slot dana slot toto toto 4d slot pulsa slot gopay slot ovo slot bet 200 slot bet 100 situs bet 200 situs bet 100 situs slot dana situs slot toto jagung77
أبريل 26, 2025

الإخوان المسلمون: أفول الدور أم تجديد الوظيفة

إن أخطر ما يمكن أن تواجهه الجماعة ليس ما يُفرض عليها من الخارج، بل ما ترفض مواجهته من الداخل

نيسان/أبريل 2025

شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في الضغوط الحكومية على جماعة الإخوان المسلمين في العديد من المناطق وآخرها إخوان الأردن(تأسست 1945)، حيث أُعلن في 23 أبريل 2025، عن حظر جميع نشاطات الجماعة، واعتبارها “جمعية غير مشروعة”، ورُبط قرار الحظر بالحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

تسلط هذه التطورات -التضييق المتزايد على الجماعة في الإطار القانوني والتنظيمي- الضوء مجدداً على أسئلة قديمة تتعلق بمصير الجماعة، ومدى جدوى استمرارها بصيغتها الحالية، وما الخيارات المتاحة أمامها في بيئة إقليمية أصبحت أقل تسامحًا مع الحركات الإسلامية ذات الطابع الحركي.

ورغم أنّ ما جرى في الأردن يعكس ذروة التآكل القانوني والرمزي الذي تواجهه الجماعة هناك، فإن التحولات الحاصلة في المشهد السوري منذ ديسمبر 2024، وإن كانت مختلفة تماماً في طبيعتها، إلا أنها لا تقل أهمية في تأثيرها على وضع الجماعة، من حيث أنها تفرض على “إخوان سوريا” -كما في الأردن(2025) أو مصر (2013)- مراجعة جذرية لهويتهم، وطريقة تموضعهم، والأدوار التي يمكن أن يؤدوها.

وبينما تختلف القراءات حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تمثل استهدافًا سياسيًا لمكوّن اجتماعي أصيل، أو أنها تعكس نهاية طبيعية لحركة لم تعد تواكب تحولات اللحظة، فإن هذه القراءة تسعى لتجاوز اللحظة الآنية، نحو تحليل أعمق لموقع الجماعة في المشهد الإسلامي الأوسع.

فمع اقتراب الذكرى المئوية لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين، تجد الحركة الإسلامية عمومًا نفسها أمام منعطف تاريخي يستدعي مراجعة شاملة لأدوارها وآليات عملها ومكانتها ضمن التحولات السياسية والفكرية المتسارعة. وقد تباينت وجهات النظر حول مستقبل الجماعة بين من يرى أن نهاية دورها باتت ضرورة استراتيجية لتحرير الأمة من نموذج سياسي فقد صلاحيته، وبين من يعتقد أنها ما زالت، رغم كل شيء، جزء من الحل لا من الأزمة، إلا أن الرؤية الأعمق لا تقف عند أحد هذين الخيارين، بل تسعى لفهم لحظة التحوّل ضمن سياق أوسع يعكس تعقيد المرحلة التي يمر بها المشروع الإسلامي المعاصر.

الإرث والتجديد

منذ تأسيسها على يد الإمام حسن البنا عام 1928، حملت جماعة الإخوان مشروعًا طموحًا لبعث الإسلام كقوة حضارية جامعة، و انخرطت في ميادين التربية والمجتمع والسياسة، وقدّمت تضحيات معتبرة في مواجهة الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي والأنظمة الاستبدادية، ودفعت أثماناً باهظة من الاعتقال والتنكيل والمطاردة، وقد أكسبها هذا التاريخ الطويل من الجهاد المجتمعي والسياسي والعسكري موقعاً مؤثراً لدى قطاعات واسعة من الشعوب.

غير أن التجربة الطويلة للجماعة -ولا سيما في العقود الأخيرة- أظهرت عدة إشكالات تعاني منها الجماعة من قبيل ضعف استجابتها لتحولات المجال السياسي، أو محدودية مراجعاتها الذاتية، أو اعتمادها المفرط على “المرونة السياسية” والمناورة في الهوامش الرمادية، وتقديم القيادات التوافقية داخلياً على حساب أصحاب المبادرات والمشاريع، وبدلًا من أن تقود الجماعة الموجات الشعبية التي انطلقت في العقد الثاني من هذا القرن، وجدت نفسها في كثير من الحالات خلف الحراك وليس أمامه، ما أظهرها بمظهر المتأخرة عن نبض الشارع، الحذرة من المجازفة، أو المنشغلة بإدارة توازناتها الداخلية.

