لتحميل هذه المادة بهيئة ملف (PDF) :
نتجت الخريطة السياسية الحالية للمشرق العربي عن عدة اتفاقات رسَّمت حدودها جغرافياً، كان أوَّلها وأهمّها الاتفاق الذي كان سرِّياً وقتئذ بين الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس وذلك في شهر مايو 1916 م. لم تظهر نتائج هذا الاتفاق السرِّي إلا بعد أربعة أعوام، ففي عام 1918 م انسحبت الجيوش التركية من دمشق، وفي ظل حالة الفراغ أعلن الأمير فيصل بن الحسين قيام دولة عربية في سورية، فأسس مؤتمراً وطنياً في يونيو 1919 م لتمثيل رغبة السوريين في الاستقلال العام، ثُم أَعلَنَ سوريا مملكةً في 8 مارس 1920 م. لم تلبث المملكة السورية كثيراً، حيث اتفق الفرنسيون والبريطانيون فيما يُعرَف باتفاقية “سان ريمون” بوضع سوريا الكبرى والعراق تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني، فاقتسم الفرنسيون سوريا الحالية ولبنان، وخضع العراق وشرقي الأردن وفلسطين للانتداب البريطاني وذلك في العام 1920 م ذاته . ثم انتُزعَ لواء اسكندرون مما تبقى من الخريطة في اتفاق بين الأتراك والفرنسيين حينها في تاريخ لاحق في عام 1939 م، وهكذا استقرَّت الخريطة إلى حين.
- تشكّل مضطرب
الخريطة التي اتفق عليها بيكو وسايكس أنتجت خللاً بنيوياً ومشكلات مستديمة جغرافياً وسياسياً واجتماعياً وأيديولوجياً، مغفِلَيْن حين رسْمِها وضارِبَيْن بعرض الحائط حين تنفيذها التركيبةَ العِرقية والطائفية والعشائرية المتشابكة في كلٍّ من العراق وسوريا، دون إعطاء أيَّ حق في تقرير المصير لشعوب المنطقة.
سنركز في هذا الملف على الكيان السوري وسنلاحق أسباب التقسيم الكامنة التي يعاد الحديث حولها في كل أزمة عاصفة في المشرق العربي، والتي تقوم عدة عوامل بتفجيرها وإخراجها إلى السطح.
يقول نجيب الأرمنازي في كتابه “سورية من الاحتلال إلى الجلاء”: صرَّح الجنرال المفوض الفرنسي موريس ساراي [1925م] أنَّ سوريا شهدت في (لعله يقصد “حتى”) سنة 1922 م ما لا يقلّ عن 35 ثورة (منها على سبيل المثال: ثورة إبراهيم هنانو [1919 م – 1921 م] وثورة إبراهيم الحديدي في حوران [1920 م] ، قتل من الجنود الفرنسيين فيها ما لا يقل عن 5000 آلاف جندي. ولذلك عمد الجنرال المفوض الفرنسي الأول [1919م – 1923م] إلى استراتيجية تقسيم سوريا إلى أقاليم ليتمكن من السيطرة عليها وإخماد الثورة فيها، وأصبح هذا تقليداً مع أيّ حالة تأزّم وانتفاض.
تعتبر سنوات الانتداب الفرنسي في سوريا (1920-1946) أساسية في تأسيس بنية سوريا الحديثة، ففيها تم بناء “جيش الشرق” الذي يُعَد النواة الأولى للجيش السوري، وتم تأسيس النظام الجمهوري بالإضافة إلى ترسيم الحدود وبناء مؤسسات الحكم والإدارة، وتم إقرار أول دستور للبلاد وانتخاب أول رئيس للجمهورية الوليدة عام 1932 م والذي كان حينها محمد علي العابد. في تلك المرحلة، ألقى أمران أساسيان ظلالهما على فترة التأسيس وأثرا في توجيه الأوضاع إلى اتجاهٍ معين مليء بالإنقسام والفوضى ولا يملك المقومات الأولية للاستقرار: (الأول) الصراع البريطاني-الفرنسي على الهيمنة والنفوذ، خصوصاً في فترة ضعف القبضة الفرنسية على البلاد. (الثاني) الصراع بين القوى الوطنية وسلطة الانتداب على الصيغة التي يجب أن تكون جغرافية وبنية الدولة عليها.
- الآثار الناجمة عن التقسيم
1.2 المشكلة الجغرافية
الخريطة الجغرافية عشية الانتداب الفرنسي كانت نتيجة اعتمادٍ عثمانيٍّ نابع مما تم التعارف عليه في السياق التاريخي عند أغلب الجغرافيين وأغلب الإمبراطوريات الممتدة على الأراضي السورية، حيث تُعرَف سوريا الكبرى أو “سورية الطبيعية” والتي هي بلاد الشام في العرف الإسلامي وتشمل سورية الحالية ولبنان وفلسطين وجزء من الإردن. النظام الإداري العثماني تَبَعَاً لهذا الفهم الجغرافي يقسِّم بلاد الشام إلى ثلاث ولايات: ولاية دمشق وولاية حلب وولاية بيروت. بالإضافة إلى ثلاث متصرِّفيات هي: متصرّفية القدس، ومتصرَّفية جبل لبنان، ومتصرِّفية دير الزور.
كانت معاهدة “سيفر” في عام 1920م أولى الأسافين “وأكثرها ضرراً” في جسد سوريا الكبرى بالشكل الذي عرف به منذ أزمنة طويلة، خصوصاً أيام حكم العثمانيين الطِوال. تم تقسيم سوريا الكبرى بين الفرنسيين والبريطانيين إلى ثلاث مناطق حينها: الأولى: منطقة شرقية تشمل دمشق وحلب وحماة وحوران والكرك، ثانياً: منطقة غربية تشمل جبل لبنان والساحل الغربي من الإسكندرونة شمالاً واللاذقية وطرطوس حتى بيروت جنوباً. ثالثاً: منطقة جنوبية تشمل متصرفية القدس ولوائي عكا ونابلس. وقع أيضاً على عاتق الفرنسيين ترسيم الحدود السورية اللبنانية وتم تشكيل دولة لبنان الكبير عام 1920م. ثم بالاتفاق بين البريطانيين والفرنسيين تم ترسيم الحدود السورية الفلسطينية عام 1922م.
ألقت نتائج الاقتطاعات الجغرافية في الجسد السوري ظلالها أيضاً على النخب الوطنية السورية المنقسمة أصلاً، إذ وجدوا أنفسهم في مأزق كبير حول كيفية التعامل مع الكيان المحدَث الذي كافحوا من أجل منع نشأته على الصيغة التي أرادها له الفرنسيون. وكان الانقسام بين القُطريين والقوميين العروبيين قد شكل حالة قلقَة أدت إلى تطور غير ناضج للهوية السياسية للكيان الجديد ومواطنه. إذْ تبنى الحزب القومي السوري تحقيق مشروع سورية الكبرى، ووضع حزب البعث تحقيق الوحدة العربية أهم هدف له، بينما تبنّى حزب الشعب تحقيق فكرة الهلال الخصيب، ومال الحزب الوطني إلى التقارب مع السعودية ومصر منعاً لقيام وحدة عربية تتسبب في حدوث اختلال في التوازن الإقليمي، كما لا زال بعض السياسيين يؤمن بالمملكة الهاشمية الكبرى.
2.2 الصراعات الأيديولوجية
تزامنت التشوّهات الجغرافية مع تقلبات أيديولوجية عاصفة، فمن قبل الانتداب الفرنسي وما بعد الانسحاب العثماني تأسست دولة على النمط الغربي الحديث تقوم على فكرة القومية العربية، وذلك في العهد الفيصلي نسبةً إلى الأمير فيصل بن الحسين، ركزت في خطابها السياسي على الهوية العربية، ومن مفارقاتها أنَّ هذه الدولة التي تتبنى خطاباً قومياً حديثاً قامت على شكل ملكي. وبعد اندثار العهد الفيصلي، وبداية الانتداب الفرنسي، أظهرت الأقليات الدينية والطائفية رغبة في تحقيق الحكم الذاتي بعيداً عن السلطة المركزية في دمشق. بالإضافة إلى الأقليات العرقية من الشركس والأكراد والآرمن الذين أظهروا بدورهم قدراً مماثلاً من الضغينة لدعاة الفكر القومي.
