معهد دراسات الحرب
ترجمة: هيثم فيضي
ملخص رئيسي:
لا يمكن اعتبار نظام الأسد نظاماً سيادياً ولا يمثل شريكاً مناسباً للولايات المتحدة يساعدها في تطبيق استراتيجيتها ضد داعش والقاعدة. وقد اخترقت روسيا وإيران سلطات القيادة والسيطرة التابعة لجيش النظام على جميع المستويات، وساندته في عملياته الهجومية من خلال توفير قوات قتالية ضخمة لهذا الغرض.لا يمكن للائتلاف الموالي للنظام أن يؤمن سوريا كلها، وهو يعمل بشكل أساسي كوسيلة لتلبية طموحات موسكو وطهران الإقليمية، هذا يعني أن أي استراتيجية أمريكية في سوريا تسعى للاعتماد على القوات الموالية للنظام ستفشل في اسقاط السلفيين الجهاديين ولن تساهم إلا في مزيد من التمكين لروسيا وإيران في المنطقة.
سعى كل من الرئيس الأمريكي السابق – باراك أوباما- والحالي – دونالد ترامب- إلى تحقيق تعاون أعمق وأكبر مع روسيا – وبالتالي إيران ونظام الأسد – ضد تنظيم داعش والقاعدة في سوريا. تستند هذه الفكرة إلى مغالطتين رئيسيتين، الأولى أن روسيا وإيران ونظام الأسد لن تتمكن من استعادة الملاذات الآمنة التي تتخذها السلفية الجهادية في سوريا وتأمينها على المدى الطويل نظراً للنقص الحاد في القوى العاملة عدا عن النقص في القيادة والسيطرة. ثانياً، الأسد لا يملك السيادة في سوريا، فقد توغلت كل من إيران وروسيا في عمق مفاصل دولته. وتهدف كلا الدولتين إلى جذب الولايات المتحدة للساحة السورية من أجل دفعها على تقديم خدمات تفيد مصالح هذه الدول الخاصة وتسهل في النهاية طرد الولايات المتحدة النهائي من الشرق الأوسط.
نقص القوى العاملة لدى النظام السوري
لم يعد الجيش السوري قائماً كقوة قتالية متماسكة أو موحدة قادرة على تأمين أمن البلاد بشكل مستقل عن داعميه الخارجيين. فقد أدت ستة سنوات من الانشقاقات والهروب والاستنزاف القتالي إلى خفض قوامه أكثر من النصف مقارنة بفترة ما قبل الحرب. وتشير بعض التقديرات إلى أن هناك حوالي 100 ألف جندي سوري غير مجهزين أو مجهزين على نحو ضعيف. وهكذا، تجد قيادة جيش النظام نفسها مضطرة للعمل مع نسبة ضئيلة من القوات المحسوبة عليها في عملياته الهجومية المختلفة – تتراوح أعداد الجنود الموثوقين بين 30 ألف إلى 40 ألف جندي. وتتكون هذه الوحدات بشكل كبير من قوات “النخبة” مثل الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والشعبة الرابعة المدرعة التي تعتمد بشكل كبير في تجنيدها على جذب العلويين السوريين.
وكافح النظام من أجل التغلب على أوجه القصور الهيكلية هذه بسبب النقص الشديد في القوى العاملة، فأطلق حملة تجنيد عشوائية مكثفة في أواخر عام 2014 وسط تقارير تفيد بأن النزاع أودى بحياة ما يقرب من ثلث الذكور العلويين في سن القتال.
وأفاد نشطاء أن هناك عمليات تجنيد لأطفال قصر وسجناء في وحدات قتالية لم تتلقى سوى تدريب عسكري لمدة أسبوع واحد قبل أن يتم نشرها على جبهات القتال. الأسد من جهته اعترف بهذه الإشكاليات في خطاب علني له في يوليو\ تموز 2015، وأشار إلى استمرار ” النقص في القدرات البشرية” وهو ما “أجبر الدولة على التخلي عن بعض المناطق” من أجل التركيز على “المناطق الهامة في سوريا”.
التدخل الروسي في سرويا لم يغير هذه العيوب الكامنة في بنية النظام، فقد ساعدت التعزيزات الروسية والإيرانية وتعزيزات حزب الله في سد هذه الفجوة جزئياً لكنها لم تتمكن من ردم الفجوة بين متطلبات النظام وقدراته. وهكذا، يمكن القول أن هذا النظام ما يزال هشاً وغير قادر على حشد قوات كافية لعمليات رئيسية متزامنة.
