أبريل 27, 2024

فورين بوليسي: هكذا قام كل من أوباما و ترامب بإثارة التنافس السعودي الإيراني

يجب على الولايات المتحدة أن تجد وسيلة أكثر فعالية لردع طهران وكبح الرياض.

من الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ثم  التراجع عن الاستقالة، إلى الأزمة الخليجية مع قطر، إلى  معركة النفوذ على  عراق ما بعد تنظيم الدولة، إلى الحروب الأهلية الشرسة في اليمن وسوريا، كلها علامات على المعركة الإقليمية المنتشرة في كل مكان بين السعودية وإيران.

وقد تصاعد هذا الصراع منذ بداية الثورات العربية عام 2011، مدفوعاً بالمنافسة الجيوسياسية والطائفية الدينية والقومية. وفي حين أن الولايات المتحدة ليست الجهة الفاعلة الرئيسية في هذه المعركة، إلا أن لها دوراً هاماً. حيث فشل الرئيس باراك أوباما في تهدئة الصراع من خلال محاولة إشراك كلا  الجانبين، وزادت إستراتيجية الرئيس دونالد ترامب، المتمثلة في اتباع نهج مواجهات مع إيران مع إعطاء السعودية الدعم غير المشروط، من تفاقم الوضع. ومن المرجح أن تنجح السياسة التي تقع بين هذين النقيضين في التوصل إلى حل.

ارتفاع المنافسة الإقليمية

كان التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية سمة من سمات الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، ولكن التنافس بدأ في الاشتداد بعد اندلاع الثورات العربية في أوائل عام 2011، مع توسع الثغرات الأمنية والسياسية في جميع أنحاء المنطقة، وتسابق المتنافسين لدعم مختلف الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية الأكثر ملاءمة لمصالحهم .عندما بدأت الثورات شعر كلا الجانبين بعدم الأمان. حيث خشيت إيران من أن يؤدي فقدان أقرب حليف عربي لها، الرئيس السوري بشار الأسد، إلى قطع خطوط الإمداد التابعة لحزب الله، وإضعاف نفوذها بشكل كبير في بلاد الشام.  كما رأت طهران في صعود تنظيم الدولة (داعش) في عام 2014، والذي جاء على بعد 20 ميلاً من الحدود الإيرانية، طارئاً أمنياً  وطنياً. لكنها بجانب ذلك رأت أيضاً فرصاً لتقويض النظام الإقليمي الحالي لمصلحتها في أماكن مثل البحرين، حيث احتج السكان الشيعة الأغلبية ضد العائلة الحاكمة السنية، وفي اليمن حيث كانت لإيران علاقات ضعيفة نسبياً مع الطائفة الشيعية هناك، ولكنها نظرت إلى عدم الاستقرار والصراع على أنه إضعاف للمملكة العربية السعودية وتشتيت لانتباهها.

السعوديون كانوا يعانون أيضاً بدورهم  من الأحداث الإقليمية؛ فقد هز سقوط الرئيس المصري حسني مبارك على وجه الخصوص الملكية الخليجية، التي رأت  أن الولايات المتحدة تتخلى عن شريك موثوق به، وخشيت من أن يكون دورها هو التالي. ورأت  يد إيران في الكثير من الاضطرابات، وكان السعوديون قلقين بشكل خاص من الأقلية الشيعية في شرقي المملكة العربية السعودية. لكنهم رأوا أيضاً فرصاً، خاصة في سوريا، للإطاحة بحليف إيران الأقرب؛ ممَّا دفع السعودية إلى دعم جماعات المعارضة السنية وتسليحها في وقت مبكر من الصراع.

كانت النتيجة النهائية أنه كان لكل نزاع كبير في الشرق الأوسط تقريباً، في السنوات السبع الماضية، نكهة المنافسة الإيرانية السعودية: الحرب الأهلية السورية، والحرب في اليمن، والمنافسة السياسية الطائفية في العراق والتي أدت في النهاية إلى صعود تنظيم الدولة، والتدخل الذي تقوده السعودية لسحق الاحتجاجات في البحرين، وإعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، وإغلاق السفارة السعودية في طهران لاحقاً (يليها قطع العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية)، اختتاماً بقطع العلاقات مع قطر، والأحداث الأخيرة في لبنان. في معظم هذه الحالات لم يكن التنافس الإيراني السعودي الشرارة الأولى التي أشعلت النار، إلا أن المنافسة السعودية الإيرانية فعلت فعل البنزين الذي تسبب في تفجير هذه الصراعات مراراً، من خلال اختيار الجانبين، واتخاذ خط ثابت، وتوفير المال، والأسلحة، والدعم السياسي، والتدخل عسكرياً في بعض الأحيان. 

