مايو 8, 2024

عام على دخول قانون «قيصر» حيز التنفيذ

مضى‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬قانون‭ ‬‮«حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬سوريا» ‬‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬ ‮«قيصر‮»١‬‭‬ حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬‬لينضم‭ ‬قانون‭ ‬‮«قيصر» ‬‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬الكونغرس،‭ ‬إلى‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬وفق‭ ‬أوامر‭ ‬تنفيذية،‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭

تحميل ملف PDF

مضى عام على دخول قانون «حماية المدنيين في سوريا» المعروف باسم «قيصر»1 حيز التنفيذ، والذي بدأ العمل به في 17 حزيران/يونيو 2020، لينضم قانون «قيصر» الذي أقره الكونغرس، إلى العقوبات الأمريكية الأخرى التي يتم فرضها وفق أوامر تنفيذية، تصدر عن الرئيس الأمريكي.

ويهدف‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬معاقبة‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬والأشخاص‭ ‬والكيانات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تنخرط‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬لزيادة‭ ‬عزلته‭ ‬سياسياً،‭ ‬ودفعه‭ ‬للقبول‭ ‬بالحل‭ ‬السياسي‭ ‬وفقاً‭ ‬للقرار‭ ‬2254‭ ‬عبر‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬سياسياً‭ ‬وعسكرياً‭ ‬واقتصادياً‭.‬

وبموجب‭ ‬القانون،‭ ‬فرضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬2020،‭ ‬ستة‭ ‬حزم‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬كانت‭ ‬أولها‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2020،‭ ‬وطالت‭ ‬‮«‬بشار‭ ‬الأسد‮»‬‭ ‬وزوجته‭ ‬ونجله‭ ‬‮«‬حافظ‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬المؤسسات‭ ‬والشخصيات‭ ‬الداعمة‭ ‬له‭.‬

بدأت‭ ‬تداعيات‭ ‬‮«‬قيصر‮»‬‭ ‬بالظهور‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬تنفيذه،‭ ‬عندما‭ ‬شهدت‭ ‬الليرة‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬أيار‭/‬مايو‭ ‬2020،‭ ‬انهياراً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬واصطدمت‭ ‬محاولات‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الإمارات‭ ‬والأردن‭ ‬ومصر‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬عمليات‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬بشبح‭ ‬‮«‬قيصر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬أيضاً‭ ‬الخوف‭ ‬لدى‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والتجار‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الذي‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬النظام،‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للعقوبات‭ ‬بسبب‭ ‬نشاطهم‭ ‬هذا‭.‬

كما‭ ‬أجبر‭ ‬القانون‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬مراسيم‭ ‬تنظيمية‭ ‬وعمرانية‭ ‬بهدف‭ ‬إطلاق‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬ذاتية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬توقف‭ ‬‮«‬الحشد‭ ‬الشعبي‮»‬‭ ‬العراقي‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬الدعوات‭ ‬التي‭ ‬يوجهها‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬بغداد‭ ‬لتوفير‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬النظام،‭ ‬وعاد‭ ‬نشاطه‭ ‬ليقتصر‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التهريب،‭ ‬وخفضت‭ ‬الشركات‭ ‬الروسية‭ ‬والإيرانية‭ ‬توريداتها‭ ‬للنظام‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة،‭ ‬وأجبر‭ ‬القانون‭ ‬شركات‭ ‬صينية‭ ‬على‭ ‬تعليق‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاتصالات‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬كانت‭ ‬تستعد‭ ‬لتنفيذها‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬كون‭ ‬العقوبات‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬هامش‭ ‬تحركاتها‭.‬

مضى عام على دخول قانون «حماية المدنيين في سوريا» المعروف باسم «قيصر» حيز التنفيذ، والذي بدأ العمل به في 17 حزيران/يونيو 2020، لينضم قانون «قيصر» الذي أقره الكونغرس، إلى العقوبات الأمريكية الأخرى التي يتم فرضها وفق أوامر تنفيذية، تصدر عن الرئيس الأمريكي.

ويهدف القانون إلى معاقبة النظام السوري والأشخاص والكيانات الأجنبية التي تنخرط في التعامل معه، لزيادة عزلته سياسياً، ودفعه للقبول بالحل السياسي وفقاً للقرار 2254 عبر الحد من حركة النظام السوري سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

وبموجب القانون، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام 2020، ستة حزم من العقوبات على النظام في سوريا، كانت أولها في 17 حزيران/يونيو 2020، وطالت «بشار الأسد» وزوجته ونجله «حافظ»، إضافة إلى عشرات المؤسسات والشخصيات الداعمة له.