3.2 الانقسامات الاجتماعية
كان من المخطط لدى سلطات الانتداب، تقسيم سوريا إلى ثمانية كانتونات على النمط السويسري، لكن غورو ارتأى أن تكون أربع دويلات لأنَّ تحمل مسؤولية أربع حكومات إدارية أمر مكلف ومتعذر. بعد انفصال دولة لبنان الكبيروعاصمتها بيروت بأيام قلائل، تم إعلان دولة حلب في عام 1920م كدولة مستقلة، وإعلان دولة العلويين بعد ذلك بأسابيع والتي ضمَّت اللاذقية وجبلة وبانياس وصافيتا وطرطوس ومصياف. ثم أعلنت دولة جبل الدروز في النصف الأوَّل من عام 1921م وترأس حكومتها سليم الأطرش وعاصمتها السويداء، بالإضافة إلى “دولة دمشق” التي كانت مقراً لسلطات الانتداب.
أصبحت الأكثرية السنية أقلية في دولة العلويين، كما وقعت إدارة دولة حلب بيد الأقلية الآرمنية نتيجة لرغبة سلطات الانتداب الفرنسي. كما أنَّ دولة الدروز التي قامت على جبل حوران كان يمثل الدروز فيها نسبة لا تقلّ عن ٢.٢ ٪ من مجموع سكان الإقليم. بالإضافة إلى هذا المستوى الحاد من الانقسامات الاجتماعية، برزت حالة الانقسام بين مجتمع الريف ومجتمع المدينة وتعززت، مما دفع لاحقاً إلى ثورة الفلاحين.
- التقسيم في الوثائق الفرنسية:
تعتبر الوثائق الفرنسية أهم الوثائق المتعلقة بتاريخ بلاد الشام، وقد قام المؤرخ اللبناني وجيه كوثراني بجمع كثير منها ووضعها في سياق تفسيري وتحليلي تاريخي، وضمَّنها في كتابه “بلاد الشام في مطلع القرن العشرين: السكان والاقتصاد وفلسطين والمشروع الصهيوني، قراءة في وثائق الدبلوماسية الفرنسية” الذي نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في طبعته الثالثة عام 2013م [34] . انتقينا من هذه الوثائق كل ما يتحدث عن التقسيم وما له علاقة وثيقة به، لمحاولة فهم الجذور التاريخية لأطروحات التقسيم وتطوراتها.
القسم الثالث من الكتاب يحمل عنوان: “مشاريع فرنسا في السيطرة والتجزئة: طوائف وإثنيات ومشاريع”، إذْ ذكر فيها المؤلف الكثير من الأحداث والوثائق تتعلق بالتقسيم والتجزئة. يتكون هذا القسم من الكتاب بدوره أيضاً إلى عدة فصول، الأول يتحدث عن أثر الصراع الإنكليزي -الفرنسي على البنية الجيوسياسية لبلاد الشام، ويتحدث الفصل الثاني عن مشروع سورية الطبيعية في البرامج الفرنسية، والثالث يتحدث عن رؤية الدبلوماسية الفرنسية للطوائف والأقوام وطريقة التعامل معها، والرابع يتحدث عن المشاريع الإدارية لتنظيم الانتداب الفرنسي. بالإضافة إلى قسم يتعلق بفرنسا وفلسطين والصهيونية.
فيما يلي بعض مما ورد في هذه الوثائق كما أوردها وجيه كوثراني في كتابه “بلاد الشام في مطلع القرن العشرين”
- صفحة [223] تحت عنوان :الاستغناء عن فيصل وتشجيع الانقسامات بوجه “وحدة السلطة القومية”. ينقل وجيه كوثراني، برقيةً سرّيَّة بعث بها الجنرال غورو إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 1919م، يعرض فيها الموقف الذي يجب اتخاذه من حكومة فيصل، فيرى أن ثمة ضرورة لتصفيتها، كي تتأمن السيطرة الفرنسية على سوريا. كما تدور البرقية حول المخاطر الناتجة عن المنطلقات القومية والتوحيدية على المصالح الفرنسية.
- صفحة [224, 225]: يركز غورو في ذات الوثيقة، على أهمية الخصوصيات الإقليمية والطائفية في ضرب “الوحدة القومية”: “إن سكان المناطق الداخلية المسالمين خابت آمالهم من الاضطراب الذي أحدثته التحريضات الشريفية (تحريضات الأمير فيصل) التي ولّدت في عدد كبير من المناطق أوضاعاً فوضوية أتاحت أعمال نهب، ولم تكن القومية المناهضة لفرنسا، التي ليس لها سوى القليل من الأنصار، غير ذريعة لها. كل ذلك يدفع وجهاء كل مدينة إلى أن يستلهموا فقط النزعة الإقليمية الذاتية التي هي واقع هذا البلد، لمحاولة استمالة فرنسا من دون المرور بسلطة تبدو لهم عديمة الجدوى”.
- صفحة [225]: ثم يُكمل غورو، “أفيدكم بهذا الصدد أن النصيريين الذين يستيقظ حسهم الإقليمي – الذاتي، منذ أن لم يعد هناك (تواجداً) للأتراك لتذويبهم مع المسلمين، ساعدوني كثيراً في قمع الفتنة التي أثارها الشريف في منطقة تل كلخ، إذ تلقيت برقية تفيدني بأن 73 زعيماً نصيرياً، يتحدثون باسم جميع القبائل، يطالبون بإنشاء اتحاد نصيري مستقل تحت حمايتنا المطلقة. وكما هو حاصل بالنسبة إلى حوران، يقتضي تأمين الاستقلال الذاتي والعلاقات المباشرة للدولة النصيرية مع فرنسا“.
- صفحة [225]: ثم يوصي غورو بأن “إنقسامات سورية التي يجب أن تساعدنا في تنظيم البلاد بشكل عملي وملائم لسلطتنا، هي الآن ذات فائدة كبيرة لنا من أجل احتواء الحركة المنظمة ضدنا”.
- صفحة [227]: في تقارير وضعها خبراء فرنسيون بناء على معلومات جمعها قسم الاستخبارات في المفوضية العليا الفرنسية، خرجت بنتيجة مفادها: “..إنه من الضروري والمُلح إذاً أن تؤمَّن للبلاد هيئات سياسية خاصة بها، وأن تقوم سلطات محلية تتحمل المسؤولية على التو أمام الناس. كما استُبعدت إمكانية أن تحكم أسرة عربية في سورية موحدة، ويبدو أن لا خطر من أن نترك لمختلف التجمعات الأقوامية (الإثنية)، أن تشكل بنفسها أو بمساعدتنا إطار استقلالاتها الوطنية“.
- صفحة [228]: وكانت هذه النتيجة تابعة من قناعة استشراقية تقول: “أن البلاد التي كانت سابقاً جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، أدى التعارض التاريخي المزمن بين مفهومي الدولة والأمة إلى نمو العقلية الفوضوية. إذْ كُتب على السكان أن يتشكلوا في تجمعات صغيرة أقوامية أو إقليمية”.
- صفحة [228]: وتوضح هذه التقارير: “لذلك من المناسب إذاً أن ندفع بجدية لدراسة التجمعات الأقوامية المُهيَّأة لتشكل الاستقلالات الإقليمية الأولى. إن المسيو دو كاي الذي نوّه بأهمية المسألة يقدم، من دون شك، لهذا الموضوع معلومات وثائقية غنية وأفكاراً دقيقة. ولكي نتجنب تشكل سورية موحدة من فوق، من الملحّ أن تبدأ سورية فدرالية بالتشكل من تحت”.