غير أنه من الإنصاف أيضاً أن نُقر أن الجماعة لا تتحرك في فراغ أو أريحية، بل في بيئات لا تشجع على تأسيس مشاريع سياسية، ولا تمنح الحركات الإسلامية إلا هوامش محدودة، فهل من المعقول أن يُعاب على الجماعة أنها لم تدخل صراعاً صفرياً قد يؤدي إلى فنائها التنظيمي؟ أم يُفترض أن يُثمَّن حرصها على استمرارية حضورها المجتمعي حتى في أشد اللحظات قسوة؟

ولذلك فإن السؤال الجوهري لا ينبغي أن يُطرح بصيغة: “هل انتهى دور الإخوان؟”، بل بصيغة أكثر واقعية مفادها: “ما الشكل الجديد الذي يمكن أن تتخذه الحركة الإسلامية في ظل تراجع فاعلية النموذج التقليدي؟“، فالأصل في الحركات الكبرى أنها لا تنتهي بقرار فوقي أو ضغط خارجي، وإنما تقوم بإعادة إنتاج نفسها عادة بوظائف جديدة، وقدرات متغيرة، وأزمة الإخوان اليوم في جوهرها هي تعبير عن تعقيد أوسع يمر به المشروع الإسلامي السياسي، الذي يبدو بأمس الحاجة إلى إنتاج الغاية، وتجديد اللغة، ومواكبة تحولات الدولة والمجتمع.

لقد كان حضور جماعة الإخوان -في لحظات كثيرة- ملاذًا لملايين المهمشين، وصوتًا للإصلاح، وبوابة للعمل العام، لكن هذا الحضور ذاته حين يتكلس، يمكن أن يتحول إلى حاجز دون التجديد -ليس على مستوى الجماعة فحسب وإنما على مستوى التيار الإسلامي ككل-، إذا لم تُنجز مراجعة حقيقية تعيد تعريف الهوية والدور، وفي هذا السياق، فإن الحديث عن “أفول” الجماعة لا يجب أن يكون بالضرورة دعوة لإلغاء وجود الجماعة بقدر ما قد يكون نداءً لتجاوز الشكل التنظيمي المغلق نحو أفق أوسع من العمل السياسي والدعوي، يستوعب الجيل الجديد، ويتجاوز الثنائيات الكلاسيكية بين المهادنة والمجابهة، أو بين التنظيم والانفلات.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه الثقة بالسياسات الرسمية، وتزداد فيه الهشاشة الاجتماعية، تبرز الحاجة إلى تيارات فكرية وتنظيمية جديدة، تتقاطع مع التاريخ، دون أن ترتهن له، وفي هذا الإطار، لا يُتوقع من جماعة الإخوان أن تذوب أو تنسحب، بل أن تتحول من مشروع “هيمنة ناعمة” إلى حاضنة للمبادرات، ومن كيان تنظيمي مغلق إلى فضاء معرفي مفتوح.

وهذه الملاحظات إذ تطرح في سياق نقدي، فإن المقصود بها ليس التقويض، بل المراجعة والتجديد، فالحركات الكبرى تُقاس بقابليتها للتطور، لا بجمودها عند لحظة بعينها، والإخوان -بما راكموه من خبرة ورصيد رمزي- لا يزالون قادرين على الإسهام، إن هم اختاروا أن يتحولوا من “إدارة الأزمة” إلى “قيادة التحول“، ومن الانكفاء على الذات إلى الانفتاح على المجال العام.

السياق الإقليمي والدولي: التحديات العابرة للحدود

لا يمكن قراءة أزمة الإخوان في أي ساحة كقضية محلية منفصلة، فالجماعة جزء من مشهد أوسع يتشكل اليوم على إيقاع تحولات إقليمية ودولية حادة، أعادت رسم خرائط الفاعلين، وتحاول تحديد من له حق البقاء ومن يجب أن يُطوى من المشهد.

في الإقليم، كان التغير الحاد في موقف بعض القوى المركزية، وعلى رأسها السعودية، نقطة تحول حاسمة، ومعها اصطف حلف كامل من الأنظمة التي قادتها تقديراتها للتعامل مع الإخوان كتهديد لترتيبات ما بعد الربيع العربي، وأداة “منتهية الصلاحية” في معادلة استقرار جديدة.

هذا التحول لم يُصادر الفضاء السياسي فقط، بل أغلق الأفق الرمزي للجماعة، وجرّدها من غطاء طالما وفّر لها الحماية أو الاحتواء، فالجماعة التي كانت توصف يومًا بـ “صمام الاعتدال” صار ينظر إليها كعقبة يجب إزاحتها لصالح مشاريع دولة وطنية صلبة لا تحتمل تعدد المرجعيات.

