لتحميل هذه المادة بهيئة ملف PDF : تقدير موقف-أزمة قطع العلاقات مع قطر … إلى أين؟؟
في 5 حزيران/يونيو2017 اتخذت أربع دول عربية (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) قراراتٍ ضد الدوحة، تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وفرض حصار جوي وبري وبحري على قطر، في خطوة تصعيدية ربما تكون غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الخليجية-الخليجية.
هذا التطور الخطير سبقته موجةٌ قوية من حملات الإمارات الإعلامية ضد الدوحة، وخصوصاً عبر جهود سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، باستمالة مراكز أبحاث ودفع باحثين وصحفيين إلى كتابة مقالات مناهضة لقطر.
بيد أن ذروة تلك الحملات تمثلت في الاختراق الذي تعرضت له وكالة الأنباء القطرية في 23 أيار/مايو، الذي كان يستهدف تخريب العلاقات القطرية-الخليجية، عبر تلفيق تصريحات لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
ثمة متغيران مهمّان في تفسير أزمة قطع العلاقات مع قطر؛ أحدهما يتعلق بتوقيت اندلاعها، الذي يأتي بعد أقل من أسبوعين من انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط.
ويبدو أن قيادات سعودية وإماراتية نافذة فهمت من تلك الزيارة أن واشنطن عادت لنمط تحالفاتها القديمة في منطقة الشرق الأوسط؛ أي التحالف الأمريكي مع الكيان الإسرائيلي والسعودية أساساً، والإمارات ومصر والبحرين والأردن بدرجة أقل. بما يعني تنشيط التحالفات الأمريكية الأمنية/العسكرية والاقتصادية، بغض النظر عن أية انتهاكات حقوقية يقوم بها حلفاء واشنطن في المنطقة، أو مآزق وأزمات سياسية داخلية يعانون منها.
وهذا يعني نشوء “محور اعتدال إقليمي معدّل” في منطقة الشرق الأوسط؛ ويحاول هذا المحور الآن استثمار تداعيات زيارة ترامب للضغط على الخصوم السياسيين في الإقليم، وعلى رأسهم تركيا وقطر وإيران وجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس وحزب الله؛ بُغية تجريدهم جميعاً من أوراق القوة والتأثير.
ويبدو أن ما يقوم به محور الاعتدال الإقليمي المعدّل، يعكس عملية تدشين لموجة ثانية من الثورات المضادة في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن عصفت الموجة الأولى منذ صيف 2013 بثورات الربيع العربي، دون استثناء تقريباً.
أمَّا المتغير الآخر فهو وجود ارتباك واضح في عملية صنع القرار في الرياض وأبوظبي؛ ممَّا يفرز قدراً من الحسابات السياسية الخاطئة، وقلقاً وتوجساً من أية أصوات نقدية؛ وهذا ما يفسّر حملة حجب عدد من المواقع الإلكترونية، وسحب تراخيص العمل من مكاتب قناة الجزيرة.
هذا القلق السعودي/الإماراتي يُترجم في شكل اندفاعة هجومية (تحالف محمد بن سلمان ومحمد بن زايد)، تريد ضبط مواقف دول الخليج وتحالفاتها الخارجية تحت قيادة الرياض وأبوظبي بأسرع ما يمكن، وهو ما يستهدف قطر أولاً، وربما مواقف دولة الكويت وسلطنة عُمان في مرحلة تالية، في حال نجاح جهود عزل الدوحة، وتحجيم نفوذها في الإقليم وإرغامها على تغيير سياستها الخارجية.
وفي إطار هذه الموجة الثانية من الثورات المضادة في المنطقة جاءت أزمة قطع العلاقات مع قطر، وفرضت نمطاً معقّداً من التفاعلات الإقليمية والدولية.
سمات الأزمة الجديدة في العلاقات القطرية – الخليجية
1- سرعة تطور أزمة قطع العلاقات مع قطر وتلاحق أحداثها، وحِدة مواقف الأطراف المقاطِعة لقطر، وشح المعلومات حول الأسباب الحقيقية وراء الأزمة، وتزايد شروط هذه الأطراف لتهدئة الأزمة، وذلك مقارنةً بأزماتٍ سابقة كثيرة عرفتها العلاقات الخليجية البينية منذ عقد السبعينيات، دون أن تؤدي إلى قطع علاقات دبلوماسية وفرض حصار بري وجوي على دولة خليجية.
