أبريل 27, 2024

عرض كتاب: ثورات غير مكتملة.. اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي

الكتاب: ثورات غير مكتملة.. اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي

المؤلف: إبراهيم فريحات

الناشر: مطبعة جامعة ييل

تاريخ الإصدار: 19 أبريل 2016

عدد الصفحات: 304 صفحة

اللغة: الإنجليزية

مقارنة بين 3 تحولات ثورية

بمجرد أن تبدأ عملية التحوُّل في دول ما بعد الثورات، غالبا ما تنشأ تحديات، مثل: الاستقطاب السياسي وخطر نشوب حرب أهلية.

في هذا الكتاب، يقارن إبراهيم فريحات بين ثلاث دول تتصارع مع التحولات السياسية في أعقاب الربيع العربي، هي: اليمن، وليبيا، وتونس، ويرصد كيف انتهجت كل دولة نهجا مختلفًا أسهم في زيادة أو تقليل فرص نشوب الحرب الأهلية أو الانتقال الصحي.

ملخص فصول الكتاب

تتناول فصول الكتاب بالترتيب: مقاربات المصالحة وتشمل: والحوار الوطني، وتقصي الحقائق، والصراع مع الماضي، والإصلاحات وتتضمن: التعامل مع  النظام القديم والمساءلة والتطهير والإصلاح المؤسسي، ومنظمات المجتمع المدني ودور النساء والقبائل.

عشرات المقابلات الميدانية

يستند الكتاب إلى بحوث ميدانية أجراها فريحات على مدى ثلاث سنوات في اليمن وليبيا وتونس، وهو خلاصة أكثر من 200 مقابلة مع شخصيات رئيسية من بينها كبار المسؤولين الحكوميين ورؤساء الأحزاب السياسية والناشطين الثوريين الشباب والموالين للنظام السابق وممثلين عن المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني والقادة العسكريين والميليشيات وزعماء القبائل وأفراد المجموعات المشردة.

كتيب إرشادي سياسي

يعتبر هذا البحث كتيبا إرشاديًا سياسيًا للعمليات الحيوية التي ستشغل الدول الدول العربية لعقود، مثل: إجراء المصالحات وصياغة عقود اجتماعية جديدة وعملية الانتقال إلى الديمقراطية، سعيًا لإقامة دولة تتمتع بالاستقرار والشرعية”، على حد قول مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية رامي خوري.

ظاهرة لافتة

يستهل الكتاب بتشخيص ظاهرة لافتة: العملية الانتقالية التي تلي تغيير النظام يمكن أن تؤدي إلى إحياء قضايا قديمة وأحيانا منسية، وإعادة تفعيلها باعتبارها مشاكل ملحة على الساحة السياسية، بل تصبح القضايا المفترض أنها مفروغ منها، مثل: الهوية الوطنية وهيكل الدولة وأنماط الإنتاج الاقتصادي، مجرد أسئلة تحتاج إلى إجابة.

– في الحالة اليمنية، أدت الإطاحة بالزعيم الذي وحَّد البلاد، علي عبد الله صالح، إلى التشكيك في وحدة الدولة القومية اليمنية.

– في الحالة الليبية، أدى إنهاء ولاء زعماء القبائل للطاغية السابق، معمر القذافي، إلى إلى تأجيج التحزب القبلي، وقسّم الأمة إلى العديد من الفصائل المستقلة ذاتيًا.

– أما بالنسبة لتونس، أدى الانتقال السلس نسبيا للسلطة إلى ضمان التماسك الوطني، الأمر الذي جعل هذا النموذج حالة “نجاح” تُحتذى على حد وصف “فريحات”.

شرعية في مهب الخطر

أحد أسباب النجاح ‘المؤقت، هو استمرار مؤسسات النظام القديم (الجيش والشرطة والقضاء وغيرها) رغم أن الثورة قامت ضدها، الأمر الذي يضع شرعيتها الداخلية في مهب الخطر، ويجعل استمرارها مسألة وقت.

وبالتالي كافحت الدولة التونسية ما بعد الثورة أيضا لإعادة الاستحواذ على احتكار التمثيل وطني والاستخدام العقابي للقوة، لكنها تظل حتى الآن أكثر ‘سلمية’ وأقل “صخبًا” من ليبيا واليمن.