توتر الاتفاق النووي

قال أوباما للصحفي في صحيفة” أتلانتك” جيفري غولدبرغ إن إيران والسعودية بحاجة إلى تعلم كيفية “تقاسم الجوار”. ولكن للأسف فشل هذا النهج في الحصول على  رضا أي من الجانبين عن التراجع. اختار أوباما منح الأولوية للبرنامج النووي الإيراني، والذي كان القرار الصحيح. وكان من شأن إيران النووية أن تصعَّد بشكل كبير المنافسة الإقليمية؛ ممَّا يدفع المملكة العربية السعودية إلى الاستجابة المحتملة ببرنامجها النووي. وكان من شأن ذلك أن يخلق منافسة نووية خطيرة بين إسرائيل وإيران؛ ممَّا يجعل التوازن النووي الباكستاني الهندي يبدو مستقراً بالمقارنة. وكان لرغبة  إيران بأن تصبح دولة نووية آثار عالمية على استدامة نظام حظر الانتشار النووي تتجاوز بكثير الشرق الأوسط.

مع ذلك كان بإمكان إدارة أوباما أن تركز على التحدي النووي في الوقت الذي لا تزال تبذل المزيد من الجهود لمواجهة الإجراءات الإيرانية في المنطقة، وخاصة في سوريا حيث كان من الممكن أن تؤدي  سنوات التدخل الأمريكية المحدودة إلى نتيجة مختلفة. يجادل المنتقدون أن أوباما تخلى عن الشرق الأوسط بشكل فعال لإيران لأنه لا يريد أن يعرض الاتفاق النووي للخطر، ورأى أن إيران جهة فاعلة أكثر موثوقية. ولم تكن هذه هي تجربتي عندما عملت على ملف إيران في الحكومة، فأولاً كان أوباما واضحاً جداً حول مخاوفه من التدخل في نزاع جديد في الشرق الأوسط دون نهاية واضحة. ولم يكن لكثير من تردده علاقة بالقلق بشأن تعريض الاتفاق النووي للخطر، ولكن ببساطة من أجل تجنب  المخاطرة، والاقتناع بأن هناك خيارات قليلة. وعلاوة على ذلك قضت أجزاء من البيروقراطية الكثير من الوقت في التفكير في سلوك إيران الإقليمي، ولكن في معظمها لم تصل هذه القضايا إلى  جداول أعمال الاجتماعات رفيعة المستوى؛ لأن الرئيس وفريقه كانوا يركزون على المسألة النووية، وكان من الصعب اختراق هذه المسألة من أجل مسائل أخرى هامة ولكن ثانوية.

في الحكومات العادية ينظر إلى القضايا غير المهمة بما فيه الكفاية بطرق مختلفة، ولكن لأن الجميع يعرفون كيف كان الرئيس يشارك شخصياً في مسألة إيران لم يجرؤ أحد على اتخاذ إجراءات دون موافقة رفيعة المستوى، وكانت النتيجة النهائية أن العديد من هذه الخطط والأفكار وضعت ببساطة على الرف. بالنسبة للرئيس الذي غالباً ما يحب أن يقول: “يمكننا مضغ العلكة والمشي في نفس الوقت”، كان هذا مثالاً على فشل إدارته  في القيام بذلك.

ردت إيران على هذا النهج الأمريكي باستراتيجية خاصة بها ذات مسارين. ففيما يتعلق بالبرنامج النووي، مارست ضبط النفس، وصنعت في نهاية المطاف اتفاقاً مع الولايات المتحدة، مفضلة تلك النتيجة على عقوبات اقتصادية ساحقة وعزلة دولية وإمكانية نشوب نزاع عسكري. ولكن فيما يتعلق الأمر بدعمها الإقليمي للرعايا والوكلاء فقد واصلت المضي قدماً، ووجدت مقاومة نشطة قليلاً. وكانت النتيجة النهائية إيران عدائية في المنطقة، على الرغم من أنها لا تزال تقدِّر المشاركة التي بدأت مع إدارة أوباما.

