أبريل 26, 2024

الغارديان: كيف استغلت المملكة المتحدة حرب الخليج سنة 1990 لتدعيم تصدير الأسلحة؟

وفقا لما كشفت عنه وثائق رُفعت عنها السرية مؤخراً، اعتبرت الحكومة البريطانية غزو العراق للكويت، آنذاك، بمثابة “فرصةٍ لا مثيل لها” لبيع الأسلحة لدول الخليج. وفي هذا السياق، أظهرت المذكرات، التي أصدرتها إدارة “المحفوظات الوطنية”، كيفية عمل الوزراء والموظفين الحكوميين الدؤوب في الفترة السابقة لحرب الخليج سنة 1990 لضمان استفادة مصنّعي الأسلحة البريطانيين من الزيادة المتوقعة في الطلبات على المعدات العسكرية.

في الواقع، تشمل الوثائق إحاطاتٍ سرية لوزير المشتريات الدفاعية في ذلك الوقت “ألان كلارك” التي وجهّها لرئيسة الوزراء “مارغريت ثاتشر” أثناء قيامه بجولة في دول الخليج قبيل اندلاع الحرب. ونتيجةً لذلك، درّت الجهود التي قامت بها الحكومة البريطانية الأرباح نظراً لأن الحرب أعطت دفعاً ملحوظاً لمبيعات الأسلحة إلى المنطقة، كما ساعدت على تغذية علاقةٍ متينة مستمرةٍ إلى غاية اليوم.

وفقاً لما أظهره آخر تقريرٍ سنوي صادرٍ عن منظمة الدفاع والأمن الحكومية البريطانية، حققت المملكة المتحدة أرباحاً تقدر بحوالي ستة مليارات جنيهٍ إسترليني، بفضل صفقات الأسلحة التي أبرمت خلال سنة 2016، وهو ما يعادل 9 بالمائة من إجمالي السوق العالمية. وفي هذا الصدد، مثلت الصفقات المُوجهة للشرق الأوسط نصف هذه القيمة. وعلى امتداد 10 سنواتٍ متتالية، صنّف التقرير المملكة المتحدة كثاني أكبر دولةٍ على مستوى تجارة الأسلحة في العالم، حيث تتقدّمها الولايات المتحدة.

وفي رسالةٍ وُصفت “بالسريّة” بتاريخ 19 آب/ أغسطس سنة 1990، أي بعد أيامٍ من غزو قوات صدام حسين للكويت، كتب كلارك مذكرةً سرية لثاتشر وصف فيها الرد المتوقع من الولايات المتحدة وحليفاتها بشأن “الفرصة التي لا مثيل لها” لمنظمة خدمات الصادرات الدفاعية (التي تُعرف حالياً بمنظمة الدفاع والأمن).

وفي هذا السياق، أوضح كلارك أنه “بغض النظر عن سياسات انتشار الأسلحة التي نتبناها، لا بد لي من التأكيد على أن هذه الفرصة لا مثيل لها بالنسبة لمنظمة خدمات الصادرات الدفاعية. ويتجلى هذا الأمر في نطاقٍ واسع من عرض الأسلحة مع الذخيرة الحية والتجارب “الحقيقية””.

 وأضاف كلارك في المذكرة ذاتها قائلاً، “قمت بإعداد قائمةٍ بتوقعات المبيعات العسكرية الحالية، في بداية الأزمة، ومن المرجح أن تشهد تقدماً ملحوظاً وارتفاعاً في حجمها في حال قمنا بالعمل المطلوب”.

من جانبٍ آخر، كشفت مذكراتٌ أخرى أن كلارك استغل الاجتماعات مع كلٍّ من أمير قطر ووزير الدفاع البحريني للدفع بصادرات الأسلحة. وضمن إحاطاتٍ إضافية، أشار كلارك إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن كزبائن محتملين.

