تتناول هذه الورقة رؤية تركيا لنظام دولي مختلف بعد أزمة فيروس كورونا الذي بدأ في التفشي عالميا منذ شهر مارس/آذار 2020، وسلوك سياستها الخارجية التي واصلت نشاطها من خلال الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الإنسانية عبر المساعدات الطبية، ومن خلال محاولة إيجاد حلول سريعة للأزمات لإبراز نفسها كنموذج نجاح في إدارة الأزمة.
وتشير الورقة إلى أن تركيا تعتبر أن نظاماً عالمياً جديداً ومختلفاً سوف يتبلور بعد هذه الأزمة، وأن التطورات الدولية الحالية وقدرة تركيا على تخطي الأزمة وتراجع منافسيها، تحمل فرصة غير مسبوقة لتركيا للعب دور مركزي في النظام الدولي، وهذا يشمل بالضرورة النظام الإقليمي أيضاً. وأن إدارة الأزمة الحالية لا ينبغي أن تشغل تركيا عن الاستعداد لما بعدها، وإزاء هذا أبدت الدبلوماسية التركية فعالية عالية على المستوى الدولي ومحاولة جادة للاستفادة من الفرص على المستوى الإقليمي، ومع ذلك يبقى التحدي الاقتصادي أحد العوائق المهمة أمام تركيا مما يهدد فعالية سياستها الخارجية.
وتخلص الورقة إلى أنه واستناداً إلى استعدادها الجيد نسبياً على مستوى البنية التحتية الطبية وإجراءاتها المبكرة وإمكاناتها، تبدو تركيا عازمة على استغلال الفرص التي تسببت بها أزمة فيروس كورونا للعب دور أكبر في بلورة النظام الدولي الجديد، وهذا يوجب عليها ابتداءً تفعيل آليات الدبلوماسية وحل المشكلات العالقة بأسرع وقت والعمل على توفير بدائل، خاصة في المجال الاقتصادي -الذي تعد مقاومة التدهور فيه تحدياً أساسياً- وفي مجال تكريس آليات الاكتفاء الذاتي.
وعلى صعيد الأقاليم التي تتواجد فيها تحاول تركيا الاستفادة جيوسياسياً من الإنكفاءة التي تعرض لها منافسوها وخصومها بسبب الوباء وتراجع أسعار النفط، والتي قد تكون مؤقتة، ويمكن اعتبار التطورات الأخيرة في ليبيا مثالاً على ذلك.
في كل الأحوال فإنّ المرحلة الحالية تعطي تركيا تحرراً أكبر نسبيا من القيود التي كانت مفروضة على سياستها الخارجية على المستوى الإقليمي والدولي مما سيسمح لها بأن تكون صاحبة دور أكبر في الملفات الدولية والإقليمية خاصة لو استطاعت تجاوز الأزمات الاقتصادية.
[…] […]