- صفحة [229]: بدوره استبعد دو كاي، مستشار المفوضية العليا في سوريا، أي صيغة لـ”ملكية موحدة” ويقترح تجزئة فدرالية لسورية، وفي رسالة له مضمنة في أرشيف وزراء الخارجية الفرنسي بعنوان “فدرالية سورية”: “في الوقت الحاضر نلاحظ أن الأفكار عائمة جداً، وفي جزء كبير من الأوساط الإسلامية تسود فكرة أنه من الضروري أن نجعل لسوريا ملكاً يُحقق وحدة البلاد. وبحسب رأيي أعتقد أن ذلك سيكون تدبيراً رديئاً”.
- صفحة [230]: ويُكمل دو كاي في رسالته ذاتها، بأن حالة الارتباك لدى الأوساط الشعبية “تشكل بدورها سبباً لتوجيه الأفكار نحو السياسة الفدرالية، وإني لو لم أكن مسؤولاً بالنياية لطلبت رسمياً من الحكومة الإذن في تنفيذ ذلك في أول مناسبة، ولسعيت من أجل هذا. وإني لأعتقد أن مثل هذا التدبير من شأنه أن يبعث الارتياح لدى قسم كبير من وجهاء البلاد، إن لم يكن لدى جميع السكان الذين ما زالوا غرباء عن أي حياة سياسية”.
- صفحة [231] أما وجهة نظر الرئيس الفرنسي ميلّران حينها، قد وضحها في برقية سرية أرسلها إلى المفوض السامي الفرنسي، يقول فيها: “إن النظام الذي يستجيب بصورة أفضل لمصالح سورية ومصالحنا أيضاً هو سلسلة دول مستقلة جمهورية الشكل، تتناسب مع تنوع الأعراف والديانات والحضارات، وتتحد في فدرالية تحت السلطة العليا للمفوض السامي ممثل الدولة المنتدبة. وبذلك لا تكون الوحدة وحدة إدارة مركزية، بل وحدة اقتصادية (جمركية ومالية)”.
- صفحة [234]: ثم يوضّح ميّلران رؤيته لهذه الكونفدرالية السورية المقترحة والوحدات التي يُرشِّح أن تتكون منها، إذْ يقول:” يمكن أن نتصور منذ الآن ثماني مجموعات مستقلة، هي من الشمال إلى الجنوب: سنجق الإسكندرون، مستلحقة حلب، مجموعة النصيرية، مستلحقة حمص، مستلحقة طرابلس، مستلحقة دمشق، وأخيراً حوران. وتتضمن هذه الأخيرة مجموعتين: الدروز والمسلمين”.
- صفحة [234]: ويرى ميلّران أنّ قبوله بـ “مبدأ الاستقلالية الواسعة لـ الكانتونات، يُفقِد العوائق التي يثيرها الاختلاف بين المجموعات من حيث الثقافة، أو المساحة، أو السكان، أو الثروة، من أهميتها، .. بحيث أن نشكل مجموعة حيث هي موجودة، وأن نقبل بأن يكون لكل مجموعة تنظيمها الخاص يناسبها”.
- صفحة [236]: ويقترح ميلّران “إلى جانب ذلك، يُستحسن في الوقت نفسه، إنشاء جهاز فدرالي سوري أو مجلس دول، يكون له في البداية صلاحية استشارية بحيث يجري التداول فيه حول المصالح الاقتصادية المشتركة. وهذا المجلس لا ينتخبه الشعب في المرحلة الأولى، بل يُعيَّن بواسطة حكومات مختلف المجموعات المستقلة، وعلى أساس عدد متساوٍ من الممثلين عن كل مجموعة”.
- صفحة [242]: وفي رسالة أرسلها غورو للرئيس ميّلران يخالفه قائلاً: “أما في ما يتعلق بتقسيم هذه الكونفدرالية إلى ثماني أو تسع مجموعات، فإن ذلك يترتب عليه نتائج خطرة، فمن وجهة النظر السياسية بشكل عام، قد يخدم هذا التدبير فكرة الوحدة بدلاً من أن يقضي عليها، وذلك أن إنشاء مجموعات صغيرة لا تستطيع تأمين وجودها بنفسها، يجعلها تتكاتف وتتقارب بدافع الإحساس المشترك بوحدة المصالح”.
- صفحة [242]: ويقترح غورو بدلاً عن ذلك بأنه:” على العكس، فإنه من السهل الإبقاء على التوازن بين ثلاث أو أربع دول كبيرة، يتيح لها وضعها أن تكفي نفسها بنفسها، ويساعدنا عند الحاجة ويساعدنا عند الحاجة في تأليب بعضها على بعضها الآخر، وهذا واقع حساس تبدو بوادره بين دمشق وحلب”.
- صفحة [243]: لكن ميّلران في رده على اقتراحات غورو نبَّهَ إلى “الحذر من تقليص عدد الدول الكونفدرالية إلى ثلاث، يأتي من أن هذه الدول تصبح بسبب اتساعها النسبي أقل انقياداً -إلا في حال إيجاد جهاز مراقبة دقيق جداً- من مجموعات مؤطرة في مدن مستلحقة مستقلة وكانتونات. ثم إن الدول الكبيرة يمكن أن تشكل إطاراً لتحرك سياسي تقوم به مجموعات سورية تتهيأ لذلك”.
- نتج عن هذه المراسلات بين قائد جيوش فرنسا في الشرق، المفوض السامي هنري غورو وبين الرئيس الفرنسي ألكسندر ميلران، “سلسلة من المراسيم” عرفت بـ “مراسيم التقسيم”، أصدرها غورو كممثل لسلطة الانتداب في سوريا، وذلك بين تاريخي أغسطس 1920 ومارس 1921م. وقد بدأت سلسلة المراسيم هذه بفك أقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحصابيا عن دمشق في 3 / أغسطس / 1920 ، ثم تم إعلان إعلان لبنان الكبير في 31 / أغسطس / 1920 ، وترسيم الحدود مع تركيا في ذات عام 1920 ، وتم ترسيم دولة حدود دمشق وإعلان دولة حلب ودولة العلويين في نوفمبر 1920، وأعطي لواء اسكندرون والجزيرة الإدارة الممتازة في نوفمبر / 1920 ثم أعلنت دولة جبل الدروز في 4 / مارس / 1921 [37].
- من ملامح التطور التاريخي لفكرة التقسيم في المشرق العربي
1.4: أخذت أطروحات تقسيم المشرق العربي هوساً استثنائياً بعد احتلال العراق، تشارك السياسيّون مع مراكز الدراسات مع صحفيي الأعمدة في طرح مشاريع مختلفة لتقسيم المشرق العربي، على أسس إثنية وطائفية، وقائمة على مبدأ “تمكين الأقليات”. لم تكن هذه الأطروحات والمشاريع المختلفة والخرائط المسرَّبة منحصرة على الوضع العراقي فقط، بل شملت الخليج العربي ومصر وسوريا وتركيا والمغرب العربي بل وإيران أيضاً. تخف حالة الهوس هذه حول شكل وأسلوب التقسيم وتزداد تباعاً للناحية الأيديولوجية التي ينتمي لها صاحب الأطروحة.
- أول من طرح فكرة تغيير الواقع الجيوسياسي للشرق الأوسط في مطلع الألفية الثالثة، الضابط المتقاعد رالف بيترز الذي نشر دراسة ذكر فيها أن الحرب على الإرهاب ستبقى ناقصة ما لم تتم معالجة: “قضايا الإرهاب الأصولي والتخريب والكراهية الصادرة من الدول المحافظة التي لعبت دوراً في تقويض الأنظمة العلمانية ونشر التطرف في العالم الإسلامي وإعادة حقوق الإنسان إلى الوراء” [3] .
- [يونيو، 2002] دعا الخبير الإستراتيجي بمؤسسة “راند” لوران موريس الإدارة الأمريكية، في دراسة مقدمة إلى وزارة الدفاع الأمريكية إلى تبني حلول عسكرية متشددة إذا فشلت جهود الإصلاح في المنطقة العربية. وأن هذه الحلول العسكرية يجب أن تؤدي إلى واقع جيو سياسي جديد[3].
- [ يونيو، 2002] وفي ذات الشهر من ذات العام، وفي مؤتمر بإيطاليا، تحدث القيادي في أوساط المحافظين الجدد وليام كريستول، في مداخلته عن وجود أجندة أمريكية ستبدأ بالحرب على العراق وتنتهي: “بإسقاط الأنظمة الملكية في الخليج العربي” وإعادة رسم الخارطة [3].
