الحارس المشلول: قصور مجلس الأمن الوظيفي في حل النزاعات في المنطقة العربية.. الصراع العربي – الإسرائيلي نموذجاً
شكّلت بداية الحرب العالمية الثانية الإعلان الرسمي عن فشل المنظومة القانونية السابقة متمثلة بعصبة الأمم وذراعها الأساسي الذي سمي بـ المجلس. لذلك سعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إلى تفادي أخطاء العصبة السابقة وإنشاء منظمة أكثر فعالية وحيوية وإشراكاً للجميع. وكذلك سعت إلى إنشاء ذراع أكثر فعالية من الذي سبقه. فكان إنشاء منظمة الأمم المتحدة لتضم جميع “الدول المحبة للسلام” كما ذكر الميثاق وتم إنشاء الذراع الاساسية لهذه المنظمة وسمي بـ مجلس الأمن للحفاظ على “السلم والأمن الدوليين”.
وقد تضمنت الفترة التي سبقت إنشاء المنظمة نقاشات ومفاوضات طويلة وشائكة حول دور المجلس وبنيته تحديداً. فقد رفضت الدولة العظمى الولايات المتحدة الامريكية المشاركة في المنظمة في حال لم تعطى الدول المنتتصرة حق النقض –أو ما اصطلح عليه بالفيتو اشتقاقا من اللاتينية Veto. ولم تكن الدول الصغرى والمتوسطة الممنهكة من الحرب والخائفة من تغول القوى المنتصرة عليها في سعة من أمرها للإصرار على مطالبها أو رفض الإنضمام للمنظمة. فبناء عليه تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة لتكون أكبر منظمة دولية جامعة في تاريخ البشرية وتم إنشاء مجلس الأمن (Security Council) ليكون ذراعها الأساسي والجمعية العامة –أو العمومية- (General Assembly) لتخلف “الجميعة” كجهة استشارية ومنتدى لجميع الدول إضافة إلى محكمة العدل الدولية (International Court of Justice) لتخلف المحكمة الدائمة للعدل الدولي في الفض في النزاعات، ختاماً بمجلس الوصاية الذي أشرف على إنهاء مرحلة “الإنتداب” الذي أسس في المنظمة السابقة.
ومع بداية مرحلة الحرب الباردة أيقن الجميع أن المجلس غير قادر على التحرك وأن القوى العظمى تكبّله. ولكن الآمال تجددت مع انتهاء مرحلة الحرب الباردة مع بداية التسعينيات. مع ذلك، بقيت بعض القضايا عالقة –وأبرزها الصراع العربي الإسرائيلي- وبقي المجلس غير قادر على القيام بدوره. واليوم يكاد القرار 242 الذي أسس لحل الدولتين ينهار تماماً مع السياسيات الإستعمارية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وتناقش هذه الدراسة الأدوار المناطة بالمجلس وتحلل أسباب عجزه عموماً وتحديدا في الصراع العربي الإسرائيلي الذي يعتبر أطول الصراعات في العصر الحديث وأشدها تعقيداً ومن أكثرها تأثيراً على السلم والامن الدوليين.