عنوان الكتاب: تهديد المحافظين الجدد للنظام العالمي: حرب واشنطن المحفوفة بالمخاطر من أجل الهيمنة
المؤلف: الدكتور بول كريج روبرتس
عدد الصفحات: 308 صفحة
الناشر: كلاريتي برس
تاريخ الإصدار: 15 نوفمبر 2015
اللغة: الإنجليزية
من المفيد قبل قراءة أي كتاب، التعرُّف على كاتبه. فإذا كان قد شغل مناصب رسمية؛ صارت معرفة تاريخه أكثر إلحاحا. ومؤلف الكتاب الذي بين أيدينا هو المساعد الأسبق لوزير المالية الأمريكية لشؤون السياسة الاقتصادية في إدارة ريجان، ومحرر مشارك وكاتب عمود في صحيفة وول ستريت جورنال، وكاتب عمود في مجلة بزنس ويك، وسكريبس هاورد نيوز سيرفيس.
شغل مناصب أكاديمية في ست جامعات، من بينها كرسي ويليام إي سيمون في الاقتصاد السياسي، بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة جورج تاون. وحصل على جائزة استحقاق الخدمة من وزارة الخزانة الأمريكية لـ”إسهاماته المتميزة في صياغة السياسة الاقتصادية الأمريكية”، ومنحته حكومة فرانسوا ميتران الفرنسية وسام جوقة الشرف الوطني.
كما ألف وشارك في تأليف عشرة كتب والعديد من الأبحاث العلمية. و أدلى بشهادته أمام الكونجرس في 30 مناسبة. وتلقى تعليمه في معهد جورجيا للتكنولوجيا، وجامعات ولاية فرجينيا، وكاليفورنيا، وبيركلي، وأكسفورد حيث كان عضوا في كلية ميرتون. نشرت أعماله السابقة في مطابع جامعات هارفارد وأكسفورد وستانفورد ومعهد هوفر. وهو حاليا رئيس معهد الاقتصاد السياسي.
تستعرض السطور التالية ما كتبه البروفيسور إدوارد كارتين في موقع جلوبال ريسيرش الكندي عن كتاب “تهديد المحافظين الجدد للنظام العالمي: حرب واشنطن المحفوفة بالمخاطر من أجل الهيمنة” لمؤلفه الدكتور بول كريج روبرتس، والصادر عن كلاريتي برس بتاريخ 15 نوفمبر 2015، في 308 صفحة:
من النادر أن تقرأ كتابًا أكثر شجاعة وذكاء وصراحة في تناول مشكلات العالم المُلِحّة من هذا الكتاب. ذلك أن بول كريج يمثل ظاهرةً قائمة بذاتها؛ لدرجة أنه لا توجد مشكلة، مهما كانت مثيرة للجدل، يمكن أن تتفلت من بين أصابع تحليله المخضرم.
يكتب بقوةٍ ومنطقٍ كاسحين، يُقنِعاك بقدر ما يتَحَدَّيَاك. ومدفوعًا باهتمامه الجامح بالاتجاه الرهيب الذي يسلكه العالم- خاصة مسئولية الولايات المتحدة عن الكثير من البؤس الذي يعاني منه- فإنه يبذل جهدًا لا هوادة فيه لتعكير مياه الجهل والتهاون التي يسبح فيها الكثير من الأمريكيين.
وهو مثقفٌ من الدرجة الأولى- لكنه لم يرتقي لهذا الشأن بالطريقة السهلة- غزيرُ النقدِ للسياسة الأمريكية الخارجية والداخلية، ويولي تركيزًا خاصًا بتأثير المحافظين الجدد، منذ إدارة ريجان وحتى إدارة أوباما.
ينتقد بشراسةٍ المؤسسات الإعلامية السائدة، التي يَصِمُها بـ “العُهر الإعلامي”، كاشفًا زيف دعايتها وتضليلها، كما لو كان جرّاحًا متخصصًا في معالجة الحقيقة، متمتعًا بقدرة خاصة على التغلغل في لحظةٍ إلى أعماق القضية.
ويُعتَبر الكتاب خلاصة وافية لمقالاته المكتوبة ما بين فبراير 2014 ويوليو 2015. والتي يتناول معظمها الجهود الأمريكية لزعزعة استقرار أوكرانيا، والتهديدات المستمرة ضد روسيا. حيث يرى المؤلف أن هذه الحرب الباردة الجديدة متجذرة في عقيدة المحافظين الجدد، التي قوامها الهيمنة على العالم، لكنها في الأصل قائمة على عقيدة وولفويتز، التي كتبها نائب وزير الدفاع الأميركي، بول وولفويتز، في عام 1992 (وهو أحد الموقعين على مشروع القرن الأمريكي عام 1997) والتي أصبحت خطة الناتو للتوسع إلى حدود روسيا، والتهديد المتزايد للحرب النووية التي تواجهنا اليوم.
ولأن هذه المقالات مرتبة زمنيًا، فإنها توفر للقارئ اليقِظ فهمًا أفضل للخطوات التهديدية التدريجية التي اتخذتها إدارة أوباما، وشملت الإعلان عن إرسال الولايات المتحدة دبابات ومعدات ثقيلة وآلاف من الجنود للتمركز بشكل دائم في بلدان أوروبا الشرقية المحيطة بروسيا.
