كان الملف السوري حاضراً بصورة مباشرة وغير مباشرة منذ الإرهاصات الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، عندما كانت موسكو تناور جواً وبحراً، في قاعدة حميميم بريف مدينة اللاذقية.
ولم تكن اللحظات الأولى لبدء القصف والغزو الروسي لأوكرانيا سوى محطة استذكار للأيام الأولى للتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، واستحضار للقواسم المشتركة التي تجمعه مع غزو أوكرانيا في 2022.
ورغم أنه من المبكر حالياً الحديث عن تبعات دقيقة لحدث بحجم الغزو الروسي لأوكرانيا على سوريا،إلا أن هناك الكثير مما يمكن مناقشته والتنبؤ به بخصوص العلاقة بين ما يجري في أوكرانيا وما يمكن أن يحدث في سوريا.
فأحد أهم أوجه الربط بين المشهدين في أوكرانيا وسوريا يتعلق بالفاعلين الرئيسيين في كل منهما، إذ يتشارك الفاعلية في كلا المشهدين عدد من القوى الدولية في مقدمتها روسيا والولايات المتحدة، وإن اختلفت طبيعة وأدوار بعض هؤلاء الفاعلين فإن ديناميكيات الصراع في أوكرانيا لابد أن تمتد إلى سوريا بدرجة ما، أما الوجه الآخر للربط بين الحالتين فيتلخص برغبة روسيا في كلتا الحالتين بفرض قواعد جديدة للتعامل مع الغرب بشكل عام وحلف الناتو على وجه التحديد.
ولأنّ كلا الأزمتين تشتركان بفاعلين رئيسيين، سينعكس صدامهم وتموضعهم في أزمة أوكرانيا على الوضع في سوريا، فهذا يحتم علينا الوقوف على تفاصيل المشهد الأوكراني وفهمه، ولذلك تستطرد هذه الورقة في توصيف الوضع الراهن وتحليله في أوكرانيا ثم تنتقل لمناقشة تبعات هذه الأزمة على المشهد السوري في المديين القريب والبعيد.