من جانبه، قال الباحث في منظمة “حملة ضد تجارة الأسلحة” “جو لو” إن البلدان الآنف ذكرها مستهدفةٌ من قبل المملكة المتحدة في الوقت الراهن لتصدير الأسلحة نحوها. وأضاف لو أن “الأزمنة قد تبدو مختلفةً، إلا أن العقلية تظل هي نفسها. في الحقيقة، تثبت هذه المعلومات، التي تم الكشف عنها، أن الحكومة البريطانية لم ترى في قيام حرب الخليج الأولى كارثةً إنسانيةً وشيكة بل فرصةً لشركات الأسلحة للاستفادة من الموت والدمار”.

وفي إحدى وثائق الإحاطة، التي تم الاطلاع عليها في السابع من آب/ أغسطس الجاري، والتي تحمل وصف “سرية للغاية”، ناقش موظفون حكوميون مبيعات الأسلحة المحتملة. وتمثلت إحدى الطلبات المحتملة التي حاولوا الظفر بها في 36 مروحية من طراز “مروحية ويستلاند بلاك هوك” في إطار صفقة تبلغ قيمتها 325 مليون جنيهٍ إسترليني مع أبو ظبي.

بالإضافة إلى ذلك، تم ذكر سلطنة عمان باعتبارها مهتمة بشراء مركبات قتالية خاصة بالبيئة الصحراوية من طراز “واريور” بقيمة 55 مليون جنيه إسترليني، فضلاً عن طلبٍ يتعلق باقتناء دبابات من طراز “تشالنجر2”. أما البحرين، فقد أرادت اقتناء طائرات من طراز “هوك” من طرف “بريتش ايروسبيس” فيما تم إدراج السعودية على أنها مهتمة بشراء سبعة حوامات مقابل 220 مليون جنيه إسترليني.

من جهته، آمن “ألان كلارك” بأن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الخليج، في الفترة التي تسبق اندلاع الحرب، قد يُعدّ بمثابة أداةٍ تسويقية مفيدة لصناعة الأسلحة. فضلاً عن ذلك، قدّم كلارك لضابط مخابرات رفيع المستوى خطةً للقيام بزيارات أسبوعية لدول الخليج وذلك في سبيل مشاركة إحاطاتٍ “منقحة للغاية” لن تمثل “انتهاكاً لتفاهماتنا مع الولايات المتحدة”. كما سلط كلارك الضوء على فوائد زياراتٍ مماثلة، مشيراً إلى أنها “ستقدم تدخلاً مفيداً للممثلين عن منظمة خدمات الصادرات الدفاعية عندما تقتضي الحاجة”.

وتطرقت الوثائق إلى الزيارة التي أداها كلارك للممالك الخليجية، خلال الأيام السابقة للحرب، لتأكيد الدعم البريطاني لها ولفت الانتباه إلى سرعة استجابة الجيش البريطاني. وفي هذا السياق، أخبر كلارك ثاتشر أنه يميل إلى “الوقوف بقوّةٍ وبعجالة” ضد العراق في النزاع الوشيك.

وفي شأن ذي صلة، أخبر سكرتير ثاتشر الخاص “تشارلز بأول” كلارك في مذكرةٍ أنه يريد منه استغلال زيارته إلى حكام الخليج للتأكيد على أن المملكة المتحدة لطالما كانت أسرع وأفضل في استجابتها فيما يتعلق بمساعدة حلفائها الخليجيين مقارنةً بفرنسا، التي تمثل منافسة لها في تصدير الأسلحة. بالإضافة إلى ذلك، طلب باول من كلارك زيارة الدول الخليجية الصغرى، التي تشعر أن “المملكة المتحدة لم تعر احتياجاتها ومخاوفها الأمنية الاهتمام الكافي”.

من هذا المنطلق، يبدو من الواضح أن الصادرات كانت تعتبر مسألةً حساسة في نظر الوزراء. وفي إحدى المذكرات المُوجة إلى باول، عارض وزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث، ويليام والديغراف، قرار الحكومة بإثارة انتهاكات صدام حسين لحقوق الإنسان، قائلا إن ذلك يدفع إلى طرح السؤال الحتمي ألا وهو: “لماذا واصلتم عقد هذا الكم من الصفقات التجارية معه؟”.

الكاتب: جيمي دوارد

المصدر: الغارديان

المصدر: https://www.theguardian.com/world/2017/aug/12/arms-trade-margaret-thatcher-kuwait-saddam-hussein

 

ضع تعليقاَ