مايو 3, 2024

زيفان ليو: الوزن التاريخي للجيش التركي

إن للجيش التركي أهمية كبرى ودور فعال في الحياة السياسية في البلاد؛ منذ حرب الاستقلال في عام 1920 إلى انقلاب 15 يوليو/تموز 2016، وفي التقرير عودة على دور المؤسسة العسكرية في تاريخ الدولة التركية.

وإلى حدود سنة 2010، أكد دستور البلاد على أن “القوات المسلحة هي حارسة الجمهورية التركية”، وفي هذا تذكير وترسيخ لحرب الاستقلال التي قادها الجيش سنة 1920.

وتجدر الإشارة إلى أن الجيش التركي كان يتمتع بنفوذ واسع، في عهد الإمبراطورية العثمانية، حتى أنه عرف ب “صانع الملوك” باعتبار أنه ينصبهم ويطيح بهم حسب رغبته. وحتى في تركيا الحديثة، لا زالت المؤسسة العسكرية تعتبر ضمانا لتواصل ووحدة الجمهورية، فضلا عن أنها وسيلة تطور وتقدم دافع عنه “الكماليون”، وأبرزهم مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك. إلا إن هذا الدفاع هو في الحقيقة  دفاع عن العلمانية في تركيا.

 فإلى جانب الانقلابات سنة 1971 و 1980، كانت هيئة الأركان العامة  قد عارضت، علنا، ترشح “عبد الله غول” سنة 2007، قبل أن يصبح رئيسا  للجمهورية، بتعلة أن زوجته كانت تضع الحجاب. و قبل عشر سنوات ، كان الجيش قد أطاح برئيس الوزراء “نجم الدين أربكان” الذي عرف بتوجهاته الدينية.

 إلا أن  النظام العلماني  بدا مهددا، بشكل مستمر، من قبل الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان”؛ ذلك انه قلل، في مناسبات عديدة، من  صلاحيات المؤسسة العسكرية. وحين وصوله إلى السلطة سنة 2003، كرئيس لمجلس الوزراء،  اعتمد على مطلب ترشح تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي لمحاولة فرض نفوذ اكبر على القوات المسلحة، وهو ما أدى إلى التقليل من مهام المحاكم العسكرية في الوقت الذي تدخلت فيه السلطة المدنية لتصبح أكثر انخراطا في الشؤون العسكرية، حتى أنها صارت مكلفة بتعيين القادة العسكريين.

وفي سنة 2013، بلغ الحد من نفوذ السلطة العسكرية أوجه بتمرير أنقرة قانون للحد من نطاق تدخل الجيش. وعلى الرغم من الفشل الذريع الذي عرفه انقلاب 15 يوليو/ تموز سنة 2016، لا يزال الجيش التركي مؤسسة ” المرموقة “، حسب ما أدلى به الباحث “بيرم بالتشي”.  لكن، يبدو أن عناصر الجيش الذين حاولوا الانقلاب على النظام لحماية الديمقراطية، على حد زعمهم، قد فقدوا الكثير من المصداقية. فقد خرج مؤيدو الرئيس أردوغان بآلاف إلى الشوارع للتعبير عن دعمهم للرئيس المنتخب الذي ولاه الشعب مسؤولية قيادة الجمهورية التركية.

 وقد تطورت الأمور أكثر من ذلك حين أعلنت المعارضة رفضها لهذا الانقلاب وتنديدها بالإطراف العسكرية التي خططت له ونفذته. وتسلط هذه الأحداث الضوء على ” انقسام الجيش التركي” واختلافه حول “أسلمة المجتمع” ، كما أوضحته “نورا سيني”، الأستاذة في المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية.  وصرح الأستاذ في العلوم السياسية بغرونوبل، “جان ماكرو”، لوكالة “فرانس برس” بان القيادة العليا ” لم توافق ” على الانقلاب، “الأمر الذي أدى إلى فشله. كما أن الجنود والقادة الذين ظهروا على التلفزيون الرسمي للتنديد بالانقلاب عكسوا نوعا من عدم التفاهم والانقسام”. في نهاية المطاف ، قد يكون الرئيس أردوغان هو اكبر مستفيد مما وقع مؤخرا في تركيا وفقا لما أفاده بعض المراقبون. كما يبدو أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب ردة فعل الحزب الحاكم الإسلامي، حزب العدالة والتنمية، وزعيمه. ويعتزم أردوغان العودة، فعليا، إلى  تطبيق عقوبة الإعدام بينما تستمر عمليات التطهير في الجيش. فالي حدود 18 يوليو/ تموز 2016، تم إلقاء القبض على أكثر من 7000 شخص، من بينهم 6000 جنديا على الأقل.

صحيفة جيوبوليس

ضع تعليقاَ