أما على المستوى الدولي، فلا تزال النظرة الغربية -خاصة الأمنية منها- للإسلام السياسي عموماً، محكومة بهاجس مكافحة التطرف، وبالرغم من وجود تواصلات غير معلنة أحياناً، إلا أن التصنيف السياسي والإعلامي للإخوان كـ “تنظيم عابر للحدود” يجعلهم دوماً في خانة الريبة، ولأن العالم الغربي يتعامل مع الفاعلين بحسب قدرتهم على تقديم الاستقرار لا الخطاب، فإن الجماعة -بالرغم من خطابها المتقدم-، لم تنجح -بصورتها التقليدية- في إقناع هذا المحيط بأنها جزء من أوضاع الحل والاستقرار وليس العكس.

يزداد هذا المشهد تعقيدًا بظهور بدائل منافسة تعيش حالة تدافع سلبية داخل الفضاء الإسلامي: فتيارات السلفية الجهادية -خارج موقع السلطة- تقدّم نفسها كقوة تعبئة ثورية لا تقبل بالتنازلات، والحركات الصوفية ذات الطابع السياسي باتت تعرض خطاباً تصالحياً أكثر اتساقاً مع توجهات الأنظمة، في ظل هذا التنافس، تجد جماعة الإخوان نفسها مطالبة ليس فقط بمقاومة الإقصاء، بل أيضاً بإعادة إثبات شرعيتها الرمزية داخل الخريطة الإسلامية الأوسع، وتبرير جدوى بقائها كمشروع إصلاحي لا كتنظيم تقليدي مُنهك.

ومن هذه الزاوية، فإن الحديث عن تحديات ومستقبل الجماعة لا يمكن أن يظل حبيس الحدود السياسية القُطرية، فما يحدث اليوم في مناطق محددة لا يصح أن يُفهم إلا ضمن دينامية إقليمية ودولية أكبر، إن لم تكن الدافع المباشر له فهذه الدينامية هي التي أفسحت المجال الفعلي لإمكانية حدوثه: في سياق إعادة توزيع النفوذ الإسلامي، وصعود الدولة الأمنية كنموذج مهيمن، وبحث المجتمعات عن بدائل جديدة أكثر التصاقاً بتحولات الواقع.

كسر حتمية الأفول

إن القول بحتمية أفول الإخوان يتناقض مع نظريات الحركات الاجتماعية، التي ترى أن استمرار الحركات مرتبط بمرونتها وقدرتها على التكيف خلال دورات الصعود والهبوط وفترات “الكمون”، فالعديد من الحركات الكبرى تجاوزت محطات بدا فيها الأفول وشيكاً، لكنها عادت بشكل جديد عبر التجديد الذاتي، نهاية دور الإخوان ليست قدراً محتوما كما يظن أو يحاول البعض أن يجعلنا نظن، ولكنه احتمال من بين احتمالات أخرى، بما في ذلك التحول نحو نمط وجود جديد.

تدعم نظريات التغيير الاجتماعي هذا الطرح عبر مفهوم “إعادة توجيه الأطر Frame Realignment” ومفهوم “التعلم التنظيمي Organizational Learning“، إذ تستطيع الحركات في أوقات الأزمات أن تعيد تعريف رسالتها وخطابها، وتكيّف بنيتها بما يتماشى مع متغيرات السياق. وفي حالة جماعة الإخوان، فإن هذا الانتقال من دور “المعارضة المطاردة” إلى فاعل مدني وطني مندمج لا يتطلب فقط إعادة صياغة الخطاب، بل مراجعة مؤسسية ناضجة تستدرك التقصير، وتستفيد من التجربة، وتؤسس لبنية أكثر مرونة ومصداقية.

في هذا السياق يبرز مفهوم “ما بعد الإسلاموية Post-Islamism” -الذي يعتبر أحد أبرز المفاهيم التحليلية المعاصرة في حقول الفكر السياسي والاجتماعي المقارن لفهم التحولات التي طرأت على الحركات الإسلامية، خاصة بعد تجربة السلطة أو الانخراط العميق في المجال العام-، والذي يرصد مراجعة فكرية لا تتخلى عن الإسلام كمرجعية، لكنها تعيد صياغة تصورات الجماعة بصورة أكثر واقعية وتكيفاً مع متغيرات الدولة والمجتمع.

فالحركة التي تفشل في التعلم من أخطائها مصيرها الانحسار، أما التي تتبنى التكيف الاستراتيجي فبإمكانها العودة كلاعب معتبر بصورة مختلفة، عبر التحول إلى “حركة أفكار” تساهم في الفضاء الإسلامي العام كتيار فكري وتربوي ونهضوي دون التمسك بالهياكل القديمة، وهذا ينسجم مع تحولات “ما بعد الإسلاموية” نحو مشروع إصلاحي عملي ضمن الدولة الحديثة. 