ومن أبرز الأمثلة ما جرى من استعادة داعش لسيطرتها على مدينة تدمر في محافظة حمص الشرقية في ديسمبر\ كانون الأول 2016، وزادت داعش من حدة هجماتها على مواقع القوات الموالية للنظام في دير الزور. في حين ركز النظام جهوده الرئيسية ضد المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب. ولن يتم تخفيف هذا التخصيص الجزئي للموارد ما لم يقم طرف خارجي بعملية انتشار أرضي كبير- وهي خطوة لم تجرؤ روسيا أو إيران على القيام بها حتى اللحظة.
مشاكل القيادة والتحكم وإنهيار سلسلة الأوامر
أجبرت الحرب الأهلية النظام على تسليم السيطرة على بعض المناطق للقوات الموالية للنظام. وقد حشد النظام عشرات الآلاف من المقاتلين شبه العسكريين والأجانب من أجل تخفيف وعكس حركة الجمود التي أصابت مفاصل عمله العسكري. ويوجه النظام هذا الائتلاف عبر شبكة متزايدة من اللامركزية ومخصصة لهياكل القيادة والسيطرة بحيث تشمل منح سلطة تنفيذية موسعة لضباط مبتدئين في الميدان. وقد تم حجب هذه الهياكل وتجاوزها من قبل الأطراف المحلية القوية وإيران وروسيا – أي أن هذه الأطراف لا تأتمر بأمر قيادة موحدة.
وتعطل جيش النظام نتيجة للسياسات التي اتخذت من أجل مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية. فقد قام حافظ الأسد – رئيس النظام السابق- بتطبيق نظام اللامركزية العسكرية أو ما يعرف بنظام الكوتا عام 1984. ووفق هذا النظام، فإن كل فرقة قتالية ترجع إلى منطقة جغرافية محددة، ويخصص لها مسؤولية مراكز سكانية محلية، ويتم منح سلطات تقديرية واسعة إلى الضابط القائد. وهكذا، أصبحت هذه القطاعات أشبه بالإقطاعيات التابعة لكبار المسؤولين العسكريين مما أعطى القادة حصة في الحفاظ على الأمن المحلي على حساب تقليل الاعتماد على الدولة.
وقام النظام بإعادة تنظيم وحدات المناورة والتشكيلات الموالية الموحدة في وحدات أكبر بعد بدء الثورة السورية عام 2011 من أجل ممارسة مهام القيادة والسيطرة وتحسين فعاليتها القتالية خلال الحرب الأهلية السورية. وقد اتسع نطاق عمليات إعادة التنظيم هذه إلى مستوى الكتيبة مع إعادة توزيع الشراكات الفردية والفصائل والجنود إلى تشكيلات جديدة. ومع حلول العام 2017، لم تعد العديد من الألوية والوحدات القتالية الرسمية موجودة كإطارات مرجعية ذات مغزى للعمليات على الأرض.
وقام النظام أيضاً في تنظيم شبكة من المساعدين شبه العسكريين لتتكامل في عملها مع قواته القتالية المتراجعة. وبشكل عام، تتجنب هذه الجماعات شبه العسكرية بشكل روتيني الجهود التي يبذلها النظام لفرض سيطرة الدولة، بل تظل موالية للقوى الأجنبية والأحزاب السياسية والشبكات الإجرامية أو تتبع للمنفعة الفردية وهو ما يؤدي إلى مزيد من اضمحلال في قدرة النظام على القيادة والسيطرة على هذه الوحدات.
تنسق الوحدات هذه عن كثب مع بقايا جيش النظام الرسمي، وهو ما يقلل من الخطوط الفاصلة بين القوات القتالية الرسمية وغير الرسمية. منحت هذا التفتيت لسلطة القيادة مرونة لنظام الأسد ضد الانهيار الفوري، لكن ذلك جاء على حساب انحسار سيادة الدولة لصالح هذه الفرق العسكرية. ومنذ العام 2015، تراجعت الجهود الأولية الرامية لتوطيد هذه الجماعات شبه العسكرية واخضاعها للدولة مرة أخرى.
