أبريل 27, 2024

ذا نيويورك تايمز: لماذا سمحت الولايات المتحدة لقافلة داعش بالعبور الآمن؟

لحاجة إلى التخفيف عن نفسه خرج أحد الرجال من الحافلة ليلاً في الصحراء السورية. وكانت الحافلة جزءاً من قافلة تحمل 300 مقاتل من الدولة الإسلامية كانوا عالقين منذ أيام، حيث كانت تمنعهم القاذفات الأمريكية من التحرك، كما يمنعهم أيضاً خوفهم على نسائهم وأطفالهم من الصواريخ والمتفجرات.

مشى الرجل مسافة قصيرة بعيداً عن حافلته.. وبدأ بقضاء حاجته، لكن صاروخ هيلفاير الأميركي أنهى هذه النزهة.

حسب إحصائية الجيش الأميركي فإن ٢٠ من مقاتلي الدولة الإسلامية قتلوا هكذا. وقتلهم كان كجائزة ترضية استحقها الأمريكيون بعد انتهائهم هذا الأسبوع من مواجهة استمرت لأسبوعين، لكن خلافاً لما وعدت به أمريكا  من منع مقاتلي داعش بالعبور فقد  تنازلت عن ذلك ومنحت الدولة الإسلامية نصراً تكتيكياً.

المسؤولون الأمريكيون قالوا إن القرار كان بالتراجع نتيجة لموازنة معقدة بين الأولويات، وقالوا إن طبيعة أرض المعركة في سوريا تمثل رقعة شطرنج ثلاثية الأبعاد متعددة اللاعبين، تتغير فيها الاستراتيجات باستمرار، والفرص فيها إما أن تستغل  أو تضيع هباء.

“الحقيقة أن الحرب فوضوية وغير منظمة” هذا ما قاله  توماس جوسلين العضو الكبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن،  وأضاف: “كل هذه الفوضى ممَّن يملك الحق في فعل ما يريد في سوريا”.

 غضب الأميركيون بشأن القافلة منذ بداية الأمر، إذ عقدت الدولة الإسلامية اتفاقاً مع الحكومة السورية وحلفائها من مليشيا حزب الله للسماح بممر آمن لمقاتليها وعائلاتهم، ليعبروا سورية من الحدود اللبنانية في الغرب إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش في شرقي سوريا والعراق. وخلال أيام قطعت الضربات الجوية الأمريكية الطريق أمام القافلة لتوقفها في مسارها، وعد المسؤولون الأمريكيون بأن لا يسمحوا لها بالمرور أو العودة إلى ساحة المعركة. وقال بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئاسة الأمريكية للتحالف ضد داعش: “تحالفنا سوف يساعد على ضمان عدم دخول الإرهابيين إلى العراق أو الهروب ممَّا تبقى من الخلافة المتضائلة”.

 لكن الخط الأميركي في الصحراء مسح بالمكالمة الهاتفية يوم الجمعة الماضية من القاعدة العسكرية الروسية في سوريا إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في بغداد، حيث طلبت روسيا من أميركا إزالة الاستطلاع الجوي من فوق القافلة، والذي يعلم كلا الطرفين أنه سيسمح لها بالتقدم والعبور.

0022

المصدر: مركز IHS Markit حيث تشير الخارطة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش منذ ١١ سبتمبر - أنشئت بواسطة نيويورك تايمز

كان الطلب جزءاً ممَّا يسميه الجيش “التنسيق الجوي” ؛ العملية التي تحول دون وقوع هجوم غير مقصود بين القوات السورية التابعة لروسيا وقوات سورية الديمقراطية التابعة لأمريكا، في حين أن كلتيهما تسعيان لقتال داعش.

 كان التعاون مع روسيا مهماً منذ أن طوقت القوات السورية التابعة لروسيا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا، كلٌّ على حدة، مدينة دير الزور، من مدن نهر الفرات، مع إطلاق كثير من الغارات الجوية من كلا الطرفين على المنطقة.

 علاوة على ذلك تم إيقاف القافلة بالقرب من مدينة السخنة الواقعة على الجانب الروسي من اتفاق “التنسيق الجوي”، أي المناطق المخصصة للطيران الحربي الروسي، والتي يجري العمل بها وفقاً للاتفاق الأميركي الروسي القديم.  ويقول السيد توماس جوسلين:  “إن “اتفاقية “التنسيق الجوي” مفعلة؛ حيث توجد مناطق معينة تمتلك روسيا السيطرة على ما يجري بها من أحداث، وهذه واحدة من تلك المناطق”.