ففي أقل من أسبوع بعد اندلاع الأزمة، صدر من الأطراف المقاطِعة لقطر العديد من المواقف التي تتسم بالحِدّة الواضحة، والذهاب إلى درجة فرض ما يشبه “العقوبات الجماعية” على المواطنين والمقيمين في قطر، وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة بفرض عقوبات صارمة على كل من يتعاطف مع الدوحة، أو لا يصطف في خانة السياسة الرسمية لدولة الإمارات.
2- اتساع نطاق الأزمة وتعدّد الأطراف المتدخلة فيها، بحيث لم تعد -كما هو واضح- أزمةً خليجية، أو حتى عربية؛ فثمة مواقف وتصريحات مهمّة لكل من تركيا وإيران وإسرائيل، فضلاً عن المواقف الدولية الأمريكية والألمانية والبريطانية والفرنسية والروسية والصينية والإيطالية وغيرها. بحيث لا يمكن فهم طبيعة أزمة قطع العلاقات مع قطر وسيناريوهاتها المستقبلية، إلا عبر تحليل تطور وتفاعل هذه المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة.
ومعلوم أن أمن الخليج، وتأمين إمدادات النفط والغاز، وضبط الخلافات الخليجية حتى لا تؤثر على المعركة الجارية ضد تنظيم داعش في الموصل العراقية والرقة السورية، هي مصالح استراتيجية تهم هذه الأطراف الخارجية جميعاً، وليس متصوراً أن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء تهديد مصالحها في منطقة الخليج.
3- وجود سباق بين مسارين لهذه الأزمة؛ أحدهما تصعيد الأزمة، وزيادة الضغط على الدوحة حتى تذعن لتوجهات الرياض، وهذا المسار تقوده السعودية، وتدعمه الإمارات والبحرين ومصر، وتتعاطف معه، بدرجات متفاوتة، دول عربية أخرى، ومن أبرزها الأردن وموريتانيا وحكومة شرق ليبيا وجيبوتي وجزر القمر.
والآخر مسار الحوار ومحاولة تهدئة الأزمة الذي تقوده دولة الكويت بالتنسيق مع سلطنة عُمان، التي زار وزير الشؤون الخارجية فيها يوسف بن علوي، الكويت في 7 حزيران/يونيو 2017.
وهذا المسار يحظى بدعم دولي -أمريكي وتركي وألماني وفرنسي وأوروبي عموماً؛ ما يمكن أن يزيد من أدوار هذه الدول في الأزمة، ويضع قيوداً أكبر على تحولها إلى نزاع عسكري، حتى بعد أن تعثرت جهود الوساطة التي قادها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.
ورغم رمزية الوساطة الكويتية ومحدودية النتائج المتوقعة منها منذ البداية، فإنها تبقى مؤشراً على أن مجلس التعاون الخليجي لم يعد موحداً ولو حتى شكلياً، بل انقسم إلى معسكرين في أزمة قطع العلاقات مع قطر، وهذا الانقسام يسري أيضاً على المواقف العربية من هذه الأزمة.
وثمة من رأى أن “هدف تحرك أمير الكويت إلى السعودية، ثم إلى الإمارات، ثم إلى قطر، كان خلق مناخ يحول دون ازدياد الأمور تعقيداً وتدهوراً؛ سعياً وراء ضبط الانفلات في العلاقات الخليجية”(1).
هذا السباق الخليجي/الإقليمي/الدولي بين مسارَي تصعيد الأزمة وتهدئتها يعكس سمات المرحلة الانتقالية، التي يعيشها النظام الإقليمي في الخليج العربي، والنظام الإقليمي في الشرق الأوسط، والنظام الدولي أيضاً. ومن أبرز هذه السمات: حالة عدم اليقين، والسيولة العالية، وتذبذب المواقف وتطورها بسرعة، وتوظيف أدوات الحرب الإعلامية، واختراق المواقع الإلكترونية، وأدوات الحصار الاقتصادي وغيرها.
التفاعلات الدبلوماسية والسياسية للأزمة، وأبعادها الإقليمية والدولية
أوجدت الأزمة الخليجية الراهنة -كما أشير آنفاً- نمطاً معقّداً من التفاعلات الخليجية والإقليمية والدولية، ممَّا يؤكد أنها تكشف طبيعة المرحلة الانتقالية التي يمرُّ بها إقليم الشرق الأوسط، والنظام الدولي برمته؛ فمن الواضح أن ثمة شيئاً جديداً يتخلّق حالياً، وأن أنماط التفاعلات السابقة في الإقليم آخذة في التغير، وربما بوتيرة سريعة نسبياً.