شكل النظام أيضاً ما عرف بقوات الدفاع الوطني عام 2013 بمساعدة من إيران من أجل جلب اللجان الشعبية المختلفة والشبكات الإجرامية وجماعات الدفاع عن النفس تحت مظلة عسكرية موحدة. وفي ذروتها، ضمت قوات الدفاع الوطني ما بين 80 ألف إلى 100 ألف مقاتل، تركزت مهامهم على أمن المناطق الخلفية والدفاع الثابت وهو ما أتاح إطلاق قوى جيش النظام البشرية باتجاه مهام هجومية في المناطق الأخرى.
ووفق التقارير، فإنه خلال العام الماضي كانت قوات الدفاع الوطني مجزأة وعادت إلى عملها كمجموعات محلية خارجة عن هيكل القيادة الرسمية، حيث عرقل الاضطراب الاقتصادي قدرة النظام على مواءمة المرتبات التي يقدمها مع المرتبات التي تقدمها الجهات الفاعلة الأجنبية أو الخاصة.
وترتبط الجماعات شبه العسكرية عادة بمجموعة ضخمة من المتبرعين والأسباب والأيديولوجيات، وهي في نفس الوقت تقاتل إلى جانب النظام وتولد احتكاكاً مكثفاً مع النظام ومفاصل دولته في سوريا. تشمل هذه الفصائل العديد من الميليشيات السياسية التي يشرف عليها حزب البعث العربي السوري والحزب القومي السوري والميليشيات الخاصة الفلسطينية التي يديرها رجال أعمال أثرياء بالإضافة إلى العديد من المنظمات القبلية. وتقوم كذلك العديد من فروع أجهزة أمن الدولة – بما في ذلك أجهزة المخابرات الأربعة العاملة في سوريا- بتجنيد قواتها شبه العسكرية.
وتفيد التقارير بأن هذه الجماعات تشارك في طائفة واسعة من الأنشطة الإجرامية وتستغل السكان المحليين لتعزيز دخلها الضئيل. وتدخل بعض الجماعات شبه العسكرية أحياناً في مواجهات مباشرة مع سلطات النظام، فعلى سبيل المثال، أمر الأسد بسحب ما يصل إلى 900 شخص من مجموعتين شبه عسكريتين بارزتين هما “صقور الصحراء” و “القوات البحرية” بعد أن تدخلت هذه القوات في قافلة رئاسية في مدينة اللاذقية في شباط\فبراير 2017.
الهيمنة الأجنبية
توفر إيران حالياً قوى عاملة متقدمة يمكنها تأمين مكاسب النظام الكبيرة على الأرض. وتدير إيران ائتلافا يضم قرابة 30 ألف مقاتل من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية بالإضافة على المقاتلين الشيعة الأفغان. وتشكل هذه القوات ما يصل إلى سدس أو ثمن القوات الموالية للنظام، وأعداد مقاتليها بشكل عام لا تزيد كثيراً عن أعداد المقاتلين الفاعلين في جيش النظام السوري.
ونشرت إيران ما يصل إلى 7000 من مقاتليها في سوريا، وتشمل هذه القوات عناصر من الحرس الثوري الإيراني وقوات “أرتيش” الإيرانية التي يمثل انتشارها أول انتشار استطلاعي للقوات التقليدية من قبل إيران منذ انقضاء الحرب العراقية- الإيرانية. وبالإضافة إلى هؤلاء، يضم ائتلاف إيران قرابة 6 إلى 8 آلاف مقاتل من حزب الله اللبناني وقرابة 5 آلاف مقاتل من الشيعة العراقيين بالإضافة إلى عدد من المقاتلين الشيعة الأفغان تقدر أعدادهم بين 2000 إلى 4000 مقاتل.
هذه المجاميع تستثني مجموعة واسعة من الجماعات شبه العسكرية المحلية التي تقدم إيران الدعم لها في سوريا. ويوفر هذا الائتلاف كمية كبيرة من المشاة القادرين على القتال والذين يتم استخدامهم في العمليات العسكرية الرئيسية المؤيدة للنظام. فعلى سبيل المثال، أفادت التقارير أن إيران ووكلائها قدموا أكثر من نصف المقاتلين الذين وصل تعدادهم ل10 آلاف مقاتل في الحملة الطويلة التي شنها النظام على مدينة حلب منذ 2015.
