أبريل 29, 2024

رؤية “بايدن” للسياسة الأمريكية الداخلية والخارجية

Biden

أبرز ما سترتكزُ عليه سياسته الداخلية والخارجية عندما يبدأ بمهامه كرئيس للولايات المتحدة

إعداد وترجمة: جلال خَشِّيبْ

هذا الملخص منقول عن: مركز دراسات الإسلام والشؤون العالميةالبوصلة الجيوبوليتيكيةالعدد 15 – آذار/مارس 2020

هذا ملخص لمقال مهم كتبه “جوزيف بايدن” في بداية عام 2020 ونشر في موقع مجلة الشؤون الخارجية في عدد مارس/أبريل 2020، يعرض بايدن في هذا المقال تصوّره لأبرز ما سترتكزُ عليه سياسته الداخلية والخارجية إذا ما فاز بمنصب الرئاسة، مُحاججا بضرورة أن تستعيد الولايات المتحدة دورها القيادي على الساحة العالمية والتخلّص فوراً من تركة ترامب السلبية.

لما يجب على أمريكا أن تقود مُجدّداً؟
إنقاذ السياسة الخارجية الأمريكية ما بعد ترامب

جوزيف بايدن، مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affairs)، مارس/أبريل 2020

 يرى بايدن بأنّ إدارة ترامب تسبّبت في إضعاف مصداقية ونفوذ الولايات المتحدة عبر العالم، والأخطر من ذلك هو إبتعاد ترامب عن القيم الديمقراطية التّي تمنح القوة لأمريكا وتجعل شعبها موحّدا.

ومع التحدّيات الجديدة التّي يعيشها العالم على غرار تحدّي المناخ، صعود الشعبويات والنزعة القومية، تنامي الهجرة وانتشار الأمراض الفتّاكة، فضلاً عن صعود الاستبداد والأنظمة غير الليبرالية عبر العالم، تراجعت ثقة شعوب العالم في الديمقراطية وتنامى هوس الخوف من الآخر، وكلّها كانت عوامل في خدمة ترامب وأمثاله من الديماغوجيين في سعيتهم لتحقيق مصالحهم السياسية والشخصية الضيقة. لذا، فعلى الرئيس القادم أن يسترجع سُمعة الولايات المتحدة، مصدقتيها وثقة العالم في قيادتها وأن يحشد الحلفاء لمواجهة هذه التحديات الجديدة فورا.

يشرح بايدن رؤيته لو فاز بمنصب الرئاسة عبر ثلاث أقسام أساسية. يتعلّق القسم الأول بما يُسميه “ضرورة تجديد الديمقراطية داخل الديار”، وفيه يؤكّد أنّ على الولايات المتحدة أن تُصلح وتُنشِّط ديمقراطيتها وتقوّي إئتلاف الديمقراطيات عبر العالم وأن تُظهر إستعدادها لقيادة العالم مرّة أخرى “لا عبر مِثال قوتّها وحسب بل عبر قوّة المثال الذّي تضربه أيضا”.

لذا، يَعِدُ بايدن بأن يتخّذ تدابيراً فوريةً لأجل تفعيل ذلك على غرار وضع حدّ لسياسات ترامب القاسية المتعلّقة باللجوء وتحديد عدد القبول السنوي للاجئين ب 125 ألفا والسعي إلى رفعه مع الوقت بما يتناسب “ومسؤولياتنا وقيمنا”، حلّ مشكلة اللاجئين إلى الولايات المتحدة من الجذور عبر إستراتيجية شاملة مدّتها أربعة سنوات تتطلّب من دول أمريكا اللاتينية المساهمة بمواردها الخاصة وإجراء إصلاحات بنيوية ملموسة داخليا مع مساعدتها بما قيمته 4 مليار دولار، التأكيد على حظر التعذيب والحرص على الشفافية في العمليات العسكرية الأمريكية، العمل على محاربة الفساد المالي ومنع تدخّل الرعايا والحكومات الأجنبية في الإنتخابات الأمريكية عن طريق إنشاء لجنة أخلاقية تُكرّس الشفافية وتسّد الثغرات التّي “تفسد ديمقراطيتنا”.

 وبعد اتخاذ إجراءات داخلية أوليّة يعتزم بايدن إستضافة قمّة عالمية للديمقراطية لتجديد روح الأمم المتحدة وتعزيز الديمقراطية عبر العالم.