ويمكن في هذا السياق إبراز الملاحظات الآتية:
1- بالنسبة للدائرة الخليجية، التي تشكّل بؤرة هذه الأزمة، يتضح بمرور الوقت أن مجلس التعاون الخليجي بات يموج بصراعات بينية حادّة، وأن المجلس لم يعد قادراً على إدارة التناقضات بين أعضائه الست، التي تفاقمت كثيراً بعد اندلاع الثورات العربية أواخر 2010.
وفي هذا السياق يبدو أن التنافس السعودي–القطري على كسب النفوذ في الإقليم، قد تخطّى حدوده السابقة(2)، ودخل طوراً جديداً منذ أزمة حزيران/يونيو 2017. هذا الطور يقوم على مستوى من التصعيد غير المسبوق، وانتهاء نمط التدخلات السعودية السابقة، التي كانت ناعمة وغير مباشرة، وبروز انخراط سعودي أكبر في التأثير على معطيات البيئتين الخليجية والعربية، بالاستناد إلى دعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وحتى بافتراض حل هذه الأزمة في غضون شهور، فإن “انكساراً حقيقيّاً وقع في العلاقات القطرية-السعودية، ربما يفوق الانكسار في العلاقات القطرية-الإماراتية، وإنّ قدْراً ملموساً من فقدان الثقة ترسَّب في رؤية كل من الرياض والدوحة للأخرى. قطر، على وجه الخصوص، لن تنسى اللغة التي استُخدمت في الحملة الإعلامية ضدها، ولا أن السعودية فرضت عليها حصاراً قُصد به تجويع سكانها، وقطع صلات الرحم الوثيقة بين شعبي البلدين. وسيصعب عودة العلاقات القطرية-السعودية إلى طبيعتها، خاصة أنها ضربت كل الإنجازات التي حققها مجلس التعاون الخليجي منذ نشوئه، مثل حرية تنقل الأفراد، والعلاقات البنكية، وغيرها من الإنجازات على قِلَّتها”(3).
وإذا كان ما يؤرق الدوحة أو الكويت أو مسقط هو ضمان مصالح الدول الصغيرة في مجلس التعاون الخليجي، والسماح لها بالتعبير عن سياساتها وفقاً لهامش من الاستقلالية النسبية، وذلك في مواجهة السعودية، الدولة شبه المهيمنة في المجلس، فإن ما يبدو التحاقاً بحرينياً بمواقف الرياض، أو انسجاماً إماراتياً مع السعودية لا يعبّر في الحقيقة عن شراكات استراتيجية، بقدر ما يعبر عن سياسات آنية، تخلقها الرغبة في التوحد ضد سياسة قطر الداعمة لثورات الشعوب وحقوقها.
وبعبارة أخرى؛ فإن الصراعات الخليجية ربما تبدأ في الظهور تباعاً؛ لأنها لا تُعالج من جذورها عادة، وإنما يتم تهدئتها دون تسويات حقيقية؛ ممَّا يجعلها تنفجر مجدداً لكي تطرح أسئلة حرجة حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي وفعاليته، وقدرته على التعبير عن توازن مصالح أعضائه، وليس عن المصالح السعودية أو الإماراتية فقط.
2- رغم سياسة الإمارات المناوئة لثورات الربيع العربي، وللحركات الإسلامية عموماً(4)، فإن قيادة الحملة وقرار قطع العلاقات الخليجية والعربية مع الدوحة، تبقى سعودية أساساً، وبضغط وتشجيع من الرياض بالدرجة الأولى.
ورغم الزيارة التي قام بها وزير خارجية البحرين إلى تركيا 10 حزيران/يونيو، وتوافق دول الخليج الثلاث، بالإضافة إلى مصر، على إصدار قائمة بشخصيات ومنظمات إرهابية يفترض أنها على صلة بالدوحة، فإن الدبلوماسية السعودية كانت هي الأنشط في دول هذا المحور.
وليس بلا معنى السرعة التي تحركت بها الدبلوماسية السعودية لتطويق قطر وتضييق الخناق عليها؛ فقد قام عادل الجبير وزير الخارجية السعودي بنقل حلبة الصراع الدبلوماسي مع قطر إلى أوروبا، فزار كلاً من ألمانيا وفرنسا، وأدلى بتصريحات مهمة تكشف ما تريده الرياض من افتعال هذه الأزمة مع قطر.