وعندما يتعلق الأمر بالمملكة العربية السعودية، لم تكن المسألة هي كيفية ردع الخصم التقليدي ومكافحته، ولكن بدلاً من ذلك كيف يمكن تشجيع حليف قديم على ضبط النفس. وهنا أيضاً لم تتمكن إدارة أوباما من التأثير على حساب التفاضل والتكامل السعودي. وكان السعوديون يبدون شكوكاً عميقة في المحادثات النووية، واعتبروا الاتفاق النووي مناورة محتملة من قبل الولايات المتحدة في محور إقليمي شامل بعيداً عن المملكة العربية السعودية باتجاه إيران، واعتبروا أن امتناع  إدارة أوباما عن  الرد على الإجراءات الإقليمية الإيرانية جزء من هذه الاستراتيجية. والأهم من ذلك أن النظام الملكي السعودي ببساطة لم ير العالم كما فعل أوباما الذي رأى طبقات من الرمادي في الشرق الأوسط مدفوعة بعوامل متعددة بما في ذلك الحكم المحلي الهش، ورأوا هم وضعاً أسود وأبيض حيث كانت إيران تهاجم في كل مكان. وبينما كان أوباما يزن المخاطر بشكل صحيح كانوا يرون في ذلك تردداً وضعفاً.

هذا النقص في الثقة في الولايات المتحدة قاد السعوديين للبدء في التصرف بشكل أكثر عدائية من تلقاء أنفسهم نتيجة إحساسهم بانعدام الأمن: فقاموا بتسليح الجماعات في سوريا، والتدخل في البحرين، وكان أبرز ذلك تدخلهم في اليمن. حاولت الولايات المتحدة طمأنة المملكة العربية السعودية من خلال مبيعات الأسلحة الرئيسية، والدعم الجزئي للتدخل السعودي في اليمن، و زيارات رفيعة المستوى مع وفود مثيرة للإعجاب، وعملية شاملة للعمل معاً على قضايا الأمن الإقليمي. ولكن أي من هذا لا يمكنه في نهاية المطاف التغلب على عدم الثقة الأساسية التي شعر بها السعوديون تجاه إدارة أوباما.

ترامب يجعل الأمور أسوأ

أدت إدارة ترامب إلى تفاقم الوضع السيئ بشكل كبير مع إيران؛ ممَّا يعرض للخطر مساهمة إدارة أوباما الأكثر أهمية في الاستقرار الإقليمي من خلال مهاجمة الاتفاق النووي، وإعطاء المملكة العربية السعودية الضوء الأخضر لمتابعة سياسات إقليمية عدوانية.

وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر، ألقى ترامب خطاباً استفزازياً يشير إلى نهج جديد للتصدي لإيران. ولسوء الحظ فإن الإجراء السياسي الوحيد المفيد في صراخ الرئيس كان يشكك في جدوى الصفقة النووية، التي وضعت (على الأقل في المستقبل المنظور) برنامج الأسلحة النووية الإيراني في صندوق. ولكن عدا ذلك لم يطرأ أي تغيير جوهري على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط نتيجة جعجعة الرئيس حول سلوك إيران. وبدلاً من ذلك ركزت إدارة ترامب في سوريا على تنظيم الدولة (داعش)، وتفاوضت مع روسيا حول مناطق خفض التصعيد المحلية التي يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الصراع، ولكنها أثارت قلقاً كبيراً في إسرائيل بأن الولايات المتحدة على وشك تسليم سوريا إلى إيران. وفي العراق أدركت إدارة ترامب أن المواجهة الجديدة الكبرى مع إيران ستعرض القوات الأمريكية للخطر. وبينما تحدثت الإدارة عن الضغط على حزب الله وقطع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، لم نشهد أية إجراءات ذات مغزى منذ عام تقريباً في الإدارة الجديدة.

