طالب الدغيم
شكلت مرحلة الكولونيالية (الاستعمار الإيطالي 1911-1942) تحدياً واختباراً أمام شبكة الولاءات القبلية والسياسية والدينية والاثنية في المجتمع الليبي، وساهمت تفاعلات تلك المرحلة في انبعاث هوية وطنية بين الليبيين في بدايات نشوء الدولة وخروج المستعمر الأجنبي بين مناطق برقة وطرابلس وفزان.
تعرف الهُويَّة الوطنية على أنها نتاجٌ اجتماعي وثقافيٌ، تُمثل علاقةً متكاملةً تُعّطي المواطنين شعوراً بأنهم مرتبطين ببعضهم بروابطَ تتجاوزُ الانتماءات إلى روابطَ جامعة، ومن هنا، فإننا سَنجدُ في ليبيا نَوعاً من الخصوصية الاجتماعية التاريخية؛ إذ تحولت ليبيا من أرضٍ لا هُويةَ واضحة لأبنائها إلى وطنٍ واحد له اسمٌ وكيان سياسي واجتماعي وثقافي على الخارطةِ العالمية.
وبناء على ذلك، تُحاول هذه الدراسة أن تجيب عن أسئلة مرتبطة بمراحل تكون الهوية في الحالة الليبية، وتتناولُ العوامل السوسيولوجية والاقتصادية والاثنية والمجالية باعتبارها الطريق الذي يُمكّننا من معرفةِ جذور الدولة الليبية في الفترة الحديثة. وما هو الدور التأسيسي العثماني ثم الاستعمار الإيطالي لليبيا، في نشوء الهوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية. لمعرفة آثار تلك المرحلة على الواقع الليبي الراهن خصوصاً بعد ثورة السابع عشر من فبراير 2011. وهل حقاً تشكلت تلك الهوية الوطنية من الأساس!
تمتاز هذه الدراسة في اعتمادها على المادة المصدرية التي تعود لأشخاص عاصروا الأحداث من كُتَّابٍ وشُعراءَ وسياسيين وعسكريين عَرب وأجانب. وقد واجهت الدراسة صعوبات في مراحل إعدادها؛ بسبب تشعُّبِ الأفكار وافتقار المصادر التاريخية لمعالم واضحة تُمكّنُ من معرفة آليات نشوء الهوية الوطنية الليبية زمن الاستعمار. وعلى الرغم من ذلك، فقد وجدّتُ بأن هناك أهمية للإجابة عن التساؤلات المرتبطة بالأُسس التي شكَّلت الكيانَ الوطني في ليبيا، ورصد التأثيرات الكولونيالية في المجتمع الليبي وبناء الهُوية الوطنية الجامعة في ليبيا؟
تنقسم الدراسة إلى مبحثين؛ يتناول المبحث الأول دراسة البيئة الاجتماعية والثقافية والبدايات الأولى لنشوء الإصلاح السياسي ومقدمات التغلغل الإيطالي في ليبيا. أما المبحث الثاني يتناول مرحلة الاستعمار وتأثيراتها في نشوء هوية وطنية وكيان دولتي لليبيا.
بحث مهم،شكرا لكم.