slot dana slot toto toto 4d slot pulsa slot gopay slot ovo slot bet 200 slot bet 100 situs bet 200 situs bet 100 situs slot dana situs slot toto jagung77
نوفمبر 5, 2024

الدولة والمجتمع المدني.. حدود التأثير والتأثر

دراسة في التطور الفكري والتبلور النظري لظاهرة المجتمع المدني

لتحميل الدراسة كاملة بهيئة ملف PDF [su_button url=”http://idraksy.net/wp-content/uploads/2016/07/State-and-civil-society.pdf” target=”blank” icon=”icon: file”]من هنا [/su_button]

شهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تطورات كثيرة على كافة الأصعدة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية، كان لها بالغ الأثر في بلورة عدد كبير من المفاهيم، ومنها مفهوم المجتمع المدني، إذ سعى الباحثون في تلك الفترة إلى دراسة هذه الظاهرة – الجديدة القديمة- في المجتمعات والدول الحديثة وما عرفته من تحولات، فقد كان للمجتمع المدني دور مهم في عملية التحول الديمقراطي لأنظمة الحكم الاستبدادية على ضوء ما حدث من تطورات في شرق أوروبا على وجه الخصوص، وكذا كوريا الجنوبية، الفلبين وعدد من دول أمريكا اللاتينية، خاصة مع بزوغ نجم حركة التضامن البولندية سنة 1980، ورغم محاولات بعض الباحثين التأسيس لفكرة المجتمع المدني زمنياً مع انهيار المنظومة الشيوعية إلاّ أنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّ فكرة المجتمع المدني بدأت من هناك، إذ يؤصل لها منذ القدم… إنّ شيوع الدراسات عن المجتمع المدني وكذا الحديث عنه بكثرة في علاقته بالسلطة والدولة في وقتنا الحالي تجعلنا نتساءل عن طبيعة هذا المفهوم وحدود تأثيره وتأثره – تفاعله- مع مجموعة أخرى من المفاهيم الحديثة وعلى رأسها مفهوم الدولة.

تتناول هذه الدراسة اشكالية العلاقة القائمة بين المجتمع المدني والدولة؟ هل يُعّدُ المجتمع المدني ضرورة فرضتها الدولة بفعل عدم قدرتها على الإيفاء بمتطلبات وحاجيات الأفراد والمجتمع فأنتجت بالتالي كياناً يتقاسم معها الأعباء المجتمعية اسمه المجتمع المدني؟ أم أنّ هذا الكيان نشأ عن ضرورة ذاتية فرضتها ممارسات الدولة القمعية المتجاهلة لحاجيات ومتطلبات الأفراد والمجتمع فيها؟

 

الأسئلة الفرعية:

  • أيُّ المفهومين كان له بالغ الأثر في تشكل وتطور مفهوم وصيغة الأخر؟
  • ما نمط العلاقة التّي ينبغي أن يأخذ منحاها هذين المفهومين؟ أهي التطابق أم الانفصال؟
  • ما هي الشروط اللازمة لتحقيق التكامل الوظيفي بين المفهومين في التاريخ؟
  • هل نشأ المجتمع المدني نتيجة وجود وعي ذاتي للأفراد المكونين له بضرورة إيجاد كيان اجتماعي ذو سلطة مركزية اجتماعية يحفظ لهم حقوقهم وحرياتهم في ظل تعسف الدولة أو عجزها؟

فرضية الدراسة:

هناك صيغة طردية تحكم العلاقة بين المجتمع المدني والدولة، وكلّما عرف أحد المفهومين تطوّراً في الدلالة والمعنى- حسبما تفرضه ظروف التاريخ- إلاّ وتبعه تطوّر مماثل ينال المفهوم الآخر في علاقة تأثير وتأثر متبادل عبر التاريخ.

 ———————————————————————————–

 

  1. مدخل مفهومي ونظري للدراسة:

   يعالج هذا المحور التأصيل لحدود المفاهيم والمصطلحات المفتاحية في البحث بالرجوع إلى تأصيلاتها اللغوية ودلالتها المعرفية وكذا تمييزها عمّا قد يختلط بها أو يتشابه معها من مصطلحات قريبة أو ذات صلة.

  • الدولة وبعض المصطلحات الدالة عليها:

   نقول دولة من دال، يدول، دولاً، ودَوَلانًا فدولة بفتح الدال جذر الدولة يفيد الدوران والتعاقب، يُقال دالت الأيام أي دارت وتبدّلت ودالت دولة فلان أي ذهبت وجاء غيرها.

   والدولة جماعة من الناس منظمة سياسياً تبسط سيطرتها على إقليم محدّد يتمتع بالسيادة، ونقول الدولاتية – يقابله statism- لنعبر عن نظرية سياسية تُأله الدولة وتجعلها كياناً مطلقاً فوق الأشخاص والأحزاب وتدعو إلى وضع جميع الوظائف الاجتماعية تحت إدارتها… أما الدولنة فهي إخضاع الشيء للدولة أو ربطه بها، ويدخل هنا مبدأ تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية … في حين جعل التدويل الشيء دولياً، أي وضع إقليم ما تحت إدارة دولية ويقابله في الانجليزية مصطلح interntionalization [1].

   ولاصطلاح الدولة في اللغة المستعملة عدّة معاني: ففي معنى أوّل، وهو أوسع المعاني : تعني كلمة الدولة مجموعة منظمة قاعدتها الاجتماعية الأمة، وهذا هو المعنى المقصود عندما نقول: إنّ مصر أو الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا تُعّد دولاً، والمعنى الثاني أضيق من ذلك ويراد به الحكام مقابلةً للمحكومين داخل المجتمع السياسي، وهذا هو المعنى المقصود حينما نقول إنّ الدولة تسيطر أو إنّ الدولة عاجزة عن حل مشاكل المجتمع، أمّا المعنى الثالث وهو أكثر ضيقاً، فتشير فيه كلمة الدولة إلى جزء من السلطات العامة، وهو السلطة المركزية بالمقابلة للسلطة المحلية أي المحافظات والمدن، وهذا هو المقصود عندما نقول: إنّ السلطات المحلية عليها تنفيذ الخطة العامة للدولة.

   والدولة بمعناها الواسع هي تجمع بشري مرتبط بإقليم محدّد يسوده نظام اجتماعي وسياسي وقانوني موّجه لمصلحته المشتركة، تسهر على المحافظة على هذا التجمع سلطة مُزوّدة بقدرات تمكنّها من فرض النظام ومعاقبة من يهدّده بالقوة·.

يبيّن هذا التعريف أنّ اصطلاح الدولة ينطبق عندما تجتمع العناصر الأربعة التالية:

  • تجمع بشري.
  • إقليم يرتبط به التجمع البشري.
  • سلطة توّجه المجتمع.
  • نظام اجتماعي واقتصادي وسياسي وقانوني يتمسك الجميع بتحقيقه[2].

ويوضح بيتر ويلينس، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيتي ببريطانيا، أن هناك ” التباس المعاني” يقع حين نحدد مفهوم الدولة فيتم الخلط بين ثلاثة مفاهيم:

  • الدولة كشخصية قانونية، وهو تعبير خالي، بالغ التجريد ومن السهولة اختلاطه بمفهوم القطر.
  • القطر، وهو مفهوم حشي له نظام سياسي محدد يتألف من أشخاص ويشتركون بقيم مشتركة.
  • وثمة أيضاً مفهوم ” مغاير” جداً للدولة بوصفها جهاز الحكومة، ويضيف ويليتس أنّه لسوء الحظ لا توجد طريقة معيارية لتلافي هذا الغموض.

   ويلفت الأستاذ ويليتس انتباهنا أيضاً حينما يرى أنّه بالرغم من أنّ تعريف ” الدول” كافة بالطريقة نفسها ومنحها جمعياً الصفة القانونية نفسها يوحى بأنّها من حيث الأساس نوع واحد من الوحدات، إلاّ أنّنا إذا قمنا بدراسة أقطار العالم نجد بوضوح أنّها لا تتشابه من قريب أو من بعيد، فالتحليل التقليدي يعترف بوجود اختلافات بين ” القوى العظمى” والقوى المتوسطة والصغرى، كما أنّ هناك اختلافات من حيث: قوة الاقتصاد، عدد السكان، العسكر، سعة الإقليم ونمط الحكومات… في الأخير يرى ويليتس أنّه وإن كانت الدولة تعني كياناً قانونياً أم قطرياً أم حكومة فإنّها تعتبر كياناً كلياً: أي أنّها وحدة متماسكة تعمل في إطار هدف مشترك وتوجد بوصفها شيئاً يتجاوز الأجزاء المكونة له أي أفراد مجتمعها[3].

   ويرجع الباحثون أصل كلمة الدولة إلى الكلمة اللاتينية ستاتوس status ، ومعناها الإبقاء على الوضع الثابت، وقد ظهرت هذه الكلمة في الوثائق الرسمية حوالي سنة 1450م، فمن الناحية الاصطلاحية لم تستعمل كلمة دولة إلاّ في مرحلة إرساء الحكم المطلق في فرنسا في القرن 16 م، فيما تعمقت ابتداءً من القرن 17م مع حدود التباين بين شخص الملك أو القائد وبين المجموعة السياسية مع بروز المؤسسات، فبعد أفول نجم النظام الملكي بفضل الثورة الفرنسية راح الناس يبحثون عن أساس عقلاني آخر للسيادة، فقامت الثورة الفرنسية على صيحة ” عاشت الأمة” بدلاً من الصيحة القديمة ” عاش الملك”، حينما كان التطابق حاصلاً بين شخص الملك والدولة :” أنا الدولة”.

   وفي الوقت الذّي بدأت تتشكل فيه معالم الدولة شيئاً فشيئاً على أرض الواقع، بدا أنّ هناك تبايناً من الناحية المعرفية، بدأ في البروز بين الباحثين في تحديدهم لمفهوم الدولة، إذ عرّفها الفقهاء القانونيين على أساس الأركان التّي تقوم عليها: عنصر السكان، الأرض، وجود تنظيم سياسي معيّن يخضع له السكان، في حين نظر إليها علماء السياسة والاجتماع على أساس السياسة والقوة الشرعية التّي تحتكرها.

   وقد نتج عن هذه التباينات وجهات نظر لا حصر لها فيما يتعلق بمفهوم الدولة، ففي سنة 1962 كشف ماكيفر عن سبعة استعمالات لمفهوم الدولة، ووجد جسوب سنة 1982، ستّة مفاهيم في الأدبيات الماركسية وحدها، كما زعم الباحثان كلارك و دير سنة 1984 بوجود ثماني عشر نظرية مختلفة عن الدولة، في حين ادّعى تيتوس أنّه شخصّ وجود 145 تعريفاً منفصلاً للدولة، كل ذلك جعل الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية، تستنتج- بعد أن استعرضت شتى المداخل والتعريفات- أنّ النزاع وضيق أفق التفكير – بين المداخل- يحجبان الانسجام والبحث عن قواسم مشتركة، والنتيجة فإنّه من المستحيل تقديم تعريف موّحد للدولة، يكون مرضياً للجميع[4].

  • الدولة عند علماء الاجتماع:

   دارت تعريفات علماء الاجتماع السياسي كلّها تقريباً حول عناصر السلطة السياسية، السيادة ووسائل القهر المادي الشرعية، فاعتبر دوركايم الدولة أنّها تعبّر عن السلطة السياسية، في حين نظر إليها ماكس فيبر على أنّها المجتمع الإنساني الذّي يستطيع بنجاح احتكار الاستخدام الشرعي للقوة الفيزيقية، داخل إقليم معين، أمّا علم الاجتماع التاريخي فيتناول الدولة بوصفها نظاماً ذو بنية محدّدة تاريخياً تعود نشأتها إلى مجموعة من الأفكار الاجتماعية المترابطة التّي لها معنى، ويركز كل من كابلان ولازويل على عنصر السيادة، فالدولة –حسبهما- هي جماعة إقليمية ذات سيادة، وتتميّز الدولة – حسب كل من ماكيفر وبيج– عن كافة التنظيمات أو الروابط الأخرى بأنّها تتمتع بحق استخدام القوة العليا والقهر.

   أما هيغل الذّي درس روح التاريخ ومنحى تطوره فيوضح لكل من جاء بعده أنّ الدولة يجب أن تمثّل المصلحة العامة لا الخاصة، إذ يرتكز هيغل على البيروقراطية- كأهم مؤسسات الدولة- وقواعدها العامة في تسلسلها الهرمي، ويرى أنّ الدولة هي مستودع العقلانية والتجرد والعدالة والكفاءة في خدمة المصلحة العامة… إنّها تمثّل التنظيم العقلاني للحرية، فالتناقض الموجود بين الفرد المنغمس في مصالحه الخاصة وبين المصلحة الكونية لا يمكن تجاوزه خارج إطار الدولة، وهذا ما دفع موريس هوريو لأن يطلق على الدولة تسمية “منظمة المنظمات”، في حين يقول عنها أرنست جيلنز: “إنّ وجود الدولة يُعد أمراً لا مفر منه”[5]

  • الدولة عند القانونيين:

   تأثر معظم القانونيين بالطرح الهيغيلي للدولة، وحدّدوا ثلاثة عناصر أساسية لها وهي: وجود المكان، الأرض، والسلطات العامة المنظمة، فتّم تعريفها على أنّها: كيان سياسي قانوني ذو سلطة معترف بها في رقعة جغرافية محدّدة على مجموعة بشرية معينة… ويعرّفها الفقية القانوني دوجيه بأنّها مجموعة من الناس الاجتماعيين بينهم طبقة حاكمة وأخرى محكومة.. فالقانونيين يركزون كثيرا على الفصل بين السلطات داخل الطبقة الحاكمة.

    لقد كانت نظرة القانونيين محل نقد وخاصة من قبل الاتجاه الماركسي، معتبرين أنّ الدولة بنمطها القانوني والمؤسسي قد تطورت بهذه الصورة لكي تخدم أغراض النمو الرأسمالي وسيطرة الطبقة البرجوازية الأوربية الصاعدة على المجتمع ككل لهذا يعرفها الماركسيون والكلاسيكيون بأنّها أداة الطبقة البرجوازية.

   ولم يكن النقد من طرف الماركسية فقط فبعض القانونيين انتقدوا وجهة النظر القانونية معتبرين إيّاها باللامعقولة، وفي هذا الإطار يرى ميشال ميلي:” الدولة هي أولاً السلطة الرأسية عبر المؤسسات مما يعني بعبارة أخرى أنّ الدولة ليست الأرض أو المكان ونظام القوانين الإجبارية، الدولة تتسامى عن كل هذه المعطيات ووجودها يرتفع إلى مستوى العقل، إنّ الدولة هنا بالمعنى القوي للكلمة فكرة ولا واقع لها سوى الواقع المفهومي، ليست إذن الدولة خارجة عن البنى التّي يحاول الفكر الإلمام بها، بل هي الواقع الذي يعبر المفهوم عنها[6].

   بعدما اتضحت بشكل عام معالم تعريف الدولة والأركان التّي تقوم عليها، بقي أن نشير إلى بعض المصطلحات والاستخدامات التّي تشير إلى الدولة غي غياب ركن معين من أركانها، أو تعبّر عن الدولة باستخدام اصطلاح آخر، أو إلى ما يرتبط بالدولة دون أن يكون رديفاً لها، دلالة ومعنى أو ما يقدر يعبر عن الدولة نتيجة لأدائها لوظيفة ما أوكلت إليها أو وجدت لأجلها.

  • دويلة: مصغر دولة، وتطلق في السياسات على كيان إقليمي منقوص الاستقلال يصعب عليه بسبب صغر مساحته أو قلة سكانه، أو هزال موارده وما أشبه أن يمارس اختصاصات الدولة، ومثاله إمارة موناكو.
  • دولة تابعة vassal state : دولة منقوصة الاستقلال تخضع لنفوذ أجنبي في سياساتها الخارجية والداخلية.
  • دولة حاجزة buffer state: دولة صغيرة تقام أم يحافظ على وجودها بين دولتين أكبر منها بمثابة حاجز يمنع الصدام المباشر بينهما.
  • محمية: دولة توضع تحت سلطة دولة أخرى أقوى منها لحمايتها، والمحمية في حكم المستعمر لكنّها تشتمل على شكليات الدولة من حكومة محلية وسلطات أخرى يديرها مسئولون محليون والمستعمر، تحكم مباشرة من الدولة التّي تستعمرها.
  • إمارة: دولة يديرها أمير، غالبا ما تكون غيرة، مثالها : إمارات الخليج العربي.
  • مشيخة: دولة يديرها شيخ، ويطلق الاسم على إمارات الخليج العربي، لأنّ أمرائها هم في نفس الوقت شيوخ عشائر .
  • سلطنة: دولة يحكمها سلطان.
  • جمهورية: دولة يرأسها رئيس منتخب، بخلاف الدولة الملكية التّي يرأسها ملك بالوراثة، نسبة إلى الجمهور لأنّ رئيسها ينتخبه الجمهور وهو يحكم باسمهم وبالاستناد إلى تخويلهم إياه بالحكم.
  • دوقية: دول صغيرة يحكمها دوق وُجدت في أوروبا ومنها دوقية لوكسمبورغ في الوقت الحاضر.
  • كيان: يقول المعاصرون كيان سياسي ويريدون به الدولة، ويَرِد على جهة الاستصغار أو الرفض، مثال الكيان الصهيوني, لكنّ الكلمة لا توحي – في الأصل- بهذا الغرض لأنّ الكيان هو الوجود ويقابله بالانجليزي entity .[7]
  • وطن : مكان إقامة الإنسان الدائمة ومقره، ولد به أو لم يولد، جمعه أوطان، وتوّطن المكان وتوّطن به أي أقام فيه إقامة دائمة، فهو متوطن ووطنه توطيناً أي منحه إقامة دائمة في المكان ( مولده)، واستوطن في المكان أي توّطن فيه فهو مستوطن، والمتوطن والمتوطِنُ، غريب أقام في بلد آخر ليتخذ منه وطنا، والمستوطنة هي مكان إقامة المستوطنين.
  • موطِن: ووطن فهما يختلفان فالوطن هو المصطلح الرسمي لمكان الإقامة الدائمة للمواطنين أم الموطِن فيراد به المدينة أو القرية التّي يقيم بها، كما يَرِد عنه البحث عن أصول الأشياء، كأن يُقال أنّ القهوة موطنها في البرازيل.
  • قُطر: بلد، جمعه أقطار، والقطري ما هو على مستوى القطر الواحد خلاف القومي، والقطرية نزعة انعزالية تتمسك بالقطر الواحد وترفض التكامل مع الأقطار الأخرى.
  • الدولة الأسرية: وهي الدولة التّي استطاع ملوكها القضاء على الأوضاع الإقطاعية وتكوين الدولة الجديدة التّي تميّزت بالملكية المطلقة، والحق الإلهي المطلق.
  • الدولة الحبيسة: وتُسمى دولاً داخلية أو مغلقة أي تلك التّي ليس لها شواطئ أو سواحل على البحار والمحيطات الدولية، وقد أعطاها القانون الدولي حق المرور والوصول إلى البحر وذلك عبر أقاليم الدول الحاجزة بينها وبين أقرب البحار وتُسمى الدولة الحاجزة دولة المرور العابرة ( الترانزيت) costal transit، ويشمل هذا المرور العابر مرور الأشخاص والبضائع ووسائل النقل عبر أقاليم تلك الدولة.
  • دولة الحقوق richts state: وهو مفهوم ألماني للدولة تّم وضعه على يد عدد من الفقهاء السياسيين من أمثال جللنيك وجنايست في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتفرّد به المضمون السياسي الاجتماعي للقومية الألمانية، ويقوم المفهوم على فكرة الاعتراف للفرد المواطن بحقوق معينة يحدّدها ويضمنها القانون ولا تستطيع الدولة بحكم طبيعتها القانونية وبوصفها تنظيماً قانونياً إلاّ احترام هذه الحقوق.
  • دولة رخوة soft state: مصطلح أطلقه جنار ميردال في أواخر الستينيات من القرن العشرين للإشارة إلى استعداد معظم الحكومات في الدول النامية للفساد وتجاهل حكم القانون ولتغليب مصالح أفرادها الخاصة على المصلحة العامة، فالدولة الرخوة دولة تفكك ولا تبني وإنّما تترك البناء لغيرها، وهي تُسلّم أهلها للأجنبي ليفعل بهم ما يشاء[8].
  • دولة فاشلة failed state: وهي الدولة التّي تنهار سلطتها المركزية وتفقد سيادتها على إقليمها الجغرافي كما تفقد خاصية احتكارها للقوة ووسائل القهر المادي التّي تنتقل بدورها لأفراد ومجموعات أخرى داخلها.
  • المجتمع المدني، حدود المفهوم والدلالة :

   لغوياً: تُشتق كلمة مجتمع من فعل اجتمع، يجتمع، اجتماعا، ويُقال اجتمع الشيء أي اظم وتألف.

والمجتمع اصطلاحا هو مكان الاجتماع ويُطلق مجازاً على جماعة من الناس خاضعين لقوانين عامة مثل المجتمع القومي، وفي قاموس محيط المحيط يورد معنى المجتمع كهيئة اجتماعية وهي الحاصلة من اجتماع قوم لهم ملامح يشتركون فيها.

أمّا كلمة مدني فحسب ما ورد في معجم بلدوين تعني كل ما هو عكس عسكري، ديني، متميّز عنها وعن مجالها، إذن فمدني هو علماني أي منفصل عن الشؤون الدينية وكذا العسكرية.

وتذكر هذه التمييزات بالاستخدامات العامية لمصطلح مدني بالانجليزية والعربية لوصف ما هو متميّز عن كل من يلبس الزي الرسمي، أي متميز عن الدولة[9].

أما المجتمع المدني أو civil society  فهو مفهوم غربي تطوّر هناك عبر مراحل تاريخية وأخذ في كل مرة مدلولاً معيناً، والمصطلح كما هو ظاهر مركب من كلمتين civil وsociety فالأولى كلمة لاتينية تعني مجتمع، أمّا الثانية فكلمة لاتينية مشتقة من أصل civisوتعني المواطن، ولفظcivis  في الترجمة العربية ·يعني مدينة أو التمدن، وتعني المدينة المكان الذّي يجتمع فيه الأفراد للعيش معاً استجابة للعوامل المختلفة وبالتالي يحتضن مفهوم الشأن العام، كما يقصد بلفظ مدني أنّ يرتبط المجتمع المدني بأواصر مدنية فقط لا عوامل سياسية أو أيديولوجية.

   أما اصطلاحاً فرغم الإجماع حول الطابع الغربي للمفهوم إلاّ أنّ هناك اختلافا نوعاً ما في تحديد العناصر المشكلة له ممّا يجعلنا نقف أمام تعريفات مختلفة، سنركز على أبرزها محاولين في النهاية استجلاء عناصرها المشتركة.

يُعرّف الأستاذ ريموند هينيبوش المجتمع المدني على أنّه :” شبكة الاتحادات طوعية التكوين والتّي تبدو مستقلة عن الدولة والجماعات الأولية، ولكنّها في الوقت الذّي تعمل فيه على احتواء الانقسامات الاجتماعية وتشكيل منطقة عازلة بين الدولة والمجتمع فإنّها تعمل على ربطها بالدولة وسلطتها”.

ويعرفه سعد الدين إبراهيم بأنّه:” مجموعة التنظيمات التطوّعية الحرّة التّي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف”.

   ويرى عبد الحميد الأنصاري أنّ المجتمع المدني هو ذلك ” المجتمع الذّي تتعدد فيه التنظيمات التطوعية التّي تشمل النقابات والاتحادات والروابط والأندية وجماعات المصالح… وغير ذلك من الكيانات غير الحكومية والتّي تمثّل الحضور الجماهيري وتعكس حيوية المجتمع، الأمر الذّي يؤدي لإيجاد مؤسسات في المجتمع موازية لمؤسسة السلطة تحوّل دون تفردها باحتكارها مختلف ساحات العمل العام” .

أمّا البنك الدولي فيُعرّف المجتمع المدني بأنّه:” مجموعة المنظمات التطوعية التّي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة وتعمل لتحقيق المصالح المادية والمعنوية لأفرادها، وذلك في إطار الالتزام بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والقبول بالتعددية والإدارة السلمية للخلافات والنزاعات”.

   لعل تعدّد الآراء حول إيجاد تعريف للمجتمع المدني راجع للجانب الذّي ركز عليه كل باحث، فهناك من ركز على الجانب الوظيفي للمجتمع المدني ورأى أنّه أحد أشكال تنظيم المجتمعات بما يحقق التعاون بين الأفراد بهدف حماية حقوق ومصالح الفئات المتنوعة والتوفيق بينها ليقوم بدور الرقيب على تصريحات الحكومة، وهناك اتجاه ركز على سمات المجتمع المدني واعتبره مجتمع مستقل إلى حد بعيد عن إشراف الدولة المباشر، فهو يتميز بالاستقلالية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة الفردية والعمل التطوعي كما أنه مجتمع التسامح وقبول الآخر[10].

    يمكننا من خلال هذه التعريفات استنباط مجموعة من الأركان الأساسية يقوم عليها مفهوم المجتمع المدني وهي:

  • الفعل الإرادي الحر” الطواعية”: فهو يتكوّن من خلال المشاركة الطوعية التّي هي بالأساس الفعل الإرادي الحر وبهذه الطريقة تتميّز تكويناته عن باقي التكوينات القرابية التّي لا دخل للفرد في اختيار عضويتها.
  • التنظيم الجماعي ” المؤسسي”: فهو مجتمع منظم يساهم في خلق نسق من المؤسسات والاتحادات التّي تعمل بصورة خاضعة في ذلك لمعايير ولقواعد وشروط وقع التراضي بشأنها.
  • الركن المعياري ” الأخلاقي، القيمي السلوكي: وينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين وعلى حق الآخرين في أن يكونوا منظمات إدارة الخلاف داخل وبين مؤسسات المجتمع المدني وبينها وبين الدول بالوسائل السلمية، في ضوء الاحترام والتسامح والتعاون والتناقض والصراع السلمي[11].
  • الاستقلالية: بمعنى أن يكون المجتمع المدني مستقلاً عن سلطة وهيمنة الدولة، استقلالية مالية، تنظيمية وإدارية، والاستقلال لا يعني بالضرورة القطيعة.

وحتّى يتضح لنا حدود مؤسسية المجتمع المدني ومدى قدرته على الاستمرارية والبقاء فإنّ النموذج الذّي يقدمه صاموئيل هنثينغتون في هذا الصدد يعد أحسن النماذج ،إذا وضع الأخير مجموعة من المعايير القياسية وتتعلق بمدى:

  • القدرة على التكيف مقابل الجمود.
  • الاستقلال في مقابل الخضوع والتبعية.
  • التعقد في مقابل الضعف التنظيمي.
  • التجانس في مقابل الانقسام.
  • القدرة على التكيّف: ونقصد به قدرة المجتمع المدني على التكيّف والتلاؤم مع التطورات والتغيرات الحاصلة في البيئة، سواء كان تكيفاً زمنياً ومدى قدرتها على الاستمرار لفترة طويلة من الزمن، أو تكيفاً عبر الأجيال أي مدى قدرة هذه التنظيمات على الاستمرار وبتعاقب الأجيال من القيادات أو تكيفاً وظيفياً بمعنى مدى قدرتها على إجراء تعديلات في أنشطتها للتكيف مع الظروف المستجدة.
  • الاستقلال في مقابل الخضوع والتبعية: بمعنى أن لا تكون تنظيمات المجتمع المدني خاضعة لأي سلطة سواء كانت حكومة أو مؤسسة أو جماعة، وأن تكون مستقلة من حيث نشأتها وإمداداتها المالية وكذا في إدارة شؤونها الداخلية والإدارية.
  • التعقد: بمعنى تعدد المستويات الرأسية والأفقية داخل مؤسسات المجتمع المدني وتعدد هيئاتها التنظيمية ووجود مستويات تراتبية داخلها وانتشارها الجغرافي على أوسع نطاق ممكن داخل المجتمع.
  • التجانس: أي عدم وجود صراعات وانقسامات داخل مؤسسات المجتمع المدني، ومحاولة إدارة الصراعات – إن وجدت- بطرق سلمية[12].

   وكتعريف إجرائي شامل للمجتمع المدني نقول بأنّه:” مجموعة من التنظيمات التطوعية المستقلة عن الدولة، هذه التنظيمات التطوعية تنشأ لتحقيق مصالح أعضائها، كما تنشأ لتقديم مساعدات أو خدمات اجتماعية للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وهي تلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والمشاركة والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف، وتكون أغراض هذه التنظيمات والمؤسسات مختلفة ومتعددة، كأن تكون أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني، ومثال ذلك الأحزاب السياسية، ومنها غايات نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لأعضاء النقابة والارتفاع بمستوى المهنة والتعبير عن مصالح أعضائها، ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية التّي تهدف إلى نشر الوعي وفقاً لاتجاهات أعضاء كل جمعية، ومنها لأغراض اجتماعية كالإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية، وبالتالي يمكن القول أن العناصر البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي: الأحزاب السياسية، النقابات العمالية، الاتحادات المهنية، الجمعيات الثقافية والاجتماعية…[13]

   ولن نغادر هذا المحور قبل أن نميّز بين المجتمع المدني وبعض المفاهيم والمصطلحات التّي تختلط به عادة عند الاستعمال وأهمها: المجتمع الأهلي، المجتمع السياسي.

فالمجتمع الأهلي عادة ما يكون ذو طابع قرابي عصبي، وانتماء الأفراد إليه لا تحدّده إرادتهم الحرّة بل رابطة الدم أو الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي، والمؤسسات التقليدية القرابية لا تدخل ضمن حيّز المجتمع المدني، لأنّ سلوكها وثقافتها غير مدنية والانتماء إليها إرثي لا طوعي وليس للفرد حتّى الاختيار ليكون من هذه الطائفة أو تلك القبيلة أو ذلك الدّين، واستبدال هذا الانتماء يعني تعرضه للنبذ الاجتماعي أو القتل في بعض الأحيان.

في حين يُعبّر المجتمع السياسي عن مجتمع الدولة والحكومة والسلطة، وهذا يعني أنّ كل شيء لا يصدق عليه حكومة أو تابعة للحكومة فهو مدني، أي أنّ المجتمع السياسي هو نظام الدولة السياسي الذّي ظهر إلى الوجود تاريخياً، مبتورا بصورة مفهوم سياسي، بديل للنظام القبلي القديم، الذّي كان يعتمد في تنظيم شؤونه الاجتماعية والسياسية على التشاور بين أفراد القبيلة، وفي سياق نظرية العقد الاجتماعي كان المجتمع المدني هو نفسه المجتمع السياسي الذّي يشمل المجتمع والدولة معاً، بعدما جاء أنطونيو غرامشي ليفرّق بين المجتمع المدني والسياسي[14].

   أما عن العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي بسلطاته المختلفة الدينية والعسكرية، فتتراوح بين الهيمنة والحرية تبعاً لنمط الدول المعنية، ففي الدول الأوتوقراطية وغير الديمقراطية نجد سيطرة السلطات واحتوائها لحركات المجتمع المدني، فلا تُبقي له ولعناصره الفردية أو الجماعية أي حرية أو أي مسؤولية  في صياغة واقعه ومستقبله، أمّا الدول ذات الأنظمة الديمقراطية فإنّها تُقر بالمسائلة والمحاسبة والشفافية والحرية، فتنمو فيها حرية ومسؤولية وفعالية المجتمع المدني، وهنا يمكننا التمييز بين: مجتمعات مدنية راكدة، قانعة بالأوضاع القائمة، مستسلمة لها وبين مجتمعات مدنية متحركة نشطة ديناميكية تنتظم فيها الهيئات الناشطة، من نقابية، حزبية، وتيارات تحاول وتسعى لأن تكون قوى ذات فاعلية في اتجاه التغيير[15].

  1. التطور الفكري والتبلور النظري لظاهرة المجتمع المدني:

   ارتبط مفهوم المجتمع المدني في نشأته وتطوره بتاريخ نضال الشعوب من أجل الحرية والمساواة وكذا حاجة الإنسان إلى الأمن، الاستقرار والنظام، وقد مر مفهوم المجتمع المدني عبر مراحل تاريخية عديدة عملت كل مرحلة على بلورة وصياغة معالمه ابتداءً من التحولات التّي عرفتها أوروبا من القرن 17م و18م إذ فرضت التحولات الاجتماعية هذا المفهوم حينما ظهرت الحاجة إلى علاقة ما جديدة بين الشعب والسلطة بعد انهيار المجتمع الإقطاعي القديم وظهور المجتمع البرجوازي الجديد، لذا فلم ينفصل تطور هذا المفهوم عن تطور مفهوم الدولة وتبلوره عبر التاريخ.

   وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى حوالي خمس لحظات تاريخية أساسية مرّ بها هذا المفهوم وأخذ في كل منها مدلولاً معيّناً حسب الظرف التاريخي والحاجة الاجتماعية وكذا العملية السياسية التّي شهدتها كل مرحلة آنذاك.

  • اللحظة الأولى: مفكرو العقد الاجتماعي :

   يُرجع بعض الباحثين ظهور المعالم الأولى لمفهوم المجتمع المدني إلى الفلسفة اليونانية القديمة، وينوّهون إلى أنّ أرسطو كان قد أشار إليه باعتباره مجموعة سياسية تخضع للقوانين، أي أنّ أرسطو لم يميّز بين الدولة والمجتمع المدني، فالدولة عند أرسطو والفلسفة اليونانية عموماً يقصد بها مجتمع مدني يمثل مجتمعاً سياسياً أعضاؤه هم المواطنون الذّين يعترفون بقوانين الدولة ويتصرفون وفقاً لها، ودعا أرسطو إلى تكوين مجتمع سياسي تسود فيه حرية التعبير عن الرأي ويقوم بتشريع القوانين لحماية العدالة والمساواة، إلاّ أنّ المشاركة في هذا المجتمع السياسي تقتصر على النخبة، ويحرم منها ومن حق المواطنة العمال، الأجانب والنساء[16] .

ويرجع باحثين آخرين ظهور هذا المصطلح عند الرومان الذّين استعملوا هذا المصطلح، ليس بمفهومه الحالي، ولكن لتمييز العرق الروماني الخالص عن البرابرة والمتوحشين.

إلا أنّه يكاد يكون هناك إجماع حول ارتباط ظهور المجتمع المدني بتطور الفكر السياسي الغربي الحديث منذ عصر النهضة، والذّي تميز بظهور مجموعة من المفكرين نادوا بمجموعة من المبادئ التحررية في وجه الكنيسة، ثم الإقطاع، فلسفة الحاكم المطلقة، والتّي كانت وراء إفراز المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وسيادة الشعب كما يعرفها العالم اليوم[17].

   إنّ أهم نتيجة تمخضت في هذه المرحلة عن كل هذه التحولات الاجتماعية والتاريخية التّي عرفتها أوروبا هي ما تُعرف بنظرية العقد الاجتماعي ووفقاً لهذه النظرية كان مفهوم المجتمع المدني مرادفاً للمجتمع السياسي” هوبز، لوك، روسو” وظهر مفهوم المجتمع المدني في هذه المرحلة نهاية القرن 17م وبداية 18م، كنقيض لمفهوم الطبيعة والمجتمع السياسي وليعبّر عن الرغبة الملحة للتخلص من تأثيرات العصور الوسطى التّي عرفت سيطرة مطلقة للدين والكنيسة والتخلي عن النظام القديم والدعوة إلى نظام جديد يقر بحرية الفرد الإنسان باسم العقل والمنطق، إلى سيادة الشعب والسيادة القومية وحقوق الإنسان التّي فجرتها الثورة البرجوازية الانجليزية ودعمت مع اندلاع الثورة الفرنسية[18].

   لقد استخدمت هذه النظرية· لمقاومة مطالب الأمراء والملوك بالحكم المطلق والاستبداد برعاياهم في أواخر القرن 16م، وقد حققت هذه النظرية إحلال العلاقات المدنية محل العلاقات الطبيعية إذ كانت المشكلة الرئيسية المطروحة على منظّري القرن 17م و18م هي إعادة بناء السياسة على أسس غير دينية ( متحررة من الكنيسة) وغير ارستقراطية ( متحررة من استبداد النخبة)، وإنّما تنبع من المجتمع نفسه وتصب فيه،  فالسلطة هنا لا ترتبط بحق إلهي أو إرث عائلي وإنّما ترتبط بالشعب وتعبر عن سيادته وإرادته الجماعية، وهذا هو أصل الانتقال إلى السياسة المدنية الحديثة[19].

   وقد مثّل هذه النظرية ثلاثة من أكبر مفكري أوروبا آنذاك، توماس هوبز، جون لوك وجون جاك روسو، والذّين سنتعرض لأبرز أفكارهم هنا عن المجتمع المدني وعلاقته بالدولة.

  • توماس هوبز (1588-1679) ، المجتمع المدني هو مجتمع السلطة المطلقة :

   يرى هوبز في كتابه ” التنين” أنّ الناس بطبعهم أنانيون تماماً يلتمسون بقائهم وسلطتهم والحصول على القوة، ولقد قال هوبز بحياة فطرية سابقة عن نشأة الجماعة، ولكنّها حياة فوضى وصراع اضطر الأفراد معها إلى التعاقد لإنشاء الجماعة السياسية، وهذا التعاقد تمّ فيما بينهم واختاروا بموجبه حاكماً لم يكن طرفاً في العقد، ولم يرتبط لذلك تجاههم بشيء، وخصوصاً أنّ الأفراد تنازلوا بالعقد عن جميع حقوقهم الطبيعية وترتب على ذلك أنّ السلطان الحاكم غير مقيد بشيء وهو الذّي يضع القوانين ويُعّد لها حسب مشيئته ويرى هوبز أنّه من الخطأ الاعتقاد بغريزة اجتماعية تحمل الإنسان على الاجتماع والتعاون وإنّما الأصل- الحالة الطبيعية- أنّ الإنسان ذئب للإنسان وأنّ الكل في حرب ضدّ الكل، يقول:” إنّ الحياة في حالة الفطرة والطبيعة كانت مقفرة، كريهة وقصيرة[20].

وبناءً على تحليل هوبز فإنّ الوجود الممكن الوحيد للمجتمع في رأيه هو إذاً المجتمع المدني ويعني المجتمع السياسي المنتظم في الدولة.

   وعندما يتعاقد الأفراد متنازلين عن كامل حريتهم ينشأ هذا الجسم الاصطناعي وهو الدولة ويمثله حاكم أو هيئة لها سلطة مطلقة تمثّل كافة الحريات التّي تمّ التنازل عنها مجتمعة ومتلاحقة في إرادة واحدة هي إرادة الحاكم صاحب السيادة … ولهذا فالمجتمع المدني كما يعتقد هوبز ليس دولة فحسب بل هو دولة مطلقة الصلاحيات بحكم تعريفها، المواطنون أو الأفراد فيها رعايا، والمجتمع المدني بالتالي هو مجتمع عديم المواطنين مع أنّه ناشئ بفعل إرادي ولكنهّا كانت إرادة لمرة واحدة، وكأنّ الأفراد كانوا مواطنين كاملي الإرادة والوعي في تلك اللحظة النظرية التّي قرروا فيها بكامل وعيهم التنازل عن كامل إرادتهم ووضعها أمانة في يد الحاكم الذّي لم يوقع عقداً وإنّما نجم عن توقيع العقد وبالتالي فإنّه غير ملزم بأي علاقة متبادلة، وهو غير مقيد بأي التزام تجاه المحكومين[21]. فهذه هي الطريقة الوحيدة المثلى للخروج من صراع الكل ضدّ الكل، وفيها تلتهم الدولة، المجتمع المدني بالكامل·، يقول هوبز:” أصل المجتمع المدني هو ضرورة للخروج من الصراع اللامنتهي الذّي يتولد عن قانون حالة الطبيعة، أي عن حق كل شخص في أن يفعل ما يظهر له على أنه مناسب لحماية نفسه”.

   لقد قدم هوبز مذهباً في القانون والدولة يرفض فيه نظريات الأصل الإلهي للدولة” ويخلص إلى أنّ كل سلطة مدنية يجب أن تكون انعكاساً لأصل مجتمع دنيوي مؤكداً على الطبيعة البشرية للسلطة الحاكمة، وعلى ضرورة التعاقد لمنحها السلطة المطلقة للخروج من حالة الفوضى التّي تفرضها الحالة الطبيعية الأولى”[22].

  • جون لوك (1632-1704) المجتمع المدني هو المجتمع الضامن للحقوق المتساوية لكل الأفراد:

   ينطلق لوك من فكرة مفادها أنّ الإنسان يولد وعقله على الفطرة ثمّ تجيء خبرته فتصبح الفطرة المكونة بذلك مصدر معرفته وبما أنّ الناس يولدون صفحة بيضاء على حد تعبيره، فإنّهم بالتالي سواسية لا يفرق بينهم إلاّ نوع تربيتهم وخبرتهم.

   ويعارض لوك تصور هوبز للإنسان ذو القوة الغاشمة، وللحالة الطبيعية الوحشية، تلك التّي يسود فيها قانون الأقوى، ويذهب إلى أنّ للإنسان حقوق مطلقة لا يخلقها المجتمع، وأنّ حالة الطبيعة تقوم على الحرية، أي أنّ العلاقة الطبيعية بين الناس هي علاقة كائن بكائن حرّ تؤدي إلى المساواة وهي تقيم بين الناس مجتمعاً طبيعياً سابقاً على المجتمع المدني وقانوناً طبيعياً سابقاً على القانون المدني، ويرى لوك أنّ حق الملكية حق طبيعي يقوم على العمل، ومن أجل ضمان الملكية يخرج الناس من الحالة الطبيعية ويُكوّنون مجتمعاً مدنياً غايته الأساسية المحافظة على الملكية[23]، وإذا كانت تنظيمات المجتمع المدني عند هوبز تخضع للسلطة السياسية، فإنّ لوك يرفض ذلك، ويعتبر المجتمع المدني سابقاً في تكوينه عن الدولة والسلطة، باعتبار أنّ الملكية وُجدت قبل ظاهرتي السلطة والدولة، فالعمل والتبادل المنفعي عرفه الإنسان قبل الدولة، فكان دور المجتمع المدني هو نزع السلطة التنفيذية من أفراد ينكبّون على مصالحهم الخاصة، فأصبحت هذه السلطة التّي هي ثمرة تعاقد بين الأفراد، سلطة عامة.

   إذن لم يتشكل المجتمع المدني بفعل القوة القاهرة لصاحب السيادة، بل اشتق وجوده من الفعل الاجتماعي السابق على الدولة[24]، فقبل الدولة كان المجتمع الطبيعي- في حالته الطبيعية- من وجهة نظر لوك مجتمعاً يتمتّع فيه الأفراد بالحرية والمساواة ويسود فيه السلام والحرب، ولكن تحيّز هؤلاء الأفراد لمصالحهم الخاصة كان من شأنه أن يسبب عدم الاستقرار في ذلك المجتمع الطبيعي، فقد كانت الخلافات تثور بينهم حول تفسيرهم لحقوقهم الطبيعية، ونظراً لأنّه لم يكن هناك قاض محايد فقد كان من الصعب عليهم حسم هذه الخلافات على نحو مقبول لدى المجتمع، لذا كان المجتمع المدني هو الرد على هذه الحاجات، أي إيجاد سلطة تسن القوانين وتنفذها بشكل محايد ومعترف به اجتماعياً، فالسلطة هنا استثناء جاءت لتضبط تنظيم المجتمع التلقائي، وتسد ثغرات هذا التنظيم، وهنا يقول لوك:” وهكذا فحيث يؤلف الناس جماعة واحدة ويتخلى كل منهم عن سلطة تنفيذ السنة الطبيعية التّي تخصه ويتنازل عنها للمجتمع ينشأ عندها حين إذن فقط مجتمع سياسي أو مدني”[25].

   غير أنّ ما يلاحظ هنا هو عدم تمييز لوك بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني بشكل واضح فهو عندما يتحدث عن المجتمع المدني يُضمنه معنى المجتمع السياسي، ورغم أنّ أسباب ودواعي المجتمع المدني سابقة على الدولة إلاّ أنّه لا يمكن أن يتحول هؤلاء الأفراد إلى مجتمع مدني، إلاّ عندما يتعاقدون وينتج عن ذلك سلطة ودولة[26].

  • جان جاك روسو ( 1712-1778)، المجتمع المدني هو مجتمع الإرادة العامة :

   جاء هذا الفيلسوف الفرنسي اللامع في سياق تاريخي عرفت فيه أوروبا مجموعة من التحولات والثورات السياسية والبرجوازية حققت إنجازات كثيرة في فضاء التنوير والعقلانية والعلم والديمقراطية من تبلور المفهوم، وذلك في كل من هولندا مطلع القرن 17م، وبريطانيا في النصف الثاني من القرن 17م ثم الثورة الفرنسية في نهاية القرن 18م والثورة الألمانية لاحقاً في منتصف القرن 19م، وهذا كان بمثابة الإعلان الحقيقي عن ميلاد عصر النهضة أو الحداثة، ففي هذا العصر انتقلت أوروبا الغربية من مجتمع الطبيعة المحكوم بنظرية الحق الإلهي إلى المجتمع المدني، مجتمع الديمقراطية والثورة العلمية، وقد برز روسو في هذا السياق التاريخي كفيلسوف ذو أفكار فلسفية نظرية بارزة وأخرى اجتماعية، سياسية، أخلاقية وتربوية أيضاً، كان لها دور كبير في وضع أسس المجتمع المدني البرجوازي الجديد، ففي كتابه “العقد الاجتماعي” يحاول روسو البرهنة على أنّ الوسيلة الوحيدة لتصحيح التفاوت الاجتماعي في ضمان الحرية والمساواة المطلقة أمام القانون، كما طرح في عقده الاجتماعي، نظام الجمهورية البرجوازية الذّي أكد فيه أنّ الحياة السياسية يجب أن تقوم على سيادة الشعب المطلقة، وبذلك أدخل روسو عنصر المساواة كمكون في بناء المجتمع المدني وجعل العقد يؤسس شعباً قائماً برؤسائه أو بدونهم، فالإرادة العامة لابّد أن تكون عامة أو لاشيء[27]، وهي التّي تتيح للمواطنين إمكانية تحويل مصالحهم الخاصة إلى قواعد عامة ملزمة، وهي التّي تنشأ عنها السلطة السياسية، ولا يخفى روسو خشيته من أن تدمر المصلحة الخاصة المجتمع المدني، ويتساءل:”أين ستنتهي الفضيلة إذا كان المرء يريد أن يثرى بأيّ ثمن“، وبالتالي فإنّ علاج ذلك هو الاعتماد على الإرادة العامة التّي لا تمثل مصلحة خاصة، فلا يمكن للمجتمع أن يحيا بفضل تطبيق العقل على السعي الدائم وراء المصلحة الشخصية[28].

   في الحقيقة، فإنّ روسو كان قد اتخذ في البداية موقفاً سلبياً من المجتمع المدني انطلاقاً من فكرته القائمة على أساس أنّ الإنسان عاش قبل قيام الدولة والمجتمع المدني المنظم في حالة طبيعية يسودها السلم كان الأفراد فيها متساويين ولكل منهم اكتفاء شخصي، كما نبعت تصرفاتهم من مشاعرهم الفطرية ومصالحهم الذاتية ولم يستند إلى العقل، لذا نجده يُعظم قيمة الحرية الفردية التّي سادت في المجتمع الطبيعي ويبغض السلطة وكل تنظيم اجتماعي لأنّه يحدّ من حرية الأفراد وكانت النتيجة المنطقية لأفكار روسو في هذا الصدد هي أنّه إذا كان الانتقال من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع المدني بمثابة سقوط للإنسان من كماله الأول فهو إذن يدعو الناس إلى تحطيم المدنية والمجتمع المدني والعودة إلى الطبيعة الأولى.

   غير أنّ روسو قد طوّر كثيراً من أفكاره عندما كتب “العقد الاجتماعي” ولم تعد المشكلة عنده كيف ينقذ الإنسان من المجتمع المدني بل كيف ننقذ الإنسان من مساوئ المجتمع المدني، لأنّه بتطور المدنية وتقدمها ظهرت المساوئ والشرور وأدّت زيادة السكان وتقدم العلوم إلى تقسيم العمل الذّي أدّى بدوره إلى ظهور الملكية الخاصة التّي ميّزت بسبب الغنى والفقر وقضت على السعادة الطبيعية التّي كانت سائدة في المجتمع الطبيعي، ومن ثمّ ظهرت الضرورة إلى إنشاء مجتمع سياسي مُنظم حيث يرى روسو أنّه نتيجة انهيار المجتمع الطبيعي فإنّ الإنسان يدخل في حالة حرب مستمرة وعدم اطمئنان، وحتّى يتفادى هذه الحالة فإنّه يضطر إلى الدخول في المجتمع السياسي المنظم، وينشأ عقد اجتماعي يتنازل فيه كل فرد عن حقوقه الطبيعية للمجتمع بأسره بلا قيود فينشأ ما يسميه روسو بالإرادة العامة على النحو الذي حددناه سابقاً[29].

   بناءً على ما سبق يتضح أنّ مفهوم المجتمع المدني في سياق اللحظة الأولى ( لحظة العقد الاجتماعي)، لا يعني سوى المجتمع المقابل للحالة الطبيعية أو حالة الفطرة أو المجتمع الطبيعي، وحسب هذه الصياغة الأولية لمفهوم المجتمع المدني، فإنّه يعني كل تجمع بشري خرج من حالته الطبيعية إلى الحالة المدنية التّي تتمثل بوجود هيئة سياسية قائمة على اتفاق تعاقدي وبهذا المعنى فإنّ المجتمع المدني هو المجتمع المنظم سياسياً[30]، تبرز قيمته بمدى قدرة أفراده على الالتزام بمقتضيات العقد الاجتماعي لتأسيس الجماعة المدنية، كما أنّ المجتمع المدني هنا – وفقاً لنظريات العقد الاجتماعي- لا مكان فيه للمراتب الاجتماعية والسيطرة أو التبعية، بل هو مجتمع الأفراد الأحرار المتساوين[31].

  • اللحظة الثانية/اللحظة الهيغيلية :

   مع بزوغ القرن التاسع عشر دخلت أوروبا عصر التنوير بعد أن أغرقت السلطة الدينية والحكم الإقطاعي المجتمع الأوروبي ونقلت الثورة الصناعية المجتمع من نمط العلاقات الحرفية والإقطاعية إلى مجتمع ذو طبقات أحدهما تعمل والأخرى تملك رأس المال، وبدأ التفاوض يتضح بين مصالح العمال وأصحاب المصانع، وارتبط بهذا الوضع الاقتصادي ظهور حق الملكية الخاصة، وهو ما دفع كل مجموعة إلى تأسيس روابط واتحادات للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم الخاصة والمشتركة، هذه التحولات فرضت قضايا وإشكاليات على مفكري القرن التاسع عشر في أوروبا، وفي مقدمتهم الفيلسوف الألماني فريديريك هيغل والذّي كان له مفهوماً مختلفاً للمجتمع المدني، فهو يُنكر الانسجام الذّي تفرضه نظرية العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع المدني مؤكداً عجز هذا الأخير عن إقامة وتحقيق العدالة والحرية من تلقاء نفسه حيث تكون الدولة هي الإطار القوي القادر على تحقيق هذه الغاية، لأنّ المجتمع المدني في غياب الدولة هو مجتمع يسوده الفرقة والصراع والتمزق لتجسيد المصالح الخاصة للأفراد والمتعارضة في كثير من الأحيان، ولهذا لا يتحقق له الاستقرار والوحدة إلاّ في وجود الدولة[32].

   لقد حاول هيغل، برؤيته تلك تخفيف الصراعات الاجتماعية عبر رؤية تقوم على التوازن بين الملكية الخاصة والأنانية الفردية من جهة، وإشكالية الإفقار والاغتراب من جهة أخرى، وكما يقول د. عزمي بشارة:” هناك محاولات مستمرة – عند هيغل- لحل مشكلة الإفقار والاغتراب الناجمة عن مبدأ الأنانية الفردية والملكية الخاصة، التّي يقوم عليها المجتمع المدني، من دون التنازل عن الفرد وحريته وحقه في التعاقد”، ومن أجل ذلك ينطلق هيغل من الخطوة الأولى في تأسيس المجتمع المدني، وهي العمل من أجل سدّ الحاجات البشرية ضمن الملكية الخاصة التّي لا تعني شيئاً من دون الاعتراف الاجتماعي بها، فالتبادل بين البشر في علاقات السوق لا يمكن أن يتم من دون القانون ومن دون عملية تنظيم أو إدارة العدالة، فالسوق وحدها لا تُنتج قانوناً وعدالة، ومن هنا تنشأ الحاجة إلى السلطة، السلطة العامة[33].

   إنّ المجتمع المدني حسب هيغل هو الوسيط بين العائلة والدولة إنّه نظام الحاجات أو مكان التبادل والإنتاج الخاص الذّي لا يمكن أن يولد أو يتطور إلاّ في الدولة وبواسطتها فهي المجسِّدة للمصلحة العامة، ومن هنا كانت العلاقة بين الاثنين علاقة تكامل وتعارض في الوقت ذاته[34].

   وحتى نفصل في هذه الفكرة ونُجلّيها، وجب أن نبيّن أنّ مؤسسة العائلة، عند هيغل هي تجسيد لنكران الذات، لكن ترابطها يكبت الخلافات بين أعضائها، فكل فرد يجب أن يُضحي من أجل العضو الأخر، وذلك بسبب الترابط الأخلاقي، ولكن العائلة تتمثل في المجتمع المدني الذّي يتأسس على التنافس والخصوصية، حيث كل فرد في مؤسسة المجتمع المدني يعتبر العضو الآخر غاية ولا يمكن له أن يحقق هذه الغاية إلاّ من خلال تواصله مع الآخرين، ومن هنا يتشكل نظام للتعاضد الكامل بين الأنانيات، فترتبط حياة الشخص ووضعه القانوني بحياة الجميع، حيث يضمهم هذا النظام المترابط، الذّي يبدو فيه عمل الشخص وكسبه، هو من أجل متعة شخص آخر، كما يرى هيغل في المجتمع المدني مرحلة فاصلة بين العائلة والدولة، لأنّه ينتزع الفرد من صِلاته الأُسرية- القبلية- ويستقبله كشخص مستقل بذاته.

   غير أنّ هيغل يرى في قيام المجتمع المدني على أساس اللامساواة الاقتصادية سبباً قويا لزيادة عدد الفقراء نظرا لتركز الثروة في يد الأقلية، فارتكاز المجتمع المدني على الخصوصية والأنانية يؤدي إلى تضاؤل الإمكانيات الأخلاقية للحرية، مما يستوجب وجود مقولة أخلاقية من خارج منطق المجتمع المدني الذّي يتحكم في السوق، وليس هناك غير الدولة كمؤسسة تستطيع أن تنهض بهذا الدور، إذ بإمكان الدولة أن توُّفق بين تضارب الأنانيات في المجتمع المدني وفق مبدأ أخلاقي، فهي تمثل تناغماً بين المصالح الجزئية الذاتية والكلية الجماعية، كما أنّها ليست قائمة على أساس القسر والأنانية، وإنّما استكمالا لخطتي العائلة والمجتمع المدني، فالدولة تمنع الفوضى التنافر في المجتمع المدني، وليست مجرد أداة لحفظ السلم وحماية الحقوق الطبيعية.

   لقد جعل هيغل وجود الدولة ضرورة لوجود المجتمع المدني، دون أن يولي أهمية لأسبقية أيّ منهما عن الآخر، ولكن المهم هو ربط وجود المجتمع المدني بوجود الدولة فإن لم توجد الدولة، فإنّ مقولة المجتمع المدني تعني الفوضى والتناحر[35].

فالدولة، كما يراها هيغل، هي الميدان الأخلاقي للكلية والتكامل في المجتمع المدني، وعلى حد تعبيره فإنّ:” الدولة العادلة هي التحقق النهائي للروح في التاريخ  لأنّها قائمة على الحرية وليس على القسر”، ولا تستند مقدرتها إلى القوة وإنّما إلى قابليتها على تنظيم الحقوق والحرية والرفاه في كل منسجم يخدم الحرية لأنّه غير مسوق بالمصلحة،” وليس جوهرها الأساسي الحماية والضمان غير المشروطين لحياة وملكية أعضاء الجمهور العام بصفتهم أفراداً، إنّما، على العكس هي الوحدة الأعلى التّي تتمتع بحق في هذه الحياة والملكية تتطلب التضحية بها“، فالدولة مقولة أخلاقية لأنّها توّفق بين تناحرات المجتمع المدني، وتُغطي المشاغل الكلية للبشر بالمعنى الأوسع لهذا المصطلح[36].

   في المقابل يحتفظ المجتمع المدني –حسبه- بلحظة العائلة الأخلاقية فيما هو يتجاوزها، فهو ميدان أسمى للحياة الأخلاقية لأنّه يكيّف الاختلافات التّي كانت قاتلة بالنسبة للحياة العائلية، ولأنّه إبداع فريد للحداثة مشكلة الفردانية والتنافس، وكل هذا جعل هيغل يلاحظ :” أنّ المجتمع المدني هو المرحلة الفاصلة التي تنحشر بين العائلة والدولة” وكان مفهومه للمجتمع المدني أوّل جهد منهجي ينظر لميدان المصلحة الذاتية التنافسي بمعزل علاقة عن الدولة تماماً[37].

   في النهاية وجب الإشارة إلى ما يُنوّه به كثير من الباحثين بخصوص الفكرة الهيغيلية عن المجتمع المدني والدولة المتعالية، فرؤيته تلك – حسب هؤلاء- جاءت لتعكس تقييماً لأحوال المجتمع الألماني في بداية القرن التاسع عشر قبل أن تتحقق وحدته، وقد اعتبر هيغل أنّ خروج المجتمع الألماني من أزمته يرتبط بظهور الدولة الواحدة التّي تقوده إلى القضاء على الانقسامات الداخلية في المجتمع، وترشده نحو طريق التطور والتقدم والازدهار[38].

  • اللحظة الثالثة، اللحظة الماركسية والصراع الطبقي :

   انطلق كارل ماركس من فلسفة هيغل واعتبر المجتمع المدني مرادفا لمفهوم البنية التحتية، وذلك لأنّه يمثّل القاعدة المادية للدولة على المستوى الاقتصادي والإنتاجي، ومن هنا جاءت مقولة ماركس المتكررة:” إنّ تحليل التركيب البنيوي للمجتمع المدني يُلتمس في الاقتصاد السياسي”، كما أنّ مفهوم المجتمع المدني الماركسي يُقصد به المجتمع البرجوازي المتميّز بالتناقضات بين المصالح المادية لمكوناته وهذا ما سيخلق الصراع الطبقي، وتخرج الدولة بسيطرة إحدى الطبقات على مقدرات المجتمع ككل، ولهذا فإنّ المجتمع المدني هو كذلك إلى تلاشيها في نهاية الصراع عند خلق المجتمع الشيوعي المتجانس، مما يؤدي إلى زوال الحاجة إلى المجتمع المدني مع اندثار الدولة[39]، فبحسب التكوين الطبقي في المجتمع المدني وعلاقات القوة السائدة بين الطبقات تتحدد علاقته بالدولة، فإذا تمكنت طبقة معينة من فرض إرادتها على سائر الطبقات الأخرى فإنّ الدولة تصبح مجرد تابعة للطبقة المسيطرة اقتصادياً والتّي خرجت من عباءة المجتمع المدني أمّا إذا تعذّر على أي طبقة أن تستحوذ على هذا القدر من السيطرة فإنّ الدولة تظل في مواجهة المجتمع المدني بل وتُنصّب نفسها قوة فوق قوة المجتمع المدني[40].

   لقد خلص ماركس إلى أن هيغل أخفق في فهم العلاقة الحقيقية بين الدولة والمجتمع المدني” إن العائلة والمجتمع المدني مقدمتان على الدولة، وهما عنصران فاعلان حقا، ولكنّ الفلسفة التأملية (يقصد فلسفة هيغل) قلبت الأشياء…إنّ مثالية هيغل قادته إلى المبدأ الاندماجي للدولة، ولكنّ ماركس كان قد تعلم درساً مهما من الرقابية البروسية، ووصل إلى نتيجة مفادها:” إن المطابقة بين مصلحة الدولة والهدف الخاص الجزئي، في البيروقراطية، يتأسس بطريقة تميّز فيها مصلحة الدولة هدفا خاصا جزئيا بمقابل الأهداف الخاصة الأخرى”، وتُعرّض شبكة المصالح المادية الجزئية المجتمع المدني لخطر جِدّي، وتهدد قدرته على القيام بدور” كلًّ أخلاقي” للبشرية، ولا يمكن للدولة البيروقراطية أن تكون وسيلة المجتمع الأخلاقي الكلي الناجعة، فكان من شأن انتقال ماركس إلى التحليل المادي أن يُغيّر إلى الأبد نظريات الدولة والمجتمع المدني[41].

   وفي حين نظر هيغل للدولة بوصفها دولة متحررة من تناحرات المجتمع المدني، فإنّ مادية ماركس قادته إلى نقد الدولة باعتباره جزءًا من نقد أعّم للمجتمع المدني، وبقدر ما كان الإنعتاق السياسي مُهّماً كأهمية التقدم، كان تأسيس نظام حكم على حماية حقوق الفرد شرطاً غير كافٍ للإنعتاق، قال ماركس عن أفراد المجتمع المدني:” إن الرابط الوحيد الذي يجمعهم معاً هو الضرورة الطبيعية، والحاجة والمصلحة الشخصية، وحفظ ملكيتهم وذواتهم الأنانية”، وعلى الرغم من كل ما قيل وحدث، أقامت الثورة الفرنسية المجتمع المدني بوصفه أساس النظام الاجتماعي بأكمله، ووضع الأفراد المنكبين على مصالحهم الذاتية بصفتهم أساساً للمجتمع المدني، فالإنعتاق السياسي هو في الوقت نفسه إنعتاق المجتمع المدني من السياسة.

   إنّ المجتمع المدني المتحرر وأد أمل هيغل في أن توّفر الدولة مقولة أخلاقية كلية، ومن هنا :” فإنّ الإنسان لم يتحرر من الدين وإنما اكتسب حرية التدين، ولم يتحرر من أنانية العمل وإنّما اكتسب حرية الانغماس في العمل: وعليه فإنّ الدولة التي عوّل عليها هيغل كانت أضعف من أن تنهض بأعباء المهمة المطروحة، إذ لا يمكن لحكم القانون والدولة الخُلقية أن تجد حلاّ إزاء الفقر، لأن عمليات السوق في المجتمع المدني التي تتسبب في اللامساواة تقع خارج متناول العلاج السياسي المباشر، وعليه استنتج ماركس أن دولة هيغل كانت دولة زائفة كلية،” فلاحق إذا ، مما يسمى بحقوق الإنسان يتجاوز الإنسان الأناني، ويتجاوز الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع المدني، وأعني – يقول ماركس- ذلك الفرد المنسحب إلى ذاته، القابع في حدود مصالحه الخاصة، ونزواته الخاصة، ذلك الفرد المنفصل عن المجتمع”.

   لقد كانت مساهمات ماركس المحورية تتمثل في تنظيره لتلك “الثورة الجذرية” التّي ترمي إلى انعتاق إنساني عام، وفي جعل المجتمع المدني نفسه هدفاً للنشاط الديمقراطي، إذ يقتضي التحرر نقداً شاملاً وتحويلاً لكل العلاقات القائمة، وبهذا كانت المساواة أمام القانون والثورة السياسية بديلاً إلى ديمقراطية اجتماعية وتحويلاً للمجتمع المدني، أمّا من يتولى مهمة الإنعتاق الإنساني الحقيقي فهي طبقة البروليتاريا، إنّها الطبقة المحررة في التاريخ[42].

  • اللحظة الرابعة، اللحظة الغرامشية :

   يتبين من تصوّر كل من هيغل وماركس لمفهوم المجتمع المدني رغم الاختلافات الموجودة بينهما أنّ هناك تخليا عن مرادفة المجتمع المدني بالدولة أي المجتمع السياسي كما كان عليه في تصورات هوبز، لوك وروسو، فقد أصبح المفهوم يشير إلى درجة التوسط القائمة بين الدولة والمجتمع.

   لقد عاد المفهوم إلى ساحة التداول بعد فترة من الانقطاع حتى نهاية الحرب العالمية الأولى يد المفكر الإيطالي- الماركسي الجديد- أنطونيو غرامشي، وذلك تأثّراً بالتحولات الثورية والاجتماعية التّي شهدتها أوروبا بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا سنة 1917، وبدء ظهور الحركات الفاشية والنازية واستيلائها على مقاليد السلطة في إيطاليا وألمانيا، والسؤال الذي جعل غرامشي يستدعي مفهوم المجتمع المدني هو: ما هي الشروط الاجتماعية التّي مكنت الطبقة العمالية من الاستيلاء على السلطة في روسيا رغم خصوصيتها الاقتصادية والاجتماعية المتميزة عن أوروبا؟ وكيف يمكن تكوين جبهة مدنية واسعة من مؤسسات المجتمع المدني لمواجهة المجتمع الفاشي الشمولي في إيطاليا، وإقامة المجتمع الشيوعي التحرري؟[43]، كما أراد غرامشي أن يعرف سبب نجاة الرأسمالية الأوروبية بعد اشتعال حرب عالمية مدمرة واندلاع الثورة الروسية، ونشوب الأزمة الاقتصادية العميقة، وانقلاب عناصر مهمة من الطبقة المثقفة، وقيام الانتفاضات البروليتارية البارزة المهمة، ولأجل كل ذلك صاغ غرامشي مفهوم الهيمنة (hegemony)، وهو مفهوم سجّل بداية تركيز جديد على المسائل الأيديولوجية والثقافية، ما أطلق شرارة التنظير المهم لبنى المجتمع المدني الفوقية[44].

فالهيمنة –حسبه- هي:” نظام تسيطر فيه طريقة معينة للحياة وللتفكير، وليس فيه إلاّ مفهوم واحد للحقيقة، ينتشر في المجتمع بكافة مظاهره المؤسساتية والخاصة، ويصوغ بروحيته كل الأذواق والأخلاق والعادات والمبادئ الدينية والسياسية، وكل العلاقات الاجتماعية، خصوصاً في ملامحها الثقافية والأخلاقية”[45].

   لقد تأسس مشروع غرامشي النقدي على محاربة تأويلات معينة للماركسية تُنكر أيّ دور فعّال للبنية الفوقية، وتتعامل مع الوعي الاجتماعي بوصفه مجرد انعكاس سلبي للقاعدة الاقتصادية، وبالتالي فقد عالج غرامشي موضوعات البنية الفوقية بوصفها تعبيراً عن إرادة جماعية وطبقية، فالسيادة الطبقية التّي تمارسها الطبقات الحاكمة في الغرب الرأسمالي لا تقوم على قمع الأجساد فقط، بل على أسر العقول أيضاً، من خلال إشاعة أنماط معينة من الثقافة والقيم، وعلى هذا الأساس، يمكن فهم اهتمام غرامشي بقضايا الثقافة والمثقفين أو ما يسميه- بالمثقف العضوي أو الجمعي– ودور الحزب، كما يمكن فهم رؤيته للعمل السياسي وتأثيره في البنية الفوقية، حيث يقول، أنّ هدف العمل السياسي هو إخراج الجماهير من حالة الركود التّي تعيشها، ولن يكون ذلك ممكناً ما لم يتّم رفع هذه الكتلة الجماهيرية إلى مستوى البنية الفوقية كميدان للفعل الاجتماعي والإدارة الخلاقة، أي ارتقاء وعي البشر من وعي البنية التحتية ( علاقات الإنتاج الاقتصادي) إلى وعي البنية الفوقية ( الوعي السياسي، المعرفي، الأخلاقي والأيديولوجي)… وعبر هذا الطريق وحده يمكن الانتقال بالصراع الطبقي من القاعدة الاقتصادية أو البنية التحتية إلى مجال الصراع السياسي والحزبي الأيديولوجي، ويجزم غرامشي أنّ الطبقة العاملة تستطيع أن تصل إلى السلطة فقط بعد أن يحقق فكرها هيمنة ثقافية لأفكار العدالة الاجتماعية… ولكن كيف يحدث كل هذا؟ هنا تبرز أهمية مفهوم المجتمع المدني عند غرامشي، المرتبط ارتباطاً مباشراً بمفهوم الهيمنة، مقابل مفهوم السيطرة عند الدولة[46].

   لقد حاول غرامشي أن يطرح موضوع المجتمع المدني في إطار نظرية السيطرة والهيمنة الطبقية ويستخدمها لإعادة بناء إستراتيجية الثورة الشيوعية أو التحررية، وبالنسبة لغرامشي سواء كان ذلك في كتابه “الأمير الحديث” أو “دفاتر السجن” هناك مجالان رئيسيان يضمنان استقرار سيطرة البرجوازية ونظامها، المجال الأول هو مجال الدولة وما تملكه من أجهزة، وفيه تتحقق السيطرة المباشرة، أي السياسة، والمجال الثاني هو مجال المجتمع المدني وما يمثله من أحزاب ونقابات وجمعيات ووسائل إعلام ومدارس وكنائس أو دور عبادة..الخ، وفيه تتحقق وظيفة ثانية لابّد منها لبقاء أي نظام وهي الهيمنة الأيديولوجية والثقافية، ولذلك لا يكفي للوصول إلى السلطة في نظر غرامشي والاحتفاظ بها السيطرة على جهاز الدولة ولكن لابّد من تحقيق الهيمنة على المجتمع، ولا يتّم ذلك إلاّ من خلال منظمات المجتمع المدني وعبر العمل الثقافي بالدرجة الرئيسية، وفي هذا التحليل يبلور غرامشي للحزب الشيوعي الطامح إلى السيطرة إستراتيجية جديدة تقول إنّ من الممكن البدء في معركة التغيير الاجتماعي المنشود، أي الشيوعي، من إستراتيجية ترتكز على العمل على مستوى المجتمع المدني وتعبئة المثقفين لكسب معركة الهيمنة الأيديولوجية والثقافية التّي ستلعب دورها في مساعدة الحزب على عبور الخطوة الثانية وهي السيطرة على جهاز الدولة، ففي مقابل إستراتيجية الانقلاب العسكري أو شبه العسكري يقترح غرامشي عملية التربية والتعبئة الشاملة للمجتمع، أي السيطرة التدريجية والفكرية على الأطراف التّي تنظم علاقاته اليومية، ففي منظور غرامشي، المجتمع المدني هو المجال الذّي تتجلى فيه وظيفة الهيمنة الاجتماعية مقابل المجتمع السياسي أو الدولة الذّي تتجلى فيه وتتحقق وظيفة السيطرة أو القيادة المباشرة، ولأنّ الهيمنة مرتبطة بالإيديولوجية فإنّ المثقفين هم أداتها، ومن هنا جاءت حاجة غرامشي لإعادة تعريف المثقف وتحليل دوره والرهان الكبير الذّي وضعه عليه في التحويل الاجتماعي، لكن المراهنة على المجتمع المدني لم تلغ عند غرامشي دور الدولة ولا أهمية السيطرة عليها، فالعمل في إطار المجتمع المدني هو جزء من العمل في إطار الدولة وسياسة التحويل في المجتمع والدولة، لذلك لا قيمة للمثقف عند غرامشي ولا ضمان لفاعليته إلاّ إذا كان عضوياً، أي إذا ارتبط بمشروع طبقة سياسي، تماماً كما أنّ الهيمنة لا قيمة لها إلا كجزء أو مستوى من مستويات العمل لتحقيق السيطرة الاجتماعية، إنّها ليست منافية للسياسة ولكن مُكمّلة لها، وإن كانت متميّزة عنها، فالمجتمع المدني والمجتمع السياسي أو الدولة يسيران جنباً إلى جنب ويجمع بينهما في كل نظام وحدة ديناميكية السيطرة الاجتماعية.

   إنّ مقارنة أطروحات غرامشي بشأن المجتمع المدني ومقارنتها بأطروحات كل من هيغل وماركس تتيح القول بوجود اختلاف في مستويات النظر بالنسبة لماركس وهيغل من جهة، وغرامشي من جهة أخرى.

يرى هيغل وماركس في ” المجتمع المدني” بمعنى المجتمع المدني لطبقات اجتماعية كما في مجتمع برجوازي، أي أنّ تفكيرهما ينصب على مفهوم المجتمع المدني بعلاقته بالبنية التحتية، أي القاعدة الاقتصادية، أي العلاقات الناشئة في المجال الاقتصادي، أما غرامشي فقدم مفهوم” المجتمع المدني” ضمن إشكالية سياسية وفكرية هامة هي ” لهيمنة” وحلّل مفهوم المجتمع المدني في علاقته بالبنية الفوقية، وهذا هو عنصر الاختلاف الجوهري بينهما.

   إنّ مفهوم الهيمنة مفهوم نظري يشير إلى الطريقة التّي يتّم بواسطتها إبراز مصالح المجتمع ككل وكذلك طريقة تنظيم القبول الاجتماعي بهذا الاتجاه، الهيمنة إذن، ذات علاقة بالمجتمع المدني في حين أنّ السيطرة أو القسر عائد للدولة، أي المجتمع السياسي.

تُبنى الهيمنة، كما يعاد إنتاجها ضمن شبكة من مؤسسات يسميها غرامشي بالمجتمع المدني تميزاً لها عن الجانب القمعي للدولة، المجتمع المدني إذن هو تلك التنظيمات ذات الطابع غير الحكومي، النقابات، المدرسة، الأحزاب..الخ، وهذه التنظيمات طوعية تفعل فعلها عن طريق الإقناع أي من خلال الإيديولوجيا، وبخلاف هذه التنظيمات تشكل مؤسسات الدولة: الإدارات، الجيش، الشرطة، القضاء، ما يسمى بالمجتمع السياسي، الذّي يفعل فعله عن طريق القهر أي السيطرة[47].

   إنّ تشخيص المجتمع المدني بوصفه ميداناً تنتظم فيه الهيمنة لم يتجاهل دور القسر والسيطرة المباشرين، لقد أراد غرامشي ببساطة إبراز أهمية الإيديولوجيا ويبدو أنّه اعتبر أنّ مهمة الدولة هي التوليف بين الهيمنة والقسر، والإقناع، والقوة والموافقة والديكتاتورية، فكانت الدولة “من حيث معناها التكاملي تساوي ديكتاتورية+ هيمنة”، وهذه صياغة تبيّن فهمه النافذ لأهمية مسائل البنى الفوقية، كان للرضى عنصر لا غنى عنه في السلطة البرجوازية الأوروبية، واعتقد غرامشي أنّ المهم أن يُبدي الشيوعيون اهتماماً جدياً بدور الديمقراطية السياسية، والمجتمع المدني المتشعب في النموذج الراسخ للهيمنة البرجوازية[48].

   وقبل الانتقال إلى التطوّر الذّي عرفه المجتمع المدني في العقد الأخير من القرن العشرين، نشير في عُجالة إلى أحد أهم الإسهامات الكبرى التّي قدمها الأمريكان في هذا الصدد، ونقصد هنا بالضبط ما قدمه ألكسيس دي توكفيل في كتابه “الديمقراطية في أمريكا”، والذّي كان له بالغ الأثر على الفكر الأمريكي لاحقاً في هذا الصدد، فبعد أن ألقى الضوء على عدد كبير من الجمعيات وعلى أهمية الأدوار التّي تقوم بها داخل المجتمع، رأى دي توكفيل أنّ الدفاع عن الدولة التّي تحكم المجتمع المدني باسم المصلحة العامة يؤدي إلى تطوّر خطير نحو الاستبدادية لذلك على الجمعيات أن تشغل كل الفضاءات المحتملة في المجتمع، تخفيفاً لطغيان الدولة على روحهم الطوعية، ذلك أنّ المجتمع المدني هو عماد أساسي لتعليم الديمقراطية والمواطنة، وهو العين الفاحصة والمستقلة للمجتمع.

كانت هذه أهم الأفكار التّي قدمتها إفرازات جهود الإنسان عبر قرون من الزمن، يلخصها الجدول التالي:

المفكر نظرته للمجتمع المدني في علاقته بالدولة
توماس هوبز هو ذلك المجتمع القائم على التعاقد حتّى ولو اتخذ شكل الحكم المطلق، وتستند فيه السلطة إلى قانون العقل واحترام التعاقد، مؤكداً على الرابطة العضوية بين المجتمع المدني والدولة الحارسة له
جون لوك المجتمع المدني هو المجتمع السياسي في ظل وجود سلطة سياسية شرعية ناتجة عن التعاقد، لكن هذه السلطة ليست صاحبة سيادة مطلقة وإنّما هي دولة تتدخل في حالة مخالفة القانون الطبيعي وفرض التشريعات التّي تسنها السلطة التشريعية.
جون جاك روسو هو المجتمع المنظم سياسيا مع ضمان سيادة الشعب المطلقة التّي تستند إلى الإرادة العامة وهي إرادة المجتمع أمّا الحكومة فهي مجرد وسيط لسلطات مُفوّضة يمكن سحبها وتعديلها وفقا لما تمليه إرادة الشعب، وقد أدخل روسو مبدأ المساواة إلى مفهوم المجتمع المدني وجعل الديمقراطية جزءً لا يتجزأ منه.
فريدريك هيغل يتميّز المجتمع المدني عن الدولة بكونه مجتمعاً ومؤسسة تقوم على التقاعد ” لا ينشئ التعاقد عند هيغل دولة وإنما مجتمعاً مدنياً” فالدولة هي الأصل والجوهر وهي وسيلة تحقيق المجتمع المدني وهي سابقة له ومراقبة وأساس وجوده، ويتكوّن المجتمع المدني من النقابات والشركات والجمعيات والطبقات الاجتماعية والقوى السياسية.
كارل ماركس اعتبر المجتمع المدني الأساس الواقعي للدولة وقد شخصه في مجموع العلاقات المادية لأفراد في مرحلة محددة من مراحل تطوّر الإنتاج أو القاعدة التّي تحدّد طبيعة البنية الفوقية بما فيها كل من دول ونظم وحضارة ومعتقدات فالمجتمع المدني عنده هو مجال للصراع الطبقي وهو يشكل كل الحياة الاجتماعية قبل نشوء الدولة
أنطونيو غرامشي يحتوي المجتمع المدني على العلاقات الثقافية والإيديولوجية ويضم النشاط الروحي العقلي، كما أنه اللحظة الإيجابية الفعالة في التطور التاريخي وليس الدولة كما ورد عند هيغل، فالمجتمع المدني هو فضاء للتنافس الإيديولوجي الذي لا يخضع لسلطة الدولة.
ألكسيس دي توكفيل . يعتبر دي توكفيل من دعاة الفصل بين الدولة ” الجمهورية الديمقراطية” و” المجتمع المدني” وأوضح أنّ المجتمع المدني هو تلك السلطة اللامتناهية من الجمعيات والنوادي التّي ينظم إليها المواطنون بكل عفوية وطواعية وهو صانع الوضعية الأخلاقية والفكرية للشعب وهو عين المجتمع الفاحصة والمستقلة وهو الضرورة اللازمة لتقوية الثورة الديمقراطية، وهو صمّام أمان لها ضدّ الاستبداد.

جدول يلخص أهم الأفكار الواردة تاريخيا بخصوص المجتمع المدني في علاقته بالدولة[49]

  • اللحظة الخامسة، الموجة الثالثة للديمقراطية :

   بنهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 توارى مفهوم المجتمع المدني طِوال المرحلة التّي أعقبتها، أي مرحلة الحرب الباردة وصولاً إلى انهيار المعسكر الشيوعي سنة 1989، وقد شهدت أواخر تلك الحقبة الزمنية ما اصطلح على تسميته بصحوة المجتمع المدني، في خِضّم انتقال كثير من الدول نحو الديمقراطية، وهي الحركة التّي أطلق عليها صامويل هنثنغتون بالموجة الثالثة للديمقراطية، مشيراً إلى انتقال كثير من الدول والمجتمعات في حركة تحولية سريعة من نُظم حكم سلطوية أو ذات حزب واحد إلى نظم حكم تقوم على التعددية الحزبية والسياسية، وهي الموجة التّي بدأت بالبرتغال مبكراً سنة 1974، وانتقلت من جنوب أوروبا إلى أمريكا اللاتينية فجنوب آسيا لتنفجر أخيرا ً في أوروبا الشرقية، وقد رأى هنثنغتون أنّه ما كان لهذا التحوّل الديمقراطي أن يتّم بنجاح لولا منظمات المجتمع المدني، فهي التّي قامت بتدعيم الديمقراطية وجعلها غير قابلة للانكفاء أو الارتداد.

   لقد كانت تنظيمات المجتمع المدني فواعل أساسية فيما حدث في شرق أوروبا من تحولات نهاية الثمانينات من القرن العشرين، على غرار ما حدث في بولندا حيث تزعمت فيها كل من الكنيسة الكاثوليكية وحركة التضامن النقابية حركات الاحتجاج التّي أسقطت الحاكم الشيوعي المستبد، ولم تقتصر هذه التنظيمات على بولندا فقط، ولكنّها امتدت إلى العديد من دول شرق أوروبا وتقاربت أسماؤها ما بين المنتدى المدني في تشيكوسلوفاكيا إلى المنتدى الجديد في ألمانيا الشرقية سابقاً إلى المنتدى الديمقراطي في المجر، وضمن هذه التنظيمات العديد من قطاعات المجتمع كالمثقفين والطلبة ورجال الدين وغيرهم، كان هدفها الأول والمشترك إسقاط النظم الشيوعية المتسلطة في تلك الدول، وقد تم لها ذلك بنجاح.. وقد انتقلت عدواها إلى إفريقيا أيضا إذ لعبت على سبيل المثال الجمعية القانونية الكينية منذ منتصف الثمانينيات دوراً بارزاً في التغيير، وفي زامبيا استطاعت جمعيات الضغط والنقابات القيام بدور مماثل، وهو ما حدث في الزائير أيضاً سنة 1990، وينطبق الأمر كذلك على العديد من دول آسيا وأمريكا اللاتينية[50].

   لقد تضافرت جملة من العوامل والملامح المتشكلة عن بنية النظام الدولي الجديد في شيوع مفهوم المجتمع المدني والدفع به إلى خطوط المواجهة الأمامية مُقحمة إيّاه في وضع جديد مواجهاً لتحديات جديدة، ويجري ذلك على ضوء الآثار الناجمة عن تحوّل العالم إلى قرية صغيرة بفعل العولمة على كافة الأصعدة والمستويات، ولعّل أهم المتغيرات الداخلية والخارجية التّي ساهمت في صعود نجم المصطلح من جديد هي:

  • عولمة القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان مع التأكيد على المساواة بين الجنسين.
  • تزايد دور المنظمات غير الحكومية على المستويين الوطني والدولي.
  • عولمة آليات وأفكار اقتصاد السوق، وهذا ما أدّى إلى تزايد دور القطاع الخاص.
  • التطوّر التقني خاصة مع ظهور شبكات الانترنيت والفضائيات وهذا ما أدّى إلى تسهيل التفاعل ضمن الشبكات على المستوى العالمي أو الوطني بين مختلف الفاعلين.
  • التدفق الهائل للمعلومات وانتشارها بسرعة وسهولة بين الناس.
  • شيوع ظاهرة الفساد عالمياً، وهذا ما أدّى إلى ضرورة التفكير في إنتاج آليات تجعل من الأنظمة أكثر شفافية قصد القضاء على هذه الظاهرة[51].

بالإضافة إلى عامل النفوذ الهائل الذّي أصبحت عليه حكومات الدول الرأسمالية وتحكمها في المؤسسات الدولية المالية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كان أيضاً عاملا مهماً في شيوع مفهوم المجتمع المدني من خلال مطالبة الدول النامية أو الدول الراغبة في الاقتراض بإدخال بعض الإصلاحات الديمقراطية والسماح بتعدد الأحزاب والانتخابات الحرّة وتشجيع تنظيمات المجتمع المدني على أداء أدوارها بفاعلية تامة خارج سيطرة حكومات هذه الدول.

   وكما استخدم مفهوم المجتمع المدني للرد على سلطة الحزب الواحد في الدول الاشتراكية سابقاً، فقد استخدم فيما بعد كذلك لمواجهة نزعات الليبرالية الجديدة التّي أدّت إلى تخلي الدولة تجاه مواطنيها عن وظائفها الاجتماعية من جهة وعن وظائفها السياسية أمام إيديولوجية العولمة والشركات العابرة للقارات من جهة أخرى، وخير شاهد على ذلك حجم الاحتجاجات والتظاهرات التّي تصاحب عقد المؤتمرات والاجتماعات الاقتصادية على المستوى الدولي، سواء بالنسبة لمنظمة التجارة العالمية أو المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو اجتماعات الدول الصناعية الكبرى والتّي تقودها بالأساس حركات مناهضي العولمة[52]، حيث جرى الحديث بين الباحثين عن تبلور معالم مجتمع مدني عالمي في الأفق، فقد جاءت العولمة معها بقضايا جديدة ومشاكل محدثة مثل حماية البيئة من التلوث، الفقر، الهجرة، اللاجئين، ضحايا العنف والسكان الأصليين، المخدرات والإرهاب، الاتجار بالبشر، حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفولة وكذا مشكلة الأقليات العرقية والدينية، كل ذلك شجّع بطريقة ما بروز تنظيمات غير حكومية عبر قارية تهتم لهذه الرهانات وتعمل على التصدي لها خاصة مع تراجع دور الدولة كفاعل وحيد في العلاقات الدولية وعجزها لوحدها عن مواجهة تلك التحديات، وبقدر ما تثير مسألة بروز منظمات غير حكومية عالمية- كنواة لمجتمع مدني عالمي- التفاؤل بين الباحثين، بقدر ما يبعث الأمر على الاستهجان، ذلك بأنّ هذه الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الجديدة المتكاثرة يلاحظ أنّها تنشط حول أهداف مفتتة وقضايا جزئية دون ارتباط بالأسباب المشتركة لهذه المشاكل الجزئية، ودون وضوح حول إمكانية التنسيق والتعاون بينها لمواجهة هذه الأسباب.

   إنّ هذا التغيير في خريطة المجتمع المدني يهدد مؤسساته بالتحوّل عن دورها الأساسي كجزء من المجتمع الديمقراطي إلى ملطّف ومخفّف لحدّة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الناجمة عن سياسات العولمة وتأثيراتها على المجتمعات، وهي تكرّس في نفس الوقت الحكم الاستبدادي الذّي نشأ المجتمع المدني أصلاً لمواجهته في البداية[53].

   إجمالاً يمكن القول أنّ مفهوم المجتمع المدني قد مرّ في استخداماته المعاصرة بثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة الانفتاح على المجتمع المدني من قبل الأحزاب والقوى والنظم السياسية بهدف إضفاء طابع شعبي على السياسة، وذلك بإدخال عناصر أو حركات أو تنظيمات اجتماعية خيرية في التشكيلات الوزارية على سبيل تقريب السياسة من الفئات النشطة في المجتمع.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة التعامل مع المجتمع المدني بوصفه منظمات مستقلة موازية للدولة ومشاركة في تحقيق الكثير من المهام التّي تراجعت عنها الدولة في ظل عجزها بالوفاء بالتزاماتها وتبرير انسحابها، وهذا المفهوم يتوافق مع انتشار مفهوم العولمة.

المرحلة الثالثة: وهي مرحلة طفرة المجتمع المدني إلى قطب قائم بذاته ومركز لقيادة وسلطة اجتماعية على مستوى التنظيم العالي بشكل خاص، وقد برز ذلك بشكل أساسي في النقاشات الدائرة حول التمكين للديمقراطية والحكم الراشد ودور المجتمع المدني في تعزيز حقوق الإنسان، والقيم الديمقراطية على الصعيد القطري والعالمي[54].

  • الدولة والمجتمع المدني، حدود التأثير والتأثّر / الانتفاضات العربية أنموذجاً¨:

 

   كما في بقية أنحاء العالم الثالث، تمّ بثّ الحياة في مفهوم المجتمع المدني في العالم العربي، في سياق مناقشة الخيارات الديمقراطية التّي تطرحها أزمة الأنظمة السلطوية العربية الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية، إذ تمّ استحضار النقاش الدائر حول دور المجتمع المدني في مواجهة الدولة التوتاليتارية من جديد .

   ويزخر العالم العربي بعدد هائل من المنظمات والاتحادات والجمعيات غير الحكومية، إذ يشير علي الكنز سنة 1992 إلى أنّه في الجزائر وحدها قام أكثر من 25 ألف منظمة واتحاد ورابطة غير حكومية منذ انهيار النظام الحزبي الذّي كان سائدا هناك في أكتوبر 1988، أمّا سعد الدين إبراهيم فيذكر رقم 70 ألف منظمة غير حكومية في الوطن العربي كانت سائدة سنة 1996، ولاشّك أنّ هذه الأعداد في تصاعد مستمر منذ ذلك الحين، ويذكر الباحث عزمي بشارة أنّ كثير من المنظمات تسيطر عليها إمّا قوى دينية (إسلام سياسي، قوى سلفية، قوى دينية تقليدية محافظة) وإمّا يسيطر عليها ناشطون في العمل القومي واليساري سابقا، وخريجو العمل النقابي القديم وبخاصة مؤسسات حقوق الإنسان ومراكز الأبحاث، ويبحث هؤلاء عن استراتيجيات مختلفة للتغيير، مدفوعين بفشل العمل الحزبي القومي اليساري، إمّا بسبب قمع السلطة وإمّا بسبب التحالف معها . [55]

   لقد عرف العالم العربي ابتداءً من سنة 2011 موجة من الاحتجاجات الشعبية هزّت مشرقه ومغربه، وتداول تسميتها بالربيع العربي، وقد حملت هذه الاحتجاجات مجموعة مطالب تصاعدية ومستدامة ترمي إلى إحداث تغيير اقتصادي-اجتماعي شامل وتحوّل سياسي جذري لما هو قائم . لقد كسرت الشعوب في كلّ بلد من بلدان المنطقة حاجز الخوف مطالبة باحترام حقوقها الإنسانية ووضع حدّ للاستبداد، وبلورة عقد اجتماعي جديد قائم على التمثيل . لم تتبع البلدان كلّها المسار نفسه، ولكنّها فرضت على السلطة والعلاقات القائمة بين الدولة والمجتمع تحدّيات كبرى على نحو لا رجعة فيه . [56]

   ورغم أنّ هذه الحركات الاحتجاجية كانت نابعة من المواطنين في مواجهة طرف آخر ألا وهو الحكومات، إلاّ أنّه من الأهمية بمكان عدم إغفال الدور الذّي لعبه المجتمع المدني في هذه الاحتجاجات، وفيما يمكن أن يلعبه مستقبلا أيضا في أي نظام سياسي ستفرزه هذه الانتفاضات .

   ومن الملاحظ بدايةً تفاوت دور المجتمع المدني وتأثيره المتباين في شقي العالم العربي مشرقا ومغربا، ولكن يُنظر إليه عادة على أنّه غير فعّال مقارنة بمناطق أخرى في العالم، ويعود جزء من ذلك إلى أسباب وعوامل تاريخية بالإضافة إلى الدور السلبي الذّي لعبته نظم الحكم الاستبدادية المدعومة غالبا من قوى خارجية في تحجيم المجتمع المدني وتحييده أو احتواءه، والتّي تعتبر أنّ وجود مجتمع مدني قوي يُعّد بمثابة بداية لوجود معارضة قوية تُهدّد استقرار هذه الأنظمة [57] ، لذا عملت أنظمة الدول العربية على إذابة مؤسسات المجتمع المدني بالسلطة وأجهزة الدولة، وأصبح من هذا المنطق تعيين قيادات المجتمع المدني من اختصاص أجهزة الدولة تبعا لولاء أشخاصه والمصالح المستفادة منهم، وصار يُجنّد هؤلاء ومنظماتهم في المناسبات الرسمية على وجه الخصوص، من أجل القيام بحملات واسعة لصالح مشاريع السلطة وتأطير الانتخابات السياسية، مثلما يحدث في الجزائر مثلا .

   إنّ جوهر مشكلة المجتمع المدني في العالم العربي تتركز في انتشار سلطة الدولة في كلّ مجالات الحياة المجتمعية، ممّا يجعل من هذه السلطة أداة مراقبة تقف عائقا أمام إمكانية تحرّر الأفراد واستقلال المؤسسات الاجتماعية. فالدولة العربية تكتسح كلّ مجالات الحياة المجتمعية في إطار مشروع شمولي ل”دولنة” المجتمع .. كما صارت الدولة توظِف سيطرتها المطلقة هذه لأجل خدمة مصالح الفئة الحاكمة بدلا من تعظيم الصالح العام، لذا صارت تنظر إلى أي حركة أو تحرك صادر عن مؤسسات المجتمع المدني تُنادي بالحق العام ومصلحة الشعوب على أنّه معارضة سياسية ورفض للدولة وسلطتها، ممّا يدفعا إلى اللجوء إلى الوسائل الردعية، وهذا ما أدّى إلى إحداث خلل سياسي في المجتمع-الدولة ، ودخول الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في مواجهات دموية [58] ، مثلما حدث في الجزائر سنوات التسعينيات ومصر والسعودية، ويتكرّر في الآونة الأخيرة منذ حادثة البوعزيزي في تونس سنة 2011 ، والتّي كانت شرارة أوليّة لتفجر احتقان اجتماعي مكبوت أدّى إلى مواجهة ضدّية ما بين الدولة والمجتمع، أدّت بدورها إلى تدمير مختلف بنى المجتمع ومؤسساته، كونها أفضت إلى تغييب السلطة المدنية الوسيطة، واستبعاد كلّ رمز مدني في مقابل استحضار مختلف الولاءات ما قبل المدنية والعصبوية من عشائرية ومذهبية ودينية طائفية.

   إنّ ما قامت به منظمات المجتمع المدني من دور أساسي خلال “موجات الربيع العربي” لاسيما في تونس ومصر كان له دور كبير في تجييش المواطنين باتجاه التغيير الذّي بُني على تراكمات واحتقانات ناتجة عن ممارسات خاطئة وسياسيات غير قويمة انتهجتها أنظمة سياسية أوتوقراطية بحق مواطنيها، وبحكم أنّ معظم منظمات المجتمع المدني القائمة في هذه الدول هي منظمات حقوقية، فقد سعت إلى تعريف المواطنين بحقوقهم المنتهكة، وحثّهم على نيل حقوقهم، الأمر الذّي قُوبل بالرفض من قِبل الأنظمة، لذا يمكن القول أنّ هذه المنظمات كانت بمثابة المحفز والمحرك لخروج الجماهير الساعية للتغيير خاصة في تونس ومصر، الأمر الذّي فتح الباب أمام محاولات عربية أخرى تهدف إلى تعميم التجربة [59]  .

   وبشكل أكثر تفصيلا وتمييزا فيمكننا الحديث هنا عن تبلور ثلاث وجهات نظر متباينة تحاول رصد مدى مساهمة المجتمع المدني أثناء “الانتفاضات العربية” في عملية التغيير وكذا أشكال هذه المساهمة :

1-ترى وجهة النظر الأولى أنّ منظمات المجتمع المدني لعبت دورا أساسيا في “ربيع العرب”، وإن كان دورا متفاوتا بين بلد وآخر . وتنطلق هذه الرؤية من وجهة نظر ليبرالية تؤمن بأنّ للتشكيلات المدنية دورا مهما في الحدّ من توغل الدولة وتغوّلها . وترى أنّ حركة المجتمع المدني كانت قد مهدت من خلال برامج التدريب وورش العمل والأنشطة الثقافية والمعرفية والميدانية والإعلامية لعملية التحوّل الثوري وعملت على تهيئة الرأي العام باتجاه رفض القهر والاستغلال وتكميم الأفواه ومن أجل حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وغيرها .. وقد لاحظ الدكتور عزمي بشارة في معرض تحليله للثورة في تونس أنّ ثمّة علاقة بين الثورة/أي التوق للحرية والتخلص من الاستبداد وبين درجة تطوّر المجتمع المدني في تونس ونضوجه .. ويفترض أصحاب هذا الاتجاه تنامي دور المجتمع المدني بقوة في مرحلة ما بعد الثورة وتحديدا في قضايا إعادة التوازن السياسي وبناء عقد اجتماعي جديد وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التحول الديمقراطي في هذه البلدان .

2-تنفي وجهة النظر الثانية أي دور إيجابي قام به المجتمع المدني في “الثورات” بل وتذهب حدّ اتهامه بالعمل لمصلحة القوى الخارجية . تتأسس هذه الرؤية فكريا على المدرسة الماركسية التقليدية التّي ترى في التشكيلات المدنية (أي منظمات المجتمع المدني) مجرد مؤسسات رأسمالية وأدوات طيّعة في يدّ الدولة وقوى النظام الرأسمالي العالمي تستخدمها لامتصاص الحنق المجتمعي وتكريس السيطرة الاقتصادية. كما تستند في زعمها إلى مجموعة من الشواهد، كتدفق الأموال وتلقي التدريب في دوائر غربية أو برعايتها [60] ، هذا ما يجعلها رهينة لبرامج وأجندات غير محلية .. إنّ الوقائع تؤكد ذلك –حسب هؤلاء- خاصة أثناء وبعد “الثورة المصرية”، فقد دار الحديث عن ملايين الدولارات قُدمت لبعض المنظمات المصرية التّي دفعت باتجاه تغيير النظام ما أوقع هذه المنظمات حتّى بعد “نجاح الثورة” في موقع المساءلة والتدقيق حول مصادر تمويلها، وإذا ما تأكد أنّ هذه المنظمات قد مُوّلت من الخارج فسيطرح ذلك العديد من التساؤلات حول دور هذه المنظمات في المستقبل القريب في تشكيل الرأي العام والتأثير على شكل النظم السياسية المنبثقة عن “الثورة” [61] .. في هذا الصدد يقول الأستاذ عادل سمارة أنّ: “نخبة المجتمع المدني مدجّنة، مُحرّفة لنظرية غرامشي، لي لها مساهمة في التحرّر الوطني وهي أداة تخريب وتطويع في يد الغرب الرأسمالي”، أمّا الكاتب الإسلامي الشهير فهمي هويدي فيتّهم المنظمات بأنّها أصبحت تؤدي دور المستشرقين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لإنجاح التحكم في الشعوب .

   وهناك من يرى –ضمن هذه المدونة الفكرية- أنّ المجتمع المدني لعب دورا هامشيا في “الربيع العربي” لأسباب أخرى، ويرى أحد الكتّاب الأتراك أنّ العالم العربي لأسباب عديدة (الافتقار للمؤسسة وضعف قطاع الأعمال) لم يعرف المؤسسات الوسيطة بين الفرد والدولة، وبالتالي فالشروط الممهدة للديمقراطية غير مكتملة بعد. بينما يرى آخرون أنّ الجمعيات التقليدية لم يعد لها دور يُذكر، إذ عوضتها المدونات الشخصية والشبكات الاجتماعية على الانترنت كالفايسبوك والتويتر .

3-في حين تُقّر وجهة النظر الثالثة بالدور الذّي لعبته منظمات المجتمع المدني التقليدية (من خلال التعبئة الجماهيرية والاجتماعية، الدعم اللوجستي، التمكين وبناء الوعي، التنظيم، رصد الانتهاكات ونقد السلطة..) .. غير أنّ أصحاب هذا الرأي يُسلمون ببعض المثالب والسلبيات وخصوصا الاعتماد المفرط على الدعم الخارجي، نضوب الجذور الجماهيرية والطوعية وبالتالي ضعف المشاركة من قِبل الجمهور، الافتقار للديمقراطية الداخلية، الاندراج بصورة أو بأخرى في نسق المعرفة والممارسة الذّي تفرضه قوى العولمة ومؤسسات النظام الرأسمالي العالمي، القرب من النظام الحاكم والعمل ضمن قواعده ومحدّداته. ومن ناحية أخرى، يُقّر هؤلاء بأنّ استمرار دور المجتمع المدني بُعيد “الربيع العربي” منوط بمدى قدرته على استلهام الدروس وإحداث التغييرات المطلوبة وتشكيل وعي متكامل بالتحديات الجدّية والجديدة التّي تواجهه في المستقبل القريب .[62]

   وبغض النظر عن التباين الحاصل في قراءات الأطراف لحدود أدوار لمجتمع المدني في “انتفاضات الربيع العربي”، يكاد يجمع الباحثين أنّ هذه الأدوار قد بدت جلّيةً متجليةً في “الثورة التونسية” أكثر من بقية الدول العربية التّي عرفت انتفاضات مماثلة، وهذا راجع لأساب عدّة أهمها ذلك التطوّر الملحوظ في الوعي السياسي لمؤسسات المجتمع المدني المختلفة في تونس على غرار الاتحاد العام للشغل والاتحاد العام للطلبة التونسيين وجمعيات ونوادي أخرى منذ المرحلة الاستعمارية، والذّي أفرز نخبا سياسية ونقابية صنعت الفعل السياسي الوطني خلال النصف الثاني من القرن الماضي، أي منذ الاستقلال بالرغم من النظام التسلطي البوليسي الذّي حطم تونس طيلة هذه المرحلة.

   وقد أضحى الحزب الدستوري منسجما مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، التّي عرفتها الأبنية المختلفة للمجتمع التونسي. أمّا المنظمات النقابية متمثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الوطني للطلبة التونسيين، فقد جسّدت الأداة الفعلية لعملية التعبئة الاجتماعية والسياسية، التّي هيكلت المشروع الوطني للمجتمع التونسي حول ركيزتين أساسيتين:

  • العمل السياسي الدستوري الذّي حرّك الساحة السياسية التونسية من منطلق أنّ الأغلبية الساحقة من الشخصيات السياسية التّي قادت تيارات سياسية فيما بعد، تكوّنت وترعرعت في أحضان الحزب الدستوري الجديد .
  • أمّا العمل النقابي الاجتماعي، فهو الذّي ساهم في بلورة المشروع الحداثي الذّي ينفرد به المجتمع التونسي عن كثير من الدول العربية.[63]

   لقد لعبت القوى العمالية والمهنية دورا مهما في تأييد “الثورات الشعبية” وتأجيجها، وقد أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل انضمامه المبكر للثورة التونسية وأسهم ذلك بشكل كبير في تغيير موازين القوى وفي تشجيع قوى سياسية ونقابية أخرى ومنظمات حقوق الإنسان على إعلان تأييدها وانضمامها للثورة، كما ظهر تحالف واسع بين مختلف فئات المجتمع التونسي الرافضة لنظام بن علي، فبالرغم من أنّ الانتفاضة بدأت على أرضية مطلبية من قِبل الشباب العاطل عن العمل، فانّ التفاف الأحزاب السياسية، الاتحادات العمالية والنقابات العمالية، مؤسسات المجتمع المدني وطبقة المثقفين وغيرهم حول الشباب وتضامنهم معهم وانضمامهم إلى انتفاضتهم، كلّ ذلك ساعد على توسيع نطاق الانتفاضة طبقيا ومناطقيا، ممّا أدّى إلى تزايد الضغوط على النظام بشكل غير مسبوق.[64]

   لذا يمكن القول أنّ نواة الانتفاضة التونسية كانت الحركة الشبانية فهي التّي أسهمت بشكل كبير في زعزعة نظام بن علي وحشد جميع القوى السياسية والعمالية التّي تنشد الخلاص وإرساء معالم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مستخدمة هذه المرة وبشكل غير مسبوق فضاءات السيبرنيتيك و التواصل الاجتماعي كالفايسبوك وتويتر بشكل جعل البعض يتحدث عن تبلور “مجتمع مدني افتراضي” إن صح التعبير، تجاوز بقدراته وفعاليته منظمات المجتمع المدني التقليدية في التعبئة والدعوة إلى النضال ضدّ بن علي والديكتاتورية، محققا ما أخفقت فيه مؤسسات المجتمع المدني التقليدية والأحزاب السياسية في استقطاب الشباب الذّي يعاني الفقر والحرمان والبطالة والتهميش، لاسيما الشباب الجامعي منه، وتوحيده تحت هدف واحد .. لذا لم تكن “للثورة التونسية” إيديولوجية ولا قيادة معيّنة، ولم تتخذ علامة أو شارة رمزية تحيل إلى انتماء اجتماعي أو فكري محدّد، فلم يحمل المتظاهرون، على سبيل المثال، لافتات تشير إلى أنّ ثورتهم عمالية أو فلاحية أو برجوازية أو دينية أو عرقية.. فشعاراتها كانت فضفاضة تتيح لأي مواطن ساخط على الوضع العام في البلاد أن ينضوي فيها، الأمر الذّي خلق لحمة بين الجميع حملت شعارا واحدا: “الشعب يريد إسقاط النظام .. إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابّد أن يستجيب القدر” .. فالهدف كان التخلص من الاستبداد الذّي أورثهم ذلاّ ومهانة وتخلفا عمّر لسنوات .[65]

   وانطلاقا ممّا سبق، يمكننا القول أنّ مؤسسات المجتمع المدني في تونس استفادت كثيرا من تجاربها السابقة مع المجتمع السياسي الخاضع لهيمنة السلطة الحاكمة، فقد صقلتها هذه التجارب وتجلّت نتائجها الايجابية في “ثورة الياسمين” ، التّي ألهمت حتّى الجيش التونسي الذّي رفض الانصياع لسلطة الديكتاتور والتزم بحماية مصالح الدولة وراهن على وعي وآمال الشعب التونسي. وعليه يمكن القول أنّ مؤسسات المجتمع المدني قد تميّزت بكونها:

  • استطاعت بلورة مصالحها والمشاركة في الاحتجاجات في المناهضة للاستبداد.
  • تميّزت بتجذّر قواعدها الاحتجاجية ورفعها لمطالب معتدلة غير متحزّبة.
  • أصبحت أداة فعلية جامعة بين مختلف الجماعات الوطنية والأبنية الرسمية.[66]

في النهاية نقول، أنّه وعلى الرغم من كل المثالب والعيوب التّي اعترت المجتمع المدني العربي، فقد شكّل في تونس ومصر وغيرها من البلدان العربية نقيضاً نظرياً وعملياً في كثير من الأحيان للمجتمع الثيوقراطي والمجتمع الشمولي الاستبدادي والمجتمع القبلي العشائري أو الطائفي .. وإذا كانت “الثورة أو الانتفاضة” قد أعادت الاعتبار للحياة السياسية ولدور الأحزاب السياسية، غير أنّها أكدّت مدى الحاجة للمنظمات الوسيطة ولأشكال التنظيم الاجتماعي الطوعي كقنوات للتعبئة والتعبير عن المشاعر والقضايا المشتركة وأداة لمساءلة السلطة والتدريب على الديمقراطية واستنفار الطاقات المجتمعية المكبوتة وتعبئتها على أساس غايات وأهداف مشتركة تنشد التغيير إلى الأحسن وإصلاح الدولة والمجتمع على حدّ سواء.[67]

 

خاتــمة:

 

   لقد كان تطوّر مفهوم المجتمع المدني متماهيا بشكل كبير مع التطوّر الذّي عرفه شكل الدولة ويكاد يُجمع الباحثين أنّ التطوّر البنيوي الذّي شهده كلاهما كان بفعل التفاعل المستمر بينهما –تعاونا ومواجهة- منذ زمن النشوء.. إذن، فالعلاقة بينهما علاقة وظيفية ضرورية لا يمكن أن يؤدي أحد الطرفين دوره الفاعل الذّي ينبغي أن يضطلع به في غياب وجود الطرف الآخر وفعاليته كذلك، فالمجتمع المدني يُعّد ضرورة للدولة والمجتمع على حدّ سواء باعتباره يمثّل حلقة الوصل الوظيفي بينهما، الحامل لآمال الشعب، الساهر على رشادة السلطة، العامل على تماسك الدولة ودعم أسباب بقاءها ونجاح مهماتها بشكل دائم ومستمر.


جلال خشيب

باحث جزائري بمعهد دراسات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، جامعة مرمرة، إسطنبولتركيا، وباحث في قسم الدراسات الآسيوية كلية العلاقات الدولية جامعة الجزائر 3

 

آمال وشنان

باحثة جزائرية بكلية العلاقات الدولية جامعة كادير هاس، إسطنبولتركيا، وباحثة في قسم الدراسات الإفريقية كلية العلاقات الدولية، جامعة الجزائر 3

قائــــــــــمة المراجع المعتمدة:

  • الكتب :
  1. سعاد الشرقاوي، النظم السياسية في العالم المعاصر، المركز للنشر والتوزيع، القاهرة، 2007.
  2. جون بيليس وستيف سميث، عولمة السياسة العالمية، تر: مركز الخليج للأبحاث، أبو ظبي،2004.
  3. عبد العالي دبلة، الدولة: رؤية سوسيولوجية، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2004.
  4. عزمي بشارة، المجتمع المدني: دراسة نقدية مع إشارة للمجتمع المدني العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثالثة، فبراير 2008.
  5. علي عبد الصادق، مفهوم المجتمع المدني، قراءة أولية، مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 2004.
  6. صالح السنوسي، إشكالية المجتمع المدني العربي، العصبية والسلطة والغرب، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2011.
  7. جون اهرنبرغ، المجتمع المدني: التاريخ النقدي للفكرة، تر: علي حاكم صالح، حسن ناظم، مركز الدراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2008.
  8. توفيق المدني، المجتمع المدني والدولة السياسية في الوطن العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1997.

ب-المجلات ومراكز الأبحاث:

  1. رود ماكلويد، النزاع ومرحلة ما بعد النزاع-ماهو دور المجتمع المدني، مجلة أونتراك، العدد 48، أيّار 2011.  http://www.intrac.org/data/files/resources/708/ONTRAC-48-Arabic.pdf
  2. بلعيور الطاهر، المجتمع المدني كبديل سياسي في الوطن العربي، مجلة العلوم الإنسانية، العدد العاشر، نوفمبر 2006، جامعة محمد خيضر، بسكرة- الجزائر. http://www.webreview.dz/IMG/pdf/_4-5.pdf
  3. عبد الجبار أحمد عبد الله وفراس كوركيس عزيز، دور شبكات التواصل الاجتماعي في ثورات الربيع العربي، مجلة العلوم السياسية، العدد 44، بغداد-العراق، 2011. http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=61617
  4. غازي الصوراني، تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي، مركز دراسات الغد العربي، غزة،  http://hamdoucheriad.yolasite.com/resources/-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%20%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A.pdf
  5. ماجد سراج، منظمات المجتمع المدني والثورات العربية .. من يؤثر في الآخر؟ ، مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية، 18،أكتوبر 2011 . http://shebacss.com/docs/PolicyAnalysis/scssapa024-11.pdf
  6. تيسير محيسن، قراءة في دور المجتمع المدني في مرحلة ما بعد الربيع العربي، فلسطين نموذجا، مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، 22-12-2011 .  http://www.maatpeace.org/node/3358
  7. المجتمعات المدنية في العالم العربي بعد الثورات، التحديات خلال مرحلة الانتقالات السياسية، مركز دراسات النزاعات والتنمية وبناء السلام، أوت 2012 . graduateinstitute.ch/ccdp .

   ج- قواميس وموسوعات:

  1. هادي العلوي، قاموس الدولة والاقتصاد، دار الكنوز الأدبية، الطبعة الأولى، بيروت، 1997.
  2. إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي، الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية، كتب عربية، القاهرة.

د- رسائل ومذكرات:

  1. منى هرموش، دور تنظيمات المجتمع المدني في التنمية المستدامة دراسة حالة الجزائر، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، جامعة باتنة-الجزائر، 2009-2010.
  2. نادية بونوة، دور المجتمع المدني وتنفي وتقييم السياسة العامة: دراسة حالة الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، جامعة باتنة-الجزائر، 2009-2010.

   ه-ملتقيات جامعية:

  1. بوحنية قوي، دور حركات المجتمع المدني في تعزيز الحكم الراشد، ملتقى وطني حول التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات، الجزائر: جامعة الشلف، 16-17 ديسمبر 2008.
  2. د.عبد الوهاب بن خليف، دور المجتمع المدني في عملية التحوّل الديمقراطي في تونس،أعمال الملتقى الوطني الثالث حول موضوع: المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، جامعة الجزائر3 ، 2012.
  3. توفيق بوقاعدة، دور المجتمع المدني التونسي في التحوّل الديمقراطي، أعمال الملتقى الوطني الثالث حول موضوع: المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، جامعة الجزائر3 ، 2012.

ي-مواقع إلكترونية:

  1. رياح حسن الزيدان، المجتمع المدني بين غرامشي من جهة وهيجل وماركس من جهة اخرى في إطار نظرية السيطرة والهيمنة، العدد 3334، 12 أفريل 2011. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=254561
  2. عبد الغفار شكر، مفهوم المجتمع المدني، نشأة وتطور المجتمع المدني: مكوناته وإطاره التنظيمي، موقع الحوار المتمدن، العدد 985، 13 أكتوبر 2004. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=24930
  3. صبري محمد خليل، مفهوم المجتمع المدني بين الفلسفة السياسية الغربية والفكر السياسي الإسلامي، موقع الدكتور صبري محمد خليل.

http://drsabrikhalil.wordpress.com/2011/06/30/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A

  1. صالح ياسر، المجتمع المدني والديمقراطية، الأكاديمية العربية في الدنمارك.

 http://www.ao-academy.org/docs/index.php?fl=ngo%20and%20democracy.doc

  1. الدولة والمجتمع المدني ، تاريخ العلاقة بين المفهومين. http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=311667
  2. السيد بوهلالة، العقد الاجتماعي: الأسس النظرية وأبرز المنظرين. http://www.4shared.com/dir/3606424/ec958298/sharing.html

الهوامش:

[1] هادي العلوي، قاموس الدولة والاقتصاد، دار الكنوز الأدبية، الطبعة الأولى، بيروت، 1997، ص: 11.

  • وتضيف تعاريف أخرى عنصر الاعتراف السياسي والسيادة، وفي الحقيقة فإنّ التعريفات المختلفة للدولة تأخذ صيغتها تبعاً للعناصر التي ترتكز عليها كل مدرسة واتجاه معرفي ما، وسوف نفصل هذه النقطة لاحقاً.

[2] سعاد الشرقاوي، النظم السياسية في العالم المعاصر، المركز للنشر والتوزيع، القاهرة، 2007، ص:11.

[3] جون بيليس وستيف سميث، عولمة السياسة العالمية، تر: مركز الخليج للأبحاث، أبو ظبي: 2004، ص: 601- 602-603.

[4] عبد العالي دبلة، الدولة: رؤية سوسيولوجية، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2004، ص: 57-58.

[5] عبد العالي دبلة، مرجع سبق ذكره، ص: 59-60.

[6] -المرجع نفسه، ص 62-63.

[7]– هادي العلوي، مرجع سبق ذكره، ص: 11-12.

[8] -إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي، الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية، القاهرة: كتب عربية، ص ص 205-206-207-208.

[9] -منى هرموش، دور تنظيمات المجتمع المدني في التنمية المستدامة دراسة حالة الجزائر، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، جامعة باتنة-الجزائر، 2009-2010، ص: 18.

  • يرى الدكتور عزمي بشارة أنّ اشتقاق لفظ من مواطن أو بالاتينية CIVIS لهو أمر مهم، وهذه دلالة متوفرة أيضاً في اللفظ الألماني burger المشتق من مدينة boureg، ولكن لفظ مدني العربي من مدينة أو مدنية أو تمدن لا يحمل دلالات المواطنة وربّما كان الأصح أنّ تترجم civil societyإلى مجتمع المواطنين أو مجتمع مواطني باللغة العربية.. أنظر عزمي بشارة، المجتمع المدني، دراسة نقدية مع إشارة للمجتمع المدني العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثالثة، فبراير 2008، ص: 69.

[10] – نادية بونوة، دور المجتمع المدني وتنفي وتقييم السياسة العامة: دراسة حالة الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، جامعة باتنة-الجزائر، 2009-2010، ص: 37- 38 .

[11]  منى هرموش، مرجع سبق ذكره، ص: 21.

[12] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 39-40.

[13] صالح ياسر، المجتمع المدني والديمقراطية،الأكاديمية العربية في الدنمارك، ص: 7-8.

 http://www.ao-academy.org/docs/index.php?fl=ngo%20and%20democracy.doc

[14]  منى هرموش، مرجع سبق ذكره، ص: 20.

[15]  بوحنية قوي، دور حركات المجتمع المدني في تعزيز الحكم الراشد، ملتقى وطني حول التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات، جامعة الشلف-الجزائر، 16-17 ديسمبر 2008، ص: 4.

[16] – صبري محمد خليل، مفهوم المجتمع المدني بين الفلسفة السياسية الغربية والفكر السياسي الإسلامي، موقع الدكتور صبري محمد خليل، ص 3-4.

 http://drsabrikhalil.wordpress.com/2011/06/30/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A /

[17] – الدولة والمجتمع المدني ، تاريخ العلاقة بين المفهومين، ص: 01. http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=311667

[18] – منى هرموش، مرجع سبق ذكره، ص: 22.

  • تتجلى فكرة العقد الاجتماعي في أنّ الناس كانوا يعيشون في البداية على الطبيعة القائمة على النزاعات والحروب ممّا أدى بهم إلى التفكير في إنشاء تنظيمات اجتماعية تنظم علاقاتهم الاجتماعية من أجل الدفاع عن أنفسهم من الأخطار الخارجية، كالطبيعة أو الأقوام الأخرى، وهذا يتّم من خلال تنازل كل فرد عن قسم من أنانيته الفردية لكي يلتزم أمام الآخرين ببعض الواجبات من أجل تكوين تنظيم يساعدهم على البقاء ولكي يستمر التنظيم الاجتماعي للأفراد يجب أن يخضعوا إلى قادة ذوي كفاءة قادرين على توجيه حياتهم الاجتماعية نحو ما يخدم حاجياتهم ويحميها… للمزيد انظر العقد الاجتماعي، الأسس النظرية وأبرز المنظرين، السيد بوهلالية . http://www.4shared.com/dir/3606424/ec958298/sharing.html

[19] – علي عبد الصادق، مفهوم المجتمع المدني، قراءة أولية، مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 2004، ص: 19-20.

[20] – السيد بوهلالة، العقد الاجتماعي: الأسس النظرية وأبرز المنظرين، مرجع سبق ذكره.

[21] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 21.

  • وعند هوبز فالمجتمع المدني هو الدولة وحسب تعبيره فإنه:” آلة اصطناعية، ساعة كبيرة تتجه نحو ضبط سلوك الأفراد وحماية أمنهم وسلامتهم وما يملكون.. أنظر: منى هرموش مرجع سبق ذكره، ص: 22.

[22] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 17-18.

[23] – السيد بوهلالة، مرجع سبق ذكره.

[24] – صالح السنوسي، إشكالية المجتمع المدني العربي، العصبية والسلطة والغرب، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2011، ص: 21.

[25] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 22.

[26] – صالح السنوسي، مرجع سبق ذكره، ص: 22.

[27] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 19.

[28] – صالح السنوسي، مرجع سبق ذكره، ص: 22.

[29] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 22.

[30] – المرجع نفسه، ص: 24.

[31] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 21.

[32] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 24-25.

[33] – غازي الصوراني، تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي، مركز دراسات الغد العربي، غزة، 2004، ص: 38-39. http://hamdoucheriad.yolasite.com/resources/-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%20%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A.pdf

[34] – صالح ياسر ، مرجع سبق ذكره، ص: 14.

[35] -صالح السنوسي، مرجع سبق ذكره، ص: 26 27.

[36] – جون اهرنبرغ، المجتمع المدني: التاريخ النقدي للفكرة، تر: علي حاكم صالح، حسن ناظم، مركز الدراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2008، ص: 249،250.

[37]– المرجع نفسه، ص 244.

[38]– علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 26.

[39] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 22، 23.

[40] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 28.

[41] – جون اهرنبرغ، مرجع سبق ذكره، ص: 257-258.

[42] – المرجع نفسه، ص: 260،261،262.

[43] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 28،29.

[44] – جون اهرنبرغ، مرجع سبق ذكره، ص: 392.

[45] – توفيق المدني، المجتمع المدني والدولة السياسية في الوطن العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1997، ص: 122.

[46] – غازي الصوراني، مرجع سبق ذكره، ص: 57.

[47] – رياح حسن الزيدان، المجتمع المدني بين غرامشي من جهة وهيجل وماركس من جهة أخرى في إطار نظرية السيطرة والهيمنة، العدد 3334، 12 أفريل 2011 . http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=254561.

[48] – جون اهرنبرغ، مرجع سبق ذكره، ص: 395.

[49] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 26-27.

[50] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 30-31-32.

[51] – بوحنية قوي، مرجع سبق ذكره، ص: 2.

[52] – علي عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص: 33-34.

[53] – عبد الغفار شكر، مفهوم المجتمع المدني، نشأة وتطور المجتمع المدني: مكوناته وإطاره التنظيمي، موقع الحوار المتمدن، العدد 985، 13 أكتوبر 2004. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=24930

[54] – نادية بونوة، مرجع سبق ذكره، ص: 28.

¨ هذا العنصر نُشر من طرف الباحثان على شكل مقال قصير على موقع الحوار المتمدن عدد 4447، بتاريخ: 08/05/2014    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413930

[55] – عزمي بشارة، مرجع سبق ذكره، ص: 300-301 .

[56] – المجتمعات المدنية في العالم العربي بعد الثورات، التحديات خلال مرحلة الانتقالات السياسية، مركز دراسات النزاعات والتنمية وبناء السلام، أوت 2012 .  www.graduateinstitute.Chu/ccdp 

[57] – رود ماكلويد، النزاع ومرحلة ما بعد النزاع-ماهو دور المجتمع المدني، مجلة أونتراك، العدد 48، أيّار 2011، ص: 02 .
http://www.intrac.org/data/files/resources/708/ONTRAC-48-Arabic.pdf

[58] – بلعيور الطاهر، المجتمع المدني كبديل سياسي في الوطن العربي، مجلة العلوم السياسية، العدد العاشر، نوفمبر 2006، جامعة محمد خيضر، بسكرة- الجزائر، ص: 129، 130 .

http://www.webreview.dz/IMG/pdf/_4-5.pdf

[59] – ماجد سراج، منظمات المجتمع المدني والثورات العربية .. من يؤثر في الآخر؟ ، مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية، 18،أكتوبر 2011 ، ص: 02 .

http://shebacss.com/docs/PolicyAnalysis/scssapa024-11.pdf

[60] – تيسير محيسن، قراءة في دور المجتمع المدني في مرحلة ما بعد الربيع العربي، فلسطين نموذجا، مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، 22-12-2011 .

http://www.maatpeace.org/node/3358

[61] – ماجد سراج، مرجع سبق ذكره ، ص: 02 .

[62] – تيسير محيسن، مرجع سبق ذكره.

[63] – د.عبد الوهاب بن خليف، دور المجتمع المدني في عملية التحوّل الديمقراطي في تونس،أعمال الملتقى الوطني الثالث حول موضوع: المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، جامعة الجزائر3 ، 2012، ص: 129-130.

[64] – عبد الجبار أحمد عبد الله وفراس كوركيس عزيز، دور شبكات التواصل الاجتماعي في ثورات الربيع العربي، مجلة العلوم السياسية، العدد 44، بغداد-العراق، 2011، ص: 205.

http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=61617

[65] – توفيق بوقاعدة، دور المجتمع المدني التونسي في التحوّل الديمقراطي، أعمال الملتقى الوطني الثالث حول موضوع: المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، جامعة الجزائر3 ، 2012،ص: 149-150.

[66] – د.عبد الوهاب بن خليف، مرجع سبق ذكره،ص: 134-135.

[67] – تيسير محيسن، مرجع سبق ذكره.

ضع تعليقاَ