ساهمت أخطاء الأكراد في سوريا في التقارب بين موسكو وأنقرة. هذا التقارب الذي كانت نتيجته دخول القوات التركية إلى سوريا بهدف مقاومة تنظيم الدولة ومنع الأكراد من السيطرة على جرابلس وعفرين، ما سيمهد إلى تغيير الخارطة شمال سوريا.
وتم تسجيل دخول حوالي 20 دبابة تركية للقرية السورية الراعي، نهاية الأسبوع الماضي، هذه القرية التي تقع على الحدود التركية؛ وذلك بهدف القضاء على تنظيم الدولة.
وقال أحمد عثمان، قائد قوات “السلطان مراد” المعارضة والموالية لتركيا، أن قواته “تريد تخليص المنطقة الحدودية بين منطقتي الراعي وجرابلس، قبل التقدم جنوبا نحو منطقة “الباب”، آخر معقل لتنظيم الدولة بالقرب من حلب، ومنبج”.
والملاحظ أن الخارطة التي يرسمها القتال شمال سوريا تتطور بنسق متسارع، وذلك منذ دخول القوات التركية للمنطقة. كما يختفي وراء حرب الأتراك ضد تنظيم الدولة، الرغبة في منع الأكراد من ضم جرابلس وعفرين إلى بعضهما البعض، وتجنب إنشاء منطقة الحكم الذاتي الكردية على حدودها؛ التي اعتبرها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ممرا للإرهاب.
ويعتبر أكراد وحدات حماية الشعب، هم أكبر المتضررين من هذا التغير الذي تعرفه المنطقة في الفترة الأخيرة. وفي هذا الإطار، ينتقدهم دبلوماسي فرنسي، مواكب للأحداث في سوريا قائلا إن “أكراد سوريا يفتقرون إلى الواقعية وذهبوا بعيدا جدا”.
وتجدر الإشارة إلى أنه في عبورها نهر الفرات، تخطت المليشيات الكردية خطوطا حمراء وضعتها أنقرة وحددتها حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت وتركيا تطلب منهم الانسحاب نحو شرق نهر الفرات، وهو ما لم تفعله إلى حد الآن.
وبدأ الأكراد يشعرون أنهم اقتربوا من الحصول على استقلالهم الذاتي خاصة بعد تلقيهم دعم الولايات المتحدة منذ ستة أشهر، حيث قال هيثم مناع، المستقيل من قيادة القوى الديمقراطية السورية بسبب التشدد الكردي، أنه أعلم الأكراد في الربيع أنهم “يملكون الطاقة العسكرية الكافية للتقدم نحو تحرير عفرين أو المطالبة بتكوين فيدرالية كردية”، مضيفا إن “عدم المبادرة بهذه الخطوات، هي من أكبر الأخطاء التي قام بها الأكراد”.
كما أضاف مناع أن “المواقف التي تبديها القوى الديمقراطية السورية، التي هي تحالف عربي كردي، هي أساسا صادرة عن الأكراد الذين ذهبوا لقتال الأتراك خلال التسعينات انطلاقا من جبال كردستان العراق والذين عادوا في بداية الثورة ضد الأسد”.
ويتوقف مصير المقاتلين الأكراد في سوريا على حليفهم الأميركي، على الرغم من أن الكثير منهم يشعر بخيانة واشنطن لهم، مرة أخرى. كما أن هذه الخطوة، تعني انسحابهم نحو شرق نهر الفرات.
وبالرغم من فتح الأكراد السوريين لمكاتب لهم في كل من باريس وموسكو، إلا أن الوضع قد تغير هذا الصيف وبشكل كبير، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، وبحسب دبلوماسي آخر فإنه “على ما يبدو فإن اللقاء الذي جمع بوتين بأردوغان، كان وراء اتفاق روسي- تركي – إيراني لإحباط المشروع الكردي في شمال سوريا”.
والجدير بالذكر أنه خلال هذه الأسابيع الأخيرة، تم تسجيل اثنين من اللقاءات السرية بين المخابرات السورية ونظيرتها التركية، ومن المتوقع أن يدار لقاء ثالث في موسكو. كما تتوقع بعض المصادر أن تُنظم قمة ثلاثية بين بوتين وأردوغان والأسد في 20 أيلول/ سبتمبر.
وتختفي وراء إيقاف مشروع الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا، بعض المطالب، فقد وافقت تركيا تحت الضغط على تواجد الأسد في عملية الانتقال السياسي في دمشق. كما سيتم تكوين جيش سوري حر جديد خاص بالمنطقة العازلة في شمال سوريا.
وبحسب دبلوماسي في الأمم المتحدة، “يوجد اثنين من السيناريوهات المحتملة بشأن مصير حلب، ولم يحدد بعد كل من الروس والأتراك هل أن عناصر موالية لتركيا ستسيطر عليها أو سيتم إخضاعها لسلطة النظام السوري”.
ومع تحقيق الجيش السوري تقدما، يوم الأحد، من خلال سيطرته على مدرسة عسكرية في مدينة حلب، فإن ذلك سيساعد النظام السوري في تعزيز موقعه من المدينة السورية الثانية.
هذا المقال مترجم من صحيفة لوفيغارو الفرنسية، للحصول على المقال الأصلي اضغط هنا