“الاستراتييجة الجديدة ” التي عرضها البنتاجون لتشكيل عمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا والعراق.
في أواخر يوليو الماضي استضاف وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر اجتماع الائتلاف العالمي لمحاربة داعش في قاعدة “اندروز” الجوية في واشنطن. كانت تلك هي المرة الرابعة التي يجتمع فيها قادة عسكريون من أكثر من 30 دولة أجنبية بغية مناقشة العمليات الجارية ضد داعش.
خلال الاجتماع أكد كارتر على النجاح الكبير الذي حققته قوات التحالف تحت القيادة الأمريكية. تلك النجاحات – على حد قوله – أسفرت عن تحرير مدينتي الرمادي والفلوجة في العراق بالإضافة إلى تقليص الأرض الخاضعة لسيطرة داعش في كل من سوريا والعراق بالإضافة إلى تحقيق تعاون ناجح مع قوات الأمن المحلية في العراق.
وزير الدفاع الأمريكي أطلق على هذا النهج خطة تكتيكية جديدة لمحاربة داعش.
ومع ذلك، فإن الحقائق على الأرض بالكاد تظهر شيئاً جديداً طرأ على استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فأولاً وقبل كل شيء، حررت الرمادي والفلوجة نتيجة للاتفاقات التي عقدت مع العشائر السنية المحلية والتي قررت من جهتها ابرام اتفاق مع بغداد بدلاً من الانخراط في اشتباكات دامية مع الميليشيات الشيعية العراقية. وفي هذه الحالة، فإن أجزاء كبيرة من وحدات داعش تمكن من الانسحاب بحرية من هذه المدن وانتشرت في المناطق المجاورة. وإذا كانت هذه هي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمواجهة داعش، فمن السهل توقع تحرير الموصل بنفس النهج والطريقة وعليه فإن هذا النهج لا يملك أي صلة بخطوات عملية لتدمير داعش على اعتبار انها جماعة إرهابية منظمة.
ويبدو أن واشنطن ترى داعش والجماعات الجهادية الأخرى كثقل موازن للنفوذ الإيراني في العراق وسوريا، ولعل التدخل الروسي في سوريا كان السبب الوحيد وراء قرار التحالف الدولي بقيادة أمريكا المتعلق بتكثيف عملياته ضد داعش. وعلاوة على ذلك، فإن ما يسمى بالمخطط التكتيكي الجديد الذي تقدم به كارتر يسمح لداعش بالاحتفاظ بقدراتها العسكرية والإرهابية من أجل تنفيذ مزيد من العمليات. وهو ما ظهر بشكل واضح في الهجوم الأخير الذي نفذته داعش في بغداد وأدى إلى مقتل 300 شخص.
وخلال الاجتماع، نوقشت العملية المتوقعة لتحرير الموصل. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين فإن هناك حاجة إلى أكثر من ملياري دولا لتمويل هذه العملية. يشمل هذا المبلغ أشياء مثل ” دعم النازحين، وما يتطلبه من استعداد للتخفيف من معاناتهم ومساعدتهم على العودة إلى مناطق سكناهم”. وبعبارة أخرى، فإن هذه المبالغ تأتي في إطار مساهمة للقوى المحلية السنية بموجب اتفاق محتمل يتعلق بالموصل، فيما تتوقع الولايات المتحدة تغطية هذه النفقات عبر دول التحالف المختلفة.
أثبتت كل هذه التطورات أن الولايات المتحدة تسعى لتنفيذ استراتيجية طويلة الأمد تستخدم فيها الجماعات الإرهابية المختلفة في سوريا والعراق من أجل معارضة ومواجهة النفوذ المتنامي لكل من إيران وسوريا في المنطقة. وما التصريحات الأخير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري حول منع هجوم قوات النظام السوري على حلب إلا جزء من هذه الاستراتيجية ذاتها.