إن شهر أيلول/سبتمبر 2025 مثّل مرحلة حاسمة في مسار تثبيت أركان الدولة الانتقالية، حيث تزامنت فيه التحركات الإدارية نحو إجراء انتخابات مجلس الشعب مع حراك دبلوماسي رفيع المستوى، خاصة فيما يتعلق بملف الجنوب السوري والمفاوضات الأمنية مع إسرائيل، واستمرار التحديات الأمنية الداخلية المعقدة.
فيما يلي إحاطة تفصيلية بالتطورات التي رُصدت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2025:
أولاً: التطورات الإدارية والحوكمية والانتخابية
شهد هذا الشهر تقدماً كبيراً في التحضيرات لانتخابات مجلس الشعب، إلى جانب إصدار مراسيم تتعلق بهيكلة المؤسسات.
1. التحضير لانتخابات مجلس الشعب:
◦ المرسوم الانتخابي: أصدر الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع المرسوم رقم (143 للعام 2025)، الذي صادق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، وينص على اختيار ثلثي أعضائه. يبلغ المجموع الكلي لأعضاء مجلس الشعب 210 أعضاء.
◦ الإجراءات التنفيذية: واصلت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نشاطها، حيث أصدرت قرارات تضمنت الترتيبات النهائية واختيار اللجان المشرفة على العملية، وتسلمت طلبات الترشح.
◦ القوائم الأولية: أصدرت اللجنة القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة في محافظات إدلب، درعا، ريف دمشق، القنيطرة، حمص، حلب، حماة، اللاذقية، طرطوس، دير الزور، ودمشق.
◦ الدوائر الانتخابية: قسمت اللجنة الدوائر الانتخابية إلى 62 دائرة انتخابية.
◦ شروط الترشح: أصدر وزير العدل قراراً يحدد الجنح الشائنة التي تعتبر مخلة بالثقة العامة وتشكل مانعاً من ممارسة حق الترشح والانتخاب.
◦ تأجيل الانتخابات: أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تأجيل العملية الانتخابية في محافظات السويداء والحسكة والرقة، نظراً للتحديات الأمنية التي تشهدها تلك المحافظات.
◦ مناطق جديدة: أضيفت مناطق في محافظتي الرقة والحسكة إلى العملية الانتخابية باعتبار أنها خاضعة لسيطرة الحكومة.
◦ الاستعداد للدعاية: أصدرت اللجنة قراراً يوضح التعليمات والمواعيد الخاصة بالدعاية الانتخابية للمترشحين لعضوية مجلس الشعب.
2. المراسيم الرئاسية والقرارات التنظيمية:
◦ إحداث مؤسسات: أصدر الرئيس الشرع مراسيم بإحداث المؤسسة العامة لبنوك الدم، وتعيين هيثم بكور مديراً عاماً لدى المؤسسة العامة لسد الفرات، وسراج الحريري مديراً عاماً لدى المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية.
◦ تنظيم العمل القضائي: أصدرت وزارة العدل تعميماً ينظم آلية تعامل المحاكم ودوائر التنفيذ مع القرارات والأحكام الصادرة عن محاكم الشمال السوري.
◦ العدالة الانتقالية: عقدت الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا جلسة في مبنى محافظة إدلب مع عائلات المفقودين والمعتقلين، وعقدت لقاء مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ثانياً: التطورات السياسية والدبلوماسية الخارجية
تركز النشاط الدبلوماسي على مفاوضات الجنوب السوري، وكسر العزلة الدولية، لا سيما مع الانفتاح على الجانب الإسرائيلي.
1. المفاوضات الأمنية مع إسرائيل:
◦ لقاء لندن: التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في العاصمة البريطانية لندن، بحضور المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك، لمناقشة مقترح إسرائيل بشأن اتفاقية أمنية جديدة مع سوريا.
◦ تصريحات الشرع: أكد الرئيس الشرع أن مفاوضات جارية مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني “قد تفضي إلى نتائج في الأيام المقبلة”.
◦ شروط الاتفاق: شدد الشرع على أن أي اتفاق أمني محتمل هو “ضرورة لحماية وحدة الأراضي السورية واحترام مجالها الجوي”، وأنه يجب أن يخضع لمراقبة الأمم المتحدة. كما أكد أن “السلام والتطبيع” مع إسرائيل ليسا مطروحين في هذه المرحلة.
2. الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية:
◦ أزمة السويداء: التقى وزير الخارجية الشيباني نظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأمريكي توماس باراك في دمشق، واستكملوا مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء، واعتمدوا خارطة طريق لحل الأزمة. وتم إيداع الخارطة كوثيقة رسمية لدى الأمين العام للأمم المتحدة ورئاسة مجلس الأمن.
◦ الجامعة العربية والأمم المتحدة: أكد مجلس جامعة الدول العربية تمسكه بوحدة سوريا وسيادتها، ورحّب باستمرار انخراط سوريا في العمل العربي المشترك. كما أكد المبعوث الأممي غير بيدرسون دعم الأمم المتحدة للحكومة السورية في السعي لتحقيق السلام والاستقرار من خلال انتقال سياسي شامل وشفاف، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254.
◦ العقوبات: قررت لجنة القواعد والأحكام في مجلس النواب الأمريكي رفض جميع التعديلات المقترحة على مشروع موازنة وزارة الدفاع المتعلقة بالسياسة الخارجية، بما في ذلك التعديل الذي كان يهدف لإلغاء “قانون قيصر”.