بمعنى أوضح فإن أفول الإخوان ليس حتمياً ولا ضرورياً إلا بقدر رفضهم للتغيير؛ وتجديد وظيفتهم الاجتماعية والسياسية هو الكفيل بكسر حلقة الأفول هذه.

خارطة التحول

إن الانتقال من منطق “إدارة الأزمة” إلى مشروع “قيادة التحول“، لا يمكن أن يتم بالشعارات والمراجعات والنقد الداخلي الذي يبقى حبيس الأدراج دون أن يتحول إلى خطوات عملية واقعية وتحولات جذرية عميقة، تبدأ من الداخل أبرزها:

  • مراجعة فكرية شاملة وجادة للرؤية السياسية والفكرية: لا تتنكر للمبادئ، بل تعيد صياغتها بما يتسق مع تحولات الدولة والمجتمع، فالدولة اليوم لم تعد خصمًا مجردًا، والمجتمع لم يعد مستعدًا لتلقي خطاب تعبوي تقليدي لا يجيب عن أسئلته اليومية، ولا ينتهي إلى خطوات ونتائج عملية.
  • إعادة هيكلة التنظيم وتمكين جيل جديد: الخروج من البنية الهرمية المغلقة إلى نموذج لامركزي يمنح الفروع مساحة أوسع في اتخاذ القرار، ويُفسح المجال للأفكار الجديدة والقيادات الشابة. العمل وفق فضاء معرفي مفتوح، وليس كيان مغلق؛ يتفاعل مع المجتمع من خلال مراكز بحث، ومنصات إعلامية، وبرامج توعوية، وتعاون مدني واسع، ويشرك الشباب والمتخصصين في صناعة القرار.
  • التكيف مع المتغيرات الدولية والإقليمية: قراءة الواقع الدولي والإقليمي بعين فاحصة، وترسيخ خطاب وطني سيادي يؤكد احترام خصوصيات كل بلد وعدم الارتباط بتنظيم عالمي أو محاور خارجية.
  • التحول الرقمي لم يعد ترفًا، الذكاء الاصطناعي: البيانات، أدوات الحماية الرقمية..الخ، كلها أدوات يجب أن تدخل في لب الفعل الإسلامي المعاصر، وهذا يتطلب كوادر مؤهلة، وعقولاً فتية، وخطاباً رقمياً ذكياً يتجاوز الدفاع والانفعال نحو التأثير الفعلي.

هذا التحول لن ينجح ما لم تدرك الجماعة -عملياً لا تنظيرياً- أنها لا تتحرك في فراغ، فالسياق المحلي والإقليمي والدولي يتغير بوتيرة متسارعة: شرعيات قديمة تتراجع، ونماذج إسلامية منافسة تظهر، والدولة الوطنية تزداد حساسية تجاه التنظيمات المغلقة، بينما يتعامل العالم الخارجي مع الجماعة بوصفها حركة محاطة بالريبة، لا شريكًا في الاستقرار.

وسط هذا كله، لم تعد الجماعة تملك ترف التمسك بالصيغة القديمة، بل هي مطالبة بإعادة تعريف ذاتها كجزء من المستقبل، لا كظل باهت للماضي.

فالمسألة ليست في أفول جماعة بحدّ ذاتها، بل في أفول مرحلة تاريخية كانت الجماعة إحدى أبرز تجلياتها، وتمسّك الإخوان بصيغتهم الراهنة هو ما يربطهم بتلك المرحلة، ويُبقيهم أسرى لنموذج لم يعد صالحاً ويعرضهم لخطر الأفول، أما الانفكاك عن هذه المرحلة، فيكون عبر مراجعة هيكلية، وتجديد فكري ومؤسسي يواكب التحولات العميقة في علاقة المجتمعات المسلمة بالدين والدولة والسياسة وأدوات التفاعل مع المجتمع.

إن التجديد النابع من الداخل، والمبني على شجاعة النقد، والاستعداد لتحمّل كلفة التحول، هو السبيل الوحيد لضمان استمرار الجماعة. أما البديل، فسيكون تحولاً مفروضاً من الخارج، يفضي إلى حل التنظيم أو تحوّله إلى كيان لا يعكس هويته، ولا يخدم وظيفته الأصلية.

إن أخطر ما يمكن أن تواجهه الجماعة ليس ما يُفرض عليها من الخارج، بل ما ترفض مواجهته من الداخل.

ضع تعليقاَ