مايو 4, 2024

لماذا تنشط الدبلوماسية التركية في الأزمة الروسية – الأوكرانية ؟

تجري تركيا تواصلاتٍ مع كلٍ من روسيا وأوكرانيا، وتعلق على تطورات الأحداث وتنشط دبلوماسيتها في محاولة للعب دور في الأزمة بين كييف وموسكو، وهو ما يثير التساؤل حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه تركيا في دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، والإجابة المختصرة قدمها الرئيس التركي بنفسه عندما صرح بأن تركيا يمكن أن تدعم كييف بقوة ولكن ليس لدرجة أن تضحي بعلاقتها مع روسيا.

ولكن إذا كانت تركيا لا تنوي التضحية بعلاقتها مع روسيا ولا تريد أن تكون طرفاً في هذه المواجهة فلماذا تنشط دبلوماسيتها في هذه الأزمة ولماذا زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوكرانيا في بداية شهر شباط/فبراير 2022 ؟

يشير الخبراء إلى أن غاية تركيا من التفاعل مع الأزمة بين كييف وموسكو يمكن أن يدور حول ثلاث محاور أساسية:

المحور الأول يتعلق بمصلحة تركيا نفسها حيث عقدت عدة اتفاقيات تجارية مربحة مع أوكرانيا من ضمنها عقد لمصنع طائرات بيرقدار TB2.

المحور الثاني يتعلق بالتأكيد على موقف تركيا الحيادي في النزاع بين موسكو وكييف وعدم انحيازها لأي من طرفي الصراع حتى في حال توسع النزاع إلى أطراف جديدة، هذا التعبير الصريح عن حالة عدم الانحياز مهم بالنسبة لتركيا تتبنى سياسة عدم الانحياز في الصراعات العالمية لأن ذلك غالباً ما يتعارض مع المصالح الأمنية والاقتصادية لها، كما أن سياسة عدم الانحياز هذه من شأنها أن تجنب تركيا -إلى حد ما- تبعات التوتر الروسي مع الغرب وانعكاساته على الملف السوري والليبي وغيرها من الملفات المشتركة بين تركيا وروسيا.

المحور الثالث يتعلق بطبيعة العلاقة وتوصيفها بين أوكرانيا وتركيا، فلا يُنظر عادة لأوكرانيا كحليف عسكري أو سياسي لتركيا بسبب محدودية العلاقة بين البلدين، ولكن أوكرانيا تنظر لتركيا كشريك عسكري وسياسي قوي تحتاجه لتعزيز قدراتها العسكرية ومكانتها الدولية، إلا أن تركيا وبينما تتوغل في العلاقة مع أوكرانيا والشراكة معها يجب عليها أن توازن جيداً بين التحديات بخصوص الصراع على ماضي وحاضر ومستقبل شبه جزيرة القرم وبين طموحات وخطط تركيا في منطقة البحر الأسود.

في كل الأحوال فإن تركيا مستمرة حالياً بتجاهل الغرب والتوجه نحو الأجندة الإقليمية متعددة الأبعاد والأهداف، وهي استراتيجية أكثر براغماتية وتركز على مصلحة تركيا أولاً وهذا سيضع تركيا على خلاف مع الغرب لفترة ما ولكن تركيا تطمح بأن الغرب في النهاية سيجد نفسه مضطراً لأن يقتنع بالمكانة والدور التركي الجديد وأن يبدأ بالتعامل مع هذا الواقع ويتخلى عن محاولة تحجيمه أو الاصطدام به.

ضع تعليقاَ