أبريل 29, 2024

التَّأْثيرات الاقْتِصاديّة لِفَوْز بايدن على مِنْطَقة الشَّرْق الأَوْسَطِ

01

تحليل مقتضب حول تَأْثير فوز بايدن على اقْتِصاد الشَّرْق الأَوْسَط

يحيى السيد عمر: باحث في الاقتصاد السياسي

تُعْتَبَر الانْتِخابات الأَمْريكيّة الأَهمّ في العالَم على الإِطْلاق، وسَبَب هذه الأهمّيّة القُوَى الاقْتِصاديّة والسّياسيّة والعَسْكريّة الكُبْرَى للوِلايات المُتَّحِدة، ولهذا السَّبَب فإنّ تَغيُّر رئيسها من شَأْنِه التَّأْثير على مُجْمَل دُوَل العالَم، وذلك لاخْتِلاف السّياسات الاقْتِصاديّة الَّتي يَتَّبِعها كُلّ رَئيس أَمْريكيّ، وحاليًّا التَّساؤُل الأَبْرَز ما هو تَأْثير فوز بايدن على اقْتِصاد الشَّرْق الأَوْسَط.

 البَرْنامَج الانْتِخابي لبايدن لا يتَضَمَّن تَفاصيل واضِحة حَوْل اقْتِصاد مِنْطَقة الشَّرْق الأَوْسَط، إلّا ومن خِلال ارْتِباط السّياسة بالاقْتِصاد، من خِلال الاقْتِصاد السّياسي يُمْكِن قِراءة الخُطُوط العامّة للتَّغَيُّرات الاقْتِصاديّة في الشَّرْق الأَوْسَط، كما أنّ التَّداخُل الاقْتِصاديّ والسّياسيّ في المِنْطَقة والعالَم من شَأْنِه نَقْل التَّأْثير إلى مِنْطَقة الشَّرْق الأَوْسَط.

 من أَبْرَز التَّأْثيرات الاقْتِصاديّة لِفَوْز بايدن هو التَّغَيُّر في أَسْعار النِّفْط، والَّذي سَيُؤَثِّر على عُمُوم دُوَل المِنْطَقة مُنْتِجين ومُسْتَهْلِكين، فمن المُتَوَقَّع تَراجُع أَسْعار النِّفْط على المَدَى المُتَوَسِّط وذلك استِنادًا لمَيْل بايدن لتَخْفيف العُقُوبات على إيران وفنزويلا، مِمّا يَعْني عَوْدة خَمْسة مَلايين بِرْميل إلى السُّوق، مِمّا سيُخَفِّض الأَسْعار نَتيجة زيادة العَرْض لا سيَّما أنّ الطَّلَب بطَبيعة الحال مُتَدَنٍّ.

انْخِفاض سِعْر النِّفْط سيُؤثِّر سَلْبًا على اقْتِصاد الدُّوَل الخَليجيّة الَّتي تُعتبَر من أَبْرَز المُنْتِجين العالَميّين، لا سيَّما أَنَّها تَعْتَمِد بِنِسْبة كَبيرة على عَوائِد النِّفْط في تَمْويل مُوازَناتِها السَّنَويّة، وسَيُؤَثِّر هذا الانْخِفاض إيجابًا على الدُّوَل المُسْتَوْرِدة لَه في المِنْطَقةِ.

 الاقْتِصاد الإيراني هو الآخَر مُرَشَّح لأَنْ يَشْهَد بَعْض الانْتِعاش إذا أبدى بايدن ميلاً للتفاوض بشأن الاتِّفاق النَّوَوي مع إيران والَّذي من شَأْنِه خَفْض حِدّة العُقُوبات الاقْتِصاديّة الخانِقة على الاقْتِصاد الإيرانيّ، إِلّا أَنّ هذا الأَمْر مَرْهُون برَدّة الفِعْل الإيرانيّة لا سيَّما في حال اشْتِراطِها رَفْع جَميع العُقُوبات قَبْل العَوْدة لِطاوِلة المُفاوَضاتِ.

الاقْتِصاد التُّرْكي قَد يَشْهَد زيادة في الضُّغُوط الاقْتِصاديّة لا سيَّما في حال قَرَّرَت حُكُومة بايدن فَرْض المَزيد من العُقُوبات على تُرْكيا، كما أنّ مَيْل بايدن لدَعْم القَضيّة الكُرْديّة قَد يُوَتِّر العَلاقات مع القيادة السّياسيّة التُّرْكيّة، وفي حال تَمّ فَرْض عُقُوبات جَديدة فمن المُرَجَّح أَن تَتَأَثَّر اللّيرة التُّرْكيّة سَلْبًا وأَنْ يَشْهَد الاقْتِصاد التُّرْكيّ تَراجُعًا على المَدَى المُتَوَسِّطِ.

 اقْتِصاد النِّظام السُّوريّ قد لا يَشْهَد تَغْييرات جَوْهَريّة في ظِلّ حُكُومة بايدن، فمن المُتَوَقَّع أَنْ تَستمِرّ العُقُوبات الأَمْريكيّة على النِّظام السُّوري، ومن المُحْتَمَل أَن تَتَصاعَد وتيرة الضُّغُوط الاقْتِصاديّة الأَمْريكيّة، لا سيَّما في حال عَدَم وُجُود لُيُونة لَدَى قيادة النِّظام السُّوري للدُّخُول في حَلّ سياسيّ للأَزْمة السُّوريّةِ.

 دُوَل مَجْلِس التَّعاوُن الخَليجي لا سيَّما السُّعُوديّة قَد تَشْهَد ضُغُوطًا اقْتِصاديّة أو على الأَقَل رَفْع الدَّعْم السّياسي عنها والَّذي سَيَنْعَكِس على الجانِب الاقْتِصادي، فبايدن يُبْدي ميلا لإِنْهاء حَرْب اليَمَن، وذلك من خِلال الضَّغْط على السُّعُوديّة أو على الأَقَل رَفْع الغِطاء السّياسي عنها في هذا الشَّأْنِ.

إِنّ تَأَثُّر الاقْتِصاد العالَمي بأَكْمَلِه بِتَغَيُّر رَئيس دَوْلة ما يَدُلّ وبِشَكْل واضِح على الخَلَل البُنْيَويّ في النِّظام السّياسيّ العالَميّ وبالتّالي الاقْتِصاديّ، كما أنّ هذا الواقِع يُظْهِر هَشاشة المَعايير الدّيمُقْراطيّة والعَدالة الاجْتِماعيّة والسّياسيّة في العالَم، كَما أَنّ هذا الواقِع من شَأْنِه تَقْويض الاسْتِقْرار العالَميّ اقْتِصاديًّا وسياسيًّا.

ضع تعليقاَ