أبريل 27, 2024

ذا أتلانتيك: اتفاقية ترامب الخطيرة في سوريا وتكاليف التعاون مع موسكو

يعد الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا حول وقف إطلاق النار في جنوبي غربي سوريا، والذي أشاد به الرئيس ترامب كأحد الإنجازات الرئيسية للاجتماع الثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ، بمثابة اختبارٍ مبكرٍ لاستعداد روسيا للعمل مع إدارة ترامب في سوريا. ولسوء الحظ فإن الاتفاق يطرح العديد من الأسئلة حول التنفيذ، وبالحكم على تجارب سابقة فمن المرجح أن يساء استخدامه من قبل روسيا لمساعدة نظام الأسد على توطيد سُلطته. وهو مجرد مؤشرٍ إضافيٍ على الطريقة التي التهم بها بوتين حصة ترامب في قمة مجموعة العشرين، مثله مثل الاتفاق على وحدة الأمن السيبراني التعاونية.

رسمياً فإن اتفاق وقف إطلاق النار هو بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، وينطبق على جزءٍ من جنوبي غربي سوريا بالقرب من الحدود الأردنية والإسرائيلية. وتفيد التقارير بأن مناطق “آمنة” مفصولة جغرافياً عن المليشيات غير السورية (التي يفترض أنها تعني حزب الله وقوة القدس الإيرانية، على الرغم من أنه من غير الواضح إن كانت هذه الجماعات قد ذُكرت بالاسم)، وكذلك تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. والمشكلة في الاتفاق تتعلق بتنفيذ هذه “المناطق الآمنة”؛ فمن يحدد ما المجموعات التي ستدخل أو تخرج منها؟ وإذا اندلع العنف من الذي سيفرض العودة إلى وقف إطلاق النار؟ فاثنان من أكبر المفسدين المحتملين، وهما إيران وحزب الله، ليسا طرفين في الصفقة، ومع ذلك فهما أقرب حلفاء روسيا في إسناد نظام الأسد، وقد شنّوا حملةً دمويةً ضد المعارضة السورية على مدى سنوات بالتنسيق مع الأسد. والنتيجة هي صفقة يمكن أن تترك (الثعلب) روسيا في هذه الحالة يحرس (بيت الدجاج) كما يقول المثل.

وقد صرح وزير الخارجية الروسي لافروف بأن روسيا والولايات المتحدة والأردن ستشارك في تطبيق الاتفاق. مع ذلك يركز البنتاغون على العمليات في الموصل و الرقة على بعد مئات الأميال، وبالتأكيد سيرى القادة على الأرض أن وجود القوات الأمريكية في جنوبي غربي سوريا تحولٌ مكلفٌ وغير ضروريٍ للقوى الفاعلة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ونظراً لمحدودية المساعدات الذكية في المراقبة والاستطلاع في المنطقة، فمن غير المرجح أن تُسر القيادة المركزية الأمريكية بتحويل منصات طائرات الاستطلاع لمراقبة وقف إطلاق النار. وحتى إذا ما حلقت طائرات الاستطلاع الأمريكية أو الأردنية، فهل سيكون بمقدورها التمييز بين حزب الله أو المليشيات الشيعية التي تتنكر على هيئة مجموعات أخرى؟ كل هذا بالإضافة إلى أن إحجام الأردن عن الذهاب إلى ما وراء الحدود يعني على الأرجح أن اتفاق وقف إطلاق النار بين ترامب وبوتين سيسلم روسيا مفاتيح جنوبي غربي سوريا.

كما قال لافروف أيضاً إن الشرطة العسكرية الروسية، وهي القوة الحليفة للأسد وإيران وحزب الله، ستكون مسؤولةً عن تحديد من يستطيع الدخول إلى منطقة وقف إطلاق النار، وما المساعدات الإنسانية المسموح بها. (تذكّر أنه في أوكرانيا قامت روسيا بتقديم السلاح سراً لعملائها تحت ستار “المساعدات الإنسانية” للسكان المحليين). كما ذكرت التقارير أن الاتفاقية تعطي روسيا الحق لاستخدام القوة ضد مجموعات تعتقد أنها عدائية كالقاعدة، في منطقة وقف إطلاق النار. لا تفهموني خطأً؛ القضاء على القاعدة هدف جيد، لكن المشكلة هنا هي أن لدى روسيا سجلاً طويلاً في الإشارة إلى كل مجموعة معارضة معتدلةٍ في سوريا على أنها فرعٌ لتنظيم القاعدة.

بالذهاب إلى لقاء مجموعة العشرين فإن بوتين يعلم طبعاً أن ترامب سيكون متلهفاً لإحراز تقدمٍ في سوريا. وبموافقته على اتفاقٍ قبل أن يكون لدى الخبراء المفاوضين الفرصة لتطوير آلية مراقبةٍ وتنفيذٍ صلبةٍ، وربما يشمل مجموعات معارضة على الأرض، فيبدو أنه قد تم توريط ترامب في اتفاقٍ معيب. فدون مراقبةٍ وتنفيذٍ موثوقَين فإن المليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً وحزب الله ستبدأ بالتسلل بهدوءٍ إلى جنوبي غربي سوريا؛ لتثبيت نظام الأسد وأصدقائه الإيرانيين لتعزيز السيطرة على المناطق الحدودية بالقرب من إسرائيل ولبنان. قد تصبح هذه لعبةً استراتيجية رئيسية. وقد تكون السيطرة المحتملة الإيرانية طويلة الأمد بالقرب من مرتفعات الجولان السبب الرئيسي في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقف بشدةٍ ضد الاتفاق، على الرغم من أن التقارير ذكرت أنه قد تمت استشارته مسبقاً.

إن حجة ترامب بأن وقف إطلاق النار ينقذ الأرواح، حتى لو مؤقتاً، حجةٌ قوية. ولكن حتى لو انخفض عدد القتلى في “المناطق الآمنة” في جنوبي غربي البلاد، فإن قوات النظام التي أعطاها الاتفاق الحرية تقوم فعلياً بإطلاق هجمات في أماكن أخرى، مثل الهجوم الجديد ضد قوات المعارضة في الغوطة الشرقية.

يبدو أن جذر المشكلة هنا أن ترامب يعتقد أنه إذا تمكن فقط من الحديث مباشرةً مع الزعيم الروسي حول ما هي المصالح المشتركة ظاهرياً، مثل دحر التطرف في سوريا، فسوف ينجح حيث فشل الآخرون. لكن روسيا لا تقاتل التطرف في سوريا حقاً، بل إنها تفاقمه في الواقع من خلال الاصطفاف مع الأسد وحزب الله وإيران ضد مجموعة من الجماعات السنية؛ بعضهم معتدلون وبعضهم الآخر من المتطرفين. ورغم أن روسيا لديها مصلحة موضوعية في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن لها أهدافاً مقاربة أخرى على المدى القريب هي تعزيز سلطة الأسد على المعارضة؛ لإجبار المجتمع الدولي والولايات المتحدة على التقيد بشروط روسيا لتشكيل المستقبل السياسي لسوريا، وبناء نفوذها في المنطقة.

إن أفضل ما يمكن عمله الآن هو تدارك عيوب مراقبة وتنفيذ وقف إطلاق النار بضمان أن يكون للجماعات المعارضة على الأرض دورٌ، فضلاً عن الشرطة العسكرية الروسية.

المصدر: ذا أتلانتك

الرابط: https://www.theatlantic.com/international/archive/2017/07/trumps-ceasefire-may-hand-russia-the-keys-to-southwestern-syria/534912/

الكاتب: مايكل كاربنتر

ضع تعليقاَ