فأثناء زيارته ألمانيا أعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 7 حزيران/يونيو، عن أمله في أن تكف قطر عن دعم المنظمات الإرهابية، وألَّا تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة؛ ذلك أن السعودية تنظر إلى قطر كدولة شقيقة، وأن العلاقة بين شعبي السعودية وقطر متينة. وقال إنه لم يتم طلب أي وساطة من خارج دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة مع قطر، وأن الأزمة يتم حلها في إطار دول المجلس، مشيراً إلى أن الإجراءات ضد الدوحة تم اتخاذها لمصلحة قطر أولاً، والمنطقة ثانياً.
3- بالنسبة إلى قطر، فإن الأزمة كشفت تريث قيادتها السياسية، وعدم انسياقها إلى التصعيد كما كانت تريد الرياض وأبوظبي؛ فقد تدرّج رد فعل الدوحة في إدارة الأزمة في الأيام الثلاثة الأولى؛ بهدف إعطاء الفرصة لإنجاح الوساطة الكويتية، التي تتمتع بدعم دولي متزايد.
ربما استفادت الدبلوماسية القطرية من نموذجها “شبه المتوازن” في إدارة علاقاتها الخارجية وتنويعها، وامتصت ضغط تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب وتغريداته الأولى، التي أظهرت تفهمه وكثير من مستشاريه لدواعي الحملة السعودية/الإماراتية على قطر(5)، إلى أن بدأت الأمور تتوازن بالتصريحات الصادرة عن بعض المشرعين الأمريكيين، وبيانات وزارتَي الدفاع والخارجية، والتأكيد أنه لا توجد خطط لدى واشنطن لأي تغيير في أوضاع قاعدة العديد في قطر.
ثم جاء اتصال الرئيس ترامب بأمير قطر، ودعوته لقمة في البيت الأبيض، وتصريح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون 9 حزيران/يونيو الذي دعا إلى تخفيف الحصار على قطر؛ لكونه يخلق مشكلات إنسانية في شهر رمضان.
ورغم الخسائر الاقتصادية والمجتمعية المترتبة على حصار قطر، فإن الدوحة ربما تخرج من هذه الأزمة، في المدى المتوسط، بقدر أقل من الخسائر السياسية، مقارنة بالرياض وأبوظبي؛ فمن جهة سمحت الأزمة لقطر باختبار قوة علاقتها بتركيا، كما سنفصّل أدناه.
وكشفت الأزمة من جهة ثانية أن بالإمكان الاستقواء بمواقف أوروبية، لتخفيف الضغط الأمريكي الذي تحركه السعودية والإمارات وإسرائيل، وذلك بفعل تأثير الصفقات التي وقعها الرئيس ترامب في زيارته للمنطقة.
ومن جهة ثالثة، نجحت الدبلوماسية القطرية في توضيح وجهة نظرها، بشأن البيان الرباعي للسعودية ومصر والإمارات والبحرين حول قوائم الإرهاب؛ إذ قال وزير الخارجية القطري: إن “قائمة الإرهاب مرسلة وتحتوي على بعض الأسماء التي ليس لها علاقة بقطر، ولا تقيم فيها بالأصل. كما أن من ضمن القوائم صحافيين وجمعيات خيرية مرموقة في المجتمع الدولي، ولها صفات استشارية في الأمم المتحدة مثل قطر الخيرية. ونحن لا نعرف المعايير التي قامت عليها القائمة التي تم نشرها، ولكن واضح أنها تكامل للسلسلة المرسلة من الاتهامات التي لا تستند إلى أمور واضحة ولا أساس لها”(6).
وهكذا صدّت الدوحة الحملة عليها بهجوم دبلوماسي مضاد؛ إذ قام وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بجولة شملت ألمانيا وروسيا؛ حيث جاء الموقف الدولي الأقوى من أزمة قطع العلاقات مع قطر من ألمانيا، التي صرح وزير خارجيتها أن بلاده ترفض الحصار المفروض على قطر، التي وصفها بالشريك الاستراتيجي في مكافحة الإرهاب، مؤكداً أن هذا أمر غير مقبول ويجب رفعه(7).
كما صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في 9 حزيران/يونيو، أنها تشعر بقلق بشأن الوضع في قطر، وأنه يتعين على دول الخليج وإيران وتركيا العمل معاً لإيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي؛ لأنه يستحيل تسوية هذا الوضع ما لم تشارك كل الأطراف الإقليمية. ومن الواجب أن ندرك أن الحل السياسي لصراعات مثل: الوضع في سوريا، وفي ليبيا، وفي العراق، لن يحدث إذا لم يتم ضم أطراف معينة في المحادثات، وهذا يشمل قطر، ويشمل تركيا وإيران. وأضافت ميركل أنها تريد الحفاظ على توازن القوى بشكل معقول في المنطقة، وقالت إن مكافحة الإرهاب ستكون على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين في تموز/يوليو المقبل في هامبورغ (8).
4- أمَّا بالنسبة للدائرة العربية، فقد كشفت الأزمة ضعفاً شديداً في الأداء الدبلوماسي العربي، ربما باستثناء دولة الكويت، (وسلطنة عُمان وتونس بدرجة أقل). ولعل هذه الأزمة تقدم دليلاً إضافياً على حال جامعة الدول العربية المتهالك، رغم أن الأزمة خليجية-عربية خالصة، ووقعت في أحد أنجح التنظيمات الإقليمية الفرعية في المنطقة العربية.
وقد يبدو موقف الجامعة العربية الغائب مفهوماً ضمنياً؛ لأن من الدول التي قاطعت قطر كلاً من السعودية ومصر، بوزنهما العربي المعروف. ومن المؤكد أن الرياض ضغطت على دول عربية أصغر (مثل: جيبوتي، وجزر القمر، وموريتانيا) لكي تتخذ موقفاً ضد الدوحة، وتدخل ضمن هذه اللعبة المقيتة من صراع المحاور العربية.
أمَّا الدول المغاربية (الجزائر والمغرب وتونس)، فقد اكتفت وزرات الخارجية فيها بإصدار بيانات تعرب عن القلق البالغ، وتدعو للحوار بين الدول الخليجية؛ فالأمة العربية ليست في حاجة إلى مزيد من الانقسام والتفرقة والخلافات، وأن الصعوبات الحالية ظرفية، وأن الحكمة والتعقل سيتغلبان في الأخير، بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الشعوب العربية، وعلى رأسها الإرهاب.
5- في تقويم المواقف الإقليمية من الأزمة، ظهر واضحاً الثقل الذي مثّلته تركيا بخاصة. فرغم دبلوماسيتها الهادئة في بداية الأزمة، وتصريحات وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الداعية للحوار والتهدئة، فإنها ربما نجحت في التأثير على الموقف الأمريكي ومواقف دولية أخرى، بعد مصادقة مجلس النواب التركي 7 حزيران/يونيو على اتفاقيتين تسمحان بنشر قوات عسكرية في قاعدة تركية في قطر؛ تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك التي وقعها البلدان عام 2014، بالإضافة إلى تدريب قوات الدرك(9).
وبهذا وجّهت تركيا هذه الأزمة نحو خفض التوتر والتصعيد، بدخولها بقوتها العسكرية، لدفع محور الرياض/أبوظبي واشنطن إلى تخفيض نبرة خطابه، ووقف التلويح بخيارات عسكرية ضد قطر.
لقد حرصت أنقرة على الدعوة للحوار سبيلاً لحل الأزمة، ولم تتخذ مواقف حدّية من السعودية والإمارات في البداية، حتى جاء خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان 9 حزيران/يونيو حاسماً في مطالبته برفع الحصار عن قطر، وليس تخفيفه كما دعا لذلك وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون.
وقال أردوغان إن تركيا لن تتخلّى عن قطر، وناشد السعودية، الشقيقة الكبرى في الخليج، أن يقوم الملك سلمان بجمع الأشقاء ونبذ الخلافات، فهذا المنتظر من بلاد الحرمين الشريفين، وهذا حق المسلمين عليها.
وتحدث الرئيس التركي عن اتفاقية التعاون العسكري مع قطر، مذكراً بأنها لم تبرم اليوم، وإنما هي نتاج مسيرة دامت سنتين. وغمز أردوغان بخطابه الجهاتِ الخليجية التي دعمت المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز/يوليو 2016.
والملاحظ على الموقف التركي أنه أدار سياسته بدبلوماسية تصعيد متدرجة، جمعت بين الرسائل السياسية والعسكرية، مع تأكيد عدم تخلي أنقرة عن الدوحة، فجاءت رسالة التوازن التي دعمت الموقف القطري، مع إقناع الطرف الآخر بضرورة ووحدانية الحل الدبلوماسي وطاولة الحوار، وليس بالضغط للحصول على تنازلات، أو التهديد بالتدخل المباشر في قطر، أو التلويح بالانقلابات العسكرية(10).