أمّا القسم الثاني فيُخصّصه بايدن للحديث عن الأمن الاقتصادي للولايات المتحدة باعتباره مرادفاً للأمن القومي مُركّزاً على الطبقة الوسطى في المجتمع، إذ يرى بأنّ “سياستنا التجارية” تبدأ داخل الديار أولاً “من خلال تعزيز أعظم رصيدٍ لنا أي طبقتنا الوسطى”، والتأكّد من أنّ كلّ شخص يمكنه المشاركة في نجاح البلد وهذا ما يتطلّب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتعليم، إذ يعتزم بايدن مثلاً رفع الحدّ الأدنى من الأجور إلى 15 دولارا في الساعة وقيادة ثورة في الإقتصاد النظيف لخلق عشرة ملايين وظيفة جديدة في الولايات المتحدة.

 إضافةً إلى عزمه على الإستثمار الضخم في البحث والتطوير إلى أن تتولّى الولايات المتحدة قيادة الإبتكار، فليس هناك “أيّ عذرٍ يجعلنا نتخلّف عن الصين وغيرها فيما يتعلّق بالطاقة النظيفة، الذكاء الإصطناعي أو 5G مثلا”.

يرى بايدن أيضاً بضرورة إزالة الحواجز الجمركية ومقاومة النزعة الحمائية في العالم، كما يؤكّد “بأنّنا لن نبرم أيّ إتفاقيات تجارية جديدة حتّى نستثمر في الأمريكيين ونُجهزّهم للنجاح في الاقتصاد العالمي”.

 في القسم الثالث للمقال يُقدّم بايدن تصوّره الشامل لما ينبغي أن تكون عليه سياسة واشنطن الخارجية، ويرى بأنّ إدارة ترامب جعلت الولايات المتحدة تتنازل عن دورها القيادي العالمي الذّي باشرته منذ سبعين سنة، وإذا واصلت تنازلها عن هذه المسؤولية فسيحدث أحد الأمرين، “إمّا أن يحلّ طرفٌ آخر مكان الولايات المتحدة بطريقة لن تعزّز المصالح والقيم الأمريكية، أو لن يفعلها أحد وستعّم الفوضى حينها، وكلتا الحالتين لا تعدان أمراً جيّداً لأمريكا”.

يعترف بايدن بأنّ الولايات المتحدة ارتكبت في الماضي أخطاءً كثيرة وأهمّها كان اعتمادها على قوة جيشها بدلاً من الإعتماد على مجموعة كاملة من نقاط القوة لديها، فضلاً عن إهمالها للدور الفعّال للدبلوماسية. ومن الأمور التّي يرى ضرورة مباشرتها هي إنهاء الحروب إلى الأبد وإعادة الأغلبية العظمى من القوات الأمريكية إلى الديار والاكتفاء باستخدام بضع مئات من القوات الخاصّة والأصول الإستخباراتية لدعم الحلفاء المحلّيين ضدّ الأعداء المشتركين، كما يرى بضرورة إنهاء الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن والإلتزام الصارم بأمن إسرائيل.

من القضايا المؤكّدة طبعاً هي إستعادة ثقة حلفاء أمريكا التقليديين وتعزيز العمل المشترك ضدّ التحدّيات التّي تفرضها القوى غير الليبرالية لروسيا-بوتين والصين وغيرهما من الدكتاتوريات الصاعدة وذلك عبر توسيع شبكة الأصدقاء الديمقراطيين في أمريكا اللاتينية، إفريقيا وشرق آسيا.

علاوة على ذلك فهو يرى بضرورة قيادة الولايات المتحدة لجهود الحدّ من الانبعاث الغازي عبر دفع الدول للالتزام بالاتفاقيات الدولية على غرار الصين (أكبر مصدر لانبعاث الكربون في العالم)، ومن خلال انضمام الولايات المتحدة لاتفاقية باريس للمناخ، كما يرى بضرورة عودة الولايات المتحدة للصفقة التّي أبرمتها مع إيران بخصوص ملفها النووي أيّام أوباما ودفعها للإلتزام بها عبر تفعيل آلية الدبلوماسية والضغط عليها مع الحلفاء.

خلاصة القول، على الولايات المتحدة أن تُسخّر مرّة أخرى القوة الليبرالية العابرة للحدود والقارّات وحشد العالم لمواجهة التحدّيات الجديدة بل وقيادة هذا العالم، نظراً لعدم وجود أيّ دولة أخرى لديها هذه القدرة أو تحمل هذه الفكرة المدافعة عن الحرّية والديمقراطية عبر العالم.

ضع تعليقاَ

1 comment