الكتاب: معركة سوريا.. منافسة دولية في الشرق الأوسط الجديد
المؤلف: كريستوفر فيليبس
الناشر: مطبعة جامعة ييل
تاريخ الإصدار: 25 أكتوبر 2016
عدد الصفحات: 320 صفحة.
اللغة: الإنجليزية
(1)
في 320 صفحة باللغة الإنجليزية، أصدرت مطبعة جامعة ييل، بتاريخ 25 أكتوبر 2016، كتابًا بعنوان “معركة سوريا.. التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد”، لمؤلفه كريستوفر فيليبس.
يستهل الكتاب باستعراض المشهد السوري، والشرق أوسطي بشكل عام، في مستهل الحرب التي يروق للغربيين دائمًا وصفها بـ”الأهلية”، ولم تضع أوزارها حتى الآن.
الفصل الثاني مكرًّسٌ لرصد انتقال الربيع العربي إلى سوريا. أما الثالث فيتناول الموقف الغربي الذي يصفه المؤلف بـ “المتردد” حيال رحيل “الأسد”.
ويتطرق الفصل الرابع إلى دور المؤسسات الدولية في مواجهة انزلاق البلد إلى أتون الحرب.
الفصل الخامس يتحدث عن فكرة “الممثل الشرعي”، وما يتعلق بها من دعم المعارضة السياسية السورية وتخريبها، على حد وصف الكتاب.
في المحطة السادسة يتناول المؤلف “تسليح المتمردين” ودعم المعارضة المسلحة. ثم يتحدث عن الدعم الذي قدمه حلفاء الأسد في الفصل السابع.
عنون المؤلف الفصل الثامن بـ “لا خطوط حمراء”، وتحدث فيه عن مسألة التدخل العسكري الغربي.
وفي الفصل التاسع، تتبَّع الكتاب انزلاق البلد إلى مستنقع الفوضى، ووصول المشهد إلى طريق مسدود، وصعود تنظيم الدولة.
الفصل العاشر والأخير، سبر غور التدخل الروسي، مركزًا على رهانات بوتين على الساحة السورية.
تُوِّجت الفصول العشر بخاتمةٍ تُلخِّص وجهة نظر الكاتب، ومفادها: أن المأساة السورية هي “حرب خسرها الجميع”.
(2)
يقدم الكتاب تحليلًا للدور الحاسم الذي قامت به الولايات المتحدة ودول أخرى في صياغة الحرب الدائرة في سوريا، ورغم ذلك لم يحظَ بقدرٍ كافٍ من الاستكشاف.
بينما معظم التحليلات التي تتناول الحرب الوحشية التي طال أمدها في سوريا تركز على النزاع الداخلي الذي انطلقت شرارته الأولى في عام 2011، وجذب الدول الأجنبية لاحقًا للانخراط في العنف المتصاعد.
بيد أن كريستوفر فيليبس يركز في هذا الكتاب على جانب آخر من القصة، هو: البعد الدولي، الذي لم يكن ثانويًا أبدًا.
ويجادِل المؤلف بأن الحرب السورية كانت متأثرة، منذ البداية، بالعوامل الإقليمية، لا سيما الفراغ الناتج عن التراجع الواضح لنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
عجَّل ذلك بتشكيل نظام إقليمي جديد، شهد تنافسًا عنيفًا بين ستة أطراف: الولايات المتحدة وروسيا وإيران والسعودية وتركيا وقطر.
كانت سوريا هي ساحة المعركة الرئيسية، أما الهدف، فهو: امتلاك النفوذ.
بالاعتماد على عدد من المقابلات المباشرة، رسم “فيليبس” لوحة يقول الناشر إنها جديدة للحرب في سوريا. لكنها ليست بهذا القدر من الإنصاف الذي يحاول العرض الترويجيّ للكتاب أن يُظهرها به.
مثلا، في حين يؤكد المؤلف على أنه لا يبرئ نظام بشار الأسد الوحشيّ، وبالفعل يفكك العوامل الخارجية الرئيسية التي تفسر تسارع النزاع واستمراريته، بما في ذلك استراتيجية الغرب ضد تنظيم الدولة.
إلا أنه في المقابل، لم ينجُ من الاختزال تماما حين تطرق إلى بعض الزوايا الحساسة. وفي حين أراد توسيع رقعة المسؤولية- وهذا مطابق للواقع- انزلق في بعض المواطن إلى فخ تفريق دمائِها، لدرجة إيهام القارئ بأن خطيئة النظام السوري الكبرى كانت في انتمائه لإيران الشيعية.
(3)
بحلول منتصف عام 2012، يقول المؤلف إن المعارضة السورية انقسمت إلى 3250 فرعًا مسلحًا على الأقل، وفشلت كل محاولات توحيدهم.
يرجع ذلك جزئيًا إلى سعي من يصفهم المؤلف بـ “أمراء الحرب” المحليين إلى جمع الغنائم بدلا من إحراز النصر الوطني، ورفض الأطراف الخارجية تنسيق جهودها.
أما الغزاة التقليديون للشرق الأوسط- بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة- فأصبحوا “سجناء خطابهم الخاص”، على حد قول “فيليبس”، الذي اتهم واشنطن أيضًا بأن لديها “فجوة معرفية تاريخية كبيرة في الشأن السوري”، معتبرًا أن صمت أوباما “لا يُغتَفَر”.
أما السعودية، من وجهة نظر المؤلف، فبالغت في تقدير قوة المتمردين في حين قللت من قوة الأسد، وإن لم تكن الرياض وحدها هي التي وقعت في هذا الفخ.
بـ ” معركة سوريا”؛ ينضم “فيليبس” إلى قائمة قصيرة من الكتاب الذين قدموا إسهامات أصليّة لشرح أسباب الحرب في سوريا، ونتائجها المحتملة.
تضم القائمة: مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، البروفسور جوشوا لانديس، و مراسل صحيفة الإندبندت البريطانية في الشرق الأوسط، باتريك كوكبيرن، وأستاذ سياسة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن، فواز جرجس، ومراسل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وأسوشيتد برس، الراحل أنتوني شديد.
ما يمنح الكتاب ثِقَلا- من وجهة نظر المراسل السابق لـ إيه بي سي نيوز في الشرق الأوسط، تشارلز جلاس- هو: أنه يوجه “طعنةً حازمة وناجحة، ويوزع المسؤولية على جميع البلدان التي تسببت بتوفير السلاح والمال في إطالة أمد الحرب لفترة أطول بكثير مما كانت الموارد السورية تسمح به”.
النتيجة: إزهاق أكثر من 500 ألف روح، وتشريد قرابة نصف سكان سوريا. ولا أبلغَ من ذلك دليلٌ على أن هؤلاء الغرباء لا يهتمون بسوريا أصلا، بل هو يكشف أولوياتهم التي تخدم فقط أهدافهم المتصارعة.
حول المؤلف:
كريستوفر فيليبس، خبير العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط، ومحاضر بارز في كلية الملكة ماري في لندن، وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لـ تشاتام هاوس، وهناك أسس مبادرة سوريا وجيرانها. يعيش في لندن.