- [ أغسطس، 2002] كما تقدم مؤسس معهد “هدسون” للدراسات الإستراتيجية ماكس سنجر لوزارة الدفاع الأمريكية، بدراسة تدعوا إلى إسقاط الأنظمة الملكية ودعم المعارضة في الخارج لإنشاء جمهورية مستقلة في شرقي شبه الجزيرة العربية.
- [مارس، 2003] في مقالة كتبها الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ليسلي غليب عنوانها: “العراق، حل الدول الثلاث”، دعا فيها إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول على أساس عرقي وطائفي.
- [أبريل، 2006] نشر معهد “غلوبال ريسيرتش” الكندي مقالاً لغاري هلبرت تحدث فيه عن وجود مخططات أمريكية لتقسيم منطقة الشرق الأوسط على أسس إثنية وطائفية، وأكدت الدراسة أن نائب الرئيس الأسبق ديك تشيني ونائب وزير الدفاع الأسبق بول ولفويتز كانا من أبرز المؤيدين لفكرة التقسيم [3].
- [نوفمبر، 2006] نشر معهد “غلوبال ريسيرتش” ذاته تقريراً آخر، تحدث فيه الكاتب عن إمكانية أن تشهد المرحلة المقبلة بذل جهود استخباراتية لتشجيع الأقليات في المنطقة للمطالبة بكيانات سياسية مستقلة [6].
- وفي تقرير نشره مركز “ستراتفور” للدراسات الجيوسياسية، إشارة إلى اعتزام الإدارة الأمريكية تقسيم العراق إلى ثلاث دول، بحيث يكون القسم الأول وسط العراق وعاصمته بغداد، والقسم الثاني في إقليم “كردستان العراق” الذي يمكن أن يتحول إلى دولة تتمتع بحكم ذاتي، أما القسم الثالث فيقع جنوب العراق وعاصمته البصرة ويقوم على أسس مذهبية بحتة [3].
- [يوليو، 2006] نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية دراسة للنائب الأسبق لرئيس هيئة الأركان الأمريكي رالف بيترز دعا فيها إلى إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط [26]. إذ قام بيترز بتوضيح ما أسماه بـ” حدود الدم” و شرح فيها أن هذه الحدود ستنتج من إعادة تشكيل الحدود الآسيوية والشرق أوسطية عبر تداخلات عرقية وطائفية وقبلية.
- كما توقع الباحث الأمريكي “جيمس لي”، في دراسة حول ارتباط المصالح الأمريكية بالأقليات، زيادة تأثير الأقليات على الشؤون السياسية والاقتصادية في منطقة الخليج العربي، خاصة وأن إيران هي الدولة الأكبر في المنطقة وتمارس نفوذاً على عدد من الجماعات المرتبطة بها فكرياً وعقائدياً، ورأى “لي” أنه بات من المتعين على الدول الغربية أن تبدي اهتماماً أكبر بالعوامل الجيوسياسية في الخليج العربي بدلاً من الاقتصار على سياسة الضغط الاقتصادي والسياسي على إيران [3].
- في عام 2011 نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية دراسة للباحث أ. بينات، انتقد فيها نزوع الأنظمة الملكية إلى المحافظة على الوضع القائم مما ينذر بعواقب وخيمة على الأوضاع الأمنية في المنطقة، وأشار الباحث إلى إمكانية أن تتعاون الإدارة الأمريكية مع إيران لدعم جماعات المعارضة بهدف تعزيز الديمقراطية في هذه الدول [6].
- رأى الباحث في جامعة هارفرد “روجر أوين” أن التسوية الغربية للمنطقة العربية عقب الحرب العالمية الأولى قد أنتجت دولاً مصطنعة، ولا يزال تحقيق الاستقرار متعذراً دون حكم عسكري استبدادي، مما يدفع بالمجتمع الدولي اليوم للبحث عن ترتيبات جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار بصورة أكثر واقعية، وذلك من خلال إعادة تقسيم المنطقة وفق حدود جديدة تحظى باعتراف عالمي كما وقع في السودان، أو من خلال تطبيق مفهوم: “التجزئة ضمن الحدود” كما هو الحال في العراق [6].
2.4 أخذت حالة الهوس حول تقسيم المشرق العربي موجة ثانية بعد ثورات الربيع العربي، خصوصاً في “الحالة السورية” التي أخذت بعداً مختلفاً. كما كان لباقي الدول العربية التي قامت فيها الثورات نصيباً من أطروحات التقسيم كمصر واليمن وليبيا. حيث وصلت أطروحات التقسيم في الحالة السورية -التي هي نموذج هذا الملف البحثي- أوجها بعد التدخل الروسي في سوريا بتاريخ 30/9/2015 م. وبعد تأسيس قوات سوريا الديمقراطية الكردية التي توسعت في أماكن كبيرة بتغطية من الطيران الأمريكي.
- نشر الباحث بجامعة “جورج تاون”، غبريال شينمان، بحثاً أشار فيه إلى أن الشرق الأوسط يدفع ثمن أخطاء الدول الغربية عندما رسمت خارطة المنطقة في مطلع القرن العشرين، مؤكداً أن مفتاح حل الأزمات السياسية في مرحلة الربيع العربي يكمن في إعادة رسم خريطة المنطقة فيما يتناسب مع طموحات الأقليات الإثنية والمذهبية [8].
- نشر رئيس تحرير صحيفة “هارتز” الاسرائيلية “ألوف بن” مقالاً أكد فيه على ضرورة أن تسفر تطورات المنطقة عن صياغة خريطة سياسية جديدة تحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وذلك عبر تأسيس كيانات سياسية جديدة [8]
- توصل الباحث في مؤسسة “أمريكا الجديدة” باراج خانا أحد أبرز المنادين بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، إلى توقع مفاده أن يصل عدد الدول المستقلة في العالم خلال الفترة القادمة إلى 300 دولة بدلاً من 200 دولة اليوم [8].
- رأى “خانا” أيضاً، في مقال آخر نشرته مجلة “فورين بوليسي” بعنوان: “الانفصال قد يكون مفيداً”، أن ولادة دولة جنوب السودان تمثل بداية الترتيبات لولادة دول جديدة في الشرق الأوسط على أسس إثنية ومذهبية [6].
- أشار الكاتب بصحيفة “نيويورك بوست” أرنولد ألرت إلى ظهور عوامل التحلل على خريطة المنطقة العربية بعد مرور نحو قرن ساد فيه الحكم الاستعماري ثم العسكري الشمولي، ورأى ألرت أن الصورة الأنسب لضمان استقرار الكيان الجمهوري في سوريا تكمن في تأسيس نظام “ترويكا” تتوزع السلطة فيه بين السنة والأكراد والعلويين [8].
- طرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر في محاضرة بمدرسة: “جيرالد فورد للسياسة العامة” التابعة لجامعة ميشتيغان، فكرة تقسيم سوريا على أسس إثنية وطائفية. وقد قال في محاضرته هذه أن: “هنالك ثلاث نتائج ممكنة: انتصار الأسد، أو انتصار السنّة، أو نتيجة تنطوي على قبول مختلف القوميات بالتعايش معاً، ولكن في مناطق مستقلة ذاتياً على نحو أو آخر، بحيث لا تقمع بعضها البعض وهذه هي النتيجة التي أفضّل رؤيتها تتحقق” [4].
- [أغسطس، 2013] نشر “مركز ويلسون” للدراسات، دراسة تقترح خريطة لفض الاشتباك بين المعارضة والنظام على طول الخط السريع بين دمشق وحلب، بحيث تصبح دمشق وحمص وحماة ومحافظات الساحل تحت حكم النظام، وتخضع القطاعات الشمالية والشرقية للمعارضة [8].
