافظات دير الزور والرقة مواجهات متفرقة واشتباكات أمنية.
ثانياً: التطورات الإدارية والحوكمية
عملت الحكومة الانتقالية الجديدة التي شُكّلت في أواخر آذار/مارس، على تثبيت أركانها من خلال تعيينات وإصدار قرارات تنظيمية واسعة.
1. التعيينات الوزارية والإدارية:
• مناصب معاوني الوزارات: صدرت قرارات بتعيين مجموعة من معاوني وزير الداخلية، منهم اللواء “عبد القادر طحان” معاوناً للشؤون الأمنية، واللواء “أحمد محمد لطوف” معاوناً للشؤون الشرطية.
• الناطق باسم وزارة الداخلية: عُيّن “نور البابا” ناطقًا رسميًا باسم وزارة الداخلية.
• مناصب في حلب: جرى تكليف المهندس “ملهم عكيدي” معاوناً لمحافظ حلب لشؤون العلاقات العامة.
• مناصب في النقل: أصدر الرئيس “أحمد الشرع” مرسوماً رئاسياً يقضي بتعيين “محمد رحال” معاوناً لوزير النقل لشؤون النقل البري.
• الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان: أصدرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل “هند قبوات” قراراً بتشكيل مجلس مؤقت لتسيير أعمال الهيئة.
2. الإصلاحات التشريعية والإدارية:
• العدالة الانتقالية: شهد شهر أيار/مايو استحداث لجنة العدالة الانتقالية، التي كُلّفت بإعداد النظام الداخلي والسياسات العامة للعمل، وبالكشف عن حقيقة الانتهاكات الجسيمة.
◦ أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لدعم إصلاح قطاع العدالة في سوريا.
• مكافحة خطاب الكراهية: أصدر وزير التعليم العالي “مروان الحلبي” قراراً حظر بموجبه على أعضاء الهيئة التعليمية والطلاب والعاملين في الوزارة وجميع الجامعات، نشر أو تداول أو الترويج لأي محتوى يتضمن تحريضاً على الكراهية أو الطائفية أو العنصرية أو يسيء للوحدة الوطنية أو السلم الأهلي.
• البنية التحتية: أجرى وزير النقل زيارات لتفقد البنية التحتية وصيانة ما يمكن صيانته.
ثالثاً: التطورات السياسية والدبلوماسية والاجتماعية
تميز أيار/مايو بتكثيف الحراك الدبلوماسي نحو الخارج، وبرزت مؤشرات على كسر العزلة الدولية، خاصة مع رفع بعض العقوبات.
1. الانفتاح الدولي ورفع العقوبات:
• رفع العقوبات الاقتصادية: أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. وقد رحبت وزارة الخارجية السورية بهذا القرار، واصفة إياه بأنه “لحظة تاريخية”.
• دعم عربي ودولي: أعلنت مؤسسات دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن استعدادها لتمويل عمليات إعادة الإعمار.
• زيارات دبلوماسية:
◦ استقبل الرئيس “أحمد الشرع” ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” خلال اتصال هاتفي، بحثا فيه آفاق العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي والاستثماري.
◦ التقى وزير الخارجية “أسعد الشيباني” وزير الخارجية البحريني “عبد اللطيف بن راشد الزياني” في المنامة.
◦ بحث محافظ طرطوس مع السفير الإيطالي في سوريا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي.
• الموقف الأمريكي: خفضت الولايات المتحدة تصنيف بعثة سوريا إلى الأمم المتحدة على اعتبار أنها لا تعترف بأي حكومة سورية في الوقت الراهن.
2. الحراك السياسي الداخلي:
• العدالة الانتقالية: نظمت دمشق ورشات متعددة لتعزيز العدالة الانتقالية ومكافحة خطاب الكراهية.
• قضية السويداء: التقى وفد أهلي وسياسي من السويداء مع وزيري الداخلية والتعليم العالي لبحث مسألة الطلاب الجامعيين الذين اضطروا لمغادرة جامعاتهم بسبب موجة الاعتداءات الطائفية والعنصرية.
• المسيحيون في سوريا: أقام مطارنة حلب الكاثوليكية مؤتمر “نصرة وطن 2025” تحت عنوان “المسيحيون السوريون أصالة، شراكة، رسالة”، بمشاركة وفود من جميع المحافظات السورية.
• نقابة الفنانين: أصدرت نقابة الفنانين السوريين قراراً بإسقاط عضوية أربعة أعضاء من مجلس النقابة المركزي وهم: “أمل حويجة”، “ميس حرب”، “نور مهنا”، و”محمد آل رشي”، وإنهاء تكليف “يوسف عبده”، بسبب صدور تصرفات لا تليق بقيم ومبادئ العمل النقابي.
رابعاً: التطورات الاقتصادية والخدمية
ترافق الانفراج السياسي مع نشاط مكثف لإحياء البنية الاقتصادية والاستثمارية.
• الاستثمار وإعادة الإعمار: تم الإعلان عن مشروعات استثمارية كبرى في المناطق الحرة والصناعية بدعم صيني وتركي وقطري.
• القطاع المصرفي: تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى 9,500 ليرة، مدفوعًا بوصول دفعات أولى من الدعم الخليجي والطلب المتزايد على الليرة.
• البنية التحتية: أطلقت مشاريع استثمارية وخدمية متعددة، منها منصات تصدير رقمية، واستيراد القمح، وتحسين البنى التحتية للنقل والطاقة.
• التعاون الإنساني: وصل فريق طبي قطري إلى مطار دمشق الدولي، مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب.