نتيجة هذه السياسة ظهرت إيران أكثر اتحاداً وعدوانية. خلال إدارة أوباما فإن حجج المتشددين الإيرانيين بأن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها، وأنها قد تنتهك الاتفاق النووي في نهاية المطاف، لم يكن لها صدى يذكر مع الجمهور الإيراني. وهو اليوم موضع توافق الآراء. وترى القيادة الإيرانية أن الحديث  مع الولايات المتحدة صعب، ومن ثم تواصل نهجها العدواني في الشرق الأوسط، وكان آخر ذلك السيطرة بلدة البوكمال الحدودية السورية الشرقية، التي يمكن ربطها بالمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية في العراق لإعطاء إيران مرونة جديدة في نقل موادها لوكلائها عبر سوريا والعراق. وفي الوقت نفسه طرح الإيرانيون هذا الأسبوع سلسلة من التصريحات العلنية التي أعلنت النصر على تنظيم الدولة، واعترفوا بهزيمته، في حين حملوا الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مسؤولية دعم وبناء تنظيم الدولة في المقام الأول .

وفيما يتعلق بالسعوديين فقد قام ترامب وصهره جاريد كوشنر ببناء علاقة ممتازة مع العائلة المالكة السعودية، والأهم من ذلك مع ولي العهد محمد بن سلمان. واعتبر الجانبان أن زيارة الرئيس في أيار/مايو لم تحقق نجاحاً كبيراً. وقد يكون من المثير للكثيرين منا أن هذه العلاقة الوثيقة تقوم على قدرة ترامب على التواصل مع  الحكام الاستبداديين بسهولة أكبر من المسؤولين المنتخبين ديمقراطياً؛ ومع ذلك فإن عمق القرب والثقة يمكن أن يكونا سلعة قيمة إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع استغلال هذا الأمر لتعميق التعاون مع المملكة العربية السعودية على استراتيجية فعالة لمواجهة الإجراءات الإقليمية الإيرانية.

ولكن بدلاً من التأثير إيجابياً على الأعمال السعودية، ما رأيناه حتى الآن هو شيك على بياض من إدارة ترامب إلى سلمان لمتابعة أي سياسة يود. وبعد أسبوعين فقط من زيارة الرئيس في أيار/مايو، أطلقت السعودية حصاراً على قطر أدى إلى تشتيت وتقسيم دول مجلس التعاون الخليجي، وجعلها تنأى عن أولويات الولايات المتحدة الأكثر أهمية مثل إيران وتتنظيم الدولة. وجاءت بعدها خطوة السعودية الأخيرة في لبنان بعد أيام فقط من زيارة كوشنر للمملكة. وفي كلتا الحالتين واصل ترامب دعمه للعمل السعودي، قبل أن يتمكن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، من إيقافه عن ذلك، ولكن الضرر كان قد وقع.

نهج ترامب، مثل أوباما، يؤدي  بكلا الجانبين (السعودية وإيران ) إلى التصرف بطريقة  أكثر عدوانية. السعوديون الآن يثقون ثقة عمياء بإدارة ترامب. أما  الإيرانيون فيرون أنه من المستحيل التعامل مع ترامب، وأن الحل الوحيد هو مواجهة مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

إيجاد أرضية مشتركة

لم يفت الأوان لكي تتحول إدارة ترامب إلى استراتيجية يمكنها إدارة هذا الصراع الإقليمي المتصاعد بشكل أكثر فعالية. فمع إيران يجب أن تتحول إدارة ترامب من سياسة المواجهة الشاملة إلى سياسة تجمع بين الضغط والمشاركة في المنطقة لإعادة تشكيل سلوك إيران. وكان هذا هو النهج الذي اتبعته إدارة أوباما بنجاح في إعادة صياغة حساب التفاضل والتكامل الإيراني بشأن البرنامج النووي.

