اكتشف المشاهدون حول العالم، في العشرين من تشرين الأول/أكتوبر سنة 2011، هوية الرجل الذي تكسوه الدماء، والذي تم إعدامه من قِبل حشد كبير بطريقة هستيرية. وبعد لحظات، ظهرت جثتان متورمتان ممدّتان إلى جانب بعضهما، ليتبين للعيان أنهما جثة الزعيم الليبي “معمر القذافي” ونجله “المعتصم”. لقد مثّل هذا الحدث نهاية حملة القصف على ليبيا، التي كانت تشنها قوات حلف شمال الأطلسي وحلفائه من المقاتلين في البر، و”الثوار الليبيين”، الذين تبين لاحقا أنهم أصوليون وجهاديون.
وفي الواقع، مثلت نهاية الزعيم الليبي “معمر القذافي” بداية “عهد جديد” في تاريخ ليبيا، ولعل هذا ما أكدته كل من باريس وبروكسل ولندن، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة. ووفقا للمعطى السياسي الجديد، وصفت هذه الأطراف القذافي بأنه “دكتاتور” مصاب بجنون العظمة، ومتعطش للدماء، حوّل الثروة النفطية، لتصبح تحت سيطرة العائلة المالكة، على حساب الشعب الليبي.
كما وصفه الكثيرون بأنه الراعي للإرهاب الدولي إذ قام بزرع قنابل في مجموعة من الطائرات، وأطلقها في هذه السنة، سنة 2011، على شعبه الذي لم يطالب بشيء سوى الديمقراطية. وعلى ضوء هذه الأزمة، أخذت القوى العالمية على عاتقها مسؤولية قيادة الحرب للإطاحة بالقذافي، إن لزم الأمر، باسم الديمقراطية ومسؤولية حماية الشعب الليبي.
هذا ما رسخ في ذهن الكثير من المتابعين للشأن الليبي حول “القذافي”، والأسباب التي أدت إلى اندلاع هذه الحرب الضروس، المدعومة من قبل حلف شمال الأطلسي ضد بلاده. لكن، ماذا لو كانت الحقيقة تكمن في مكان آخر؟… على أي حال، سيتسنى لنا فرصة اكتشاف ذلك، على مدى صفحات كتاب “القذافي الهدف”، لمؤلفه “باتريك مبيكو”، الذي سلط الضوء على “42 سنة من الحروب السرية”، حيث تم التخطيط لحوالي عشرين محاولة اغتيال وانقلاب على الزعيم الليبي، فضلا عن افتعال عمليات التخريب بجميع أنواعها.
وفي المقابل، عُقدت الاجتماعات ونُظمت العديد من الزيارات الرسمية، بين طرابلس وبقية العواصم الغربية. ما هي الجوانب الخفية من شخصية معمر القذافي؟ لماذا قُتل؟ ماذا عن التُّهم الموجّهة إليه؟ أجاب هذا الكتاب عن هذه الأسئلة، وعن أسئلة أخرى تدور في أذهان الكثيرين نظرا لأن هذا العمل موثّق جيدا، وثري بالتجارب الشخصية الواقعية، وفقا لمنظور تاريخي، وقراءة جيوسياسية فريدة من نوعها.
قصة الشاب البدوي الذي تحوّل إلى ثوريّ:
ولد “معمر القذافي” سنة 1942، وهو شاب بدوي، ينحدر من عائلة تعرف بتاريخها القصصي، وهو ابن لعائلة فقيرة، بالكاد تجد ما يسد رمقها، وعلى الرغم من ظروفه القاسية، تميّز في الدراسة. كما تمكن من إنهاء المرحلة الابتدائية في أربع سنوات، ضمن برنامج التعليم الابتدائي الذي يدوم ست سنوات، أبهر خلالها زملاءه ومعلميه، بفضل سرعة بديهته وتعلمه.
وقد تمكن في فترة زمنية وجيزة من اكتساب نوع من السلطة الطبيعية والفخر، تتناقض والبيئة الفقيرة التي ترعرع فيها. وتجدر الإشارة إلى أن القذافي نشأ كشاب متعطش للقراءة، فاطلع على العديد من الشخصيات المرموقة، التي تركت بصمة في التاريخ العالمي والإفريقي، وتأثر بها على غرار “أبراهام لينكولن” والجنرال “ديغول”، و”ماوتسي تونغ” و”باتريس لومومبا”، وبشكل كبير الرئيس المصري “جمال عبد الناصر”، الذي كان له خصوصية في إلهامه.