 لم ترد الولايات المتحدة إحباط العملية، بل أرادت أن تعتمد عليها لاحقاً، ووافق الأميركيون على الأمر وتسللت القافلة إلى مناطق سيطرة الدولة الإسلامية مساء الأربعاء، بعد 17 يوماً من خروجهم من الحدود اللبنانية، وتوجهت يوم الثلاثاء  أقصى الجنوب إلى مدينة البوكمال على الحدود العراقية.  وعبر يوم الجمعة، وفقاً لنشطاء المعارضة المناهضة للنظام ووفق المسؤولين العراقيين في المنطقة الحدودية، جزء من القافلة إلى مدينة القائم غربي محافظة الأنبار، والتي هي أيضاً ضمن مناطق سيطرة داعش، مثيرة بذلك غضباً وسط المسؤولين العراقيين.

 بينما تتم الاستجابة للطلب الروسي تتناقص المكاسب العائدة  للولايات المتحدة في المواجهة، ويقول المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده أميركا، ريان ديلون، إن أعداداً كبيرة من مقاتلي الدولة الإسلامية قُتلوا بالفعل، حيث أصبحت الحافلات المنقطعة عرضة للنيران غير المتوقع.

0011

ترحيب مؤيدي حزب الله بأحمد معتوق: المقاتل الذي كان محتجزا عند قوات الدولة الإسلامية في سوريا - وكالة بريسفوتو الأوروبية

 وقد حاولت الدولة الاسلامية إرسال منقذين، لكن الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار المسلحة كانت تلتقطهم بسهولة، فتكنولوجيا الرؤيا الليلية جعلت حتى الحمامات أماكن محفوفة بالمخاطر. وبحسب الكولونيل ديلون دمرت الضربات الجوية الأمريكية، بالمحصلة، 40 سيارة إنقاذ، وقتلت 85 من المقاتلين؛ بعضهم من القافلة وبعضهم من المنقذين.

 ووفقاً لمواجهة استمرت من أيام لأسابيع. فقد كان الجيش الأميركي قلقاً من الإشهار الإعلامي  لمأساة المدنيين في الحافلات العالقة، ورغم  وصول الطعام والشراب للقافلة لكن درجات الحرارة كانت عالية في تلك المناطق الصحراوية، وبحسب مسؤول كبير في حزب الله في سوريا فإن ثلاثة أطفال قد ولدوا في هذه الحافلات.

ويقول الكولونيل ديلون إن هذا لم يكن السبب الرئيسي للانسحاب لكنه كان عاملاً مؤثراً في ذلك، فطيلة المواجهة كان ما يعيق الأمريكيين وجود أعداد كبيرة من المدنيين يتجاوز عددهم 300 بحسب ما يقوله حزب الله، وإذا اتخذ المقاتلون هؤلاء المدنيين دروعاً بشرية فإن الاستراتيجية هذه قد أثبتت فاعليتها.

 حزب الله والحكومة السورية أيضاً كانا قلقين من عبور القافلة.  بالنسبة لسوريا فقد كان الإعلام الحكومي يحظر الأخبار المتعلقة بالقافلة، فمن المربك له أن يرى القافلة عالقة في منتصف دولته. وعلق الكثير من الموالين للحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي كأي حدث عابر.  أما حلفاء حزب الله وأنصار إيران فأرادوا من الدولة الإسلامية الإفراج عن السجناء وتسليم جثث القتلى، وفي النتيجة يقول المسؤول الكبير في حزب الله إن الحكومة السورية وإيران ضغطتا على روسيا لتغلق الملف مع الأمريكيين.

 يقول السيد  جوسلين: “هذا هو الاتفاق لخروج مقاتلي الدولة الإسلامية من مناطق الحدود اللبنانية”، ويضيف: “الحقيقة هي أنه حتى القوات التابعة للولايات المتحدة عقدت نفس الاتفاق. حلفاء الروس؛ إيران ونظام الأسد وحزب الله كلهم عقدوا نفس الاتفاق، ومن المحتمل أنهم التزموا به حتى يتمكنوا من عقد اتفاقات أخرى في المستقبل”.

 ولأن القافلة وصلت إلى منتصف وادي نهر الفرات فإن المعركة لحقتها إلى هناك. ووفقاً لما ذكره الجيش فإن القوات الجوية الأمريكية قتلت اثنين من كبار قادة الدولة الإسلامية خلال الأسبوع الماضي،  ويقول الكولونيل ديلون إن الضربات الجوية قتلت الثلاثاء الماضي قائداً كبيراً في الدولة الإسلامية، ودمرت مخابئ أسلحة وأهدافاً أخرى في مدينتي الميادين والبوكمال.

 وفي مدينة القائم على الجانب العراقي من الحدود اتصل السكان عبر الهاتف، وأخبروا أن مقاتلي داعش بدؤوا بالانتشار ضمن المدينة آخذين المنازل الفارغة ليقيموا فيها. وقال أحد السكان: “سمعنا أنهم جاؤوا من الاتفاق الذي وقع مع حزب الله”، معطياً اسم عشيرته فقط “السلماني”؛ خوفاً من انتقام مقاتلي داعش.

الصحيفة: ذا نيويورك تايمز

الرابط: https://www.nytimes.com/2017/09/15/world/middleeast/syria-isis-convoy-us.html

 

ضع تعليقاَ