أبريل 27, 2024

الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية: العلاقة بين إيران و تنظيم القاعدة إلى ما أبعد من الانقسام الطائفي

نشر الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية دراسةً نُشرت بتاريخ 14 تموز/يوليو من سنة 2017، سلّط من خلالها الضوء على طبيعة العلاقة بين إيران والقاعدة التي تحكمها التناقضات؛ وذلك بسبب الغموض وعدم الوضوح الذي يكتنفها. وأورد الكاتب أنه منذ فترة طويلة أشارت العديد من التقارير إلى احتمال وجود صلةٍ بين النظام الشيعي في إيران وتنظيم القاعدة. لكن لا يوجد أيّ دليلٍ واضح حول نوع العلاقات فيما بينهما نظراً لاختلاف الفرضيات في هذا الخصوص على نطاق واسع.

وفي هذا السياق، يوافق شهر كانون الثاني/ يناير الماضي مرور سنةٍ على دخول خطة العمل الشاملة المشتركة حول البرنامج النووي الإيراني حيز التنفيذ، وهو اتفاق مبرم بين إيران ومجموعة 5+1، وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا. ويهدف هذا الاتفاق إلى تخلي إيران عن الأسلحة النووية لخلق إطارٍ أمني، ما من شأنه أن يقودها مرةً أخرى نحو مسار التفاوض والحوار مع الغرب، حتى تتمكن من الاندماج في المجتمع الدولي. ومع ذلك لا يزال الخطاب المعادي للغرب يلقى صدىً واسعاً داخل البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن الدعم الذي تقدمه إيران إلى “حزب الله” اللبناني وحماس يعتبر أمراً معلوماً لدى الجميع، ولعل هذا ما جعل الولايات المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي تصنف إيران ضمن قائمة البلدان التي تمول الإرهاب. ووفقاً لأحدث التقارير، استمر دعم إيران للأنشطة الإرهابية في جميع أنحاء العالم إلى غاية سنة 2015. كما تميز هذا العام بمفاوضات إيران بشأن برنامجها النووي، الذي يعد إحدى استراتيجياتها الرئيسية لتحقيق الهيمنة الإقليمية المزعومة.

وباعتبارها أكبر ممثلٍ للمجتمع الشيعي، فهي تطمح بالأساس إلى أن تصبح رائدةً في هذا الشأن، من خلال توسيع نفوذها نحو البلدان ذات الأغلبية الشيعية، على غرار العراق ولبنان. وذلك بهدف الوقوف في وجه سلطة المجتمع السني؛ الأمر الذي سيؤدي إلى وقوع مصادماتٍ مستمرة مع المملكة العربية السعودية.

وفي هذا الصدد، فإن دعم إيران لجماعة “حزب الله” أو حماس يبدو واضحاً. في المقابل، إن تعاون إيران المفترض مع تنظيم القاعدة قد ولّد العديد من التناقضات. بالإضافة إلى ذلك، إن فرضية احتمال وجود صلةٍ بين إيران وتنظيم القاعدة قد عادت من جديد في أوائل سنة 2016، عندما أصدر القاضي “جورج دانيلز” حكماً ضد إيران بدفع مبلغٍ يضاهي ملايين الدولارات لأسر ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وهو ما يؤكد التهمة المباشرة لإيران وحزب الله؛ بسبب الدعم المادي وتقديم موارد مختلفة لعناصر تنظيم القاعدة من أجل شن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر.

وفي سياقٍ متصل، في شهر آذار/مارس من سنة 2016،اتهم القاضي “جورج دانيالز” كلاً من المرشد الأعلى الإيراني “علي الحسيني الخامنئي”
، والرئيس السابق “علي أكبر هاشمي رفسنجاني”، إلى جانب فيلق الحرس الثوري الإيراني، ووزارة الاستخبارات والأمن، جنباً إلى جنب مع حزب الله، بالمساهمة في تمويل ودعم تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية سواءً قبل هجمات 11 من أيلول/سبتمبر أو بعدها.

وفي التقرير الصادر عن الهيئة التي أنشأها الكونغرس الأمريكي للتحقيق في أكبر هجومٍ إرهابي في التاريخ، كانت أول مبادرة من خلال فتح المحاكمة ضد إيران. وزعم التقرير أن العلاقة بين القاعدة وإيران تعود إلى فترة التسعينات في السودان، عندما كان الزعيم السياسي السوداني “حسن الترابي” بصدد تعزيز الاجتماعات التي تزامنت مع وصول بن لادن إلى السودان، حيث حضرت وفودٌ عن العديد من الجماعات بما في ذلك حماس وحزب الله، فضلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية.

في الأثناء، وعلى إثر تنفيذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر بدأت الولايات المتحدة في التدخل في أفغانستان، في حين لاذ العديد من أعضاء تنظيم القاعدة وأقارب زعيم القاعدة “أسامة بن لادن” بالفرار إلى إيران. وتمكنوا من الاستقرار هناك بفضل موافقة السلطات الإيرانية على دخولهم واستقرارهم على أراضيها. فضلاً عن ذلك، تم إرسال وفدٍ إيرانيّ برئاسة الحرس الثوري إلى أفغانستان لضمان رحلةٍ آمنة لعناصر تنظيم القاعدة إلى إيران، بما في ذلك “أسامة بن لادن” و”أيمن الظواهري”. وعند وصولهم قامت إيران بإنشاء مجلس إدارة مسؤولٍ عن تقديم الدعم الاستراتيجي لأعضاء تنظيم القاعدة المستقرين في الباكستان.

في المقابل، جعل الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة تجاه النظام في طهران، إيران تغير نظرتها تجاه هذه المنظمة الإرهابية. وفي سنة 2003، كشفت عدة وثائق أن السلطات الإيرانية قامت بسجن كل أعضاء تنظيم القاعدة وأقارب قادة المنظمة، على الرغم من رفضها مراراً تسليمهم إلى الولايات المتحدة.

وفي العديد من المناسبات، اتهمت وزارة المالية ووزارة الخارجية الأمريكية إيران بالسماح لتنظيم القاعدة بالعمل داخل أراضيها، واتخذت إجراءاتٍ فعالة ضدّ أعضاء تنظيم القاعدة المستقرين في إيران منذ سنة 2009. بالإضافة إلى ذلك تمكنت كلتا الوزارتين من الكشف عن تواطؤ النظام الإيراني، خاصةً من قبل حرس “الباسداران”. وبناءً على ذلك، في سنة 2011 اتهمت الولايات المتحدة إيران بشدة وبطريقةٍ مباشرة؛ لكونها كانت تمثل نقطة عبورٍ حاسمة لتمويل أنشطة تنظيم القاعدة في أفغانستان والباكستان.

وبعد تحليل العلاقة المزعومة التي تربط بين تنظيم القاعدة وجمهورية إيران، يمكن القول إن هذه العلاقة كانت مشابهةً كثيراً لزواج المصلحة، حيث كانت مصدراً لاستفادة كلا الطرفين، لكن انعدام الثقة بينهما كان أمراً لا مفر منه. علاوةً على ذلك، إن كلاً من تنظيم القاعدة وإيران كان لديهما عدوٌّ مشترك، يكمن في الولايات المتحدة وإسرائيل، ليتجاوزا بذلك الصراع الطائفي.

خلال سنة 2004، صرح الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق “أبو مصعب الزرقاوي” أن الشيعة هم مثل “عقبةٍ لا يمكن التغلب عليها”. ومع ذلك فإن براغماتية تنظيم القاعدة لم تكن تنظر إلى الشيعة كأعدائها الأساسيين، وإنما كحلفاء لها يمكنهم التعاون فيما بينهم لطرد الكفار الذين يحتلون أراضي المسلمين.

ومن ثم فإن إيران كانت تنظر إلى هذه العلاقة كأداةٍ ذات وجهين، ففي البداية كانت تنظر إلى تنظيم القاعدة كحليفٍ رئيسي لمحاربة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن في وقتٍ لاحق أصبحت هذه العلاقة بدافع خوف إيران من أي هجومٍ محتمل داخل حدودها من طرف تنظيم القاعدة. كما أن إيواء إيران لعناصر تنظيم القاعدة في أراضيها قد منح إيران فرصةً لتكون العلاقات دائماً في مصلحتها.

وفي الوقت الحالي، لا يُفترض أن يكون هناك أية علاقةٍ بين إيران وتنظيم القاعدة حتى بعد الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الغربية. كما أن الإفراج عن آخر المعتقلين لتنظيم القاعدة في منتصف المفاوضات قد يمثل بادرةً لغلق الحسابات مع المنظمات الإرهابية، على الرغم من أن الظروف الحالية في إيران بإمكانها أن تكون أرضاً خصبة لعودة الإرهاب من جديد إلى البلاد.

المصدر:  الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية

الرابط: http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_opinion/2017/DIEEEO75-2017_Vinculo_Iran_AlQaeda_ADumitrascu.pdf

ضع تعليقاَ