في الحالات الثلاث، تحاول دول ما بعد الثورة، وتحرز درجات متباينة من الفشل والنجاح في تقديم وفرض “عقد اجتماعي” جديد يمثل “الإرادة الوطنية” ليحل مكان العقد الاجتماعي البائد.

تشخيص ثلاثي

بناء على ذلك  يقترح “فريحات” تشخيصًا ثلاثيًا:

1) جلب الأطراف المختلفة للتداول جماعيًا بشأن “الإرادة الوطنية”.

2) ترسيم وتحديد أولويات مكونات هذه الإرادة وصياغة “العقد الاجتماعي” الذي سيضفى من خلاله الطابع المؤسسي على هذا الجهد.

3) تشريع هيكل للدولة يمثل هذه الإرادة الوطنية.

متطلبات ونتائج مرجوّة

النقطة الأولى تتطلب عودة إلى المظالم الماضية التي منعت الفصائل المختلفة من الجلوس معا على طاولة المفاوضات. وتستند النقطة الثانية على الأولى لصياغة الملامح التي تمثل الحاضر الوطني المشترك. بينما تتعلق النقطة الثالثة بالمؤسسات التي تخدم المستقبل المنشود.

من شأن هذه الخطوات أن تحقق المصالحة الوطنية، وتسوية المظالم السابقة من خلال العدالة الانتقالية، وإعادة صياغة العقد الاجتماعي الحالي لاستيعاب أكبر مجموعة ممكنة من المصالح والجهات الفاعلة الوطنية.

مصالحة وطنية شاملة

يخلُص فريحات إلى أن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين يتطلب من الدول التي خرجت من رحم الثورة أن تشارك في عمليات مصالحة وطنية شاملة تتضمن: إجراء حوار وطني، وبذل جهود لتقصي الحقائق، وتعويض المصابين، والتعامل مع النظام السابق، والإصلاح المؤسسي.

كما يلفت المؤلف إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة والمجتمع المدني والقبائل وغيرها من القوى الاجتماعية الأخرى في دعم العملية الانتقالية.

شيطان التفاصيل

لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. كيف يمكن تحقيق “العدالة الانتقالية” الذي لا تخيب آمال الضحايا وفي الوقت ذاته لا تستعدي من يفترض توقيع العقوبة عليهم؟ وكيف يمكن التوصل إلى إجماع معقول دون استبعاد الجهات المعزولة؟ وكيف يتحقق التوازن بين مجموعة متنوعة من الأهداف الانتقالية للجهات الفاعلة؟ لا توجد إجابات نموذجية لمثل هذه الأسئلة، بل يجب أن تدرس وفق مواصفاتها الخاصة.

انطلاقًا من الاعتراف بهذه الخصوصية آنفة الذكر، ينطلق “فريحات” بنهجه التجريبي لإجراء مقابلات مع “مئات من الشخصيات الوطنية، بما في ذلك كبار المسؤولين الحكوميين ورؤساء الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقادة الميليشيات وزعماء القبائل والنازحين والعلماء والصحفيين والموالين للنظام السابق وممثلي المنظمات الدولية من أجل تأطير ملامح الصراعات التي شملتها الدراسة.

كما كان متوقعا، كانت الردود التي حصل عليها المؤلف بعيدة عن الإجماع. ومع ذلك فإن العديد من القضايا التي أثيرت والجهات الفاعلة المعنية والإصلاحات التي يتطلع إليها كان لا يزال بالإمكان توصيفها في نحو عشرين نقطة لكل بلد.

إشكالية المناهج الغربية

هذا التوصيف هو المساهمة الرئيسية في الكتاب، بحسب الباحث هشام شفيق، ومع ذلك، لم يتضح بعد كيف يمكن تحقيق “التوازن” بين هذه القضايا المتباينة والفاعلين المختلفين والطموحات المتباعدة.

على الرغم من أن كتاب يرسم بمهارة تصورات الفاعلين الأصليين لصراعات ما بعد الثورة، إلا أن التوصيات المقترحة لا تتمتع بالقدر ذاته من الأصالة، بل تعتمد على مناهج حل النزاعات الغربية.

للتوصل إلى المزيد من الأصالة في التوصيات، يمكن للمؤلف أن يستكمل بحثه التجريبي للصراعات المعاصرة بالمزيد من الاستجوابات التجريبية لرصد فهم القوى الفاعلة لتلك الصراعات والقرارات المرجوة من وجهة نظرهم.

ضع تعليقاَ

1 comment