الصدمة والمفاجأة علت مواقع الإعلام الغربي بمجمله، والصدمة كانت أكبر لكثير من المتابعين وخاصة الأجانب من حجم السقطات التي شهدها الإعلام فور إعلان محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا. تقارير غير مسؤولة، معلومات غير دقيقة و خبث وتلاعب بالتغطية من قبل وسائل الإعلام الأجنبية وغيرها الكثير، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة عن السلوك الإعلامي غير اللائق الذي قامت به هذه الجهات بما لا يرقى مع مستوى صحافة متوسطة.
نقدم في هذ التقرير عدداً من أبرز التغطيات ساعة الحدث والتي تظهر بوضوح تعاطفاً غريباً مع الانقلاب في تركيا
تظهر صحيفة الإندبندنت تحيزاً كبيراً ضد أردوغان، وهو ما دفعها لتضع كلمة “خيانة” والتي استخدمها أردوغان لتوصيف الانقلاب بين حاصرتين، وكأنها تبدي استغرابها من توصيفه للحدث. ومع أنه من المنعارف على وصف أي انقلاب عسكري دموي ضد حكومة منتخبة بالخيانة وأنه جريمة ضد الدولة.
صحيفة التلغراف البريطانية مثل غيرها أيضاً بدأت بالعمل مبكراً بتغطية أخبار الانقلاب واصفة الجيش “بالأوصياء على الدستور العلماني في تركيا”. وبدلاً من وصفهم بالخونة حاولت الصحيفة إظهار نواياهم النبيلة من وراء انقلابهم.
نيويورك تايمز من جهتها أكدت أن اللحظات الأولى للانقلاب ستكون لحظات مثالية لتذكير الجميع بهوسهم بأردوغان ووصفه بأنه زعيم مستبد متفرد. وبالتالي كان من السهل لاحقاً وصف خطوات الحكومة الشرعية التركية لتطهير الانقلاب بأنها خطوات غير شرعية .
صحيفة تايمز أوف مالطا من جهتها قررت أن تذهب بعيداً حيث ذكرت أن مصدراً أوروبياً مجهولاً قال “باحتمال نجاح الانقلاب”. تصريح لم يتم التحقق منه أو نسبه لجهة معينة في وقت حساس، وبالتأكيد فإن هذه التغطية ساعدت مدبري الانقلاب بشكل أو بآخر لإعطاء انطباع بنجاح انقلابهم.
أما وكالة أنباء سبوتنيك الروسية، فقد أظهرت من خرجوا مخاطرين بحياتهم للتظاهر ضد الانقلاب بأنهم خرجوا “محتفلين” بالجنود المنقلبين!!!
ديلي بيست لم ترد معلومة خاطئة واحدة فحسب، بل أدعت أن أردوغان طلب اللجوء في بلدين أوربيين وليس بلد واحد، في الوقت الذي كانت فيه طيارة أردوغان تهبط في مطار إسطنبول وسط تواجد من قوات الانقلاب المعادية له، وكما يعلم الصحفيون والمحررون في الجريدة بأن فرار أردوغان كان يعني نجاح الانقلاب مع ذلك لم يقدموا أي اعتذار او تصحيح عما أوردوه.
يدعي موقع “فوكس VOX ” الذي يقول أنه يسعى لفهم الأخبار، وعليه ففي ظل حالة الفوضى التي شابت المشهد في بداياته لجأ الكثير من القراء لمتابعة الموقع وليجدوا هذا الخبر على صفحته الرئيسية وكان من ضمن ما ذكر به :” أردوغان يشكل تهديداً واضحاً للديمقراطية والعلمانية التركية، الجيش كان ينظر بحذر إلى هذه التحركات عبر السنوات الماضية”.
أما فوكس نيوز فاستضافوا محللاً يدعم الحكومة الشرعية في تركيا، وصف هذا المحلل الانقلاب بالعسكري وأنه سيؤدي إلى عدم الاستقرار والاستبداد، القناة اختارت أن تظهر العوامل الأخيرة فحسب على هذا الشكل:” إن نجح الانقلاب، يخسر الإسلاميون ونفوز نحن”.
الإندبندنت ظهرت مرة أخرى لتنشر مقالاً تتحدث فيه أن الأمر كله كان مدبراً من قبل الحكومة وناقشت فيه نظرية المؤامرة وأن الخدعة متقنة من قبل الحكومة كما فعل النازيون سابقاً! وبكل وضوح لم تكن الإندبندنت معادية لأردوغان فحسب بل كانت الأكثر تطرفاً في الأمر واستوعبت جميع وجهات النظر المعادية له.
بزنس انسايدر كانت لها وجهة نظر أخرى وأكدت أن أردوغان سيستخدم الانقلاب الأخير لزيادة التمكين له وإضفاء مزيد من الاستبداد على حكمه.
من يقرأ هذه التغطيات الإعلامية لن يعلم عن الحصار الذي عانى منه منزل أردوغان أو المطار لحظة وصوله إليه، لن يعلم عن حادثة محاولة الاغتيال أو مجابهة قوات الشرطة والأمن الموالية له للقوى الإنقلابية. اقتصر هذا التقرير على تغطيات متعلقة بساعة الحدث فقط، لاحقاً واجهت الصحف الغربية بالمجمل صدمة كبيرة بفشل الإنقلاب وتتابعت تحليلاتها المبطنة بالتهديد بانقلاب جديد وتقويض لسلطة أردوغان خلال فترة قريبة.
المصدر: موقع لايف ليك + وكالات