يوليو 26, 2024

ستراتفور: مصير سوريا يتركز في حلب

أعاد موقع ستراتفور نشر مقال سابق نشر في ابريل الماضي تحدث فيه عن أهمية حلب في الصراع الدائر في سوريا، جاء هذا تزامناً مع التطورات الأخيرة في حلب وتمكن قوات المعارضة من فك الحصار عن المدينة والسيطرة على بعض المناطق الرئيسية والهامة فيها. نورد هنا الترجمة الكاملة للمقال والذي يبين أهمية حلب ودورها في المعركة في سوريا

ملخص

وقف إطلاق النار في سوريا على وشك الانهيار تحت وطأة العمليات العسكرية المنتشرة في البلاد، وبالتركيز على محافظة حلب، تساهم العلميات العسكرية الجارية حالياً في تحديد اتجاه سير الحرب الأهلية في سوريا بشكل حاسم. وخلال الأسابيع المقبلة من المحتمل أن تؤثر هذه المعارك على توازن المعارك بين المتمردين والموالين، وتساهم كذلك في تغيير الموقف من داعش في المنطقة عدا عن تأثيرها على العلاقات المشتركة بين واشنطن وأنقرة اللتان تملكان مصالح وأهداف متعارضة في حلب.

تحليل

تزامناً مع العمليات العسكرية الكبيرة الجارية حالياً في حلب وما يمكن أن يتولد هناك مستقبلاً، تبرز حلب كونها نقطة محورية في الحرب الدائرة في سوريا، وتعد معركتها واحدة من المعارك الأكبر والأكثر حسماً بين المتمردين والموالين هناك. وحتى الآن مع قرب جولة جديدة من المحادثات في جنيف، تحظى المعركة في المدينة بأهمية بالغة لكلا الطرفين. تأمل دمشق بتعزيز موقفها وقمع محادثات الانتقال السياسي عبر تحقيقها لنصر عسكري حاسم في حلب. في الوقت نفسه، يناضل الثوار ويقاتلون من أجل بقاء قضيتهم والحفاظ عليها، وفي حال ما فقد الثوار حلب، فإن أي انتصار عسكري ضد دمشق يصبح بعيد المنال، وسيصبح موقف الثوار في جنيف خطراً للغاية.

ووفقاً لرئيس الوزراء السوري “وائل الحلقي”” فإن كلاً من موسكو ودمشق تخططان لعملية مشتركة بهدف السيطرة على المدينة، وهناك تيارات من التعزيزات الموالين للنظام السوري تتجه إلى حلب تضم كتائب عراقية وسورية وإيرانية ولبنانية وباكستانية ستشارك في هذه المعركة، بل إن هناك فصيلاً فلسطينياً مؤيداً للنظام السوري يشارك في هذه المعركة بعد أن شن هجمات على منطقة حندرات الواقعة في شمال المدينة. روسيا من جهتها نفت أي خطة لها للمشاركة في هذه العملية، وهو ما يشير إلى أن الحكومتين السورية والإيرانية قد تتحملان مسؤولية تنسيق حملة حلب في المقام الأول.

يدرك الثوار خطط الموالين هذه، وهو ما دفعهم لشن هجمات كثيرة خاصة في محيط مدينة حلب، فجبهة النصر وأحرار الشام ووحدات من الجيش السوري الحر بالإضافة إلى بعض المجموعات المسلحة ركزت عملياتها على المناطق الجنوبية من المحافظة. في البداية، نجح الثوار في الاستيلاء على تل العيص (ارض مرتفعة ذات قيمة استراتيجية عالية). لكن التراكم المستمر للقوات الموالية في المحافظة بالإضافة إلى الدعم الجوي الروسي الكبير ساهم في احباط محاولات لاحقة من قبل الثوار للمضي قدماً والسيطرة على مزيد من المناطق هناك.