كما لعبت هذه القوى أدواراً رئيسية في العملتين التين أطلقتا لاستعادة تدمر على مدار العام الماضي. وتمكنت إيران من خلق طريق اكتفاء ذاتي عبر العمليات المشتركة والذي من خلاله تستبعد دور رئيسياً لجيش النظام أثناء تنفيذ المهام القتالية. وقد وضع الحرس الثوري الإيراني نموذجاً لحرب الكوادر التي تسمح لإيران بزرع قيادة عسكرية لقاعدة من المقاتلين غير النظاميين التي يتم تمويلها وتنظيمها وتزويدها في بلد مضيف. وتدير إيران كذلك بنية تحتية متطورة – بما في ذلك جسر جوي استراتيجي من طهران إلى دمشق عبر بغداد- لتدريب وتجهيز وإدارة وإعادة انتشار هذه القوات في جميع أنحاء المنطقة تماشياً مع أولويات استراتيجيتها الخاصة.
يقود الحرس الثوري الإيراني – وتحديداً فيلق القدس- وحزب الله اللبناني العمليات الرئيسية، ويقوم جيش النظام بتقديم الدعم الثقيل بما في ذلك القصف المدفعي والمدرعات والغارات الجوية لقوات المشاة الأجنبية. وقد اختارت إيران تدريجياً بنية القيادة المتبقية للنظام بحيث تصبح قواتها القتالية الأكثر تماثلاً وتميزاً في الصراع. وأفادت التقارير أن إيران تولت السيطرة على غرف العمليات الرئيسية والمقر المخصص للمتابعة في كل من منطقتي اللاذقية ودرعا عام 2015. وصاحب هذه التحولات ادعاءات واسعة النطاق بانتشار عمليات الإعدام والتطهير عبر نقل ضباط النظام ذوي الرتب الدنيا إلى جبهات أخرى.
امتد البطش الإيراني أيضاً إلى كبار الضباط الذين رفضوا توسيع إيران لنفوذها. وفي مثال يعد الأبرز في هذا المجال، أعلن عن وفاة رستم غزالة – مدير دائرة الأمن السياسي في سوريا- في نيسان\ أبريل 2015 وتشر الأخبار إلى أن حالة الوفاة جاءت بعد تعرضه لاعتداء وضرب مبرح بعد معارضة للنفوذ الإيراني المتزايد في جنوب سوريا. كما لعبت إيران دوراً أساسياً في تطوير الجماعات شبه العسكرية النظامية الموالية بشكل ظاهري للنظام من أجل التمكين لبنية تحتية الأمد لحزب الله في سوريا، وتشاركت إيران وحزب الله في تشكيل قوات الدفاع الوطني مستخدمين منهجية تشكيل الجيش الإيراني، حيث اشرف الطرفين على حملات التجنيد في جميع أنحاء البلاد، وكانت هناك حالات تنافس مباشرة مع النظام على كسب المجندين الجدد من خلال توفير رواتب تنافسية ومعدات عسكرية أفضل.
وعززت إيران جماعاتها أيضاً عبر تشكيل قوى عاملة مستقبلية مستغلة التوعية الدينية بما في ذلك تمويل المدارس الدينية والمجموعات الشبابية الثورية بين العلويين في الساحل السوري. وعملت إيران ايضاً على تطوير بنية تحتية مستقلة ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان السورية كما يتضح من مقتل عناصر حزب الله اللبناني جهاد مغنية في يناير 2015 وسمير قنطار في ديسمبر 2015.
على النقيض من ذلك، تعزز روسيا الهياكل العسكرية للأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للنظام. فروسيا تقدم معظم مساعداتها العسكرية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة والدعم الجوي مباشرة إلى الجيش السوري. ويشمل هذا الدعم توفير مركبات مدرعة متقدمة مثل دبابات المعارك الرئيسية T-90 وناقلات الأفراد المدرعة من طراز BTR-82 إلى قوات النخبة السورية مثل “قوات النمور” السورية والحرس الجمهوري. وقد بذلت روسيا جهوداً كبيراً لإظهار مساهمتها في سوريا على أنها اتفاق ثنائي بين حكومتين شرعيتين تحاربان الإرهاب من خلال عقد صفقات أساسية عالية المستوى والعمل للتنسيق عالي المستوى مع كبار مسؤولي النظام. تتكامل هذه الجهود مع الإجراءات التي تقوم بها إيران في سوريا، لكنها في الوقت نفسه تسمح بتطوير شريك روسي مستقبل للتأثير على النظام السوري على المدى الطويل.
وفي نفس الوقت، حاولت روسيا إعادة تشكيل الجماعات شبه العسكرية ووضعها تحت سيطرة الدولة عبر إيجاد مقر قيادة وقيادة جديدة. وقادة روسيا عملية إنشاء فيلق العاصفة الرابع في محافظة اللاذقية في تشرين الأول\ أكتوبر 2015، وفيلق العاصفة الخامس في دمشق في تشرين الثاني \ نوفمبر2016. وتفيد التقارير بأن هذه الهياكل الجديدة تعتزم توطيد الجماعات شبه العسكرية الخاضعة لسيطرة الدولة بدعم روسي في القيادة والسيطرة والمعدات. وبالفعل قاد الفيلق الخامس الهجوم المؤيد للنظام والذي أدى إلى استعادة تدمر من سيطرة داعش في مارس\ آذار 2016 بدعم من روسيا وحزب الله اللبناني.
ومع كل هذا، إلا أن روسيا ساهمت في تآكل سيادة النظام. فقد استولت على قيادة العمليات الرئيسية في مناطق شمال سوريا أواخر عام 2015، بما في ذلك جبهات القتال الرئيسية حول محافظتي حلب واللاذقية. وهو ما أدى إلى زيادة التأثير الروسي في التخطيط التشغيلي وصنع القرار الاستراتيجي، وانعكس أيضاً على شكل إحداث تغييرات ملحوظة في تصميم وشكل الحملات الموالية للنظام، بما في ذلك استخدام الطيران الأمامي والمعارك الرئيسية ضد المعارضة في حلب. أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد حاولت روسيا فرض مشروع دستوري خاص قدمتها للنظام والمعارضة من أجل الوصول إلى حل للحرب الأهلية في سوريا بشروط مواتية لها تحفظ عبرها على انتفاعها من الساحل السوري على المدى الطويل.
الآثار
لن تجد الولايات المتحدة شريكاً مستعداً أو قادراً على خدمة مصالحها الأمنية والوطنية ضمن التحالف المؤيد للنظام. فالقوات الموالية للنظام غير قادرة على طرد داعش أو القاعدة بشكل مستقل من سوريا. وتوفر إيران حالياً الوحدات القتالية المتخصصة والتي تقود هجمات القوات الموالية للنظام على الأرض. وأي سياسة ستعزز جهود روسيا أو الأسد ضد الجماعات السلفية الجهادية ستتيح لإيران مزيداً من التمكين والتوغل داخل سوريا.
من جهة أخرى، لا يمكن لأي محاولة لزرع الفتنة أو التدخل بين روسيا وإيران في سوريا أن تنجح وذلك بسبب الدور الحاسم الذي تلعبه إيران في دعم الأسد وروسيا. فروسيا لا تملك أي قوات مرتزقة أو وكلاء دون التواجد الإيراني في سوريا. ولا يمكن لروسيا أو الأسد أن ينفصلوا عن شريكهم الإيراني حتى لو أرادوا ذلك.
في الحقيقة، فإن أياً من روسيا أو إيران تسعيان إلى إنهاء الحرب الأهلية السورية أو حتى هزيمة داعش. فروسيا وإيران تدخلتا دوماً لقمع خصوم النظام في الصراع وتعزيز فضاءاتهم الإقليمية في العمل بالإضافة إلى الإطاحة بالولايات المتحدة من الشرق الأوسط. إن النداءات العلنية للتعاون السياسي والعسكري مع الولايات التي يطلقانها لا تتجاوز حدود الخداع والتصريحات اللفظية فقط. ولذا، يجب على الولايات المتحدة أن تركز جهودها لاستعادة نفوذها في سوريا والعمل على استخراج تنازلات ذات مغزى من التحالف الموالي للنظام بدلاً من الاستسلام لمصلحة الخصوم الاستراتيجيين من أجل تحقيق مكاسب غير مستدامة ضد داعش أو القاعدة.
هذه المادة مترجمة من موقع معهد دراسات الحرب، للإطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا