slot dana slot toto toto 4d slot pulsa slot gopay slot ovo slot bet 200 slot bet 100 situs bet 200 situs bet 100 situs slot dana situs slot toto jagung77
مايو 4, 2025

سوريا في مواجهة النزاع الاجتماعي المزمن

لنظام البعثي، الذي سقط في ديسمبر 2024، لم يكن حاملاً لمشروع الدولة الوطنية الحديثة، بل كان معطّلاً له، ولحظة سقوطه مثلت فرصة تاريخية لاستنقاذ مشروع بناء الدولة المؤجّل وإعادة بنائها على أسس تعاقدية وتشاركية صحيحة

رغم المظاهر المؤسسية التي طبعت الدولة السورية منذ منتصف القرن العشرين -من دساتير، وبرلمانات، وهيئات إدارية- إلا أنّها لم تبلغ في أيّ مرحلة من تاريخها الحديث مرتبة الدولة الوطنية الحديثة بالمفهوم الأوروبي الكامل؛ إذ افتقرت إلى عقد اجتماعي شرعي يُنظّم العلاقة بين السلطة والمجتمع، وغاب فيها التوازن الفعلي بين السلطات، كما فشلت في دمج الهويات الدينية والإثنية والمناطقية ضمن إطار وطني جامع يقوم على الاعتراف والمشاركة. لقد كانت الدولة السورية -في معظم أطوارها- كياناً سيادياً شكلياً تُديره سلطة مركزية مغلقة، تفرض هيمنتها لا عبر التوافق، بل عبر الاحتكار والاستيعاب القسري.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن انهيار الدولة لا يعني فقط تفكك مؤسساتها أو غياب الحكم المركزي، بل انهيار الفكرة الناظمة لها: أي تآكل شرعيتها، وضياع تمثيلها الفعلي، وتفتت وحدة الإقليم السياسي، وانهيار الهوية الوطنية التي تربط الجماعة السياسية ببعضها البعض، فالمشروع الوطني لا ينهار حين تسقط الأنظمة، بل حين تفقد الجماعة الوطنية الإيمان بإمكان بناء الدولة الحديثة على أسس مشتركة، من هذا المنظور، يمكن القول إنّ ما جرى في سوريا منذ عام 2011 لم يكن مجرد أزمة حكم، بل إعلان تفكك تدريجي لمشروع الدولة البعثية، في بنيته ومضمونه ومكانته الرمزية.

ومع تحول مشهد الثورة إلى صراع مسلح متعدد الأطراف، تصدّعت البنية السياسية والاجتماعية السورية، وتعمّقت الانقسامات الطائفية والإثنية والمناطقية، وتكثّفت التدخلات الإقليمية والدولية، ما جعل سوريا تدخل في طور معقّد من الصراع، يمكن توصيفه على أنّه نموذج لنزاع اجتماعي مزمن (Protracted Social Conflict)، وهو المفهوم، الذي طوّره الباحث إدوارد عازر، ويُحيل إلى نوع من النزاعات الممتدة، التي تتجاوز البُعد العسكري الظاهر لتعبّر عن أزمة عميقة في بنية العلاقة بين الدولة والمجتمع، من حيث التمثيل السياسي، وتوزيع الموارد، والاعتراف بالهويات، وضمان الكرامة والعدالة. 

غير أن التحوّل الأهم في مسار الوضع في سوريا جاء مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وهو حدث بالغ الدلالة لا يُعبّر عن انهيار كامل للدولة السورية، بقدر ما يشكّل نقطة انعطاف تاريخية في مشروعها الوطني. فالنظام البعثي، الذي دام لعقود، لم يكن حامياً للدولة بل كان أحد عوامل تقويضها، وتحويلها إلى أداة سيطرة سلطوية. لذلك، فإن ما حدث في 2024 لم يكن نهاية للدولة، بل لحظة نادرة من التحرر من عبء السلطوية، وفتح الباب أمام إعادة تخيّل الدولة بوصفها عقداً وطنياً جديداً قابلاً للتأسيس.

في ظل السلطة الجديدة الناشئة، تتبلور ملامح أولية لمحاولة إعادة بناء الدولة على أساس تشاركي، يقرّ بالتعدد، ويعيد تعريف الشرعية على قاعدة التمثيل والمساءلة. غير أنّ هذه المحاولة تقف على أرض هشّة، تعترضها رواسب النزاع المزمن، ومخاوف الهوية، وبقايا النفوذ الخارجي، وصراعات الذاكرة والخطاب.

تسعى هذه الدراسة إلى تقديم تصور عن الأزمة السورية من منظور “النزاع الاجتماعي المزمن“، عبر تفكيك العوامل البنيوية التي غذّت الصراع قبل الثورة وخلالها وبعد سقوط النظام، وتقييم الفرص والتحديات أمام بناء عقد اجتماعي جديد يستجيب لتطلعات السوريين، وتنطلق هذه الدراسة من فرضية مركزية مفادها أنّ النظام البعثي، الذي سقط في ديسمبر 2024، لم يكن حاملاً لمشروع الدولة الوطنية الحديثة، بل كان معطّلاً له، وأنّ لحظة سقوطه ليست إعلاناً بانهيار الدولة، بل فرصة تاريخية لاستنقاذ مشروعها المؤجّل وإعادة بنائها على أسس تعاقدية وتشاركية صحيحة.

وتنقسم الدراسة إلى المحاور التالية:

  1. مفهوم “النزاع الاجتماعي المزمن” ونماذجه التفسيرية.
  2. الجذور البنيوية للنزاع في سوريا منذ بدايات القرن الماضي.
  3. دور حكم البعث في ترسيخ الصراع الاجتماعي المزمن في سوريا
  4. ديناميات النزاع من اندلاع الثورة وحتى سقوط النظام في ديسمبر 2024.
  5. مظاهر وخصائص النزاع الاجتماعي المزمن بعد سقوط النظام (ديسمبر 2024)
  6. السيناريوهات التي تنتظر الحالة السورية والعوامل الترجيحية بينها.

ضع تعليقاَ

4 comments