◦ روسيا وتركيا: زار وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية برئاسة رئيس هيئة الأركان اللواء علي النعسان العاصمة الروسية موسكو. وعقد وزير الخارجية التركي مكالمة هاتفية مع نظيره السوري لمتابعة التطورات المتعلقة بالعملية التفاوضية مع قسد والتطورات في السويداء.
3. الحراك السياسي الداخلي:
◦ موقف السويداء: رفضت اللجنة القانونية العليا في السويداء خارطة طريق حل الأزمة، ونظمت جهات في السويداء حملة لجمع تواقيع من الأهالي على حق تقرير مصير المحافظة. كما جدد الرئيس الروحي لطائفة الدروز حكمت الهجري دعواته للانفصال وإقامة إقليم مستقل.
◦ الإدارة الذاتية: رفضت الإدارة الذاتية وصف الرئيس الشرع لدعوات التشاركية والحكم اللامركزي بأنها دعوات للانفصال، وطالبت المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بانتخابات مجلس الشعب.
◦ الكيانات العلوية: أعلن المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر عن رفضه لانتخابات مجلس الشعب.
◦ توحيد المكونات: التقى وزير الداخلية أنس خطاب بوفود من الطوائف الشيعية والمرشدية لبحث سبل تعزيز الأمن والاستقرار.
ثالثاً: التطورات العسكرية والأمنية
سُجلت مواجهات على جبهات متعددة، واستمرت ملاحقة المجموعات المسلحة غير المنضبطة، مع تصاعد في النشاط الإسرائيلي.
1. العمليات الأمنية ومكافحة الجريمة:
◦ الساحل السوري: كثفت القوى الأمنية الحكومية تحركاتها في الساحل السوري لملاحقة فلول النظام السابق ومصادرة مستودعات الأسلحة.
◦ الاعتقالات: أعلنت وزارة الداخلية عن اعتقال خلية مرتبطة بحزب الله اللبناني كانت تجهز لتنفيذ عمليات إرهابية في ريف دمشق، لكن الحزب نفى علاقته بها.
◦ مكافحة المخدرات: شهد الأسبوع الفائت نشاطاً للقوى الأمنية في تتبع المخدرات ومصادرتها واعتقال شبكات الترويج لها.
2. التطورات على جبهات (قسد):
◦ المفاوضات: أرسلت “قسد” وفداً إلى دمشق لمناقشة آليات انضمامها إلى الجيش السوري. وأكد قائدها العام مظلوم عبدي وجود اتفاق مبدئي لدمج القوة ضمن الجيش السوري كمجموعة واحدة، وأن قادة وعناصر قسد سيحصلون على مناصب في وزارة الدفاع.
◦ اشتباكات: شهدت الجبهات مع “قسد” تصعيداً أسفر عن عشرات القتلى والمصابين في صفوف الطرفين والمدنيين، خاصة في ريف حلب الشرقي وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية.
◦ قصف واعتقالات: قامت قسد بقصف قرى في ريف حلب الشرقي ما أدى لوقوع شهداء وجرحى، واعتقلت عشرات المواطنين في حملات أمنية ومداهمات بمحافظات دير الزور والرقة والحسكة.
◦ الوضع الأمني في الشرق: سجل نشاط متصاعد لتنظيم “داعش” في مناطق سيطرة “قسد”.
◦ قرارات أمن دير الزور: أصدر الأمن العام في دير الزور قراراً يمنع توجه أي عنصر عسكري إلى مناطق سيطرة “قسد” لعدم تنفيذ الاتفاق بعد، كما لا يُسمح بدخول عناصر “قسد” إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة.
3. التحركات الإسرائيلية:
◦ القصف الجوي: نفذت الطائرات الإسرائيلية غارات استهدفت مواقع عسكرية في محافظتي اللاذقية وحمص.
◦ التحركات الميدانية: كثفت القوات الإسرائيلية تحركاتها في محافظتي القنيطرة ودرعا، حيث سيرت عشرات الدوريات وقامت بعمليات دهم وتفتيش ونصب للحواجز واعتقالات طالت عدداً من الأشخاص.
رابعاً: التطورات الاقتصادية والخدمية
تواصلت جهود دعم التعافي الاقتصادي والخدمي، بدعم من دول عربية.
1. المساعدات والدعم الإقليمي:
◦ وصل وفد سعودي برئاسة المستشار بالديوان الملكي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، لتوقيع وتدشين المشاريع الإنسانية التي سينفذها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في سوريا.
◦ وصلت إلى مطار دمشق الدولي طائرة تابعة للقوات الجوية القطرية، تحمل 12 طناً من المعدات الطبية الدقيقة.
◦ تواصل المنظمات الدولية إرسال قوافل المساعدات إلى محافظة السويداء، بتيسير من الحكومة السورية.
2. الخدمات:
◦ بدأت الحركة تعود تدريجياً على طريق دمشق – السويداء.
◦ أعلنت وزارة الداخلية عن اعتقال أحد المجرمين المتورطين بانتهاكات سابقة في اللاذقية.
◦ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقريراً حذرت فيه من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا خلال النصف الأول من عام 2025، في ظل تصاعد الاحتياجات وضعف التمويل المخصص للاستجابة.
