تناقش هذه الورقة تفاصيل تكوين مجلس الشعب في عهد بشار الأسد بالمقارنة مع عهد والده حافظ الأسد، وكيفية رسم “السلطات العليا” لتركيبة المجلس وتشكيل مكوناته، ليس لأنه يعبر عن ممارسة سياسية حقيقية أو لأن تركيبة المجلس ونسب المكونات فيه تمثل الشعب السوري أو تعكس طموحاته، ولكن لأن طبيعة المرشحين الفائزين ونسب المكونات ونوعية الأشخاص الذين يتم اختيارهم تعطي فكرة عن طبيعة التحالفات والأدوات التي ينوي الاعتماد عليها، كما أنها مؤشر لخيارات النظام والسيناريوهات التي ينوي المضي بها فيما يخص مستقبل سوريا.
فعلى الرغم من أن مجلس الشعب في سوريا مؤسسة قديمة ولطالما وجدت بأسماء مختلفة، إلا أن تكوين ودور ومكانة مجلس الشعب في سوريا والتفاصيل الأخرى المتعلقة بتركيبة وسير أعمال هذه الهيئة، لم تأخذ حقها من الدراسة والنقاش في الدراسات والأبحاث وبالتالي فهي مجهولة لصانعي السياسات.
وضاعف من هذه المشكلة ضعف أو غياب التعددية السياسية واضطراب المشهد السياسي في سوريا منذ ستينيات القرن الماضي، إذ لا تذكر الدراسات والبحوث أهمية تُذكَر لمجلس الشعب، ويمكن القول أن مجلس الشعب لم يكن منذ ذلك الوقت سوى غرفة للتصفيق للسلطة الأعلى في الدولة، وتمرير قرارات الحكومة وإضفاء الشرعية عليها.
إذ تعتبر الانتخابات التي أجراها النظام مؤخراً (الدور التشريعي الثالث 2020) هي الثالثة منذ اندلاع الاحتجاجات ضد النظام في سوريا عام 2011، حيث شهدت سوريا انتخابات تشريعية في عام 2012 بعد إقرار دستور جديد -بات يعرف بدستور 2012 وتضمّن السماح بالتعددية الحزبية في سوريا- وانتخابات ثانية عام 2016 شهدت تعديلاً في قانون الانتخاب سُمح بموجبه لعناصر الجيش وقوى الداخلية بالانتخاب.
لقد كان إجراء النظام لانتخابات تشريعية جديدة في سوريا في تموز/يونيو 2020، وعلى أساس دستور 2012، تحدياً جديداً للإرادة والقرارات الدولية وفي مقدمتها قرار 2254 وبيان جنيف 1، الذي يدعو إلى حل سياسي وهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مكونة من النظام والمعارضة، تضع دستوراً جديداً، وتجري انتخابات تشريعية وتنفيذية كاملة، بالاضافة لعدة اتفاقات تركية روسية، نصت على حل سياسي وفق وثيقة دستورية تتوافق عليها أطراف من النظام والمعارضة.
وإلى جانب المحاذير الدولية بخصوص مضي النظام في إجراء الانتخابات، فقد تحدى النظام بإجرائه هذه الانتخابات الظروف الصحية الاستثنائية التي تمر بها سوريا والعالم كله بسبب وباء “كورونا”، حيث سبق وأجّل الانتخابات مرتين بسبب (كورونا) ولكنه أصر في الثالثة على إجراء الانتخابات رغم ارتفاع عدد الإصابات واقتراب سوريا من المرور بمرحلة ذروة تفشي الوباء وافتقار سوريا إلى آليات ووسائل لإجراء الانتخابات بطريقة تراعي الظرف الصحي الذي تمر به البلاد، وافتقارها أيضاً إلى الامكانات والتقنيات الطبية اللازمة لمواجهة الوباء.
تحميل كامل الملف: الانتخابات التشريعية في سوريا للفترة (2012 – 2020)