وهذا يتطلب اتخاذ خطوات تتعارض مع مصالح إيران في المنطقة، واقترانها مع الرسائل الخاصة والعامة لشرح الإجراءات الأمريكية لوضع حدود لنشاط إيران. على سبيل المثال، يجب على الولايات المتحدة أن تمنع بشدة شحنات الأسلحة التي تذهب إلى اليمن أو حتى النظر في تدميرها. وبدلاً من مجرد إعلان هادئ عن المنع كما فعلنا في الماضي، ينبغي بذل جهد واسع الانتشار لفضح سلوك إيران وإحراج طهران. على عكس البيان الصحفي الهادئ للقيادة المركزية الأمريكية  تخيل أن يعقد ماتيس مؤتمراً صحفياً مع الأسلحة الإيرانية المحظورة في الخلفية، وإرسال رسالة واضحة وصارمة. وفي سوريا يجب أن نوضح تماماً أن إيران يجب أن تبقى بعيداً عن حدود إسرائيل في الجنوب الغربي، وأن تكون مستعدة لوضع خط صارم مع الروس، أو حتى الإشارة إلى أننا سوف ندعم التدخل الإسرائيلي إذا لم يتم احترام هذا الخط.

ينبغي أن تقترن هذه الأنواع من الخطوات ذات المغزى برسائل واضحة خاصة إلى إيران تضع الخطوط الحمراء الأمريكية. والهدف من ذلك ليس التصعيد مع إيران، بل خلق ردع فعال ووضع الخطوط التي لا ينبغي على  إيران اجتيازها. وقد نجح  هذا النهج في الماضي مع إيران، عندما سعت على سبيل المثال إلى ممارسة تدريبات عدوانية في مضيق هرمز، أو عندما بدأت في توريد الأسلحة إلى الميليشيات الشيعية في العراق التي وجدت الولايات المتحدة أنها تهدد بشكل خاص قواتها. وفي هاتين الحالتين نجحت رسالة قاسية ذات إجراءات مباشرة تهدف إلى تغيير سلوك إيران؛ لأن إيران تخشى مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة.

ينبغي أن يقترن هذا النهج الأكثر صرامة باستعداد للتفاوض مع إيران. على الأقل يجب أن يسعى تيلرسون إلى إعادة فتح القناة الثنائية المباشرة التي كانت موجودة بين وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف. وكانت هذه القناة حاسمة في التخفيف من حدة أزمة محتملة في يناير/كانون الثاني 2016، عندما دخل زورقا دورية أمريكيان من غير قصد المياه الإيرانية وتم أسرهما. وهي أيضاً قناة حاسمة للتفاوض حول قضايا مثل سوريا والعراق، حيث سيكون رضا إيران ضرورياً في أي تسوية سياسية نهائية تساعد هذه الدول على الاستقرار وتنهي الصراعات فيها.

أما مع السعوديين فيجب على الإدارة الحفاظ على العلاقة الشخصية القوية التي أنشأتها. وينبغي أن تستخدم الخطوات القاسيبة التي تتخذها ضد إيران كوسيلة لطمأنة السعوديين بأنها  تعني ما تقول. لكنها تحتاج أيضاً إلى محاسبة السعودية من خلال توضيح أنه لن يكون هناك شيك مفتوح للمملكة في المنطقة. ويمكننا أن نعمل معاً لمواجهة إيران، وسنؤيد بالتأكيد جدول أعمال الإصلاح الذي يبدو أن سلمان يتبعه. لكننا نتوقع من السعوديين اتخاذ خطوات لتجنب أزمة إنسانية في اليمن من خلال إنهاء الحصار، وأن يكونوا  أكثر مرونة في الدخول في العملية السياسية. ونتوقع منهم أن يتشاوروا معنا قبل اتخاذ خطوات متهورة مثل اختيار المعارك التي لا داعي لها مع قطر، أو زعزعة استقرار لبنان.

لن يكون أي من ذلك سهلاً، والعداوة العميقة والمنافسة الإقليمية بين إيران والمملكة العربية السعودية ستستمر في المستقبل المنظور. ولا يمكن للولايات المتحدة حل هذه المشكلة بمفردها، أو تغيير وجهات نظر كل من الجانبين بالآخر. ولكنها يمكن أن تتبع سياسة تزيد من فعالية إيران، وتعوق السعودية عن اتخاذ إجراءات مزعزعة للاستقرار تضر بالمصالح الأمريكية.

المصدر: فورين بوليسي

الرابط: https://foreignpolicy.com/2017/12/07/heres-how-both-obama-and-trump-stoked-the-saudi-iranian-rivalry/

ضع تعليقاَ