أسبوع واحد في الشرق الأوسط هو في الواقع فترة طويلة ومن الصعب بل من الخطر أن تكون متفائلاً في مثل هذه الظروف. وبالتالي، فإن الخيار ينحصر بين الوضع الحالي غير المستقر وغير الواضح وبين الكابوس الذي لا يمكن أبداً التنبؤ به. ومع هذا فمن الممكن للمتابع أن يتصور خمس تحديات لا بد من مواجهتها على المدى المتوسط.
- حتى بعد خمس سنوات من انطلاقه، فمن السابق لأوانه القيام بشطب الربيع والرغبة العربية بالتغيير رغم أنها لم تأخذ مجراها. وفي حين نفتقر إلى خارطة طريق شاملة تضم الجميع، ينبغي على الدول العربية منفردة أن تشكل النموذج الذي يعكس ويناسب خصوصيتها الاجتماعية والديمغرافية بحيث لا تؤثر ولا تشكل أي دولة أخرى نموذج العمل المناسب لهم.
- وفي ظل التراجع الحاصل في النفوذ الأمريكي في المنطقة فإنه من الواضح أن بلدان المنطقة تقف عاجزة عن إيجاد أو توفير أي قيادة بديلة، في حين تسعى بعض القوى الخارجية إلى إقامة مناطق للنفوذ دون الهيمنة المطلقة على المنطقة.
- هذا التطرف الديني والتوتر الطائفي وجد في المنطقة ليبقى وسوف يستمر العنف السياسي في المنطقة بما يؤدي إلى تقويض استقرار ووحدة الأراضي وحتى في بعض الحالات سيؤدي إلى انعدام قابلية استمرار الدولة نفسها.
- أما الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فإنه يحتل مكانة مهمة في المنطقة، ولكن الواقع يقول أنه لن يحظى بأي حل فوري، فكلا الجانبين يفتقدان إلى الحكمة والتعقل علاوة على أن المشكلة هذه ليست الأساسية التي تواجهها المنطقة، وتملك الدول العربية وغير العربية مشاكل أكثر خطورة بكثير مما تشكله مشكلة افتقاد الفلسطينيين للجنسية والدولة.
- من جهة أخرى، ستستمر أسعار النفط بالانخفاض وهذا سيؤثر بشكل كبير على شركات الطاقة الكبير والصغيرة. وسيزداد الأمر سوءً بعد دخول إيران مجدداً للسوق وسيخلق هذا الأمر مزيداً من الضغوط على الأسعار وهو ما سيؤثر أيضاً على عمليات البحث عن بدائل الطاقة غير النفطية.
مجالات التعاون مع الهند
من المبكر جداٌ بالنسبة للهند المشاركة في أي ترتيبات تتعلق بالأمن الإقليمي حيث أنها تحتاج إلى الإجابة عن سؤالين مهمين، الأمن لمن؟ وضد من ؟ فمعظم الأنظمة تشعر بأنها مههدة داخلياً وسيكون أي تورط هندي جاراً لها إلى أتون معارك الفصائل المتناحرة.
وبمعنى أوسع فإن داعش والتطرف الديني والتلقين وتمويل الإرهاب والأمن الإلكتروني ستكون المناطق الرئيسية للتعاون في حال حدوثه. وخلال السنوات الأخيرة سيطرت إسرائيل بشكل أو بآخر على جميع تفاصيل التعاون الأمني مع الهند. أما الآن فإن معارك داعش باتت تستلزم تعزيز التعاون مع دول مثل الأردن والسعودية والإمارات حيث يشكل التطرف الديني تهديداً وجودياً لهذه الدول والتعاون معهم سيكون الخيار السليم بالنسبة للهند.
المغتربين ومكونات الطاقة هي نقاط القوة الرئيسية في مشاركة الهند في مناطق الخليج العربي ولكنها أيضاً نقاط ضعف للهند وعليها أن تعمل جاهدة لاستغلال كل إمكاناتها. فأرقام التجارة مضللة والتعاون التجاري مع المنطقة يكون كثيراً محصوراً في تجارة الطاقة واستيرادها.
وعلى سبيل المثال، خلال العامين 2014 و2015، لجأت الهند إلى جعل 40% من تجارتها الإجمالية مع دول الخليج بسبب امتلاكها لمصادر النفط. وفي الواقع فإن النفط يشكل أكثر من 90% من واردات الهند من العراق والكويت وقطر والسعودية أما في حالة اليمن فقد تجاوزت هذه النسبة ال 99% وبالمثل فإن الهنود يشكلون النسبة الأعلى من الخادمين والسائقين وأصحاب المحال التجارية والمساعدين وأصحاب المحال التجارية العادية.
وفي حين يعد التعاون غير الرسمي مهم إلا أن المشاركة الفعالة للهند في المنطقة يجب أن تكون سياسية في المقام الأول و لا توجد بدائل عن التواصل القيادات وخاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث يواصل القادة في الشرق الأوسط لعب دور مهيمن و فعال.
ولحسن الحظ، تملك الهند الآن وزيرة خارجية يمكن اعتبار السياسة الخارجية أولويتها الوحيدة. وخلافاً للتكهنات التي رشحت في وسائل الإعلام بعد تعيينها فقد تمكنت من التعامل مع عدد جيد من القضايا بشكل ممتاز. ومنذ يونيو 2014 سافرت الوزيرة إلى 31 بلداً بما فيها البحرين والإمارات وعمان ومصر وفلسطين وإسرائيل.
الاستراتيجية الهندية في المشاركة
ناريندرا مودي لا يريد أن يكون رئيساً للوزراء لفترة واحدة فقط، حيث يملك أجندة سياسية ومحلية واقتصادية ولذا فإن حجم البلد أو سكانه أقل اهم بالنسبة له من حجم التزام هذا البلد أو ذاك نحو الهند. والإمارات مثال واضح على ذلك. وبهذا قام مودي بتفضيل أولويات المنطقة والدول فيها اعتماداً على مساهمتها في نمو الاقتصاد الهندي وقدرتها على الالتزام للهند.
وحين يتعلق الأمر بالشرق الأوسط فإن الهند تشكل قوة حيوية لا يمكن لأحد أن يتجاهلها. لكن الهند في الوقت نفسه وعلى الرغم من كثرة الإغراءات والاقتراحات للمشاركة إلا أنها ما زالت ترفض التدخل ولو حتى على شكل وساطة في أي من صراعات المنطقة.
وعلى مر السنين كانت مشاركة الهند السياسية في الشرق الأوسط محدودة للغاية ومن الممكن أن تقود المصالح الاقتصادية الهندية إلى إحداث تغيير في السياسية الخارجية.
الهند ستجد نفسها مضطرة للاعتراف بالمعضلات الأمنية المشتركة، وعلى سبيل المثال تعتبر الهند السعودية قوة اقتصادية، ولكن بمصطلح عسكري من ناحية الأمن والمخاوف لا تختلف كثيراً عن بعض الدول الصغيرة. وهو ما ينعكس في النهج الهندي إزاء التعامل مع تطورات المنطقة، وحتى عندما تعلق الامر بإيران قامت الهند بالنظر الى السعودية عبر تفاصيل صراعها مع إيران.
وإذا أرادت الهند حقاً التعامل مع دول الشرق فإن المصطلحات ستلعب دوراً كبيراً بحيث يتم الاشارة الى المنطقة بمسمياتها وليس بتعبير غرب آسيا واعتبار المركز الهندي.