لكن ماذا لو تبدَّلت المواقع، وكان بوتين هو الذي سيرسل القوات والمعدات ذاتها إلى كندا وكوبا والمكسيك؟ كان المرء ليسمع صيحات الغضب تنطلق هادرة من حناجر الكتاب الاختزاليين الموالين لواشنطن في صحيفة نيويورك تايمز وشبكة سي إن إن وجريدة واشنطن بوست وأشباهها.
في مقالٍ بعد مقال، تكشف تحليلات روبرتس تضليل التقارير الإعلامية الغربية عن أوكرانيا وشيطنة روسيا. وهو يرى أن هذه التطورات تقود إلى الحرب، ما لم يُنحَّى “المحافظون الجدد من مناصب السياسة الخارجية في الحكومة ووسائل الإعلام”، مضيفًا: “ينبغي الإطاحة بدعاة الحرب من المحافظين الجدد في فوكس نيوز وسي إن إن ونيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال.. يجب أن تزول الدعاية للحرب وتحل الأصوات المستقلة مكانها. وبرغم وضوح أن لا شيء من هذا سيحدث، إلا أنه يجب تحقيق ذلك إذا أردنا النجاة من معركة نهاية العالم (هرمجدون)”.
ورغم اعتقاد المؤلف بأنه حتى إذا تيقظ الناس، فإن سيطرة المحافظين الجدد على الحكومة ووسائل الإعلام ستستمر. إلا أنه في الوقت ذاته يأمل في تغيير العقول، ما يشير إلى اعتقاده- على مستوى ما- بأن هذا يوفر فرصة لتغيير هياكل السلطة والأيديولوجية.. فيما تبقى حيرته في هذا الشأن مُتَفَهَّمَة!
وفي هذا يقول: “يتساءل الناس عن الحل. لكن لا حلول ممكنة في عالمٍ يغلفه الضباب، فيحجبه عن المعرفة. فرغم أن الشعوب غير الراضية موجودة في كل مكان تقريبا، فإن القليلين هم الذين يفهمون الوضع الحقيقي. وقبل أن تكون هناك حلول، ينبغي أن يعرف الناس حقيقة المشكلة”.
وإلى جانب أوكرانيا، يمكن أن تتبُّع هذا الطرح ذاته في تناول الكتاب لقضايا هجمات 11 سبتمبر، والجمرة الخبيثة، والمساءلة القانونية للرؤساء الأمريكيين، وجرائم الحرب التي يرتكبها المسؤولون، والاستثنائية الأمريكية، والعملية جلاديو، وانتصار واشنطن في العراق، وتواطؤ الحكومات الأوروبية مع الولايات المتحدة، ومراقبة وكالة الاستخبارات المركزية لوسائل الإعلام، وهجمات تشارلي إبدو، والحرب على الإرهاب، وغيرها.
وبرغم هذه التحليلات العميقة، وتَنَقُّل الكاتب بين التشكيك والتنقيب والعرض، إلا أنه يعترف بأن بعض الحقائق ليست قاطعة. ثم هو يحيل القارئ إلى الكتاب والباحثين الآخرين الذين يدعمون طرحه أو يزيدون عليه.
ورغم أن الصواب حالفه في تناوله لصعود نفوذ المحافظين الجدد، وتأثيرهم الشرير، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، أو نحو ذلك، إلا أن فهم المؤلف لمكائد قوات الدولة العميقة، التي يرجع تاريخها إلى العملية جلاديو واغتيال كنيدي، يشير إلى علمه بأن المحافظين الجدد ليسوا سوى نموذجا حديثا لمشكلة قديمة، لها جذور عميقة وتاريخ طويل.
ذلك أن التشابك بين وول ستريت والبنوك ووكالة الاستخبارات المركزية يعود لعقود كثيرة سابقة. وهم متخصصون في الإطاحة بالحكومات والدعاية والاغتيالات والحروب والتحريض. ولا شيء من ذلك يمثل منطقة نفوذ حصرية للمحافظين الجدد، الذين لا يعدو كونهم مثالا حديثًا مقيتًا. وفي خلفية المشهد المحافظ، كما الليبرالي وبقية المحافظين من مختلف المشارب، تجلس القوى التي تتجاوز المسميات.
ويُحسِن المؤلف صُنعًا إذا ركّز أكثر على استراتيجية الولايات المتحدة، باعتبارها سلسلة متصلة طويلة الأمد، وإن كان هذا التناول لا يبتعد كثيرًا عن تحليله المخضرم لدور المحافظين الجدد.
وبعيدًا عن تقييم الدور الروسي سواء في أوكرانيا، أو حتى في الشرق الأوسط، تتضح أهمية هذا الطرح مما قاله المؤلف خلال خطابٍ ألقاه في المكسيك، أثناء حصوله على الجائزة الدولية للتميز في الصحافة: “في الولايات المتحدة الأمريكية، يُمنَح الصحفيون الجوائز مقابل كذبهم لأجل الحكومة والشركات…. لكن بمجرد أن يضحي الصحفي بالحقيقة على مذبح ولائه للحكومة، يُنزَع عنه عن لقب “صحفي”، ويصبح مجرد بوقًا للدعاية”.