كما استقبل الرئيسُ أردوغان وزيرَ خارجية البحرين خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة؛ إذ صرح وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أن أردوغان أكد الحاجة لحل مسألة الخلاف الخليجي مع قطر قبل نهاية شهر رمضان؛ لأنها تتنافى مع ديننا ومعتقداتنا وعاداتنا، وخصوصاً خلال شهر رمضان. وقال جاويش أوغلو إن القاعدة العسكرية التركية في قطر هدفها المساهمة في أمن منطقة الخليج، وليس أمن دولة بعينها في الخليج. ورحب خالد آل خليفة بتعليقات أردوغان خلال لقائهما فيما يتعلق بأن القاعدة العسكرية لمصلحة المنطقة كلها، لا لدولة بعينها في الخليج(11).
6- أمَّا قراءة إيران لهذه الأزمة الخليجية، فقد ركزت على دور الرئيس ترامب كمحرِّك ومسبِّب لها، وأنه أعطى الضوء الأخضر للسعودية والإمارات لمعاقبة قطر؛ ممَّا يفرض على طهران ضرورة أن تستثمر هذه التطورات استراتيجيّاً، بعد أن أصبحت “وحدة الصف الخليجي” طي الماضي؛ فالخلافات الخليجية عميقة وقديمة، وتعود لأسباب سياسية واقتصادية وبنيوية(12).
وبناء عليه، جاء التحرك الإيراني عبر زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى تركيا 7 حزيران/يونيو، وهو اليوم نفسه الذي شهد قيام تنظيم داعش باستهداف مقر مجلس الشورى (البرلمان) وضريح الخميني في طهران. حيث اتهم الحرسُ الثوري الإيراني المملكةَ العربية السعودية بالوقوف خلف هذه الاعتداءات. بيد أن عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، قال إنه لا يوجد دليل على أية صلة لبلاده بهذه الاعتداءات.
7- أمَّا بالنسبة للطرف الإسرائيلي، فقد كانت الأزمة الخليجية فرصة له ليعيد تأكيد أن إسرائيل ليست سبب مشكلات المنطقة، وأن الدوحة تدعم حركة حماس “الإرهابية”. خصوصاً أن عداء الإمارات والسعودية للحركات الإسلامية هو أمر تشترك فيه إسرائيل أيضاً، فضلاً عن تصاعد العداء الدبلوماسي بين قطر وإسرائيل منذ حرب غزة 2014(13).
خلاصة
رغم أن أزمة قطع العلاقات مع قطر بدأت أزمةً خليجية، لأسباب ما تزال غير واضحة تماماً، إلا فيما يتعلق بأجندة تحالف محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، فإن الأزمة سرعان ما كبرت، مثل كرة الثلج، واستجلبت مواقف إقليمية ودولية سريعة؛ ممَّا دلّ على أن أمن الخليج ليس مسألة متروكة لحسابات سياسية سعودية وإماراتية ضيقة، وإنما متعلق بحسابات أكبر إقليمية ودولية.
ورغم اتجاه الأزمة نحو التصعيد أول الأمر؛ بسبب تأثير الصدمة على قطر، وكثافة الحملة التي شنتها السعودية والإمارات عبر الآلة الإعلامية الجبارة وشبكة اللوبيات ومراكز الأبحاث في واشنطن، فإن دخول اللاعب التركي ثم الإيراني والروسي أسهم في خفض مستوى تصاعد الأزمة بشكل ملحوظ.
ومن المهم في هذا السياق تحليل موضع أزمة قطع العلاقات مع قطر من التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة، التي تتشكل حالياً في خضم هذه الأزمة؛ فلربما تكون سياسة ترامب وأخطاء حسابات إدارته، ثم انحسار وزن مشروع تريزا ماي بعد الانتخابات البريطانية 8 حزيران/يونيو، رغم بقاء حزب المحافظين في المقدمة، يمكن أن يؤدي إلى انتعاش العلاقة الروسية-التركية-الإيرانية، مع احتمال انضمام قطر إلى هذه العلاقة، وأن مواقف تركيا وإيران وتنسيقهما في هذه الأزمة الذي تجلّى في زيارة وزير خارجية إيران لأنقرة، فضلاً عن بروز الموقف الألماني ودعوته الصريحة لرفع الحصار عن قطر، يمكن أن تؤدي لإضعاف موقف إدارة ترامب وحلفائها في الخليج، خصوصاً موقفي السعودية والإمارات(14).
ويبدو أن صانع القرار السعودي تصور أن بإمكانه توظيف تداعيات زيارة ترامب للمنطقة والصفقات الكبيرة التي وُقعت فيها، بحيث يكون تأثير المواقف الدولية معيقاً لأي تضامن تركي أو إيراني أو باكستاني مع قطر.
ثمة أربعة أخطاء ارتكبتها الرياض وأبوظبي في إدارة هذا التصعيد ضد قطر؛ أولها بناء الحسابات على شخص ترامب. والثاني افتراض أن تركيا لن تدافع عن قطر؛ نظراً لحجم الاستثمارات الإماراتية والسعودية في تركيا. والثالث طبيعة الشروط التي طُلب من أمير الكويت نقلها، وكلها يتعلق بإسكات القنوات الإعلامية العربية التي تكشف الأخبار التي يخشاها الحكام العرب، ولا يريدون لشعوبهم ومواطنيهم قراءتها. تقييد إعلامهم وإلجامه لا يكفيهم، فهم يريدون غلق كل منافذ الإعلام التي تفضح الحقيقة المخزية عن أنظمتهم الاستبدادية المرتشية الفاسدة أينما كانت في هذا العالم. والرابع أن حصار قطر لن يكون سهلاً، فهي ليست غزة؛ فالدوحة تربطها صداقات بجيوش كبرى، وثروتها السيادية تعادل 335 مليار دولار، وهي أكبر منتجي الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، وتربطها علاقات بعملاق النفط والغاز الأميركي إكسون Exxon (15).
أمَّا بالنسبة لتحليل نتائج التصعيد السعودي ضد قطر، فإنه من الأهمية بمكان التفرقة بين قدرة الدبلوماسية السعودية على الحركة وإشغال المشهد السياسي والإعلامي بمواقفها، وبين التأثير السعودي الحقيقي على الأض الذي يبقى آنياً ومرحلياً، ومرتبطاً أساساً بحالة صراعات داخلية دبّت في الثورات العربية، وسمحت للقوى الخارجية بمساحة أكبر من الحركة، وإن كان نصيب السعودية في كل الأحوال لا يبلغ مثلاً القدرة التركية أو الإيرانية في التأثير والحركة؛ إذ تمكّنت “الدينامية التركية/الإيرانية من اختراق المنطقة المركزية للمجال الجيوسياسي العربي، ولم يعد مركز الثقل في هذا المجال شأناً عربيّاً فحسب، بل صار شأناً إيرانيّاً وتركيّاً أيضاً. ولذلك فإن الحالة الجيوسياسية الجديدة التي تشهد صعوداً للدورين الإيراني والتركي في مقابل تقهقر الدور العربي، تتطلب إعادة النظر في المفاهيم والمنطلقات الفكرية التي قامت على مدى عقود على اعتبار إيران وتركيا دولاً طرفية أو هامشية بمفهوم النظام الإقليمي العربي، بل مساواتها بإسرائيل في كثير من الأحيان، استناداً إلى مفهوم دول الجوار الجغرافي الذي غلّب المصلحة القومية أو حماية الأمن القومي، على التكامل والاعتماد المتبادل في المداخل النظرية للجغرافيا السياسية الإقليمية”(16).
أمَّا على الصعيد الدولي، فإن الأزمة كشفت مكانة القيادة الألمانية في القارة الأوروبية العجوز، وقدرتها على توجيه انتقادات للسياسة الأمريكية في مسار يبدو أنه سيستمر في ظل قيادة المستشارة أنجيلا ميركل. كما تشكّل بالتدريج سلسلة من المواقف الدولية الداعية لتغليب نهج الحوار والدبلوماسية في الخليج، وبرزت المواقف الروسية والصينية والفرنسية والإسبانية والإيطالية ومواقف الأمم المتحدة وغيرها.
ورغم أن احتمال تجاوز هذه الأزمة الخليجية، وعودة العلاقات إلى سابق عهدها، يبدو ضعيفاً في المدى القريب، فإنها كشفت دلالات مهمة بخصوص حدود توظيف متغير “الحرب على الإرهاب”، من قبل المحور السعودي الإماراتي المصري. ذلك أن الاستمرار في هذا المنحى التوظيفي له مخاطر حقيقية على المنطقة العربية(17)، ما يزج بها نحو مزيد من التفتت والتقسيم واتهام بعضها بعضاً بتمويل الإرهاب أو إيواء شخصيات معارضة نكايةً في نظم عربية أخرى. وهو أمر لا يخدم إلا المصالح الإسرائيلية في النهاية، ما دام مفهوم “الإرهاب وتمويله” غير محدد بمعايير قانونية دولية متفق عليها؛ ممَّا يسهل على إسرائيل استهداف مقاومة الشعب الفلسطيني ودمغ حركة حماس بالإرهاب.
يبقى أخيراً القول إن أزمة قطع العلاقات مع قطر قد تستمر لعدة أشهر، قبل أن تنتقل إلى طور جديد؛ إما بالجلوس على طاولة التفاوض والحوار، أو المراوحة في المكان وتجميد الوضع على ما هو عليه، مع استبعاد نسبي لاحتمال تحولها إلى مواجهة عسكرية؛ نظراً لميل أغلب الأطراف الدولية لتهدئة هذه الأزمة ودفعها نحو مسار الحوار والدبلوماسية. لكن ذلك كله يؤكد أنها أزمة عميقة تهدّد النسيج الاجتماعي لدول الخليج.
الهوامش:
(1) انظر: راغدة درغام، “انعكاسات خطيرة ستترتب على عناد الدوحة”، الحياة، 2017/6/9. على الرابط:
(2) لمزيد من التفاصيل راجع: عبد الخالق عبد الله، ” التنافس المقيد: السياسات السعودية والقطرية تجاه الربيع العربي”، السياسة الدولية، العدد 192، نيسان/أبريل 2013.
(3) راجع: “الخليج: أزمة غير مسبوقة وتداعيات كبيرة”، تقدير موقف، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات،2017/6/9. على الرابط:
http://studies.aljazeera.net/ar/positionestimate/2017/06/170607130616938.html
(4) راجع: خالد المزيني، “الموقف الإماراتي من ثورات الربيع العربي”، في: جمال عبد الله ومحمد بدري عيد، الخليج في سياق استراتيجي متغير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2014.
(5) راجع: بشير البكر، “الحملة على قطر… مطلوب موقف أميركي”، العربي الجديد، 2017/6/10.
(6) “هجوم دبلوماسي قطري مضاد: تمسك بسياسة خارجية مستقلة”، العربي الجديد، 2017/6/10. على الرابط:
(7) “ألمانيا تدعو لحل أزمة قطر بالسبل الدبلوماسية وإنهاء الحصار”، رويترز، 2017/6/9.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN19012C?sp=true
(8) “ميركل تقول إنه يجب على كل دول الخليج وإيران وتركيا العمل على تخفيف أزمة قطر”، رويترز، 2017/6/10. على الرابط:
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN19103W
(9) راجع: “ماذا يعني قرار إرسال قوات تركية إلى قطر؟”، الجزيرة نت،2017/6/7. على الرابط:
(10) سعيد الحاج، “تركيا وقطر رسائل سياسية وعسكرية”، رأي اليوم، 2017/6/9. على الرابط:
http://www.raialyoum.com/?p=689451
(11)”أردوغان يدعو لحل الخلاف مع قطر قبل نهاية رمضان”، رويترز، 2017/6/10.
http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN1910NN?sp=true
(12) راجع: فاطمة الصمادي، “كيف قرأت إيران الأزمة مع قطر؟ الوحدة الخليجية أصبحت من الماضي”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2017/6/8. على الرابط:
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/06/170608095441455.html
(13) راجع المصادر الآتية:
-عدنان أبو عامر، “الموقف الإسرائيلي من الأزمة الخليجية”، الجزيرة نت، 2017/6/7. على الرابط:
-“قطع العلاقات مع دولة قطر بعيون الصحافة الإسرائيلية”، إدراك للدراسات والاستشارات، تقارير خاصة 2017/6/5. على الرابط:
http://idraksy.net/how-the-israeli-media-reacted-to-the-gulf-crisis/
-وحدة تحليل السياسات، “لماذا تقود إسرائيل حملة ممنهجة ضدّ قطر؟”، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015/1/12. على الرابط:
http://www.dohainstitute.org/release/f17c6442-7a1a-489a-b346-ce70f611cff5
(14) حسين حجازي، “الأزمة الخليجية تعيد خلط التوازنات الإقليمية والدولية”، الأيام (رام الله)، 2017/6/10. على الرابط:
http://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=121a35a4y303707556Y121a35a4
(15) ديفيد هيرست، “هذه الحسابات قلبت الطاولة على السعودية والإمارات في حملتهما ضد قطر”، هاف بوست عربي، 2017/6/8، على الرابط:
http://www.huffpostarabi.com/2017/06/08/story_n_16998012.html?utm_hp_ref=arabi
(16) ميشال نوفل، “ديناميات الاستقطاب الإقليمي الجديد”، الدراسات الفلسطينية، العدد 94، ربيع 2013، ص 8.
(17) راجع: محمد فهاد الشلالده وأحمد حسن أبو جعفر، “إشكالية التوسع في تهم الإرهاب في المنطقة بدوافع سياسية”، دراسات شرق أوسطية، العدد 72، صيف 2015، ص 15- 41.
أمجد أحمد جبريل (باحث متخصص في الشؤون العربية والإقليمية)