المناطق الأخرى في حلب

في الجزء الشمالي من المحافظة تجري صراعات مختلفة. فعلى الرغم من التوافق التركي الأمريكي على ضرورة طرد داعش من المنطقة، إلا أن الخلاف على “من يجب الاعتماد عليه ” لتحقيق هذه المهمة ما زال يعيق التقدم هناك. تسعى أنقرة في المقام الأول إلى إعاقة تقدم قوات سوريا الديمقراطية والتي تمكنت من عبور نهر الفرات بعد ان نجحت في الاستيلاء على سد تشرين وبدأت الآن في التجمع قرب بلدة منبج التي تسيطر عليها داعش. الأتراك أعلنوا صراحة ضرورة توقف تقدم قوات سوريا الديمقراطية – التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي- والحيلولة دون استمرار تقدمها غرباً. تخشى تركيا من تمكن الأكراد من الوصول إلى تجمع عفرين الكردي في شمال حلب ما يساعد في تواصل المناطق التي يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود الكردية. أمريكا من جانبها دفعت باتجاه إيقاف تقدم القوات الكردية منعاً لتصادم محتمل بين الجماعة وأنقرة.

حتى الآن، ساهم التهديد التركي وضغوطات الولايات المتحدة في منع تقدم القوات الكردية باتجاه منبج، لكن تركيا تدرك أنها لن تتمكن من العثور على وسيلة مختلفة لهزيمة داعش، والمعارضة التركية وحدها لن تكون كافية لوقف توسع القوات الكردية إلى الغرب. وفي ضوء العمليات العسكرية الروسية في سوريا، لا يمكن للقوات التركية أن تبادر بغزو البلد نفسه. وبدلاً من ذلك تعتمد أنقرة على تشكيل ائتلاف من وحدات الجيش السوري الحر يحارب داعش في منبج. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، تلقت هذه القوات امدادات ثابتة من الأسلحة والمعدات التي تشير بوضوح إلى الدعم الأمريكي والتركي المشترك. نقلت وحدات سلاح الجو الأمريكي طرود دعم جوي فيما ساهم الاتراك بتوفير غطاء مدفعية ثقيلة من داخل الحدود التركية لهذه الجماعات.

ومع هذا الدعم الوافر، تقدم الثوار شرقاً وشنوا هجمات ضد داعش. ومع ذلك لم يساهم الدعم التركي والأمريكي الكبير في دفع الثوار نحو تحقيق تقدم حقيقي في مناطق شمال حلب. فعلى سبيل المثال، وبعد أسابيع من الكر والفر بالقرب من الحدود التركية، تمكن الثوار من تحقيق تقدم حول بلدة دودينيا مستغلين الدعم التركي والامريكي، لكن داعش تمكنت من جلب تعزيزات كبيرة نحو المناطق الشمالية، وشنت هجوماً مهلكاً – استخدمت به 12 سيارة مفخخة- ما أدى إلى تراجع الثوار مجدداً.

تشكيل مجلس جديد

تقدم الصعوبات التي تواجه الثوار فرصة لقوات سوريا الديمقراطية لكي تواصل تقدمها، وفيما يبدو أنها محاولة لتهدئة مخاوف تركيا، شكلت قوات سوريا الديمقراطية مجلساً عسكرياً في منبج يتكون من وحدة تركمانية وخمس وحدات عربية. وعليه فإن هذه القوات المتحالفة مع القوات الكردية سوف تتصدر الهجوم المرتقب ضد داعش مع دعم محدود من وحدات الحماية الكردية. واذا التزموا بهذا الامر يمكن حينها تخفيف الضغوط التركية الموجهة ضد القوات الكردية ومشاركتها، ومع ذلك لا تزال أنقرة غير واثقة بوحدات الحماية الكردية بشكل عام، وعلى الأرجح فإنها لن تتسامح مع تقدمها إلى ما هو أبعد من منبج.

وكنتيجة لذلك، سيستمر السباق الثلاثي بين قوات الدفاع الذاتي والمتمردين في عزاز وقوات النظام السوري للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي كما هو الحا في مناطق شمال حلب. في الوقت نفسه فإن داعش ستواصل القتال للحفاظ على خطوط الامداد المتبقية في المنطقة ومراكزها السكانية الهامة في حلب والمركز الرمزي لها في دابق أيضاً.

 

ضع تعليقاَ