مايو 5, 2024

معركة عض (الاقتصاد) في الحرب الأوكرانية: من الذي يتألم فعلاً ؟

إلى أين تتجه معركة عض الأصابع في الحرب الأوكرانية

هناك تطورات مهمة دخلها الصراع في سياق معركة عض الأصابع -أو الاقتصاد بمعنى أدق- التي بدأت قبل فترة:

أصبح واضحاً أكثر من ذي قبل أن الولايات المتحدة في منأى عن التبعات السلبية لهذا الصراع الى حد كبير ومعظم الثغرات التي كان يجري الحديث عنها والتي كان من المفترض أن تتسبب بأزمة من نوع ما في الولايات المتحدة بات جلياً أن الولايات المتحدة كانت مستعدة لها وزيادة، مثل التعويل على الدور الصيني وقدرة الصين على تضعيف خاصرة الولايات المتحدة إلى التحركات الخليجية إلى الضغوطات الأوروبية وغيرها من الأمور التي كانت تطرح باعتبارها مسارات يمكن أن تضعف موقف الولايات المتحدة، كلها لم تؤثر فعليا في موقف الولايات المتحدة ولا في أوضاعها السياسية ولا الخارجية، وهاهي الولايات المتحدة تنتهي من انتخاباتها النصفية دون أثر يذكر للحرب على الأوضاع الداخلية السياسية، كما يجري تجاوز الأثر الاقتصادي بسرعة حيث بدأت الولايات المتحدة تحقق ارقاماً إيجابية بخصوص التضخم وبدأت العديد من المؤشرات السلبية للاقتصاد تتغير.

في المقابل وبلغة الأرقام فقد بدأت تظهر آثار سلبية ليست بالهينة على الاقتصاد الروسي، حيث سجلت روسيا مؤخراً، معدلات نمو منخفضة جداً كما دخلت في حالة ركود اقتصادي، وهناك تحركات ميدانية غير مفهومة الأبعاد مؤخراً ولكن -ظاهرها على الأقل- أنها مؤشرات سلبية، مثل الانسحاب من مدن ومناطق سبق وأعلنتها روسيا مناطق تابعة لها، كما سجلت مبيعات روسيا من الطاقة واحدة من أدنى مستوياتها منذ عقود، وبالرغم من الاتفاقيات الثنائية مع الصين والتلويح بامكانية تعويض حصة الأوروبيين أو جزء كبير منها، إلا أن الصين مستمرة في إرسال اشارات الركود والحد من الاستهلاك للطاقة، ويبدو أنها تفضل اللعب مع الولايات المتحدة على معادلة أسعار الطاقة و التضخم والركود بدلاً من التخندق إلى جانب روسيا بدرجة تحدث فيها تأثيراً فعلياً على ميزان الحرب.

بالنسبة للأوروبيين ورغم أن الشتاء لا يزال في بدايته ولكن تشير التقارير الأولية والمعلومات إلى أن الأوروبيين باتوا مستعدين جيداً لهذا الشتاء وأن مخزونهم من الطاقة وبعض الخطط التي تم تفعيلها لتوفير الطاقة البديلة ستؤتي ثمارها لهذا العام ولن تعاني أوروبا من مشكلة فعلية لدرجة أن تتنازل في شيء للروس،

هذه المعطيات تؤكد أكثر على سيناريو استمرار الصراع وطول أمده، وترسيخ معادلاته على الأرض كونه يشكل حالة استنزاف فعلية للروس وإشغال عن عدد من الملفات ويضعهم في حالة عداء مع معظم دول العالم، كما يعيد تشكيل خرائط الطاقة لصالح الولايات المتحدة، وهذا يؤكد حقيقة أخرى مهمة، يتم تأكيدها كل يوم تقريباً، أوكرانيا هي الأخرى تدفع ثمناً باهضاً ولا أحد يمكنه أن يجزم إن كانت ستحصل على مقابل مناسب لهذا الثمن الذي تدفعه، كل يوم تستمر فيه هذه الحرب فإن أوكرانيا تحارب نيابة عن كل الأطراف الأخرى التي لا تريد أن تصلها الحرب.

أيضا هذه المعطيات تنبيء أنه ومع استمرار الصراع وتعقده وتحوله أو تأكد تحوله من مستجد طارئ إلى حالة أصيلة في المشهد الدولي، فسيتم الدفع أكثر باتجاه تفكيك عوامل ومعطيات هذا الصراع وعزل ما يمكن عزله عن تبعاته، وهو ما يعني مزيداً من العمل على تمرير اتفاقات مثل اتفاقات الحبوب والغاز وغيرها، وهذه بطبيعة الحال مساحة فاعلية لدول معينة في مقدمتها تركيا.

ضع تعليقاَ