- [23، يونيو، 2015] اقترح الخبير في الشؤون الأمنية بمعهد بروكينغز، مايكل أوهانلون، حسم الصراع في سورية من خلال تأسيس نظام فيدرالي يبدأ من منطقتين: كردية في الشمال ودرزية في الجنوب، ومن ثم إنشاء منطقة آمنة للعلويين وتشكيل مجلس إدارة علوي يعمل على توفير الخدمات الأساسية بالتنسيق مع الروس والإيرانيين [8].
- أكد الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية، آرام نرغيزيان، أن النظام السوري: “قد بدأ الاستعداد لفكرة حماية مناطقه الأساسية وجعلها آمنة في ظل وجود 175 ألف مسلح تحت إمرته، ينضوون في صفوف الجيش والمليشيات ومقاتلي حزب الله والمقاتلين الشيعة الأفغان” [8].
- [23، يونيو، 2015] أشار موقع بلومبيرغ، إلى أن الأكراد هم الكاسب الأكبر من أحداث المنطقة، فبعد تحقيق حلم الحكم الذاتي في كردستان العراق، يعمل أكراد سورية على فرض إقليم كردي شمال البلاد، ويحظون في سبيل ذلك بإسناد جوي أمريكي وتمويل أوروبي بغض النظر عن الانتهاكات التي يرتكبونها وعمليات التغيير الجغرافي المتمثلة في إزالة الحواجز التي كانت تفصل إقليم الجزيرة شرق سورية عن إقليمي عفرين وعين العرب في شمالها [8].
- كتب المحلل الإسرائيلي “تسفي برئيل” في صحيفة “هارتس” أن سرغي ريفكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، ألقى في هذا الأسبوع قنبلة سياسية عندما قال “إذا قرر السوريون أن تكون سوريا دولة فيدرالية، فلا أحد يمكنه منع ذلك… آمل أن الأطراف المشاركة في المفاوضات تقوم بفحص فكرة الفيدرالية”. المغزى الفعلي للاقتراح الروسي إذا تحقق، كما أفادت الصحيفة، هو أنه ليس الأكراد وحدهم في سوريا يمكنهم السيطرة على مقاطعة فيها حكم ذاتي، وفقط، بل أيضا تكون للعلويين مقاطعة خاصة بهم. والمقصود كما يبدو مقاطعة اللاذقية التي فيها أيضا المعسكرات البحرية وأغلبية القواعد الجوية لروسيا. ويبدو أن مقاطعة درعا أيضاً في الجنوب ستحظى بحكم ذاتي.
- طرح مركز راند في ديسمبر 2015م خطة “سلام من أجل سوريا” قام بترجمتها ونشرها “مركز إدراك للدراسات والاستشارات”، جاء فيها بنداً هاماً حول التقسيم، إذ تقول الخطة أن حيثيات السلام المطروحة “ينبغي على الأمم المتحدة الالتقاء بممثلي جميع الفصائل السورية التي وافقت على وقف إطلاق النار وبدء مناقشات سبل بناء أسس جديدة للدولة السورية الموحدة المنشودة. بلا شك، ستأخذ المسألة وقتًا طويلًا لنجاح جهود استعادة سوريا الموحدة، هذا إن كان بالإمكان تحقيقه. وربما تكون الكيانات الناشئة عن هذه الاتفاقات اتحادات أو كونفدراليات معينة. ومن المحتمل أن ينطوي الأمر على منح حكم ذاتي موسع بما في ذلك السيطرة على الأمن المحلي من قبل السلطات المحلية في كل فدرالية أو جزء، وقد يشمل الأمر بشكل صريح تقاسمًا للسلطات على أساس طائفي كما جرى في لبنان بعد إنقضاء الحرب الأهلية الطويلة” [9].
- تصريحات سياسية تتعلق بالتقسيم في سوريا
أخذت فكرة “تقسيم سورية” جزءً كبيراً من تصريحات السياسيين فيما يتعلق بالملف السوري، وإنْ كانت التصريحات حول التقسيم تأخذ منحناً متموِّجاً منذ بداية الثورة في سوريا إلا أنَّها أخذت زخماً كبيراً بعد التدخل الروسي في سوريا في 30/9/2015 م. سنحاول هنا جمع أهم هذه التصريحات:
- 2/3/2016 م: قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه ربما يكون من الصعب إبقاء سوريا موحدة إذا استغرق إنهاء القتال فيها مدة أطول، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أميركي كبير عن خيار تقسيم سوريا، حيث دأبت واشنطن على تأكيد ضرورة المحافظة على سوريا ديمقراطية علمانية موحدة [15].
- 2/3/2016 م: ألمحت روسيا من خلال سيرغي ريابكوف نائب وزير خارجيتها إلى أنها لن تقف ضد فكرة إنشاء دولة فدرالية في سوريا، معربا عن أمله في أن يتوصل المشاركون في المفاوضات إلى ذلك. وأضاف أنه “لا بد من وضع معايير محددة للهيكلة السياسية في سوريا في المستقبل تعتمد على الحفاظ على وحدة أراضي البلاد بما في ذلك إنشاء جمهورية فدرالية خلال المفاوضات”[7].
- 6/3/2016 م: أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن “تركيا ترفض أن تقسم سوريا لدويلات، مشيرا إلى حديث جمعه بالمسؤولين الإيرانيين في طهران واتفاقه معهم على دعم بقاء سوريا موحدة. وأكد داود أوغلو في تصريح صحفي له أن “اتفاقية سايكس بيكو قسمت المنطقة قبل مئة عام، وينبغي ألا نسمح بتقسم جديد” [11].
- 28/2/2016 م: صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “الجميع قلق حاليًّا إزاء هذا التقسيم (الادعاءات حول تقسيم سوريا إلى 3 مناطق)، ونحن أيضًا قلقون. لماذا؟ لأن هناك البعض ممن يدعمون إنشاء ممر في شمال سوريا على يد “ب ي د PYD” و”ي ب ك YPG”، ونحن قلنا إننا لن نسمح بإقامة مثل هذا الممر، وسنفعل ما يمليه الواجب علينا في هذا الخصوص. فوجود مثل هذا الممر للتنظيمات الإرهابية يمثل مشكلة وخطرًا بالنسبة لنا” [13].
- 13/3/2016 م: قال رئيس “المجلس الوطني الكردي”، إبراهيم برو، إن الفدرالية لا تعني تقسيم سوريا. وحول احتمال تطبيق نظام فدرالي في سوريا، قال برو “إن المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان ديمستورا، ووزراء خارجية أمريكا وروسيا والدول الأوروبية، يؤكدون على ضرورة إقامة نظام فدرالي في سوريا”. وأضاف برو أن “سوريا على أبواب التقسيم بالفعل”، لذلك فإن حديث المجتمع الدولي عن الفدرالية يصب في مصلحة وحدة الأراضي السورية. وأوضح أن المجلس يؤمن بأن الفدرالية لا تعني تقسيم سوريا، وأضاف أنه إذا لم يتم تطبيق الفدرالية في سوريا، فإن البلد سيقسم، وعندها سيتحسر السوريون على الفدرالية [14].
- 17/3/2016م: وصل 200 عضو من ممثلي “الإدارة الذاتية” في مناطق الجزيرة، وعين العرب (كوباني)، وعفرين، إلى الصيغة النهائية لنظام الحكم في مناطقهم تحت عنوان “الفيدرالية”. عضو المؤتمر، علي جمال، اعتبر “أن سوريا تعيش حالة حرب وفراغ سياسي والضرورة تستوجب ملأه، واصفًا الفيدرالية بأنها نظام قائم على التعايش واحترام الآخر، و ستكون بكل تأكيد النموذج الأفضل لسوريا المستقبل” [16].
- 17/3/2016م: حذر الائتلاف من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات، مؤكدًا أن مبادئ الثورة السورية “تقوم على ضرورة التخلص من الاستبداد وإقامة دولة مدنية تعددية ديمقراطية تحفظ حقوق جميع السوريين، على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم”.
- 17/3/2016م: اعتبر النظام السوري أن إقامة الأكراد نظامًا فيدراليًا في مناطقهم “لن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي”، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، عن مصدر في الخارجية قوله إن أي إعلان بهذا الصدد “لا قيمة قانونية له، وطرح الفيدرالية سيشكل مساسًا بوحدة الأراضي السورية بما يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية”.
- 17/3/2016م: أشار جمال معروف قائد جبهة ثوار سوريا إلى أن حزب (PKK) يحاول تقسيم سوريا من خلال إعلان “باطل” للفدرالية على حساب دماء مئات الآلاف من الشهداء، وأضاف “ويحملنا واجبنا الوطني والثوري رفضه جملة وتفصيلاً، وإننا نعتبر تنظيم وجيش الثوار خونة للشعب السوري وثورته بعد أن تبين تواطؤهما مع النظام والدول المعادية للثورة السورية ومحاولة ضرب استقرار الدول التي وقفت إلى جانب الشعب السوري” [20].
- 17/3/2016م: أكد مهند المصري، القائد العام لحركة أحرار الشام،، أن فكرة تقسيم سوريا أمر مرفوض تماما، مشيرة إلى أنه بمثابة خط أحمر لا يمكن القبول به. و أوضح المصري، خلال حلقة من برنامج “بلا حدود” على فضائية “الجزيرة” في حلقة 16/3/2016م ، “أن الشعب السوري لا يمكن أن يقبل أن تصبح بلاده فدرالية” [21].
- 11/3/2016م: نقلت وكالة (رويترز) عن ديبلوماسيين في مجلس الأمن، لم تسمهم، قولهم إن بعض القوى الغربية إضافة لروسيا، تبحث إقامة نظام اتحادي في سوريا، “يحافظ على وحدتها كدولة واحدة بينما يمنح السلطات الإقليمية حكما ذاتياً موسعاً” [17].
- 10/3/2016م: تحدث المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، إن “السوريون كلهم رفضوا تقسيم (سوريا) ويمكن مناقشة مسألة النظام الاتحادي في المفاوضات”.
- 11/3/2016م: أوضح صالح مسلم زعيم “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي” في سوريا أن الحزب “منفتح على فكرة النظام الاتحادي”.
- 8/3/2016م: أشار الأمين العام المساعد لمجلس الدول العربية السفير أحمد بن حلي إلى أن “المجلس سيبحث جهود حل الأزمة السورية خاصة في ضوء المساعي الدولية من أجل تحقيق الحل السياسي، مؤكداً دعم الجامعة العربية لوحدة سوريا وسيادتها الإقليمية ورفض أي محاولات لتقسيمها رغم الأفكار المطروحة حول الفيدرالية في سوريا” [19].
- 26/2/2016م: قال وزير الدفاع الإسرائيلي “موشيه يعالون” على هامش مؤتمر “ميونخ” للأمن، إن “الوضع في سوريا معقد للغاية، ويصعب رؤية كيف يمكن أن تتوقف الحرب والقتل الجماعي هناك”. وأضاف الوزير الإسرائيلي، أن بلاده تتوقع تشكيل جيوب في سوريا سواء كانت منظمة أو لا، تشكلها مختلف القطاعات التي تعيش وتقاتل هناك، مؤكدًا أن سوريا “لن تكون موحدة في المستقبل القريب” [18].
- 26/2/2016م: قال الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA”، مايكل هايدن، إن الاتفاقيات العالمية التي عقدت بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تنهار، ما سيغير حدود بعض الدول في الشرق الأوسط. وقال هايدن لشبكة “سي إن إن”: “الذي نراه هو انهيار أساسي للقانون الدولي، نحن نرى انهياراً للاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الثانية، نرى أيضاً انهياراً في الحدود التي تم ترسيمها في معاهدات فيرساي وسايكس بيكو، ويمكنني القول بأن سوريا لم تعد موجودة والعراق لم يعد موجوداً، ولن يعود كلاهما أبداً، ولبنان يفقد الترابط وليبيا ذهبت منذ مدة” [22].
- 14/2/2016م: وصف مدير عام وزارة المخابرات الإسرائيلية رام بن باراك، التقسيم بأنه “الحل الممكن الوحيد”، مؤكداً “أعتقد أنه في نهاية الأمر يجب أن تتحول سوريا إلى أقاليم تحت سيطرة أي من يكون هناك، العلويون في المناطق التي يتواجدون فيها والسنة في الأماكن التي يتواجدون فيها”.
- 20/1/2016م: دعم رئيس الوزراء الاسترالي، مالكولم تورنبل، حلًا سياسيًا لسوريا يقضي بـ “نوع من التقسيم”، غير أن بوب بوكر، السفير الاسترالي السابق في الأردن ومصر وسوريا، لديه تحفظات عميقة بخصوص هذا الطرح ويعتقد بأنه ليس حلًا قابلاً للتطبيق، كما نقل ذلك مراسل الـ ABC News فران كالي. وقال تورنبل، لمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، إن “الوضع السوري سيء للغاية، ويجب عدم استبعاد أي خيار من إنشاء قوة مؤسساتية ومركزية للتفكير بنوع معين من التقسيم لسوريا. علينا أن نفكر بشكل براغماتي ونعترف بالمساومات الصعبة، التي علينا القيام بها لتجنب انتشار أكبر للصراع الطائفي عبر المنطقة” [24].
- 19/2/2015 م: حذر ملك الأردن عبد الله الثاني من أن “أي تقسيم لسوريا سيخلق مشاكل خطرة للشعب السوري والمنطقة برمتها”، مشدداً على أن “كل سيناريوات التقسيم كارثية النتائج”. واعتبر أن التقسيم والتفكك “سيُنتجان كيانات هشة تشكل عبئاً أمنياً وبشرياً على جيران سوريا وقد يغذي ذلك توجهات انفصالية خطرة في المنطقة” [12].
- 6/3/2016م: تحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن الخطة (ب) ، والتي قد كان ألمح إليها أثناء جلسة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، بأنه «قد يكون من الصعب إبقاء سوريا موحدة، إذا استمر القتال لفترة أطول من ذلك». وقد تحدث موقع «المونيتور» الأمريكي عن مخاوف روسية مما تطلق عليه الولايات المتحدة الخطة (ب) البديلة في سوريا في حالة فشل وقف إطلاق النار، وهي “تقسيم سوريا”. وقد أوضح الموقع الأمريكي في تقرير له أن المسؤولين الروس قد أعربوا عن مخاوفهم بشأن الحديث الأمريكي مؤخراً عن خطة بديلة إذا انهارت العملية الحالية، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي «ميخائيل بوغدانوف»: “نحن نشعر بالقلق إزاء الحديث عن خطة بديلة .. ليس لدينا خطة بديلة” [23].
- استحضر بشار الأسد رئيس النظام السوري، فكرة “سوريا المفيدة”، التي انسحب إليها وتُشكل ٢٥٪ من البلاد . وتعتبر سوريا المفيدة مفهوم اخترعه الانتداب الفرنسي، هي المنطقة التي تمتد من دمشق إلى القلمون وحمص ودرعا وحماة، وصولاً إلى طرطوس واللاذقية وحتى الحدود التركية [36].
- كتابات ودراسات تتمحور حول تقسيم سوريا
نالت مشاريع وأطروحات تقسيم سوريا اهتمام الكثير من مراكز الدراسات والباحثين بل والصحفيين أيضاً، وتم تسريب الكثير من الخرائط التي تتعلق باتفاق جديد حول المشرق العربي، بعضٌ من هذه الخرائط تم تداوله بين مراكز الدراسات بشكل جاد وفعلي والبعض منها أقرب للضربات الصحفية التي لا تمت لواقع المشاريع المطروحة حول التقسيم بصلة. ومع أن هذه الخرائط والمشاريع التقسيمية طالت كل المشرق العربي، لكن سخونة الوضع السوري وتعقده والانقسامات الدولية حوله، جعلت ملف تقسيم سوريا محط الاهتمام والتداول الكبير.
- رأى المحلل السياسي ومدير مركز أوكلاهوما لدراسات الشرق الأوسط، الأمريكي “جوشوا لانديس” إلى أن الحل باعتقاده من الممكن أن يتم من خلال تقسيم سوريا إلى جزئين: الجزء الأول إلى الشمال وهو دولة سنية فيها الميليشيات الإسلامية وداعش، وإلى الجنوب دولة لنظام بشار الأسد” [27].
- يرى غريغوري غوس، الخبير والباحث في مركز بروكنجز، في مقالة بعنوان “هل هذه هي نهاية اتفاقية سايكس -بيكو ؟” وهل سنشهد إعادة رسم مهمة لحدود الشرق الأوسط، “بأنه لا يبدو أن الحدود “المصطنعة” التي رسمتها بريطانيا وفرنسا حول المشرق العربي عقب انهيار الامبراطورية العثمانية تسير إلى رمقها الأخير”. وقال فيما يتعلق بالشأن السوري “على غرار لبنان خلال حربه الأهلية، قد ينتهي الأمر بسوريا إلى حالة من التقسيم الفعلي، ولكن لا يبدو أن أي قوة أجنبية ستبدي استعدادها للاعتراف باستقلال أي من تلك الدويلات السورية. ولا يبدو كذلك واضحاً أن قادة هذه الدويلات السوريين سيدعون الإستقلال الرسمي” [28].
- يقول الباحث السياسي مهنا الحبيل في مقالة على موقع الجزيرة. نت، بعنوان “الشرق الإسلامي والحروب الصفرية”: “لست أعرف ما إذا كان طرح مشروع تقسيم سوريا -وتحديداً في هذه اللحظة- يمثل خياراً موضوعياً”، ويؤكد قائلاً “إن أكبر تحد يواجه الغرب -الذي اعتمد مساراً يخلق له بديلاً عن سايكس بيكو- هو كيف يتعامل مع الخرائط الجديدة، حين يسقط بنيان سايكس بيكو ذاتياً، وكيف يتعامل مع الأنظمة الرسمية توظيفاً أو تحجيماً، أو مواجهة للمتمرد منها”. ويقول أيضاً: “يبدو مسار التقسيم أمراً مطروحاً لتعزيز معادلة تقسيم المقسّم، وهو ما يجعل المنظمات الكردية التي انخرطت في المشروع، حصان طروادة مهماً جداً لكل القوى” [29].
- عن النظام الفيديرالي في سوريا، كتب منير الخطيب في جريدة الحياة 18/ 3/2016م: “لم تكن أزمات الكيان السوري، منذ تأسيسه بداية القرن الماضي، ناجمة عن عدم قيام نظام فيديرالي، بل هي أوسع من ذلك بكثير. والسوريون الذين فشلوا طيلة قرن في بناء دولة وطنية لأسباب مختلفة، لن يستطيعوا إقامة نظام فيديرالي ناجح للأسباب ذاتها. فتشكيل هكذا نظام أكثر تعقيداً من تشكيل النظام المركزي”. وقال أيضاً في سياقٍ آخر: “يرجح أن تتطابق حدود الفيديرالية المقترحة في أذهان المشتغلين عليها، مع الحدود الجغرافية التي سترسمها الحرب الدائرة على الأرض السورية بالتعالق مع هذه الإشكاليات الثلاث، أي المسألة الكردية، والحالة المذهبية السنية – العلوية، وحدود المنطقة الشرقية من سورية، التي تسيطر عليها الفصائل الإسلامية المتطرفة. لكن ذلك لن يؤسس إلا فيديرالية فاشلة، لأن الميليشيات المختلفة (السنية والشيعية والعلوية والكردية)، ومن خلفها القوى الدولية والإقليمية الداعمة لكل منها، هي من سيخط حدودها [30].
- كتب جيمس ستيفريد وهو جنرال متقاعد في البحرية الأمريكية في صحيفة “الفورين بولسي” مقالاً بعنوان: “قد حان الوقت بشكل جدّي للتفكير بتقسيم سوريا” وذلك في تاريخ 9/3/2016م [35]. إذْ قال في مقالته أن: “وقف إطلاق النار في سوريا يأتي في ظل فاجعة سكانية و إنسانية كبيرة، المشاكل الحقيقية ما تزال موجودة حول مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد والخلاف السعودي – الإيراني الذي يأخذ شكلاً جيوسياسياً دينياً عدا عن الخلاف التركي – الروسي الذي بدأ يأخذ مناحٍ استراتيجية وتتيكية أكثر من ذي قبل”. وأن “الأسباب هذه تجعل النظر إلى سوريا في إطار بوتقة دولة واحدة أمراً بعيد المنال.”
- كما أوضح في ذات المقالة، “أن الحدود السورية الحالية جاءت بعد انهيار الدولة العثمانية، سوريا الحالية لا تعد امتداداً لحضارة طويلة الأمد مثل إيران أو تركيا أو حتى اليونان. ويعد هذا جزء من الأسباب بالاضافة إلى الأعمال الوحشية لنظام الاسد ومشكلة ندرة المياه والاضطراب العام الناتج عن الربيع العربي. ويبدو أن هذه العوامل ستدفع باتجاه التقسيم على أساس ديني وعرقي”.
- وقال أيضاً أن “بعض المراقبين ينظرون إلى التقسيم بأن يشمل المنطقة العلوية حول دمشق وصولاً الى البحر، وتخضع لحكم الأسد ومتابعة قادته. بالإضافة إلى المناطق التي تخضع للحكم السني المعتدل بعد القضاء على الفصائل المتشددة، عدا عن المنطقة الكردية في الشرق. من الواضح أن هذا النهج سيؤدي الى تقسيم سوريا بمثل الطرق التي قسمت فيها يوغسلافيا بعد وفاة مارشال تيتو، أو نظام اتحادي مثل البوسنة بعد اتفاق دايتون. أو نموذج اتحادي ضعيف مثل العراق”.
- كما أوضح أن “هناك سلبيات بكل تأكيد تحتاج إلى اطلاع قبل التوصل إلى طريق للتفاوض. تبدأ بالتعامل مع المشاريع الصغيرة للاقليات وسيناريوهات الفوضى المحتملة الأخرى. هذا مسار صعب للغاية، فالدولة الفاشلة تملك تضاريس بشرية معقدة، لا يمكن التعامل معها دون تنازلات وتبادلات معقدة. الدول المحاذية لسوريا ستعمل على إنشاء جيوب تمارس سحب الأقليات العرقية او الدينية. وهذا صعب أيضاً لأن الكثير من الأحزاب غير راض عن جوهر الاتفاق بحد ذاته. عدا عما يحمله القانون الدولي من تعقيد في هذا الجانب.وما ستشكله هذه التقسيمات من آثار على دول أخرى تملك أقليات تتوق لهذا التقسيم مثل أسبانيا والصين وبريطانيا وتركيا”.
- وها نحن نرى، كما يقول، “أن الجار العراقي، يعاني من دعوات عنيفة للتقسيم المضطرب منذ عقود. لكن العراق يملك ثروة نفطية كبيرة بامكانه استخدامها لتهدئة نوازع الانفصال على المدى القصير. أما سوريا فلا تملك أي من هذه الموارد بشكل كبير ما يجعلها تحت ضغط أكبر من غيرها. قابلية السوريين للتنقل خلال الحرب الحالية تجعل إمكانية التقسيم واردة لأن السكان باتوا متقبلين لفكرة الانتقال نحو المناطق الأكثر أمناً. فقد خاضوا البحر مقابل الأمن ولا مانع لدى كثير منهم من الانتقال إلى مناطق أخرى توفر أمناً حقيقياً لهم”.
- كما يتوقع أنه “من غير المرجح أن يوافق المتطرفون السنة على هذا التقسيم، وكذلك الحال بالنسبة للمدعومين من الروس بقوة. ولذا فالحل على الأغلب سيكون مزيجاً من حملة لهزيمة داعش وإنشاء نظام فيدرالي ” يتمدد” ويسمح بدرجة عالية من الحكم الذاتي المحلي. إدخال الفكرة إلى المفاوضات ستحتاج لتثبيت وقف إطلاق النار لفترة جيدة، ثم دراسة إمكانية تحويله لاتفاق طويل الأمد”.
- نشرت صحيفة النيويورك تايمز تحليلاً قام به الصحفي روبن رايت بتاريخ 28/9/2013م بعنوان “تخيُّل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط” أو “كيف قد تصبح خمسة دول عبارة عن أربعة عشر دولة؟”. وقد كانت هذه الدول هي سوريا والعراق واليمن وليبيا والعربية السعودية. في الملف السوري رأى رايت أن سوريا ستتقسم إلى ثلاث أقاليم على الأقل، الإقليم الأول: هو الإقليم “العلوي” الذي سيحكم دمشق وحمص والساحل، والإقليم الثاني: سيحكمه الأكراد وهو الذي يتمد على طول الحدود التركية وسيتوحد تدريجياً مع كردستان العراق. والإقليم الثالث: هو الإقليم السني الذي سيحكم ما تبقى وربما يتوحد مع الوقت مع الإقليم السني العراقي [31, 32].
- تسائل الباحثان في The Middle East Briefing سمير التقي وعصام عزيز بأنه: “ما الذي سيحدث في اليوم التالي لفشل الهدنة ؟”. وكان الجواب بأنه “التقسيم” وأنَّ التقسيم ربما هو الاتفاق الحقيقي بين كيري ولافروف. هذا الاتفاق أو كما عبر الباحثان “اللعبة الأخيرة” ستحمي بوتين والأسد والإيرانيين بل وحتى الأوربيين وسيكون الخاسر الوحيد هو الشعب السوري. وأن الأسد وإيران وروسيا ستسيطر على سوريا الغربية مع دمشق (وحلب إنْ تمت السيطرة عليها)، وسيبقى ما تبقى في الفوضى وسيُترك للاحتراب مع تنظيم داعش[33].
- لعل أول مُتحقَّق لمحاولات تقسيم سورية حدث في الشمال السوري، مع تشكيل كانتونات الإدارة الذاتية، التي فرضها حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، الذي يُعتبر نسخة سورية لحزب العمال الكردستاني (PKK)، حين أرسى دعائم ما يشبه دويلة لشعب، له برلمان، دعاه «مجلس شعب غربي كردستان»، وشكل قوات عسكرية، دعاها «قوات حماية الشعب»، وشكّل أيضاً شرطة معروفة باسم «أسايش»، لعبت دوراً كبيراً في ملاحقة وقمع الناشطين الأكراد المختلفين مع توجُّهات الحزب وممارساته التي تمخّضت أيضاً عن حكومة ودستور ونظام تعليمي خاص بأجندته.
_____________________________
صور توضيحية: (مأخوذة من مصادر مختلفة)
خريطة الدول التي أسسها الفرنسيون داخل الكيان السوري
خريطة تقسيم سوريا إلى شمال وجنوب التي طرحها “جوشو لانديس” المقترحة
الخريطة المتخيلة لصحيفة النيويورك تايمز: (كيف تتحول ٥ دول إلى ١٤ دولة؟)
خريطة “دولة روجافا الكردية” المتخيَّلة
مناطق سيطرة الفصائل الكردية و الكنتون الإداري في (آذار/مارس 2016)
خريطة فكرة “سوريا المفيدة” التي طرحها بشار الأسد
_________
المراجع:
- الجيش والسياسة في سوريا، د. بشير زين العابدين، دار الجابية، 2008
- سوريا من الاحتلال إلى الجلاء، نجيب الأزمنازي، بيروت، 1973
- http://goo.gl/UnfhWS تطور فكرة تقسيم المشرق العربي، بشير زين العابدين، مجلة العصر.
- http://goo.gl/Epv7K8 تقسيم سوريا هو الحل، هكذا تحدث هنري كسينجر، صبحي حديدي.
- http://goo.gl/CUyyMO تقسيم سوريا: جذوره وحيثياته وصعوبة تنفيذه. عمر كوش.
- http://goo.gl/He4u1t الدبلوماسية الدولية بين سايكس وبيكو وبين كيري ولافروف، بشير زين العابدين.
- http://goo.gl/NpbXn7 صحيفة اسرائيلية: الخطة الروسية لتقسيم سوريا، صحيفة سوريا للجميع.
- https://goo.gl/7LBgqI هل تفضي الثورة السورية إلى التقسيم؟، بشير زين العابدين، السورية.نت.
- http://goo.gl/eGyvoo خطة سلام من أجل سوريا، مركز راند، ترجمة: مركز إدراك للدراسات والاستشارات.
- http://goo.gl/ZaYHso هل يتحمل العالم وزر تقسيم سوريا ؟، الجزيرة نت.
- http://goo.gl/iavrS1 تركيا تعارض تقسيم سوريا إلى دويلات، الجزيرة نت.
- http://goo.gl/AHZCDW ملك الأردن: تقسيم سوريا سيخلق مشاكل خطرة للشعب السوري والمنطقة برمتها، مركز حلب الإعلامي.
- http://goo.gl/tt2Wfq أردوغان: الجميع قلق حيال تقسيم سوريا إلى ٣ مناطق، وكالة الأناضول.
- http://goo.gl/nzt19F المجلس الوطني الكردي: الفدرالية لا تعني تقسيم سوريا، شبكة رووداو الإعلامية.
- https://goo.gl/DKTOCq لماذا تحدث كيري عن تقسيم سوريا، روسيا اليوم.
- http://goo.gl/xWjROO الإدارة الذاتية تنتخب رئيسين لمجلس النظام الفيدرالي، صحيفة “عنب بلدي”.
- http://goo.gl/VK7DX6 دبلوماسيون: قوى غربية تبحث تقسيم سوريا “فدرالياً”، سيريانيوز.
- http://goo.gl/MTw2H8 اسرائيل تخرج عن الصمت وتضع خطة تقسيم سوريا، صحيفة الوطن الإلكترونية.
- http://goo.gl/Sehk59 الجامعة العربية ترفض تقسيم سوريا، صحيفة الفجر الإلكترونية.
- http://goo.gl/489u7Z جمال معروف: تنظيم الـ PKK وجيش الثوار خونة، تويت بوك.
- http://goo.gl/RJrVkR قائد “أحرار الشام”: تقسيم سوريا خط أحمر والمفاوضات فاشلة.
- http://goo.gl/0vVfbM رئيس CIA السابق: ستتغير حدود الشرق الأوسط التي كنا نعرفها.
- http://goo.gl/Rr4h3W تقرير: If Syria cease-fire fails, what is plan B، على موقع المونيتور.
- http://goo.gl/ApTS1Q تقرير Why partitioning Syria isn’t an easy solution، على الـ ABC news.
- http://goo.gl/x2CaU6 لماذا لا يعتبر تقسيم سوريا حلاً سهلاً؟، ترجمة: صحيفة “عنب بلدي”.
- http://goo.gl/Ww97rt الخطة الأمريكية لتقسيم سوريا، ترجمة مركز إدراك للدراسات والاستشارات عن موقع لايف لييك.
- http://goo.gl/EJUJjk سوريا: ظلال التقسيم، مازن بلال، The syria page
- http://goo.gl/nhAKQq هل هذه هي نهاية اتفاقية “سايكس-بيكو ؟”، غريغوري غوس، مركز بركنجز.
- http://goo.gl/AgDYhv الشرق الإسلامي والحروب الصفرية، مهنا الحبيل، الجزيرة نت.
- http://goo.gl/KRZXaI عن النظام الفيديرالي في سوريا، منير الخطيب، جريدة الحياة.
- http://goo.gl/LkC3T4 مقالة: How 5 countries could become 14 من صحيفة The New York Times.
- http://goo.gl/3HUN7a مقالة: Imagining a Remapped Middle East من صحيفة The New York Times.
- http://goo.gl/H02r0V مقالة: The “day After” Syria’s ceasefire failure من موقع The Middle East Briefing.
- بلاد الشام في مطلع القرن العشرين، وجيه كوثراني، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013م.
- http://goo.gl/7zMmJl مقالة: It’s time to seriously consider partitioning syria.
- http://goo.gl/cpBXsf سوريا المفيدة آخر الأوراق الروسية لإنقاذ الأسد، الخليج أون لاين.
- https://goo.gl/5FHkx3 مراسيم التقسيم (سوريا)، ويكيبيديا.