من جهة أخرى، تميزت الظروف السياسية في تلك الحقبة بجملة من الأحداث والوقائع التاريخية في العالم العربي، أهمها: الحرب الجزائرية، والاعتداء على مصر، ومعركة لبنان، وإشكالية القضية الفلسطينية، علاوة على الثورة اليمنية، وتواجد جملة من القواعد العسكرية البريطانية والأمريكية على التراب الليبي. وفي خضم كل هذه المعطيات السياسية، كان الشعب الليبي ضحية يعيش تحت وطأة المحسوبية والفساد، الذي تفشى خلال العهد الملكي. وبالتالي، كانت كل هذه العوامل كفيلة بجعل القذافي يشعر بحس المسؤولية تجاه بلده، ويتبنى مهمة “تحرير” البلاد من الهيمنة الأجنبية والفقر وعدم المساواة.
في سنة 1963، حصل القذافي على شهادة البكالوريوس في الفلسفة، ولكنه رفض العمل في شركات النفط لأنه كان يفكر في شيء آخر. وفي المقابل، قام بتكوين مجموعة من الشباب، لدخول المدرسة العسكرية في بنغازي، ولم يكن ذلك بغية الحصول على وظيفة عسكرية، بل للتمكن من التسلل إلى داخل المؤسسة العسكرية، وتوظيفها لقيادة الثورة.
وبعد مضي ست سنوات، تمكن القذافي في غرة أيلول/ سبتمبر سنة 1969، من تولي السلطة، برفقة ثلة من زملائه الجنود، من خلال انقلاب لم يشهد إراقة للدماء. كان الزعيم الليبي “معمر القذافي” في ذلك الوقت ضابطا شابا، لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره، وقد بدأ طموحه في تغيير ليبيا، لتستمر مسيرته على مدى 42 سنة، طالت فيها طموحاته القارة الإفريقية.
القذافي والنفط والسيادة:
سرعان ما أثبت “القذافي” نزعته القومية والسيادية، التي تطغى عليها فكرة حماية بلاده ومنح شعبه نصيبا من موارد النفط والغاز، التي كان ينهبها النظام السابق؛ أي الملك “إدريس”، وشركات النفط.
صُدم القائد الشاب من الهوة العميقة بين الشعب والنظام؛ ففي الوقت الذي كانت تزخر فيه الحفلات والأعياد الوطنية في بلاده، المنظمة من الشركات النفطية وكبار المسؤولين، بكل مظاهر الترف والبذخ، كان الشعب الليبي يفتقر لأغلب المرافق الأساسية. تبنّى القذافي فكرا سياديا قوميا، ليرفض بذلك كل أشكال الإمبريالية، بما في ذلك الإمبريالية الأمريكية والسوفيتية، التي كان البعد الإلحادي المبنية عليه، بمثابة صدمة بالنسبة له كمؤمن.
كما وصل رفضه للشيوعية ذروته خلال فترة الحرب الباردة، ولعل هذا ما جعل القوى الغربية تتحفظ بشأن اعتبارها له كتهديد مباشر لمصالحها في المنطقة، على خلاف القادة الشيوعيين في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، الذين كانوا أهدافا سهلة. وقد تمكن القذافي من التحكم والسيطرة على موارد البلاد الطبيعية، وإعادة التفاوض بشأن العقود المتعلقة بالثروات الوطنية، التي كانت مبرمة مع القوى الأوروبية ليحد من مجالات المناورة.
والجدير بالذكر أن السياسة التي اتبعها القذافي شملت تأميم القطاعات الاقتصادية الرئيسية في ليبيا، مستعينا بمخطط تنموي مضبوط الأبعاد. وعلى الرغم من أن المفاوضات في القطاع النفطي كانت صعبة نوعا ما، إلا أنه خلال سنة 1971، تمكن القذافي من النجاح فيما فشلت فيه الدول النفطية الأخرى، وهو فرض الزيادة في أسعار النفط الخام على الشركات النفطية. وكانت الخطوة التي أقدم عليها القذافي حركة اقتدت بها بقية الدول الأعضاء في منظّمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”.
تمكن الشعب الليبي من استعادة ثرواته المنهوبة للمرة الأولى، لتنتقل بذلك قيمة العائدات السنوية من مليارين و223 مليون دولار سنة 1973، متجاوزة 8.87 مليار دولار سنة 1977. وتبعا لهذه المؤشرات التنموية، تحسنت الظروف المعيشية لمئات الآلاف من العائلات الليبية بشكل ملحوظ.
ففي عهد الملك “إدريس”، كانت ليبيا تصنف ضمن الدول الأكثر فقرا في العالم؛ بمعدل وفيات بلغ 40 بالمائة، وبنسبة أميّة وصلت إلى 94 بالمائة. وكان “القذافي” يطمح إلى تغيير البلاد والشعب تغييرا جذريا، لتتجاوز بذلك طموحاته الحدود الجغرافية لليبيا. وفي هذا السياق، كان جزء من العائدات النفطية يوجه لتمويل القضايا العالمية، بما في ذلك قضية الشعب الفلسطيني، ونضال السود في جنوب إفريقيا.
وبما أن ليبيا كانت تدعم قضية السود في جنوب إفريقيا، كانت أيضا أول بلد يزوره نيلسون مانديلا، قائد المقاومة والنضال ضد نظام الفصل أو “الأبارتايد”، بعد خروجه من السجن سنة 1994. كما شهدت القارة السمراء أول ثورة تكنولوجية لها، من خلال تمويل القذافي لأول قمر اصطناعي للاتصالات (RASCOM-QAF1)، لتصبح بذلك الأقطار الإفريقية مستقلة عن شبكات الأقمار الاصطناعية الغربية، مع ادخار حوالي 500 مليون دولار.
وفي الحقيقة، تستثمر ليبيا عدة مليارات من الدولارات في قطاعات مختلفة من اقتصادات البلدان الأفريقية، على عكس الغربيين، الذين يستثمرون في في مجال التعدين بالمقام الأول إذ تستثمر طرابلس في الصناعات الأساسية (الزراعة، والثروة الحيوانية) والقطاع الثلاثي (البنوك والفنادق والخدمات)، التي يتركز معظمها في أفقر بلدان القارة السمراء.
فضلا عن ذلك، تشرف ليبيا على بناء ثلاث مؤسسات مالية، من شأنها أن تساعد على إرساء مقومات التحرر النقدي والمالي في إفريقيا، وهي بنك الاستثمار الإفريقي (BAI)، وصندوق النقد الإفريقي (AMF)، برأس مال قدره 42 مليار دولار، والبنك المركزي الإفريقي (ACB)، بالإضافة إلى الخلاص من الديون والالتزامات، المخلدة في ذمة الدول الإفريقية للمؤسسات المالية الدولية، حيث ينبغي إرساء هذه المنظمات الثلاث بهدف تمكين البلدان الإفريقية من الخروج من إملاءات البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والإعلان عن نهاية الفرنك الإفريقي. في المقابل، اعتبر الغرب هذا التحرر تهديدا مباشرا لمصالحهم، ويجب عليهم أن يحولوا دون حدوث ذلك.
القذافي؛ الإرهاب وقضية القنابل المدسوسة في الطائرات:
ميزت ثلاث هجمات مختلفة، ضربت ثلاث دول خارجية، الشخصية السياسية “للقذافي”، وجعلته أحد أهم دعائم الإرهاب في العالم؛ أولها الهجوم الذي ضرب الملهى الليلي “لابال” في برلين، سنة 1986، والهجوم الذي لحق بطائرة “بان أمريكان”، عند مرورها على قرية لوكربي الاسكتلندية، سنة 1988، وآخرها الهجوم على طائرة “دي سي 10″، التابعة لاتحاد النقل الجوي، أثناء مرورها على النيجر. ومن جهتهم، ينظر الكتاب لكل هذه الأحداث المأساوية، والأسباب التي جعلتها تُنسب ظلما للدولة الليبية.
يعتبر تفجير برلين الأول في هذه السلسلة، وقد تسبب في تردي العلاقة بين القذافي والرئيس الأمريكي رونالد ريغان في تلك الفترة، حيث توعد بالقضاء عليه فور قدومه إلى البيت الأبيض سنة 1981، واعتبره “وكيل موسكو”، و”أخطر رجل في العالم والشرق الأوسط”. على إثر ذلك، استخدمت الولايات المتحدة هذا الهجوم كوسيلة ناجعة، لتبرير القصف الذي نفذته على مدينتي بنغازي وطرابلس، في 15 أبريل/نيسان سنة 1986. في تلك الليلة، نجا القذافي وزوجته وأطفاله السبعة من القصف، رغم إصابتهم بجروح، بينما لقيت إحدى بناته مصرعها.
من المسؤول عن هذا الهجوم؟
لقد فتحت ألمانيا تحقيقا حول الحادثة، لكنها لم تعثر على دليل قطعي، يثبت مسؤولية القذافي.
وفي مرحلة ثانية، يأتي الهجوم الذي جرى في قرية “لوكربي”، مستهدفا طائرة “بان أمريكان”، في رحلتها رقم (103)، في 21 ديسمبر/كانون الأول سنة 1988، إثر اصطدامها بطائرة بوينغ 747-100، تابعة لذات شركة الطيران الأمريكية العالمية السابقة، التي كانت تؤمن الرحلات بين لندن ونيويورك. انفجرت هذه الطائرة فوق قرية “لوكربي” في إسكتلندا، وتسببت في مقتل 270 شخصا. عاد “باتريك مبيكو” إلى التحقيقات السابقة، المتعلقة بهذا الهجوم، ووجد أن الأدلة التي جمعها المحققون الأمريكيون والبريطانيون والألمان، شملت المخابرات السرية السورية والإيرانية. كما ساهمت تصريحات المحقق “توم ثورمان”، من مكتب التحقيقات الفدرالي، في إحداث نقطة تحول في القضية، أثارت ذهول البقية.
أصبحت ليبيا كبش الفداء المثالي في ذلك الوقت، وكانت أقل الدول حظا. لماذا؟ وضح الكاتب بين طيات الصفحات، أن العالم أصبح اليوم في حالة مشاهدة صامتة، لعرض تقوده مجموعة خطيرة من اللصوص، أثبتت قدرتها على إسقاط صوت العدالة، وإجبار ليبيا على تحمل مسؤولية جريمة لم ترتكبها.
ومن جانب آخر، شهدت ليبيا قضية أخرى، في الوقت الذي لا زالت تعاني فيه من آثار حادثة “لوكربي”. في 19 سبتمبر/أيلول سنة 1989، أي بعد مرور تسعة أشهر فقط على هجوم “لوكربي”، تعرضت طائرة “دي سي 10″، التابعة لاتحاد النقل الجوي، في رحلتها رقم (772)، الواصلة بين برازافيل وباريس ونجامينا، إلى تفجير، عند مرورها فوق صحراء “تينيري” في النيجر، مما تسبب في مقتل جميع الركاب وطاقم الطائرة، وكان بينهم فرنسيون، وزوجة سفير الولايات المتحدة في تشاد.
حاول “باتريك” الرجوع إلى القضية، والتحقيق في حيثياتها، التي جاءت بها المخابرات والمدعي العام في باريس، وتوصل مرة أخرى إلى خيط مثبت، أكد له تورط الطرفين السوري والإيراني. في واقع الأمر، لا تملك ليبيا أي سبب يجعلها تستهدف هذه الطائرة. بالإضافة إلى ذلك، كانت العلاقات بين فرنسا وليبيا وتشاد في طور الإصلاح، في تلك الفترة، وهذا ينفي وجود أية غاية قد تدعو ليبيا لتنفيذ الهجوم.
وتجدر لإشارة إلى أن الكاتب ينسب إبعاد المسار السوري والإيراني عن الواجهة، إلى الملفات التي كانت تجمع القوى الغربية مع سوريا في ذلك الوقت، والمرتبطة أساسا بحرب الخليج، وذلك لرغبتها في التستر على حلفائها المتورطين في ملف الرهائن في لبنان.
أما فيما يتعلق بملف الإرهاب، فقد أظهرت الكثير من الأدلة، بعد مرور سنوات، أن ليبيا قد اتهِمت ظلما في قضية الهجومين، على الرغم من أنها اضطرت إلى دفع مبالغ طائلة كتعويض (200 مليون فرنك سويسري) لفائدة عائلات الضحايا الفرنسيين التابعين لاتحاد النقل الجوي، و(2.7 مليار دولار) لفائدة عائلات ضحايا تفجير “لوكربي”. وقد بدا التعويض شعورا واضحا بالذنب من جانب الليبيين.
في الواقع، فقدت ليبيا الكثير من دخلها بسبب العقوبات التي فُرضت عليها، والتي بلغت قيمتها 24 مليار دولار. تعتبر ليبيا، من خلال دفعها لمبلغ 2.7 مليار دولار، واستعادتها لموقعها بين الأمم، من الدول التي استطاعت الاستفادة من مصالحها، من منطلق: المنطق البارد للسياسة الواقعية.
والجدير بالذكر أن هذه الخطوة مكنت ليبيا من أن تكون من بين الدول المتاحة، والمنفتحة على العديد من السيناريوهات، في زمن يستحسن فيه ألا تكون على قائمة الدول المستهدفة سياسيا. بالتوازي مع ذلك، ساهمت هذه الخطوة، وهذا الانفراج الطفيف الذي شهدته ليبيا، في جذب المستثمرين الأجانب بشكل كبير، في قطاع النفط خاصةً، بل وحتى جذب القادة الغربيين. مع ذلك، لم يدم “شهر العسل” هذا طويلا، والسبب يعود “للربيع العربي”.
الربيع العربي، ورصاصة الرحمة
تحدث “باتريك مبيكو” عن الاضطرابات السياسية التي عاشتها البلدان العربية بين 2010-2011؛ مشيرا إلى الحكمة التي أشاد بها “فرانكلين روزفلت”. ويرجع تاريخ هذه الاضطرابات إلى بؤرة حركة الاحتجاجات الشعبية، التي دارت في إحدى الولايات التونسية، وتدعى “سيدي بوزيد”، وكان بطلها تعيس الحظ “محمد البوعزيزي”، ذلك البائع الشاب الذي أضرم في نفسه النار، يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بعد تعرضه للضرب والإهانة من قبل شرطية، تدعى “فايدة حمدي”.
وأشار المؤلف إلى أن كل هذه القصص لا تمت للواقع بصلة، حيث إن القتيل الشاب لا يحمل اسم “محمد البوعزيزي”، ولكن “طارق البوعزيزي”. كما أفاد بأنه ليس من خريجي الجامعة، ولم يحصل حتى على شهادة بكالوريا. في الواقع، كل سكان “سيدي بوزيد” كانوا قد محوا من ذاكرتهم ذلك الشاب، الذي يتم الاحتفال بذكرى موته، باعتباره فخرا وطني.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا شكك “باتريك مبيكو” في عفوية الثورات، وفي الموقف المتراخي لقوات الأمن، المعتادة على قمع المحتجين بعنف؟
لقد حلل “باتريك مبيكو” التاريخ التقليدي للربيع العربي. وأشار إلى أن شرارة الاحتجاجات قد انطلقت من تونس، إلا أنه لا أحد يفهم حقا من كان خلف الاحتجاجات في ليبيا وسوريا، اللتين مثلتا الوجه الحقيقي “للربيع العربي”، وسلطتا الضوء على “نظرية المؤامرة “. فما حدث في كل من تونس ومصر، ليس غضبا شعبيا عفويا، ولكنه كان تنفيذا لخطط أُعدّت سلفا.
منذ سنة 2007، تلقى الشباب التونسي والمصري سلسلة من الدورات التدريبية، في مركز للعمل التطبيقي اللاعنفي، يعمل بالأساس على المبادئ التكتيكية “لجين شارب”. وكان ذلك بغية تمديد تجارب الثورات الناجحة في الدول الشيوعية السابقة إلى الدول العربية، التي تمكنت من خلالها الولايات المتحدة من إسقاط حلفاء لموسكو، بعد إثارة عهد “الثورات الملونة”.
وتجدر الإشارة إلى أن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة وراء كواليس هذه الثورات، أمر بالغ الأهمية، حتى إن المؤلف قرّر إعادة تسمية هذه الأحداث كالآتي: “الربيع الأمريكي في العالم العربي”. ثم جاء دور ليبيا، البلد الذي كان يتبع سياسة مغايرة عن تونس ومصر، ويرفض أي تعاون عسكري مع الولايات المتحدة.
وفي سنة 1970، أغلق “القذافي” كل القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية الموجودة على الأراضي الليبية. وبالتالي، لا يمكن القول إن كبار الضباط الليبيين قد تلقوا تعليمات من الخارج على عكس تونس ومصر، حيث كانت الاحتجاجات سلمية عموما، وتحت السيطرة. أما في ليبيا، فقد شهدت المظاهرات السلمية حوادث عنف مسلحة خطيرة، وتمت مهاجمة الثكنات ومراكز الشرطة، من قبل وحدات (الكوموندوس)، كما تم إطلاق مدافع مضادة للطائرات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: من أين جاءت كل هذه الأسلحة، وكل هؤلاء المقاتلين المخضرمين بشكل خاص؟
ومنذ بداية هذه الأحداث، أعطى “القذافي” تعليمات للجيش والأمن، بعدم الرد على كل هذه الاحتجاجات، وترك الشعب يعبر عن غضبه. ومن ثم قام باتخاذ بعض التدابير الاجتماعية؛ كالإفراج عن السجناء السياسيين. لكنه سرعان ما فقد السيطرة على مناطق شاسعة، تعد تحت سيطرة بعض الجماعات الإسلامية، الذين يعملون لصالح حلفاء حلف الناتو.
وعندما حاول استعادة السيطرة على الوضع، اصطدم بالقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي رقم 1973؛ الذي يجيز إنشاء منطقة حظر للطيران. ولكن سرعان ما انتُهك القرار، الذي لا يتعلق إلا بمدينة بنغازي، بنزول طوفان من القنابل والصواريخ، ضربت كل ليبيا، وشن ذلك الهجوم البري، الذي أدى إلى الإطاحة بالحكومة الليبية. والأمر المثير للاستغراب أن الأمم المتحدة لم تأذن بذلك.
ومن جهته، يصف المؤلف الساعات الأخيرة للقذافي، أنها لحظة خيانة جاءت في نهاية المطاف، بسبب اقتفاء أثره من طرف أحد الخونة. في حين، كان “القذافي” قد حصل على موافقة من حلف الناتو، تسمح له بمغادرة البلاد، والاستقرار في جنوب إفريقيا؛ حيث تم تعكير أمن موكبه بواسطة صاروخ (هيلفاير)، أطلقته طائرة أمريكية بدون طيار، وقنبلتين من 200 كغ أسقطتهما بعض الطائرات الفرنسية.
تمكن القذافي من البقاء على قيد الحياة مع ثلة من أنصاره، ولكنه سقط في نهاية المطاف في أيدي ميليشيا مصراتة. وفي وقت لاحق، شاهدنا تلك الصور عن عملية إعدامه، التي صارت خارج نطاق القانون. بل شككت عملية إعدامه في مدى مصداقية مبدأ “مسؤولية الحماية”، مما يجعلنا نتذكر عملية التدخل الإنساني في الصومال.
في الواقع، كانت “حماية الشعب الليبي” السبب الرئيسي، الذي لوح به مجلس الأمن للأمم المتحدة، لتبرير تدخل حلف الناتو في ليبيا. وعند النظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا في الوقت الحالي، فإنه من الصعب تحقيق الإجماع الدولي حول “مسؤولية الحماية”.
ومنذ ذلك الحين، عرقلت كل من الأمم المتحدة وروسيا والصين مشاريع السلام، التي بادرت بها بعض البلدان الغربية، وخاصة تلك المتعلقة بسوريا، متعظين بما حدث في ليبيا.
اعترف “باراك أوباما” بأن ليبيا هي أكبر خطأ اقترفه خلال فترة رئاسته، بعد ذلك التقرير، الذي أصدره برلمانيون بريطانيون بشأن الحرب في ليبيا، والذي أدانوا فيه كلا من: الرئيس الفرنسي السابق “نيكولا ساركوزي”، ورئيس الوزراء البريطاني السابق “ديفيد كاميرون”.
التباين ما بين “ليبيا معمر القذافي” و”ليبيا الناتو”
في 15 من أيلول/سبتمبر سنة 2011، وعد الرئيس الفرنسي “نيكولا ساركوزي” الحشود الليبية، التي خرجت في بنغازي لتحتفل بنشوة الفوز، ولتحتضن “ليبيا الجديدة”، قائلا ” لقد أردتم السلام، لقد أردتم الحرية، أنتم تريدون التقدم الاقتصادي. ستقف كل من فرنسا والمملكة المتحدة وأوروبا، إلى جانب الشعب الليبي”.
وبعد مرور خمس سنوات على هذا الخطاب الحماسي، أصبحت ليبيا مشتتة حرفيا. والأسوأ من ذلك كله، فإن الملايين من الليبيين، الذين نجوا من القصف الوحشي لحلف شمال الأطلسي، سيموتون موتا بطيئا، نتيجة لاستنشاقهم -دون وعي- لجزيئات اليورانيوم المجهرية، التي تتطاير في الهواء، فضلا عن أن العديد من النساء سيلدن أطفالا مشوهين خلقيا؛ دون أرجل، دون يدين، نتيجة للعدد الهائل من قنابل اليورانيوم، التي أسقطت على البلاد. إماطة اللثام عن هذه العواقب الوخيمة، التي أدت لها الثورة الليبية، تعتبر فرصة حتى نتذكر كيف كانت ليبيا قبل الحرب.
وفي الوقت الذي انطلقت فيه الأزمة في ليبيا، كان مستوى الحياة للشعب الليبي مشابها للعديد من الدول الغربية. ويمكن تبين ذلك من خلال هذه المعطيات؛ فقد كان مؤشر التنمية البشرية في ليبيا الأعلى في القارة الإفريقية، وفي الأثناء كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد يقدر بحوالي 300.13 دولار، وهو مرتفع جدا، مقارنة بدول كالأرجنتين وجنوب إفريقيا والبرازيل. ومن ناحية أخرى، تجاوز معدل النمو 10 بالمائة، في حين ارتفع معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد لما يقارب 8.5 بالمائة.
في الحقيقة، كانت الجماهيرية الليبية دولة في خدمة المجتمع بامتياز؛ حيث وضعت كل الخدمات العامة تحت تصرف الشعب، كالكهرباء والماء؛ اللذين كانا بالمجان، فضلا عن أن كل الشعب كان يتمتع بالمياه النظيفة الصالحة للشرب.
علاوة على كل ذلك، كانت البنوك الليبية تمنح الأشخاص قروضا دون فوائد. في الواقع، كان الليبيون عمليا لا يدفعون أي ضرائب، حتى أن ضريبة القيمة المضافة لم تكن موجودة أصلا.