بدأت تداعيات «قيصر» بالظهور على النظام حتى ما قبل تنفيذه، عندما شهدت الليرة السورية في أيار/مايو 2020، انهياراً غير مسبوق في سعر الصرف، واصطدمت محاولات بعض الدول العربية وعلى رأسها الإمارات والأردن ومصر في إعادة عمليات التبادل التجاري مع النظام بشبح «قيصر»، الذي أثار أيضاً الخوف لدى رجال الأعمال والتجار اللبنانيين الذي يتعاملون مع النظام، والقلق من التعرض للعقوبات بسبب نشاطهم هذا.

كما أجبر القانون النظام السوري على إلغاء مراسيم تنظيمية وعمرانية بهدف إطلاق عملية «إعادة إعمار ذاتية»، كما توقف «الحشد الشعبي» العراقي عن إطلاق الدعوات التي يوجهها إلى حكومة بغداد لتوفير النفط إلى النظام، وعاد نشاطه ليقتصر على عمليات التهريب، وخفضت الشركات الروسية والإيرانية توريداتها للنظام على مختلف الأصعدة، وأجبر القانون شركات صينية على تعليق مشاريع في مجال الاتصالات والتكنولوجيا كانت تستعد لتنفيذها في سوريا، كون العقوبات تحد من هامش تحركاتها.

وأسهم القانون في تعزيز أزمة النظام الاقتصادية، التي تعود لإفلاس البنك المركزي وخلوه من القطع الأجنبي، وتوقف عمليات الإنتاج وخروج حقول النفط والأراضي الزراعية من يد النظام، إضافة إلى العقوبات الغربية وعدم قدرة روسيا وإيران على دعم النظام بشكل أكبر.

وبعد 17 حزيران/يونيو 2020 (تاريخ تطبيق قيصر)، زادت وتيرة العقوبات التنفيذية على النظام السوري ومعظمها لا يستند إلى قانون «قيصر»، فوزارة الخزانة الأمريكية أعلنت عن معاقبة 4 أشخاص فقط بموجب القانون.

ولإدراج شخص أو مؤسسة ضمن عقوبات «قيصر»، يترتب على وزارة الخزانة الأمريكية القيام بإجراءات أكثر بكثير من إخضاعه لأوامر تنفيذية، كون القانون تشريع صادر عن «الكونغرس».

ويمكن القول بأن التدهور الذي شهده اقتصاد النظام السوري في أواخر عام 2019 وخلال عام 2020، يتجاوز ما شهده خلال السنوات التسع السابقة، وأظهر الخلافات بين «رامي مخلوف» و»الأسد»، وأزمة المصارف اللبنانية، إضافة إلى تزايد وتيرة العقوبات، وتدهور الوضع الاقتصادي الإيراني.

لقد كان القانون بمثابة خناق حول عنق النظام السوري، ساهم في عزل «الأسد» عن محيطه، وألحق أضراراً بالشخصيات السياسية والاقتصادية التي تعمل معه ومنع تدفق الاستثمارات الأجنبية له، و أثّر بشكل ما على روسيا وإيران، فالدولتان لم تعودا قادرتان على دعم النظام السوري بالطريقة المعتادة قبل فرض القانون.

وبينما يروج النظام إلى أن تطبيق القانون قد انعكس سلباً على حياة المدنيين، فإن الحقائق تشير إلى أن الوضع المتردي للاقتصاد في سوريا ظهر قبل تطبيق قيصر بكثير، والسبب الرئيس للمشاكل الاقتصادية في سوريا هو الفساد المستشري في المؤسسات التابعة للنظام، وسرقة عائلة «الأسد» لموارد البلاد، إضافة إلى انهيار القطاع المصرفي في لبنان، وتعطيل الحياة الاقتصادية من قبل النظام ونهب موارد البلاد وتسخيرها في دعم الميليشيات والعمليات العسكرية.

وعلى الصعيد السياسي، فإن القانون أسهم بشكل ملحوظ في وقف عمليات التطبيع التي كانت تعتزم بعض الدول العربية القيام بها، أو المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، خاصة بعد التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة الإمارات العربية من تعرضها للعقوبات بسبب إحياء العلاقات الدبلوماسية مع النظام.

