أبريل 27, 2024

بشار الأسد يحاول الاستعانة بالأديان من غير المسلمين لإنهاء عزلته

مترجم عن مجلة الايكونوميست البريطانية

في الغابات والملاعب في أنحاء مختلفة سوريا ، يمارس الأطفال والبالغون تمارين اليوغا الروتينية. تفتح راحتهم في الدعاء، ورفعت أذرعهم إلى الوراء، وهم يهتفون «سوريا ناماسكار». تبدو العبارة كجملة عربية للدعاء بالبركة لسوريا، لكنها في الحقيقة تعني «تحية الشمس» باللغة السنسكريتية، يرددها مدرسون يرتدون أردية الرهبان الهندوس يبشرون بتعاليم «شيفا» -إله هندي قيل إنه أسس هذه الممارسة-، حيث يقول معلم سوري «نحن نقدم الراحة من ضغوط الحروب الحقيقية والاقتصادية»،

قبل عقدين من الزمان، عاد سوري معروف باسم «مازن عيسى» من «ريشيكيش»، وهي مدينة في سفوح «جبال الهملايا» تشتهر بدراسات اليوغا، وافتتح مركزاً لممارسة اليوغا في سوريا. واليوم تعمل العشرات من مراكز التأمل مجانًا في جميع أنحاء البلاد، ومفتاح نجاحهم هو أن الرئيس بشار الأسد يدعمهم.

لأكثر من نصف قرن، تحالفت سلالة الأسد وطائفتها العلوية -وهي فرع من الإسلام الشيعي-، مع الأقليات الدينية التي لا تعد ولا تحصى في سوريا من أجل تعزيز هيمنة النظام على الأغلبية السنية في البلاد. لكنه في الآونة الأخيرة مكّن طوائف أخرى من نشر جذورها.

فبالإضافة إلى تشجيع اليوغا، فقد سمح للمسيحيين الإنجيليين بفتح الكنائس في المنازل حيث يمكن للذين تحولوا عن الإسلام أن يمارسوا عباداتهم. بل إنه شجع اليهود من أصل سوري على زيارة العاصمة دمشق. ويأمل أن يؤدي هذا التدفق الديني إلى تضخم قاعدة الأقلية في النظام وإنهاء وضعه كمنبوذ في جميع أنحاء العالم.

«إنه برنامجه للتطبيع» ، كما يصفه «أيمن عبد النور»، وهو سوري مسيحي ومقرب سابق انشق عن النظام.

بالنسبة للعديد من السوريين ، تقدم الأديان الجديدة إغاثة مجتمعية في بلد دمرته حرب أهلية، يُعتقد أن أكثر من 350.000 شخص قد لقوا حتفهم. نزح ما يقرب من نصف السكان الذين يزيد عددهم عن 22 مليون نسمة في عام 2012، أو أجبروا على السفر إلى الخارج. ويُعتقد أن 90٪ ممن لا يزالون في سوريا يعيشون في فقر. ولا يزال المجتمع المدني والتجمعات السياسية مكبوتة.

بحسب المركز السوري لليوغا والتأمل -ومقره مدينة اللاذقية الساحلية- فإن مراكز اليوغا تضاعفت أكثر من أربع مرات منذ بدء الحرب في عام 2011، حيث توفر وزارة الرياضة لهم ملاعب كرة قدم لممارسة اليوغا. بينما انخفض عدد المسيحيين المنتمين إلى طوائف عريقة في سوريا من حوالي 2.5 مليون قبل الحرب إلى حوالي 500 ألف اليوم ، وفقًا لوفد مسيحي زار دمشق مؤخرًا. لكن يقال إن كنائس منزلية إنجيلية جديدة تفتح كل شهر، لا سيما في الشمال الشرقي الذي يحكمه الأكراد.

وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية لا تزال تسيطر بشدة على الدولة، إلا أن الأسد يبارك هذه التعددية الدينية، ويرسل مسؤوليه للاحتفال باليوم العالمي لليوغا، كما افتتحت كلية كاثوليكية في دمشق عام 2021. وفي بعض الأحيان يذهب هو وزوجته إلى الكنيسة، يقول الأسقف «دانيال» وهو مطران أسترالي زار الأسد مؤخراً في دمشق «لقد أظهر لنا روح المحبة لجميع الأديان وقال إنه يريد إعادة بناء الكنيسة في الشرق الأوسط».

ولم يتوقف الأسد عند هذا الحد بل أرسل مسؤوليه للقاء يهود من أصل سوري في أمريكا، طالباً مساعدتهم في إعادة بناء المعابد اليهودية في حلب، وهي مدينة في شمال سوريا، كما أرسل تعازيه في عام 2021 بعد وفاة «أبراهام حمرا»، الحاخام الأكبر السابق لسوريا في إسرائيل. يقول مبعوث بين الأسد واليهود السوريين: «العلاقات اليهودية هي أولوية بالنسبة له».

وبينما يتم إعادة الترحيب به تدريجياً في العالم العربي، يأمل الأسد أن تساعده سياسته «المتعددة الأديان» على إنهاء عزلته في أماكن أخرى. كما ساعدته اليوغا في تقوية العلاقات مع الهند. إذ يعتقد أن التواصل مع اليهود قد يحسن العلاقات مع أمريكا وإسرائيل، وقد صرح الأسقف الأسترالي دانيال عقب زيارته: «نصلي من أجل أن يرفع زعماء العالم العقوبات عن سوريا حتى يتمكنوا من إعادة بناء الوطن من جديد».

علماً أن العديد من الجماعات المسيحية في الخارج تعارض العقوبات الاقتصادية ضد سوريا على أساس أنها تضر بالسوريين العاديين أكثر من النظام – وأن الأسد رغم كل الدمار الذي قام به- إلا أنه يمثل حصناً ضد التطرف الإسلامي.

الآراء‭ ‬والمصطلحات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الترجمة‭ ‬لا‭ ‬تعبر‭ ‬بالضرورة‭ ‬عن‭ ‬رأي‭ ‬وتوجهات‭ ‬مركز‭ ‬إدراك‭ ‬للدراسات‭ ‬والاستشارات

ضع تعليقاَ