slot dana slot toto toto 4d slot pulsa slot gopay slot ovo slot bet 200 slot bet 100 situs bet 200 situs bet 100 situs slot dana situs slot toto jagung77
نوفمبر 5, 2024

لماذا تتجه الدول للحرب بالوكالة؟

غالباً ما تعد الحرب بالوكالة بالوصول إلى مكسب سياسي بكلفة ليست بالكثيرة جداً ولا بالقليلة جداً، إنها شكل من أشكال الحرب المشوهة

هذا المقال مترجم من موقع The National Interest

بقلم: دانيال بايمان

ترجمة: آمال وشنان

الحرب الأهلية السورية هي أكثر النزاعات دموية في العالم، ويمكن القول إن اللوم الأكبر يقع على جيران سوريا والقوى الكبرى في العالم. حتى الآن، تدخلت فرنسا وإيران وإسرائيل والأردن وقطر وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة وبالطبع الولايات المتحدة – وهذه القائمة الطويلة من الدول تستثني العشرات من أعضاء التحالف الآخرين الذين يدعمون جهود الولايات المتحدة أو يلعبون أدواراً أصغر. لقد قصفت هذه الدول أعداءها في سوريا، وقدمت المال، والأسلحة والتدريب إلى حكومة الإئتلاف أو الجماعات المتمردة، وقدمت ملاذاً آمناً للمقاتلين، وضغطت لصالح أجندتهم في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، واستخدمت هذه الدول سلطتها في تقديم المساعدات المحلية للمجموعة التي تعمل كوكيل لحفظ مصالحها.

لا تعد تجربة سوريا بأنها تجربة غير مألوفة. في الحقيقة، ليس من المبالغة القول إن كل الحروب الكبرى التي نشهدها اليوم هي في جوهرها حروب بالوكالة. في أوكرانيا، تدعم روسيا الجماعات المتمردة التي أعلنت جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية. وتروج روسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات لزعيم الميليشيا خليفة حفتر الذي يسعى للسيطرة على ليبيا بينما تعترف الولايات المتحدة بشكل رسمي بالحكومة المنافسة في طرابلس ولكنها تعمل بشكل يومي مع الميليشيات لمحاربة الدولة الإسلامية في البلاد. في اليمن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدعم خليطاً متنوعاً من الوحدات العسكرية للنظام السابق، والانفصاليين الجنوبيين والجماعات القبلية ضد قوات الحوثي، التي تدعمها إيران. في أفغانستان، لطالما دعمت باكستان طالبان، التي تلقت أيضا دعماً من إيران وروسيا من حين لآخر. كانت الحرب الأهلية الكونغولية، التي تعد أكثر الصراعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية، تضم تسعة بلدان و25 مجموعة متمردة.

فهم مدى انتشار الحرب بالوكالة ليس صعباً. الحرب بالوكالة تمكّن التدخل الغير مكلف. حيث تمثل تكلفةً صغيرةً مقارنة ًبنفقات نشر قوات الدولة الخاصة والوكيل يتحمل التصفية الجسدية. ولأن التكاليف أقل، فإن الحرب بالوكالة هي أيضاً مستساغة سياسياً، حيث أن القليل من الأمريكيين يعرفون أن الولايات المتحدة تقصف ليبيا، ناهيك عن أي ميليشيا معينة تدعمها في القيام بذلك. وبالفعل، فإن استخدام الوكلاء هو أداة سياسية أجنبية نادرة يبدو أنها تتلاءم مع المقاربات التي استخدمها دونالد ترامب وباراك أوباما في السياسة الخارجية. على الرغم من اختلافاتهم، فإن كلا من الرئيسين يشككان في نشر القوات الأمريكية على نطاق واسع، لكنهم وعدوا بمكافحة الإرهاب.

على الرغم من المزايا العديدة التي تتمتع بها الحرب بالوكالة، إلا أن الوكلاء غالباً ما يخيبون الآمال. فبدلاً من أن تكون الجماعات المحلية ممتنة ومطيعة، فإنها غالبًا ما تسلك طريقها الخاص، وتتابع مصالحها الخاصة في حين تحصل على المال والدعم من الآخر. وأحيانا لهم قدر محدود من الكفاءة، بينما وحشيتهم ليس لها حدود. حتى أن البعض يسحب رؤسائهم المفترضين إلى تدخلات غير مرغوب فيها.

ومع ذلك، الحرب بالوكالة ليست مستبعدة، ويجب على الولايات المتحدة أن تفتح أعينها على حد سواء عند استخدام الوكلاء وعندما تقاتلهم. تُعد الحرب بالوكالة أكثر فوضوية وأحيانًا أكثر تكلفة مما تبدو عليه. يمكن أن تخدم مصالح الولايات المتحدة، لكن فقط عندما تنظر إليها الولايات المتحدة بشكل واقعي وتُهيكل قواتها وفقاً لذلك. من جانبهم، يواجه خصوم مثل إيران وروسيا أيضًا مشاكل مع الوكلاء، ويمكن لسياسة الأمريكية أن تستغل هذه الإنقسامات بشكلٍ أفضل.

تحدث الحرب بالوكالة عندما تقوم قوة كبرى بتحريض أو لعب دورًا رئيسيًا في دعم وتوجيه القتال في بلدٍ آخر، ولكنها لا تنخرط إلا في جزءٍ صغيرٍ من القتال الفعلي. الحرب بالوكالة لا تناقض الحرب التقليدية فقط في تتحمل عبء الدفاع أو الهجوم، بل أيضًا في منطق التحالفات، عندما تعمل القوى الكبرى والصغيرة جنبًا إلى جنب، وتقدمان مساهمات كبيرة وفقًاً لإمكانياتهما. إن عمل واشنطن الوثيق مع كابول ضد ما تبقى من القاعدة وطالبان يشبه بشكل وثيق التحالفات التقليدية بسبب الدور الرئيسي للولايات المتحدة عبر الآلاف من الجنود الأمريكيين ومئات الضربات الجوية. في الوقت نفسه، يمكن اعتبار العلاقة بين إيران والمتمردين الحوثيين في اليمن بمثابة حرب بالوكالة لأن طهران توفر في الأساس الأسلحة والتمويل، وليس بأعداد كبيرة من قواتها.

من الناحية العملية، الحرب بالوكالة ذات طبيعة متغيرة، ففي النزاع، غالباً ما يتغير التوازن بين قوات الدولة الراعية والوكلاء. في فيتنام، انتقلت الولايات المتحدة من عدة مئات من المستشارين لدعم الجيش الفيتنامي الجنوبي في عام 1959 لنشر أكثر من 500000 جندي أمريكي في عام 1968 إلى تواجد صغير مدعوم بالقوة الجوية الأمريكية الضخمة في نهاية الحرب. إذا كان الجزء الأكبر من الحملة العسكرية لدولة ما يتم من خلال الوكلاء وليس من خلال قواتها الخاصة، فحينئذٍ تعمل الحرب بالوكالة بشكل جيد. ما هو مدى الدعم العسكري المباشر الذي يمكن اعتباره حرباً بالوكالة في نظر الآخر، لكن بشكل عام ، هو أدنى قدر من الإنخراط.

بالنسبة لدول مثل إيران، فإن الحرب بالوكالة هي القاعدة. بالإضافة إلى استخدام أكثر من 20،000 مقاتل أجنبي شيعي من العراق وأفغانستان وباكستان في سوريا، تدعم إيران حزب الله اللبناني، ومجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن. كذلك روسيا تستخدم الوكلاء في أوكرانيا، وغالباً ما تقوم الولايات المتحدة بذلك أيضاً في عملياتها في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تدعم “وحدات حماية الشعب” الكردية (YPG) ضد الدولة الإسلامية في سوريا وتعمل مع الجماعات المسلحة في ليبيا لمحاربة الإرهابيين هناك. في الواقع، فإن الكثير من الكفاح الأمريكي ضد الإرهاب في أجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط ينطوي على العمل مع القوات المحلية أو الحكومات لجعلهم أكثر قوة في ملاحقة الجماعات المرتبطة بالقاعدة أو الدولة الإسلامية. ظاهرياً، هي الوكيل، وليس الولايات المتحدة، التي تقوم بالكثير من العمل، مع قيام واشنطن بتوفير المعلومات الاستخبارية واستخدام قوات العمليات الخاصة والطائرات بدون طيار للحفاظ على بصمتها.

كانت الحرب الباردة مليئة بالحالات التي دعمت فيها الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي قوة محلية أو مجموعة محلية للحصول على وضع أفضل في رقعة الشطرنج العالمية، سواء كان ذلك في أنغولا أو نيكاراغوا أو أفغانستان. اليوم، معظم الحروب بالوكالة تنطوي على مجموعات بديلة، مع الجهود الرئيسية للدولة الراعية والتي تقوم بالتسليح، التدريب أو مساعدة الجماعة في الوصول إلى السلطة. في بعض الأحيان، قد يدعم أحد الأطراف “الحكومة” كما هو الحال في اليمن أو ليبيا، ولكن في مثل هذه الحالات، فإن النظام المعترف به رسمياً هو مجرد فصيل من الكثيرين – وعلى الرغم من الدعم الدولي على الأرض، إلا أنه يمثل مجرد فرقة أخرى من المقاتلين.

تستخدم الدول الوكلاء لأسباب عديدة. بالنسبة للولايات المتحدة، غالبًا ما تكون المشكلة هي التكلفة: فالقوات الوكيلة تقاتل، وتموت، حتى لا يضطر الأمريكيون إلى ذلك. بالإضافة إلى ذلك، ولأنها محلية، فإنها غالبًا ما تكون (على الرغم من أنها ليست دائمًا) مقبولة بشكل أكبر من قبل المجتمعات المستهدفة، يمكنها أن تحصل على معلومات استخبارية من المجتمعات بشكل أفضل من خلال الاعتماد على الروابط المجتمعية والمعرفة الثقافية واللغة المشتركة، وتكون أقل احتمالاً لتعزيز النعرات القومية. رد الفعل العنيف الذي غالبا ما يصاحب التدخلات الأجنبية. إذا كان البروكسيات قوة حرب عصابات، فهم يعرفون التضاريس بشكل أفضل ويمكنهم الإندماج مع السكان بطريقة لا يستطيع الأجانب فعلها.

بالنسبة للدول مثل إيران، غالبًا ما يكون الوكلاء الخيار الوحيد. تفتقر معظم الدول إلى القدرة على تصدير القوة عكس الولايات المتحدة، لذلك تفضل خيار الحرب بالوكالة كوسيلة للتأثير على الأحداث بعيداً عن حدودها. تفتقر إيران إلى القدرة البحرية أو الجوية الضخمة اللازمة لدعم القوات الكبيرة في اليمن: دعم الحوثيين يعطي نفوذا لطهران هناك. رغم ذلك، حتى القوى الكبرى مثل روسيا تفتقر إلى القدرات الكافية للنقل الجوي والبحري، مما يحد من قدرة موسكو على استخدام قواتها الخاصة بعيداً عن حدود روسيا.

تُقدم الحرب بالوكالة أيضًا طريقة للقتال يمكن أن تحد من التصعيد. غالباً ما تنكر الدول أنها تدعم الوكلاء – روسيا-، على سبيل المثال، تدعي عدم التورط في أوكرانيا على الرغم من تمويل مجموعة من الجماعات المعارضة لحكومة كييف، وتسليحهم ودعمهم بقواتها الخاصة. في بعض الأحيان، قد لا تكون هناك دول أخرى على دراية حقيقية بالدعم الأجنبي، أو على الأقل بحجم الدعم، ولكن في حالات أخرى، يكون هذا التصور مريحاُ: عدم معرفة أو عدم تقدير الدعم الحقيقي يمكن أن يجنب الدولة ضرورة الاستجابة خاصة إذا كانت تفضل هذا الخيار. تتعاون الولايات المتحدة مع باكستان في مكافحة الإرهاب والعمليات في أفغانستان، كما أن إنكار إسلام آباد لدعم حركة طالبان -رغم دعمها للمجموعة منذ عام 1994 -يسمح بواجهة من الصداقة. الرفض بالاعتراف يجعل إمكانية التصعيد أصعب، أو على الأقل يجعله محدوداً. فعلى سبيل المثال، حاربت إسرائيل مراراً وتكراراً ضد حزب الله اللبناني، لكنها لم تضرب إيران مباشرة على الرغم من الدعم المالي والعسكري الكبير الذي تقدمه طهران للميليشيا. إذا كانت إيران، وليس حزب الله، قد هاجمت إسرائيل بصاروخ، فستشعر إسرائيل بأنها مضطرة إلى ضرب إيران نفسها. وهذا مهم بشكل خاص بالنسبة لإيران، التي لا يمكن أن تضاهي إسرائيل اقتصاديًا أو عسكريًا أو حتى دبلوماسيًا، نظرًا لأن الجمهورية الإسلامية منبوذة عالمياً.

ومع ذلك، فبالنسبة للعديد من الدول، تؤخذ عوامل أخرى غير التكلفة والقدرة القتالية بعين الإعتبار. بعض وكلاء إيران، مثل حزب الله، هم رفقاء عقائديون، ويدفعونهم إلى الأمام لدعم أجندة إيران الثورية الأوسع. وحتى في اليمن، حيث لا يزال الحوثيون بعيدين عن الخدم الإيرانيين المخلصين، فإن دعمهم لقضيتهم قد جعلهم أقرب إلى إيران، حيث حاول الحوثيون أحيانًا محاكاة حزب الله بأسلوبه ودعايته. في بعض الأحيان تدعم الدول الوكلاء من أجل تعزيز مصداقية القيادة في الداخل: مجموعة من الحكومات العربية غالباً ما دعمت عرفات أو غيره من القادة الفلسطينيين، رغم كره الكثير منهم، من أجل تعزيز مصداقية القومية العربية بين شعوبهم الذين يعتبرون القضية الفلسطينية القلب النابض للهوية العربية. وبالمثل، استخدم بوتين الصراع في أوكرانيا كوسيلة لصقل أوراق اعتماده الوطنية.

ومع كل هذه المزايا، فإن الحرب بالوكالة لها العديد من المخاطر. على الرغم من القدرة اللاتماثلية، فإن الوكلاء يتصرفون دائمًا وفقًا لمصالحهم الخاصة وحوافزهم. مباشرة بعد 11/9، طلبت الولايات المتحدة من التحالف الشمالي المناهض لحركة طالبان، الحليف الرئيسي لأفغانستان المكون أساساٌ من الأقليات، ألا يأخذ كابول حتى تتمكن قوة مؤلفة من البشتون، المجتمع المهيمن في أفغانستان ، من القيام بذلك وتهدئة المخاوف القائمة على  سيطرة الأقلية. لكن التحالف الشمالي سيطر على كابول. في عام 2017، سعت الولايات المتحدة إلى القضاء مقاتلي الدولة الإسلامية عندما استعاد وكلاءها الأكراد والعرب المحليون أراضيهم، لكن الوكيل كان غالبًا يسمح للمقاتلين بالابتعاد عن معاقلهم الرئيسية مثل الرقة دون معركة دموية – فالوكيل هنا يريد الأرض، وليس ارتفاع عدد الجثث-. هذه الإستقلالية تخلق توترًا لدى داعمي الوكيل. تعتبر المجموعات الأقوى وكيلاً أكثر فاعلية، ولكن وجود وكيل أكثر فعالية وقوة معناه قدر أكبر على المضي في مساره الخاص.

مثل هذه الاستقلالية غالباً ما تؤدي بالدولة الداعمة للوكيل إلى صراع غير مرغوب فيه نيابة عن الوكيل. أثارت غارات المسلحين الفلسطينيين عبر الحدود صراعات مع إسرائيل، الأمر الذي سبب ضغطاً سياسياً على مؤيديهم من الدول العربية خاصة تلك المستضيفة لهم، والتي قدمت دعماً لجهودهم. انبثقت حروب 1956 و1967 و1982 من هذه الديناميكيات، واستدرجت كل من سوريا ومصر في النزاع. في الواقع، من خلال إعطاء أموال ومساندة جماعية، قد يصبح الأمر أكثر تهوراً، عند معرفة أن قوة كبرى وراء ذلك ويمكنها إنقاذ الجماعة من المخاطر.

الحروب بالوكالة هي في الغالب فاسدة، متوحشة وغير كفؤة. مثلما تسعد الدول الراعية بالقتال حتى آخر عضو في المجموعة التي تعمل بالوكالة، فإن العديد من الوكلاء يسعدهم أيضًا استلام الأموال الخاصة بهم في حين لا يقدمون الكثير في المقابل. أنفقت الولايات المتحدة الملايين لتدريب مختلف أعضاء المجموعة السورية المعارضة، ولكن في النهاية لم يقاتل إلا قليل منهم. قد تكون الأعمال الوحشية التي يقوم بها الوكيل مهمة للبعض: روسيا وإيران، منتهكتين جسيمتين لحقوق الإنسان، يفترض أنهما لا يهتمان بتجاوزات وكلاءهم. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة غالبًا ما تتعرض لسلوك وكيلها، مما يجعل من الصعب الحفاظ على حلفاءها المحليين.

دعم الوكيل يؤدي غالباً بدول أخرى إلى اختيار وكيل ودعمه أيضاً، مما يؤدي إلى تفاقم النزاع العام. لبنان، لسنوات عديدة، عايش تدخل منتظماً من إيران والعراق والمملكة العربية السعودية وإسرائيل وسوريا وغيرها من القوى لدعم الفصائل المتناحرة، وغالباً ما يكون ذلك فقط لأن أحد منافسيها كان يفعل ذلك. وهذا، بدوره، زاد من استقلالية الوكلاء لأنهم قد يهددون بالتحول إلى قوى أخرى إذا شعروا أنهم غير مدعومين بالشكل الكافي.

وبمجرد أن تُفتح مصادر المال والسلاح على الوكيل، يصبح من الصعب إغلاقها، خاصة بالنسبة للديمقراطيات مثل الولايات المتحدة. إن كسب الدعم المحلي من أجل المعونة، تقوم السلطة الراعية في كثير من الأحيان بتحديث قضية الوكيل والطبيعة البطولية المفترضة للمقاتلين، مما يجعل من الصعب الابتعاد عنهم في المستقبل. تتطور البرامج وحتى البيروقراطيات بأكملها، مما يخلق مصالح راسخة في مواصلة القتال. فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، على سبيل المثال، مكلف بدعم القوى الثورية الموالية لإيران، ومع توسع دورها خارج البلاد، كذلك كان لها تأثير في الداخل. فغالبًا ما تكون المجموعات الصغيرة في الدول الضعيفة مسؤولة عن تشكيل الديناميكيات السياسية في البلد الداعم، حيث تتلاعب بوسائل الإعلام والدعم المحلي هناك للحصول على التمويل. فباكستان، على سبيل المثال، تحرك المشاعر المحلية ضد الولايات المتحدة من أجل الحصول على سعر أعلى لتعاونها مع جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية.

يمكن أن تفرض الدولة متطلبات المراقبة والإبلاغ لضمان قيام وكيلها بواجباته، ولكنها غالبًا ما تكون مكلفة، وعلى أي حال، فإنها تعتمد عادة على الوكيل للحصول على المعلومات وتقليل مستوى الإنكار. يمكن دفع الوكلاء أو تثقيفهم أو تحسين سلوكهم، ولكن في كثير من الأحيان يمكن للولايات المتحدة أو القوى الأخرى التأثير بشكل محدود. يمكن للدول أن تحاول بدلاً من ذلك اختيار الوكلاء “المناسبين”، ولكنهم عادة ما يكونون قليلين وبعيدين. في بعض الأحيان، كما هو الحال في أفغانستان والعراق وسوريا، عادة ما تختار الولايات المتحدة بين درجات مختلفة من الوكلاء السيئين.

عملت الولايات المتحدة مع قوات بالوكالة لفترة طويلة. في الواقع، كان الغرض الأساسي من القبعات الخضراء الأسطورية هو الحرب غير التقليدية، والعمل مع قوى مقاومة أجنبية ضد حكوماتهم -فكروا في تنظيم دول أوروبا الشرقية خلال حرب الولايات المتحدة – السوفيتية. مجموعة من قوات العمليات الخاصة الأمريكية الأخرى، جنباً إلى جنب مع قوات المارينز وعناصر من الجيش وغيرهم، تعمل بشكل منتظم مع وكلاء.

ومع ذلك، فإن الحرب بالوكالة ليست في صميم العقيدة الأمريكية. هذا إلى حد كبير لأن الولايات المتحدة لديها خيار أفضل: الحرب التقليدية. على أية حال، يمكن أن تكون الفرقة الذكية من العصابة. إن الاستثمار الذكي هو في فرقة مدرعة تابعة للجيش أو فوج مشاة البحرية. بالنسبة لبلدان مثل إيران وروسيا، على النقيض من ذلك، فإن الحرب التقليدية ليست دومًا خيارًا، خاصة عندما تكون أرض المعركة بعيدة معن حدودهما. ليس من المستغرب أن يكونوا قد أدمجوا الوكلاء في القوات والمذاهب العسكرية. بالنسبة لإيران، تلعب القوات المسلحة الإيرانية دورًا بارزًا في السياسة والاقتصاد في البلاد، وليس من المفاجئ أن تكون لديها موارد جيدة ودور بارز في السياسة الخارجية. لطالما استخدمت طهران حزب الله اللبناني وشبكاته الخارجية لدعم الجماعات المتمردة. بالإضافة إلى ذلك، قامت بتدريب أكثر من 20،000 من الشيعة الأجانب للقتال في سوريا، لدى إيران الآن أيضاً فيلق أجنبي يمكنها نشره في صراعات أخرى. روسيا، من جانبها، تعتمد الآن على مجموعة من الجهات الأمنية الخاصة، التي تتراوح بين أمراء الحرب، ووحدات “القوزاق” التي تم تشكيلها حديثًا والقوة المرتزقة شبه الحكومية المعروفة باسم مجموعة فاغنر.

من الصعب أيضا على الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى أن تحتضن وكلاء. يمكن للمتمردين الأوكرانيين المدعومين من روسيا أن يستخدموا صاروخاً روسي الصنع لإسقاط طائرة ماليزية تحلق إلى هولندا ويقتل ما يقرب من 300 شخص بدون أي احتجاج في روسيا. إذا فعلت مجموعة مدعومة من الولايات المتحدة ذلك بالأسلحة الأمريكية، فإن الاحتجاج سيكون هائلاً. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة أكثر حذراً في اختيارها للشركاء والدعم الذي تقدمه لهم.  عملت إدارة أوباما لسنوات، إلى حد كبير دون جدوى، لإيجاد قوة موثوقة ضد الأسد في سوريا لديها الإيديولوجية “الصحيحة” ولا علاقة لها بالجماعات الجهادية.

مثلما تستغل الدول البروكسيات لتحقيق غاياتها الخاصة، كذلك يستغل الوكلاء الدول الداعمة لهم -ولكن التكلفة بالنسبة لهم تكون ثقيلة في كثير من الأحيان. في الواقع، مثلما لدى الدول إمكانية الخيار بين الوكلاء السيئين، فإن الوكلاء غالباً ما يعملون بإكراه مع الداعمين الأجانب.

القوات البروكسية، مثل قوات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا، الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن أو القوات المدعومة من روسيا في أوكرانيا، تسعى للحصول على دعم خارجي لأسباب عديدة. الموارد هي الأكثر وضوحاً: ستوفر الدولة الداعمة المال والأسلحة والتدريب، بالإضافة إلى أشكال الدعم الأخرى التي تفتقر إليها الجماعات بشدة. أسلحة الدفاع الجوي الروسية تحييد بعض مزايا الحكومة الأوكرانية على المتمردين. وتمكِّن الصواريخ الباليستية الإيرانية الحوثيين من تهديد الرياض بالهجمات. وحتى التدريب المحدود يمكن أن يعطي تماسكا ومستوى مهارة للمقاتلين المحليين الذين تفتقرهم الميليشيات المتنافسة في كثير من الأحيان. كما توفر بعض الحكومات ملاذاً يمنح قيادة المجموعة مكاناً للتخطيط والتنظيم مع بعض الحصانة على الأقل. فباكستان، على سبيل المثال، تسمح لطالبان الأفغان بالاستمتاع بقاعدة خلفية على أراضيها حيث يقيم قادة طالبان، حيث يمكن للجماعة تنظيم جهودها لمحاربة الولايات المتحدة وحكومة كابول. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الدعم العسكري هائلاً. أجرت الولايات المتحدة أكثر من 10000 غارة جوية في سوريا، وساعدت قوات حماية الشعب على طرد الدولة الإسلامية من معظم مناطق شرق سورية -وهو عمل لم يكن بوسع المجموعة تحقيقه بمفردها.

في حالات قليلة، قد يساعد الدعم الخارجي أيضًا لمجموعة ما على إضفاء الشرعية على نفسها، على الرغم من أن هذا يمكن أن يكون سيفًا ذا حدين. الإعتراف الأجنبي، حتى من دولة صغيرة، يمكن أن يؤثر على سمعة القائد. وينطبق ذلك بشكل خاص عندما يتأثر أعضاء المجموعة أو يشعرون بالانتماء للدولة الداعمة. على سبيل المثال، يحصل حزب الله على نقاط مكافآت أكبر مما يتصوره الشيعة اللبنانيون، أو على الأقل لديهم شعور خاص اتجاه إيران، القوة الشيعية المسيطرة. الأمر عكسه ينطبق على حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية -وهي مجموعة صغيرة تدعمها طهران لمهاجمة إسرائيل، لأن الكثيرين من سكان فلسطين من المسلمين السنة يكرهون إيران بسبب دعمها للنظام السوري وحربه الطائفية ضد السنة في ذلك البلد. قاومت العديد من الجماعات السورية قبولها الصريح للدعم الأمريكي في السنوات الأولى من الحرب، خوفًا من فقدان مصداقيتها القومية -حتى عندما تشبث نظام الأسد بالسلطة ثم عزز قبضته ببطء.

من وجهة نظر المجموعة أو الزعيم، لا يزال فقدان هذه المصداقية القومية أمراً مطروحاً لأن الدعم الخارجي يوفر أيضًا الاستقلال عن المنافسين. ففصائل صغيرة من دون حركة أوسع قادرة على دفع رواتب أعلى للأعضاء، وتسليح أنفسهم بأسلحة أكثر قوة، وتمييز أنفسهم بطريقة أخرى وتجنب احتوائهم من قبل مجموعات أكبر وأكثر قوة. على هذا النحو، قد يساعد الدعم الخارجي المجموعة على حساب الحركة ككل، مما يسمح للانقسامات بالنمو والتفاقم.

ومع ذلك، قد تفقد هذه المجموعات التواصل مع ناخبيها بشكل تدريجي لأنهم لا يعتمدون عليها في جمع الأموال أو توفير مجندين غير منظمين للحصول على الراتب. جماعات مثل “الصايقة”، وهي جماعة فلسطينية تدعمها سوريا بقوة، تلاشت جزئياً لأنها لم تستطع تجديد صفوفها بعد أن قضت الضربات الإسرائيلية على كوادرها.

هذه المخاطر تعني أن المجموعات الأكثر يأسًا والأقل شعبية التي تسعى إلى الحصول على دعم خارجي – وهي صيغة حرب بالوكالة-قد اتجهت لخيار سلبي. ليس من المفاجئ إذن أن تكون حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية على استعداد لسماع التوبيخات بسبب علاقتها مع إيران، لأنها منكسرة وتفتقر إلى الشبكات للحصول على أسلحة كبيرة بمفردها. في المقابل، تعمل حماس أيضاً مع إيران، ولكن كمجموعة أقوى بكثير، تمكنت من قطع هذه العلاقات لعدة سنوات عندما دعمت إيران النظام السوري على نطاق واسع وأصبح نظام الأسد مكروهًا بين السنة مع انتشار الحرب في عام 2012. بشكل عام، حماس أثبتت أنها ليست دمية إيرانية على الرغم من أخذ أموال وأسلحة طهران.

حتى المجموعات التي تحتفظ بمصداقيتها غالباً ما تندم على الحصول على دعم أجنبي. على أقل تقدير، تفرض العديد من الدول الداعمة حدوداً، خوفا من الانتقام أو الإضرار بسمعتها. لقد حدّت إيران وباكستان، اللتان تعتمدان بشدة على الوكلاء، من الأسلحة التي تقدمها. فإيران، على سبيل المثال، لم تنقل الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله على الرغم من علاقتهما الوثيقة بشكل استثنائي. كما تدرك طهران أنه إذا كان أحد وكلائها المعروفين يهاجم الولايات المتحدة، فإن أمريكا قد تنتقم عن طريق ملاحقة إيران. ليس من المستغرب أن يركز الوكلاء الإيرانيون على القوات الأمريكية في مناطق الحرب مثل العراق، وليس في الداخل الأمريكي، من أجل الحد من إمكانية التصعيد غير المرغوب فيه.

المجموعات الكردية خير مثال يثبت تقلب الدول الداعمة، حيث أدارت الولايات المتحدة ظهرها للأكراد العراقيين، الذين دعمتهم في أوائل السبعينيات ضد نظام صدام حسين، بعد أن أبرم شاه إيران صفقة مع صدام في عام 1975. وتخفف واشنطن الآن من دعمها لوحدات حماية الشعب في سوريا وقد تنهيها تماما، بسبب الضغط من تركيا. نجحت وحدات حماية الشعب (YPG) في محاربة الدولة الإسلامية نيابة عن الولايات المتحدة، وبعد أن نجحت (على الأقل في الوقت الحالي)، لم تعد ضرورية، في حين ظلت تركيا مصلحة دائمة. وكما تشير التجربة الكردية، فإن الدول عادة ما تكون أكثر اهتماماً بسياسات وحسن نية الحكومات الأخرى، وسوف تضحي بالوكلاء لتحقيق أهدافهم.

من المحتمل بشكل خاص أن تتخلى الدول عن الوكلاء عندما تختلف أهدافهم. قدمت باكستان الدعم لجبهة تحرير جامو وكشمير في الثمانينيات عندما تمردت على الهند. ومع ذلك، أرادت الجبهة كشمير مستقلة، وليس متحدة مع باكستان، لذلك دعمت اسلام اباد منافسيها الذين فضلوا أجندة باكستان. انهارت في نهاية المطاف الجبهة ووقعت ضحية بين قوات الأمن الهندية والمقاتلين المؤيدين لباكستان. غالبًا ما يكون الدعم عبارة عن تحالف في وقت مناسب وليس علاقة وثيقة. فكما ينبغي على الدول أن تفكر مرتين في دعم الوكلاء، كذلك ينبغي على الوكلاء التفكير مرتين في الاعتماد على القوى الأجنبية. في أحسن الأحوال، يمكنهم أن يأملوا في الحصول على الموارد والمساعدة، لكن لا ينبغي لهم أبداً الاعتماد عليها بمرور الوقت.

إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في حرب بالوكالة – وسوف تفعل ذلك – فإن الأمريكيين بحاجة إلى الاعتراف بهذه الحدود والمشاكل. في الوقت نفسه، ينبغي على الولايات المتحدة ألا تبالغ في تقدير إيران أو روسيا أو الخصوم الآخرين والوكلاء الذين يدعمونهم. هم أيضا سوف يواجهون وكلاء سيئين وغير كفؤين، ومن المحتمل أن تعاني هذه الدول من العجز في تحقيق الأهداف.