وأكد المبعوث السابق لوزارة الخارجية الأمريكية إلى سوريا “جويل رايبورن” أنه لا يوجد استثناءات لأصدقاء الولايات المتحدة ولا لغيرهم فيما لو فكروا في خرق عقوبات قانون “قيصر”، مشيراً إلى أن العقوبات ستطال كل من يخرق القانون.

وبحسب “رايبورن” فإن واشنطن أرادت توجيه رسائل للعالم من خلال القانون، أبرزها أنها سيطال جميع رموز النظام، وأنه لا نصر عسكري في سوريا، وأن دول المنطقة تخاطر بتعريض نفسها للعقوبات في حال فكرت بالاستثمار في سوريا، وتذكير مرتكبي الفظائع بأن الولايات المتحدة ستحاسبهم.

مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2021، دخل قانون “قيصر” في حالة من المراوحة، رغم تأكيد مسؤولين في وزارة الخارجية أنه لن يتم التهاون في تطبيقه، واستمرارية عمله.

وبالرغم من توجيه أعضاء في الكونغرس الأمريكي عدة رسائل إلى إدارة “بايدن” تطالبها بإيضاح سبب هذا الجمود، إلا أن الأخيرة لم تعلق على ذلك، وسط مخاوف من التنازل عن القانون إرضاءً لإيران التي تخوض معها مفاوضات في “فيينا” للعودة إلى الاتفاق النووي.

حماس إدارة “بايدن” لفرض عقوبات جديدة على النظام أقل بكثير من حماس الإدارة السابقة، لتخوفها من الآثار السلبية للعقوبات على الوضع الإنساني في سوريا، خاصة وأن عدداً من المنظمات الحقوقية والمسيحية وجهت رسائل إلى “بايدن” بعد فترة قصيرة من وصوله إلى الحكم تطالبه بعدم فرض عقوبات ضد النظام.

بالمقابل فقد وجهت الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية عدة خطابات إلى الإدارة الأمريكية، تطالبها بتوضحيات حول عدم فرض عقوبات جديدة على النظام، ولم تحصل على جواب رسمي.

يضاف إلى ذلك أن الإدارة الأمريكية قلصت عدد العاملين على ملف قانون “قيصر” في وزارتي الخارجية والخزانة، ومن “غير المتوقع الحصول على نتائج كبيرة من عدد أقل من الموظفين”. وقد يكون هذا رسالة من نوع ما من الولايات المتحدة لإرضاء إيران في محادثات البرنامج النووي، مع وجود أطراف ومستشارين في الإدارة الأمريكية يسعون لأن يكون الملف السوري ملحقاً بملف إيران.

وبحسب القانون حددت 6 شروط لتعليق قانون “قيصر” ورفع العقوبات التي يتم فرضها بموجبه، وهي: وقف العمليات العسكرية وقصف المدن والمنشآت الطبية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بحرية إلى كافة أنحاء البلاد، وإطلاق سراح المعتقلين، وتأمين عودة كريمة للاجئين والنازحين، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وتقديمهم للعدالة.

في كل الأحوال فإن مجرد وجود قانون قيصر يخيف المتعاملين مع النظام، ويمثل سيفاً مسلطاً على رأس النظام، هناك حد أدنى من العقوبات لا تستطيع الحكومة الأمريكية التراجع عنه، أو النزول عنه، وهناك حد أقصى مفتوح تستطيع الحكومة الذهاب به بعيداً حال حاجتها إلى ذلك، واحتمالات الحاجة إلى ذلك كبيرة مع تعقيدات الملف السوري، وتعقيدات العلاقات الأمريكية مع روسيا وإيران .


١- “قيصر” هو الاسم الحركي لعسكري منشق عن النظام، سرب حوالي 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قضوا تحت التعذيب، بين عامي  2011 و 2013، حيث تمكن من الانشقاق والهرب إلى خارج البلاد مصطحباً معه هذه الوثائق والأدلة التي تدين النظام

٢-  وزير الخارجية الإماراتي، “عبدالله بن زايد”، كان قد وجه انتقادات لقانون “قيصر” في آذار/مارس 2021، وأكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن القانون “يعتبر التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا”.

ضع تعليقاَ