يعرف أمن الطاقة بأنه الارتباط بين الأمن القومي وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة، حيث أصبح الوصول إلى الطاقة الرخيصة (نسبياً) أحد أعمدة الاقتصاديات الحديثة، حيث يعتبر أمن إمدادات الطاقة مسألة ذات أهمية قصوى.
تستهلك تركيا 45-50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، ويلعب الغاز الطبيعي دورًا متزايد الأهمية في سياسات الدول، وعلاقاتها ببعضها البعض بسبب التأثير المتعاظم لمصادر الطاقة على أمن الدول واستقرارها.
يعتبر الغاز من أنظف أنواع الوقود الأحفوري، إذ ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون بنسبة تقل عن 50% مقارنة بالفحم، و 30٪ أقل مقارنة بالنفط عند استخدامه لتوليد واحد كيلو واط/ساعة من الكهرباء. لذلك تفضل الكثير من الدول الاعتماد على الغاز، بدلاً من الفحم الحجري، والمفاعلات النووية، وايضاً البترول، خصوصاً بعد الضغوطات المتعلقة بالقوانين البيئية.
كما يعتبر استخدام الغاز الطبيعي اقتصادياً من حيث التكلفة وانتاج الطاقة، مقارنة بالبترول وموارد الطاقة الأخرى، فخلال الفترة الماضية تراوح سعره في السوق الدولية بين 6 دولار و 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وتعتبر هذه أسعاراً متدنية مقارنة بمصر الطاقة الأخرى.
ويتميز الغاز الطبيعي ايضا بسهولة التعامل معه ونقله إذ يمكن نقل الغاز بكميات كبيرة بعد تسييله، ومن ثم تصديره وإعادته إلى الوضع الطبيعي.
لهذه الأسباب وأسباب أخرى مثل بعض الدراسات التي تتحدث عن أن الزمن المتوقع لنفاذ الغاز 125 سنة وهو ضعف الزمن المتوقع للبترول، سعت الكثير من دول العالم إلى الاعتماد على الغاز في استهلاكها لموارد الطاقة ومن أهم هذه الدول (الاتحاد الأوروبي، اليابان، تركيا).
لقد نما طلب تركيا على الغاز الطبيعي بشكل كبير منذ أواخر الثمانينيات، في ذلك الوقت كانت تركيا تستورد بضعة مليارات متر مكعب فقط في السنة.
وفي السنوات الأخيرة نمت الواردات السنوية التركية من الغاز بشكل مضطرد، مما جعل تركيا واحدة من أكبر الأسواق في العالم.
واليوم تعتبر تركيا الدولة الأسرع نموًا في سوق الطاقة من بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على مدار العقد الماضي، ولأنها تستورد جميع احتياجاتها من البترول والغاز تقريبًا، فقد كان قطاع الطاقة التركي دائماً مصدراً للقلق، وشكل تأمين مصدر للطاقة الموثوق به وبأسعار معقولة من خلال التنويع وزيادة الإنتاج المحلي، حجر الزاوية في سياسة الطاقة في تركيا.
في هذه الورقة نسلط الضوء على أهم السياسيات التي تتبعها تركيا لكي تتحرر من القيود التي تفرضها متطلبات أمن الطاقة، وكيف تسعى تركيا لكي تصبح مركزاً عالمياً لتخزين الغاز وتصديره بحدود عام 2023