تأمل تركيا في الاستفادة من موقعها بين أوروبا وآسيا لتصبح ممراً للطاقة في المنطقة وتساهم في نقل النفط والغاز الطبيعي من مناطق روسيا وحوض بحر قزوين وآسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى السوق الاستهلاكي الأكبر في أوروبا. ولعل هذه الرؤية تعكس إلى حد كبير الرؤية السياسية الخارجية لتركيا بغية استعادة دورها المهيمن في إطار منطقة نفوذها التاريخي.
وعلى الرغم من الطموحات الكبيرة إلا أن الجغرافية التركية بالإضافة إلى الطلب المحلي المتزايد على الطاقة تسبب في إثقال تركيا بمزيد من الطلبات ما جعل دورها كممر للطاقة مهتزاً. يتوجب على تركيا الاعتماد على منافسيها الجيوسياسيين لتوفير إمدادات مستقرة للطاقة، خاصة وأن أنقرة تحاول تجنب الاضطرابات على طول المحيط الإسلامي ولذلك فهي محاصرة بين حاجتها لتوفير إمدادات مستقرة للطاقة وتداعيات الوفاء بحاجتها السياسية تلك.
لم تشهد تركيا أي عملية استخراج حقيقي للنفط أو الغاز الطبيعي حتى في ظل ارتفاع الطلب المحلي السريع. فسكان البلاد تجاوزوا وفق تقديرات 2014 حدود 76 مليون نسمة، وتصل نسبة الزيادة السنوية إلى حدود 2%. وفي الوقت الذي تحاول فيه أنقرة مواءمة نموها الاقتصادي مع الانخفاض في الطلب الأوروبي، ستستمر على الطرف الآخر عجلة التنمية الاقتصادية الداخلية التي تدفع تركيا لزيادة طلبها من الطاقة.
في هذه المادة نتناول التحديات والطموحات التي تواجه عملية إدارة ملف الطاقة في تركيا ونسعى لتقديم تصور عن حقيقة القيود التي تحد من قدرة تركيا في التعامل مع هذا الملف