ومن جهة أخرى، كان الدَّين العام يُقدر بحوالي 3.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن الدَّين العام في دولة مثل فرنسا يقارب 84.5 بالمائة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وصلت نسبة الدَّين العام إلى حوالي 88.9 بالمائة، أما في اليابان، فقد قُدرت بما يقارب 225.8 بالمائة.
وفي الأثناء، كان نظام الصحة العامة مجانيا، ومطابقا للمعايير الأوروبية، كما هو الحال بالنسبة للنظام التعليمي (كان متوسط معدل الإلمام بالقراءة والكتابة حوالي 82.6 بالمائة). أما بالنسبة لأفضل الطلبة الليبيين، فقد كانوا يرسلون لمواصلة دراستهم في الخارج، مع منحة دراسية مقدمة من الحكومة الليبية.
ومن اللافت للنظر، أن المواد الأساسية كانت تباع بنصف السعر لفائدة العائلات الكبيرة، التي كانت تحتمي بدفتر العائلة في مثل هذه الحالات.
وبالإضافة إلى ذلك، كانت السيارات المستوردة من آسيا والولايات المتحدة الأمريكية، تباع بأسعار المصنع. وفي الوقت نفسه، كانت تكلفة سعر اللتر الواحد من البنزين لا تتجاوز 8 سنتات.
وعلى الرغم من العقوبات التي فرضت على الدولة آنذاك، تمكنت ليبيا من إنشاء صناديق ثروة سيادية، تتجاوز سقف 200 مليار دولار، استثمرت جميعها في بنوك أجنبية غربية بالأساس، يتم إدارتها من قبل هيئة عامة، وهي “المؤسسة الليبية للاستثمار”. هذه الحقيقة تتنافى تماما مع الاتهامات التي وجهت للدولة بخصوص الاستغلال الشخصي لصناديق الثروة السيادية. وعلى ضوء هذه المعطيات، يمكن الجزم بأن القليل فقط من الزعماء في العالم يمكنهم التباهي بسجل مماثل.
ومن ناحية أخرى، كانت “ليبيا القذافي” بمثابة درع قوي في وجه موجات الهجرة، خاصة وأن العديد من المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، كانوا يحبذون الاستقرار في ليبيا، بدلا من محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط.
علاوة على كل ذلك، كان القذافي بمثابة حصن منيع أمام تدفق الإرهابيين، الذين لطالما حاربهم من قبل، حتى وقوع أحداث 11 أيلول/سبتمبر سنة 2011.
وفي هذا السياق، ذكر “باتريك مبيكو” في مؤلفه أن ليبيا كانت الدولة الأولى التي أصدرت مذكرة اعتقال دولية في سنة 1998، في حق “بن لادن”، على خلفية جريمة القتل المزدوجة التي أرتكبت في سنة 1994، والتي أودت بحياة مسؤولين ألمانيين على الأراضي الليبية.
في المقابل، وطوال الحملة العسكرية التي شنها حلف شمال الأطلسي ضد ليبيا، وحتى في الفترة التي تلت ذلك، لم تحقق أي إنجازات تذكر مقارنة بالتي ذكرت آنفا، في حين أن الشعوب الغربية لا تعلم شيئا عن الذي يحدث في ليبيا. في الحقيقة، لن تدرك هذه الشعوب أبدا أن الرجل الذي لطالما وُصف لهم من قبل قياداتهم ووسائل الإعلام بأنه دكتاتور شرير، يستمتع بإهدار المال العام، هو في الواقع رئيس، حاول قصارى جهده أن يستثمر في رفاه شعبه، فضلا عن أنه كان يحمي أوروبا من أعداد لا متناهية من المهاجرين والحركات الارهابية.
إن ليبيا اليوم عبارة عن بلد محطم ومدمر تماما، خاصة في ظل تصارع ثلاث حكومات، والعديد من المجموعات الإرهابية، للسيطرة على البلاد. ولعل من أبرز الأحداث المحزنة، التي تعكس جو الفوضى الذي يطغى على البلاد، هو عزل رئيس الوزراء في طرابلس “علي زيدان”، في يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر سنة 2013.
ومن جهة أخرى، فر زعماء المجلس الوطني الانتقالي خارج البلاد؛ طلبا للجوء. وفي الوقت نفسه، اكتسحت عمليات القتل والتفجيرات البلاد، مما اضطر مئات الآلاف من الليبيين للهروب إلى مدن أخرى داخل ليبيا، أو اللجوء إلى بلدان مجاورة.
وفي الوقت ذاته، اجتاحت الهجمات وعمليات القتل كل ركن في البلاد، حتى أن القنصلية الأمريكية في بنغازي، كانت هدفا لهجوم بالأسلحة الثقيلة، الذي أودى بحياة السفير الأمريكي “كريستوفر ستيفنز”، الذي تعرض للتعذيب والتمثيل به، ثم قتل. وفضلا عن انعدام الأمن والاستقرار في البلاد، فقد دفعت أعمال العنف هذه معظم الدول الغربية لإجلاء مواطنيها، وإغلاق سفاراتها.
وفي تلك الفترة العصيبة، فضلت العديد من المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة مغادرة البلاد، حسب ما أورده الكاتب.
وفي سنة 2015، وصل أكثر من مليون مهاجر لأوروبا، إثر المرور برحلات محفوفة بالخطر. وفي ظل تزايد موجات اللاجئين، شنت السلطات في الاتحاد الأوروبي عملية إنقاذ على نطاق واسع، وتمكنت من إنقاذ حوالي 100 ألف قارب بدائي الصنع في البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة، توفي ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر ليبي في البحر الأبيض.
علاوة على كل ذلك، انفجرت تجارة المخدرات في ليبيا، وتحولت الجماهيرية بذلك إلى جسر، لعبور المخدرات باتجاه أوروبا خصوصا.
ومن جهة أخرى، تحولت البلاد إلى “إل دورادو” الجديد، حيث تتربع الجماعات الأصولية، في إثر يوم واحد من سقوط القذافي، اغتنم تنظيم القاعدة الفرصة لرفع علمه فوق بناية المحكمة ببنغازي. وفي الوقت نفسه، كانت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تتجول بحرية في أقصى الجنوب، في حين تمركز تنظيم أنصار الشريعة في كل من بنغازي ودرنة. أما بالنسبة لتنظيم الدولة، فقد استغل حالة انعدام الأمن، حتى يتغلغل في كل أركان البلاد.
وعلى ضوء كل هذه المعطيات، فإن السؤال المطروح هو: هل كان الأمر يستحق عناء الدخول في حرب مدمرة وتصفية “القذافي”؟
في هذا الصدد، أفاد الكاتب “باتريك مبيكو”، أنه من وجهة نظر الإستراتيجيين الغربيين، فإن تدمير ليبيا، والقضاء على “القذافي”، كان “عملية جيدة”، إذ إن جهود القذافي لإخراج إفريقيا من حالة التبعية للدول الغربية، مثلت تهديدا صارخا للأوروبيين، خاصة في حال تمكنت هذه الدول من التخلص من حالة التخلف والفقر.
في الواقع، يعتبر استقلال إفريقيا اقتصاديا، أمرا غير مقبول بتاتا، على حد تعبير الأستاذ “ماكسيميليان فورت”، الذي استشهد الكاتب بكلامه، والذي أورد أن “التدخل في ليبيا، هو طريقة لإرسال رسالة إلى الدول القومية الإفريقية الأخرى، مفادها أن هناك حدودا يجب أن تعمل ضمنها ولا تتخطاها”.
ومن هذا المنطلق، إذا حاولت الدول الإفريقية الخوض في حالة من عدم الثقة الوطنية، و تجرأت على مناهضة الإمبريالية، فسيكون لذلك عواقب وخيمة، قد تجسدت على أرض الواقع مسبقا، من خلال التدخل في ليبيا.
وفي الحقيقة، إن هذه الرسالة التي تقشعر لها الأبدان، لا تقل خطورة عن التهديد الذي وجهه الرئيس الفرنسي السابق “نيكولا ساركوزي”، لقادة الدول الإفريقية، الذين أعربوا عن عزمهم زيارة طرابلس، حتى يتوسطوا عن طريق الاتحاد الإفريقي، كمحاولة لحل الأزمة، حيث اعتبر “ساركوزي” الطائرة التي تقلهم بمثابة “بندقية”
القائد … ابن لعسكري كورسيكي!
إن الأصول التي ينحدر منها “معمر القذافي”، محل الكثير من الروايات. فرسميا، قال “القذافي” إنه ابن “محمد عبد السلام” و”عائشة بنت نيران”. في المقابل، هناك رواية أخرى تقول أنه الابن البيولوجي للقائد الكورسيكي “ألبرت بريزيوسي”، وهو ضابط في القوة الجوية الفرنسية الحرة، تحطمت طائرته في الصحراء الليبية، أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي أعقاب هذه الحادثة، قامت قبيلة من البدو باصطحابه معهم. وفي الأثناء، وقع القائد “بريزيوسي” في حب فتاة من السكان المحليين، والتي أنجبت فيما بعد “القذافي”.
ومن ناحية أخرى، تدعي إحدى الروايات أن جدته يهودية.
هذه المادة مترجمة من موقع موند أفريك، للإطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا