مارس 29, 2024

معهد الشرق الأوسط الروسي: الصواريخ الباليستية الإيرانية

ترجمة: صابرين زهو

نشر معهد الشرق الأوسط الروسي دراسةً تناول من خلالها برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار العالمي، ومحاولةً من إيران للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

وقد ورد في ملخص الدراسة أن السلطات الإيرانية تعتبر الصواريخ الباليستية مصدر قوّتها الوطنية، وأحد أهمّ مكونات القوة المسلحة الإيرانية التي تمكن إيران من الدفاع عن نفسها أمام أي هجماتٍ محتملة من قبل الأعداء المتربصين بها. في المقابل تعدّ الولايات المتحدة وحليفتاها الرئيسيتان في الشرق الأوسط؛ المملكة العربية السعودية وإسرائيل، امتلاك إيران لهذه الصواريخ مبرراً لمحاولة ردعها والحدّ من نفوذها.

وتجدر الإشارة إلى أن تحسين تقنيات الصواريخ وتطويرها، بالإضافة إلى تطوير القوات المسلحة، من النقاط ذات الأولوية بالنسبة للحكومة الإيرانية. وقد تمكن الإيرانيون، على الرغم من الصعوبات العديدة التي يواجهونها، من تكوين قوةٍ فاعلة وإنشاء قاعدة صواريخ متطورة، بالإضافة إلى تنفيذ البحوث والاختبارات المتعلقة بالصواريخ الباليستية.

وفي السنوات الأخيرة زادت وتيرة تطوير واختبار وإنتاج نماذج متنوعة من الصواريخ الباليستية في إيران. وعلى هذا الأساس أصبحت الصواريخ الإيرانية أحد العوامل الرئيسية التي تجعل إيران من القوى النافذة والفاعلة في الشرق الأوسط؛ نظراً لما تملكه عمليات تطوير الصواريخ والأسلحة بشكلٍ عام من تأثيرٍ على بقية دول العالم.

في هذا السياق يمثل البرنامج الصاروخي الإيراني مصدر قلقٍ كبير للبلدان المجاورة، خاصةً منها الممالك العربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. فضلاً عن ذلك تعدّ العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية غير مثالية، على خلفية تطويرها للصواريخ الباليستية بأنواعها.

 تعتبر إيران، من جانبها، أن برنامجها الصاروخي دفاعيٌّ محض، ولا يهدف بأي شكلٍ من الأشكال لإنشاء شركات للأسلحة النووية، ولذا فإنه لا يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، كما لا يرتبط بالاتفاق النووي لسنة 2015.

وفي هذا الصدد يؤكد القادة الإيرانيون باستمرار أن بلادهم ستواصل تنفيذ برنامج الصواريخ، على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة عليهم. كما لا تمنح إيران الأطراف الخارجية الحق لانتقاد برنامجها الصاروخي، فضلاً عن أنها تعتبر كل العقوبات المفروضة عليها والانتقادات محاولةً لعرقلتها.

الصواريخ الباليتسية متوسطة المدى

بعد تمكّن إيران من الحصول على صواريخ من طراز “شهاب-1” و”شهاب-2″، التي تمكنها من مواجهة أي تهديداتٍ مباشرة، انتقلت إلى الخطوة التالية التي تكشف الطموحات الإقليمية لإيران؛ وذلك من خلال العمل على إنتاج صاروخ “شهاب-3” وتطويره.

ويعتبر صاروخ “شهاب-3” نسخة متطورة عن صاروخ “نو دونغ” الكوري الشمالي الذي يصل مداه إلى 1300كم؛ ممَّا يعني أنه قادر على اختراق معظم أراضي المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

من جهةٍ أخرى يبدو أن إيران استفادت من مواصفات الصواريخ الروسية طراز “إس21″ و”إس23”. بالإضافة إلى ذلك وجد بعض الخبراء أوجه شبهٍ عديدة بين “شهاب-3” والصاروخ الصيني “دي آف25″، الذي تم تطويره في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

وفقاً لتقارير الخبراء يمكن لصاروخ “شهاب-4” أن يغطّي كل منطقة الشرق الأوسط وجزءاً واسعاً من أوروبا. كما أن الأمريكيين يقرون بأن هذا الصاروخ “شهاب-4” هو نموذجٌ من الصاروخ الكوري الشمالي “نو دونغ2″، أو نموذجٌ مطور من الصاروخ السوفييتي “إس إس-4”. ووفقاً لهذا يبدو أن الغرب قلِقٌ إزاء هذه النشاطات الإيرانية، خاصةً أن إيران قامت بشراء أجهزة توجيهٍ حديثة لهذه الصواريخ من شركاتٍ روسية.

ووفقاً لبعض التقارير نجحت إيران في تحقيق قفزةٍ نوعية، عندما أعلنت سنة 2007 عن امتلاكها لصاروخٍ باليستي متعدد المراحل ويعمل بالوقود الصلب، وهو معروف باسم “عاشوراء”، ويصل مداه إلى 2000كم.

 وفي هذا الصدد فإن الصواريخ الإيرانية تمنح إيران فرصة تهديد مناطق الشرق الأوسط، كما بإمكانها تهديد تركيا ومناطق من مصر واليمن. وتجدر الإشارة إلى أن إيران نجحت في الحصول على 18 صاروخاً من كوريا الشمالية طراز “بي أم 25” مع منصات إطلاقٍ متحرّكة. ومن ثم بات من الواضح أن طموحات إيران تتعدى حدود جيرانها لتصل إلى بقية دول العالم.

تجدر الإشارة إلى أن إيران قامت ببناء قواعد تخزين صواريخ في السلاسل الجبلية، على عمق 500 متر تحت مستوى سطح الأرض؛ لحماية الترسانة الصاروخية من أي هجماتٍ صاروخيّةٍ محتملة من الخصوم. وفي هذا الصدد يُذكر أن قاعدة التخزين مؤمنةٌ بعنايةٍ فائقة تحسباً لأيّ طارئ. وفي هذا الصدد يمكن أن تمثل الصواريخ الإيرانية هدفاً لبعض خصوم إيران، خاصةً أن الصواريخ الإيرانية قادرةٌ على تحقيق أهداف بعيدة تطال الشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا.

وفقاً لما ذكر آنفاً تعمل إيران باستمرار على تحسين ترسانتها الصاروخية، كما تعمل على توسيع مدى صواريخها وتحسين أدائها. ومع ذلك لا تزال قدرة إيران على التصنيع منقوصة؛ إذ تعجز عن تحديد الأهداف البعيدة بدقة؛ لذلك يعمل الإيرانيون على تحسين أنظمة التحكم التي تمكنهم من الوصول إلى الأهداف البعيدة بدقةٍ عالية.

بالإضافة إلى ذلك تمتلك إيران أنظمة تدريبٍ واختبارٍ لإطلاق الصواريخ بأنواعها المختلفة. وقد دخلت بعض الصواريخ الباليستية من طراز “شهاب-3” و “ذو فقار” حيز العمل، إذ تم استخدامها ليلة 18 حزيران/يونيو ضدّ الجماعات الإرهابية في سوريا في منطقة دير الزور السورية. وأعلنت طهران حينها أن جميع الصواريخ تمكنت من ضرب مراكز قيادة العدو ومستودعاته بنجاح.

وعلى ضوء هذه المعطيات، تعتبر الصواريخ الإيرانية التي تمثل مصدر فخرٍ للسلطات الإيرانية، مصدر قلقٍ للدول الغربية وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية التي تتسم علاقتها مع إيران بالعداوة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المملكة العربية السعودية أن إيران تنافسها بقوة في منطقة الشرق الأوسط؛ ما دفعها إلى محاولة ردع طموحاتها الإقليمية بشتى الطرق، وتساعدها في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

 المصدر: معهد الشرق الأوسط الروسي

الرابط: http://www.iimes.ru/?p=36458

ضع تعليقاَ