إن إحدى الخطوات التي يجب على الولايات المتحدة اتخاذها هي إبراز استخدام خصومها للوكلاء باستمرار للحد من مكاسب الإنكار. قد يساعد حزب الله حكومة الأسد في سوريا، لكنه يفعل ذلك فقط بدعم من إيران. قد يكون المتمردون في دونباس يحاربون الحكومة الأوكرانية، لكن بدون دعم روسي كانوا سينهارون. يجب أن يوضع حد لقتالهم، وكذلك لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها هذه الجماعات، تحت رعاية الدول الداعمة لهم.

وبالمثل، إذا اختارت الولايات المتحدة وحلفاؤها الرد، يجب ألا يضعوا في الحسبان إمكانية تضييق احتمالات التصعيد والتحول إلى منطقة الحرب الضيقة التي اختارها داعم الوكيل. إذا هاجمت القوات المدعومة من إيران إسرائيل من سوريا أو لبنان، فيجب أن يكون لإسرائيل الحق في استهداف إيران نفسها. وعادة ما ترى الدول أن هذا التصعيد ليس في مصلحتها، ولكن عندما يردون يجب أن يعتبروا قرارهم باستهداف الدولة الداعمة فعلاً مشروعا.

حتى عندما يربط الوكلاء علنا مع الدول الراعية لهم، يجب على الولايات المتحدة الاعتراف بالانقسامات المشتركة ومحاولة توسيعها واستغلالها. يمكن شراء بعض الوكلاء، ويمكن تحويل البعض الآخر من رغبات أسيادهم المحتملين. الحوثيون، على سبيل المثال، هم دمى إيرانية مخلصة بالكاد، والمزيج الصحيح من التهديدات والرشاوى قد يفصل بين الاثنين.

عند دعم الوكلاء ، يجب على الولايات المتحدة أن تعترف منذ البداية بخطر الانجرار إلى الصراع. قد تبدو الحرب بالوكالة طريقة رخيصة، بل تكاد تكون غير مكلفة، لشن الحرب، لكنها يمكن أن تكون النهاية. في كثير من الأحيان، تدفع الضرورة السياسية للتحدث عن الوكلاء وقضاياهم إلى سوء الفهم والتفسير وتترجم على أنها إلتزام الدول الداعمة إذا نشبت حرب فكيف يمكن لهذه القضية النبيلة أن يتم التخلي عنها وعن هؤلاء المقاتلين الذين يتسمون بالحرية والشجاعة في ساعة الحاجة؟ حاول الرئيس أوباما تجنب التدخل في سوريا وقدم دعمًا محدودًا لقوى المعارضة السورية كطريقة للحد من تدخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، زاد دور الولايات المتحدة من الضربات الجوية ثم نشر القوات البرية لأن الوكلاء وحدهم لم يحققوا الأهداف الأمريكية. في بعض الأحيان، قد تشعر الولايات المتحدة بأنها مضطرة لإنقاذ بروكسي محاصر، كما فعلت مع الأكراد عندما قامت قوات صدام حسين بتهديدهم في عام 1996.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للولايات المتحدة زيادة قدرتها على استخدام الوكلاء. بالفعل، أعطت الحروب في العراق وأفغانستان موظفين خاصين أدوار قيادية لا نظير لها في الجيش الأمريكي. بالنظر إلى انتشار الحرب بالوكالة في حقبة ما بعد الحرب الباردة، يجب أن تكون طبيعة الحروب بالوكالة أكثر احترافية في جانبها التعليمي والتدريبي العسكري. تستطيع الاستخبارات الأمريكية جمع المزيد من المعلومات حول الوكلاء، سواء من الأعداء أو الأصدقاء المفترضين، لمعرفة أهدافهم وقدراتهم الحقيقية. إذا كانوا يعملون مع أمريكا، فمن الضروري تحديد مدى تعاونهم في الواقع؛ إذا كانوا أعداء، فمن الضروري تحديد كيفية زيادة الاختلافات التي لديهم مع داعميهم.

في كثير من الأحيان، تعد الحرب بالوكالة الضربة القاضية بين التكلفتين الباهضة والضئيلة. في الواقع، إنه شكل غير مثالي من الحرب. يمكن لسياسات أفضل أن تحسن سجلنا الحافل، لكن من المحتم أن تخيب آمال العديد من مؤيديها، وفي بعض الأحيان تضع بلدنا على طريق صراعٍ غير مرغوب فيه

رابط المقال الأصلي

ضع تعليقاَ